فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ

باب كَيْفِيَّةِ قِسْمَةِ الْغَنِيمَةِ بَيْنَ الْحَاضِرِينَ
[ سـ :3411 ... بـ :1762]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَأَبُو كَامِلٍ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمٍ قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ فِي النَّفَلِ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا وَحَدَّثَنَاه ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي النَّفَلِ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ فِي النَّفْلِ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ ) هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا ، وَفِي بَعْضِهَا لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا بِالْأَلِفِ فِي ( الرَّاجِلِ ) وَفِي بَعْضِهَا لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ ، وَالْمُرَادُ بِالنَّفْلِ هُنَا الْغَنِيمَةُ ، وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا اسْمُ النَّفْلِ لِكَوْنِهَا تُسَمَّى نَفْلًا لُغَةً ، فَإِنَّ النَّفْلَ فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ وَالْعَطِيَّةُ ، وَهَذِهِ عَطِيَّةٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِنَّهَا أُحِلَّتْ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ دُونَ غَيْرِهَا .

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي سَهْمِ الْفَارِسِ وَالرَّاجِلِ مِنَ الْغَنِيمَةِ ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ : يَكُونُ لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ وَاحِدٌ ، وَلِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ : سَهْمَانِ بِسَبَبِ فَرَسِهِ ، وَسَهْمٌ بِسَبَبِ نَفْسِهِ . مِمَّنْ قَالَ بِهَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَمَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ جَرِيرٍ وَآخَرُونَ .

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ فَقَطْ سَهْمٌ لَهَا ، وَسَهْمٌ لَهُ . قَالُوا : وَلَمْ يَقُلْ بِقَوْلِهِ هَذَا أَحَدٌ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى . وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ هَذَا الْحَدِيثُ ، وَهُوَ صَرِيحٌ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى ( لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ ، وَلِلرَّجُلِ سَهْمًا ) بِغَيْرِ أَلِفٍ فِي ( الرَّجُلِ ) وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ ، وَمَنْ رَوَى ( وَلِلرَّاجِلِ ) رِوَايَتُهُ مُحْتَمِلَةٌ ، فَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهَا عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُولَى جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ ، قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ : وَيَرْفَعُ هَذَا الِاحْتِمَالَ مَا وَرَدَ مُفَسَّرًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ، هَذَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَأَبِي أُسَامَةَ وَغَيْرِهِمْ بِإِسْنَادِهِمْ عَنْهُ ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ : سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ ) وَمِثْلُهُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي عَمْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَوْ حَضَرَ بِأَفْرَاسٍ لَمْ يُسْهَمْ إِلَّا لِفَرَسٍ وَاحِدٍ . هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنْهُمُ الْحَسَنُ وَمَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَاللَّيْثُ وَأَبُو يُوسُفَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - : يُسْهَمُ لِفَرَسَيْنِ ، وَيُرْوَى مِثْلُهُ أَيْضًا عَنِ الْحَسَنِ وَمَكْحُولٍ وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ وَابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَالِكِيِّينَ ، قَالُوا : وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إِنَّهُ يُسْهَمُ لِأَكْثَرَ مِنْ فَرَسَيْنِ إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى أَنَّهُ يُسْهَمُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .