فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ اسْتِحْبَابِ السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ

باب اسْتِحْبَابِ السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ
[ سـ :4148 ... بـ :2168]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ سَيَّارٍ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَحَدَّثَنِيهِ إِسْمَعِيلُ بْنُ سَالِمٍ أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ أَخْبَرَنَا سَيَّارٌ بِهَذَا الْإِسْنَادِ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى غِلْمَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( مَرَّ بِصِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ) الْغِلْمَانُ هُمُ الصِّبْيَانُ بِكَسْرِ الصَّادِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَبِضَمِّهَا . فَفِيهِ اسْتِحْبَابُ السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ الْمُمَيِّزِينَ ، وَالنَّدْبُ إِلَى التَّوَاضُعِ ، وَبَذْلُ السَّلَامِ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ ، وَبَيَانُ تَوَاضُعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَمَالُ شَفَقَتِهِ عَلَى الْعَالَمِينَ .

وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْبَابِ السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ ، وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى رِجَالٍ وَصِبْيَانٍ فَرَدَّ السَّلَامَ صَبِيٌّ مِنْهُمْ هَلْ يَسْقُطُ فَرْضُ الرَّدِّ عَنِ الرِّجَالِ ؟ فَفِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا : أَصَحُّهُمَا يَسْقُطُ . وَمِثْلُهُ الْخِلَافُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ هَلْ يَسْقُطُ فَرْضُهَا بِصَلَاةِ الصَّبِيِّ ؟ الْأَصَحُّ سُقُوطُهُ ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ، وَلَوْ سَلَّمَ الصَّبِيُّ عَلَى رَجُلٍ لَزِمَ الرَّجُلَ رَدُّ السَّلَامِ . وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي أَطْبَقَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ . وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : لَا يَجِبُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَوْ غَلَطٌ .

وَأَمَّا النِّسَاءُ فَإِنْ كُنَّ جَمِيعًا سَلَّمَ عَلَيْهِنَّ ، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً سَلَّمَ عَلَيْهَا النِّسَاءُ وَزَوْجُهَا وَسَيِّدُهَا وَمَحْرَمُهَا ، سَوَاءٌ كَانَتْ جَمِيلَةً أَوْ غَيْرَهَا . وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا تُشْتَهَى اسْتُحِبَّ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْهَا ، وَاسْتُحِبَّ لَهَا السَّلَامُ عَلَيْهِ ، وَمَنْ سَلَّمَ مِنْهُمَا لَزِمَ الْآخَرَ رَدُّ السَّلَامِ عَلَيْهِ . وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً أَوْ عَجُوزًا تُشْتَهَى لَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهَا الْأَجْنَبِيُّ ، وَلَمْ تُسَلِّمْ عَلَيْهِ . وَمَنْ سَلَّمَ مِنْهُمَا لَمْ يَسْتَحِقَّ جَوَابًا ، وَيُكْرَهُ رَدُّ جَوَابِهِ ، هَذَا مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ . وَقَالَ رَبِيعَةُ : لَا يُسَلِّمُ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ ، وَلَا النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ ، وَهَذَا غَلَطٌ . وَقَالَالْكُوفِيُّونَ : لَا يُسَلِّمُ الرِّجَالُ عَلَى النِّسَاءِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِنَّ مَحْرَمٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .