فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي مَنْعِ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى الظَّهْرِ وَوَضْعِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى

باب فِي مَنْعِ الِاسْتِلْقَاءِ عَلَى الظَّهْرِ وَوَضْعِ إِحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى
[ سـ :4033 ... بـ :2099]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَأَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ

قَوْلُهُ : ( نَهَى عَنِ اشْتِمَالِ الصَّمَّاءِ ، وَأَنْ يَرْفَعَ الرَّجُلُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ، وَهُوَ مُسْتَلْقٍ عَلَى ظَهْرِهِ ) . وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدَ وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : أَحَادِيثُ النَّهْيِ عَنِ الِاسْتِلْقَاءِ رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى مَحْمُولَةٌ عَلَى حَالَةٍ تَظْهَرُ فِيهَا الْعَوْرَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا .

وَأَمَّا فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَظْهَرُ مِنْهَا شَيْءٌ ، وَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ . وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ . وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ الِاتِّكَاءِ فِي الْمَسْجِدِ وَالِاسْتِلْقَاءِ فِيهِ . قَالَ الْقَاضِي : لَعَلَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَ هَذَا لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مِنْ تَعَبٍ ، أَوْ طَلَبِ رَاحَةٍ ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ . قَالَ : وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ جُلُوسَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَجَامِعِ عَلَى خِلَافِ هَذَا ، بَلْ كَانَ يَجْلِسُ مُتَرَبِّعًا أَوْ مُحْتَبِيًا ، وَهُوَ كَانَ أَكْثَرَ جُلُوسِهِ ، أَوِ الْقُرْفُصَاءَ أَوْ مُقْعِيًا وَشِبْهَهَا مِنْ جِلْسَاتِ الْوَقَارِ وَالتَّوَاضُعِ .

قُلْتُ : وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ ، وَأَنَّكُمْ إِذَا أَرَدْتُمُ الِاسْتِلْقَاءَ فَلْيَكُنْ هَكَذَا ، وَأَنَّ النَّهْيَ الَّذِي نَهَيْتُكُمْ عَنِ الِاسْتِلْقَاءِ لَيْسَ هُوَ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، بَلِ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَنْكَشِفُ شَيْءٌ مِنْ عَوْرَتِهِ ، أَوْ يُقَارِبُ انْكِشَافُهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .