فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ تَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَعِصْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ مِنَ

باب تَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعِصْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ مِنْ النَّاسِ
[ سـ :4353 ... بـ :843]
حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ ح وَحَدَّثَنِي أَبُو عِمْرَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ زِيَادٍ وَاللَّفْظُ لَهُ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي ابْنَ سَعْدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيِّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ فَأَدْرَكَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَعَلَّقَ سَيْفَهُ بِغُصْنٍ مِنْ أَغْصَانِهَا قَالَ وَتَفَرَّقَ النَّاسُ فِي الْوَادِي يَسْتَظِلُّونَ بِالشَّجَرِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ رَجُلًا أَتَانِي وَأَنَا نَائِمٌ فَأَخَذَ السَّيْفَ فَاسْتَيْقَظْتُ وَهُوَ قَائِمٌ عَلَى رَأْسِي فَلَمْ أَشْعُرْ إِلَّا وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ فَقَالَ لِي مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي قَالَ قُلْتُ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي قَالَ قُلْتُ اللَّهُ قَالَ فَشَامَ السَّيْفَ فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي سِنَانُ بْنُ أَبِي سِنَانٍ الدُّؤَلِيُّ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُمَا أَنَّهُ غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَزْوَةً قِبَلَ نَجْدٍ فَلَمَّا قَفَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَفَلَ مَعَهُ فَأَدْرَكَتْهُمْ الْقَائِلَةُ يَوْمًا ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَمَعْمَرٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَفَّانُ حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَقْبَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِذَاتِ الرِّقَاعِ بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يَذْكُرْ ثُمَّ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فِيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ وَفِيهِ بَيَانُ تَوَكُّلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى اللَّهِ ، وَعِصْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ مِنَ النَّاسِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وَفِيهِ جَوَازُ الِاسْتِظْلَالِ بِأَشْجَارِ الْبَوَادِي ، وَتَعْلِيقِ السِّلَاحِ وَغَيْرِهِ فِيهَا ، وَجَوَازُ الْمَنِّ عَلَى الْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ وَإِطْلَاقِهِ ، وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْعَفْوِ وَالْحِلْمِ ، وَمُقَابَلَةِ السَّيِّئَةِ بِالْحَسَنَةِ .

قَوْلُهُ : ( فِي وَادٍ كَثِيرِ الْعِضَاهِ ) هُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ، وَهِيَ كُلُّ شَجَرَةٍ ذَاتِ شَوْكٍ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ رَجُلًا أَتَانِي ) قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا الرَّجُلُ اسْمُهُ ( غَوْرَثٌ ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ ، وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ ، وَالْغَيْنُ مَضْمُومَةٌ وَمَفْتُوحَةٌ ، وَحَكَى الْقَاضِي الْوَجْهَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : الصَّوَابُ الْفَتْحُ . قَالَ : وَضَبَطَهُ بَعْضُ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، وَالصَّوَابُ الْمُعْجَمَةُ . وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ : هُوَ غُوَيْرِثٌ ، أَوْ غَوْرَثٌ ، عَلَى التَّصْغِيرِ وَالشَّكِّ ، وَهُوَ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ . قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مِثْلُ هَذَا الْخَبَرِ ، وَسُمِّيَ الرَّجُلُ فِيهِ ( دُعْثُورًا ) .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَالسَّيْفُ صَلْتًا فِي يَدِهِ . . . إِلَى قَوْلِهِ فَشَامَ السَّيْفَ ) أَمَّا ( صَلْتًا ) فَبِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّهَا أَيْ مَسْلُولًا . وَأَمَّا ( شَامَهُ ) فَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ، وَمَعْنَاهُ غَمَدَهُ وَرَدَّهُ فِي غِمْدِهِ . يُقَالُ : شَامَ السَّيْفَ إِذَا سَلَّهُ ، وَإِذَا أَغْمَدَهُ ، فَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ ، وَالْمُرَادُ هُنَا أَغْمَدَهُ .