فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ سُقُوطِ فَرْضِ الْجِهَادِ عَنِ الْمَعْذُورِينَ

باب سُقُوطِ فَرْضِ الْجِهَادِ عَنْ الْمَعْذُورِينَ
[ سـ :3627 ... بـ :1898]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَقَ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ يَقُولُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدًا فَجَاءَ بِكَتِفٍ يَكْتُبُهَا فَشَكَا إِلَيْهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ فَنَزَلَتْ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ قَالَ شُعْبَةُ وَأَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ بِمِثْلِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ فِي رِوَايَتِهِ سَعْدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ

قَوْلُهُ : ( فَجَاءَ بِكَتِفٍ يَكْتُبُهَا ) فِيهِ : جَوَازُ كِتَابَةِ الْقُرْآنِ فِي الْأَلْوَاحِ وَالْأَكْتَافِ . وَفِيهِ : طَهَارَةُ عَظْمِ الْمُذَكَّى وَجَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ .

قَوْلُهُ تَعَالَى : ( لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) الْآيَةَ . فِيهِ : دَلِيلٌ لِسُقُوطِ الْجِهَادِ عَنِ الْمَعْذُورِينَ ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ ثَوَابُهُمْ ثَوَابَ الْمُجَاهِدِينَ ، بَلْ لَهُمْ ثَوَابُ نِيَّاتِهِمْ إِنْ كَانَ لَهُمْ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ " وَفِيهِ : أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضُ كِفَايَةٍ لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ . وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ : إِنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضَ عَيْنٍ وَبَعْدَهُ فَرْضَ كِفَايَةٍ ، وَالصَّحِيحُ : أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فَرْضَ كِفَايَةٍ مِنْ حِينِ شُرِعَ ، وَهَذِهِ الْآيَةُ ظَاهِرَةٌ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا وَقَوْلُهُ تَعَالَى : غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ قُرِئَ ( غَيْرَ ) بِنَصْبِ الرَّاءِ وَرَفْعِهَا قِرَاءَتَانِ مَشْهُورَتَانِ فِي السَّبْعِ ، قَرَأَ نَافِعٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَالْكِسَائِيُّ بِنَصْبِهَا ، وَالْبَاقُونَ بِرَفْعِهَا ، وَقُرِئَ فِي الشَّاذِّ بِجَرِّهَا ، فَمَنْ نَصَبَ فَعَلَى الِاسْتِثْنَاءِ ، وَمَنْ رَفَعَ فَوَصْفٌ لِلْقَاعِدِينَ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُمْ ، وَمَنْ جَرَّ فَوَصْفٌ لِلْمُؤْمِنِينَ أَوْ بَدَلٌ مِنْهُمْ .

قَوْلُهُ : ( فَشَكَا إِلَيْهِ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ضَرَارَتَهُ ) أَيْ : عَمَاهُ هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا ( ضَرَارَتَهُ ) بِفَتْحِ الضَّادِ ، وَحَكَى صَاحِبُ الْمَشَارِقِ وَالْمَطَالِعِ عَنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ أَنَّهُ ضُبِطَ ( ضَرَرًا بِهِ ) وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ .