فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ

باب الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ
[ سـ :3954 ... بـ :2060]
حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالُوا أَخْبَرَنَا يَحْيَى وَهُوَ الْقَطَّانُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ وَابْنُ نُمَيْرٍ قَالَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ح وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ، وَالْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا الْكَلَامَ بَعْدَ أَنْ أَضَافَ كَافِرًا ، فَشَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ ، ثُمَّ أَسْلَمَ مِنْ الْغَدِ ، فَشَرِبَ حِلَابَ شَاةٍ ، وَلَمْ يَسْتَتِمَّ حِلَابَ الثَّانِيَةِ . قَالَ الْقَاضِي : قِيلَ : إِنَّ هَذَا فِي رَجُلٍ بِعَيْنِهِ ، فَقِيلَ لَهُ عَلَى جِهَةِ التَّمْثِيلِ ، وَقِيلَ : إِنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَقْتَصِدُ فِي أَكْلِهِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ الْمُؤْمِنُ يُسَمِّي اللَّهَ تَعَالَى عِنْدَ طَعَامِهِ ، فَلَا يُشْرِكُهُ فِيهِ الشَّيْطَانُ ، وَالْكَافِرُ لَا يُسَمِّي فَيُشَارِكُهُ الشَّيْطَانُ فِيهِ . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ أَلَّا يُذْكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ) .

قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ : لِكُلِّ إِنْسَانٍ سَبْعَةُ أَمْعَاءٍ : الْمَعِدَةُ ، ثُمَّ ثَلَاثَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِهَا رِقَاقٌ ، ثُمَّ ثَلَاثَةٌ غِلَاظٌ . فَالْكَافِرُ لِشَرَهِهِ وَعَدَمِ تَسْمِيَتِهِ لَا يَكْفِيهِ إِلَّا مِلْؤُهَا ، وَالْمُؤْمِنُ لِاقْتِصَادِهِ وَتَسْمِيَتِهِ يُشْبِعُهُ مِلْءُ أَحَدِهَا ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي بَعْضِ الْمُؤْمِنِينَ وَبَعْضِ الْكُفَّارِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالسَّبْعَةِ سَبْعُ صِفَاتٍ : الْحِرْصُ وَالشَّرَهُ ، وَطُولُ الْأَمَلِ ، وَالطَّمَعُ ، وَسُوءُ الطَّبْعِ ، وَالْحَسَدُ ، وَالسِّمَنُ . وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِ هُنَا تَامُّ الْإِيمَانِ ، الْمُعْرِضُ عَنِ الشَّهَوَاتِ ، الْمُقْتَصِرُ عَلَى سَدِّ خُلَّتِهِ ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّ مَعْنَاهُ بَعْضُ الْمُؤْمِنِينَ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ ، وَأَنَّ أَكْثَرَ الْكُفَّارِ يَأْكُلُونَ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ ، وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ السَّبْعَةِ مِثْلُ مِعَى الْمُؤْمِنِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَمَقْصُودُ الْحَدِيثِ التَّقَلُّلُ مِنَ الدُّنْيَا ، وَالْحَثُّ عَلَى الزُّهْدِ فِيهَا ، وَالْقَنَاعَةُ . مَعَ أَنَّ قِلَّةَ الْأَكْلِ مِنْ مَحَاسِنِ أَخْلَاقِ الرَّجُلِ ، وَكَثْرَةَ الْأَكْلِ بِضِدِّهِ . وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي الْمِسْكِينِ الَّذِي أَكَلَ عِنْدَهُ كَثِيرًا : لَا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيَّ . فَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْكُفَّارَ ، وَمَنْ أَشْبَهَ الْكُفَّارَ كُرِهَتْ مُخَالَطَتُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ ، وَلِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَأْكُلُهُ هَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَسُدَّ بِهِ خُلَّةَ جَمَاعَةٍ . وَأَمَّا الرَّجُلُ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي شَرِبَ حِلَابَ سَبْعِ شِيَاهٍ فَقِيلَ : هُوَ ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ ، وَقِيلَ : جَهْجَاهٌ الْغِفَارِيُّ ، وَقِيلَ : نَضْرَةُ بْنُ أَبَى نَضْرَةَ الْغِفَارِيُّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .