فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي شَجَاعَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَتَقَدُّمِهِ لِلْحَرْبِ

باب فِي شَجَاعَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام وَتَقَدُّمِهِ لِلْحَرْبِ
[ سـ :4388 ... بـ :2307]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا قَالَ وَجَدْنَاهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ قَالَ وَكَانَ فَرَسًا يُبَطَّأُ

قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ إِلَخْ ) فِيهِ بَيَانُ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ جَمِيلِ الصِّفَاتِ ، وَأَنَّ هَذِهِ صِفَاتُ كَمَالٍ .

قَوْلُهُ : ( وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ ، فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ ، وَهُوَ يَقُولُ : لَمْ تُرَاعُوا ، لَمْ تُرَاعُوا ، قَالَ : وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ : قَالَ : وَكَانَ فَرَسًا يُبَطَّأُ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ ، فَرَكِبَهُ ، فَقَالَ : مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا ) وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( يُبَطَّأُ ) فَمَعْنَاهُ يُعْرَفُ بِالْبُطْءِ وَالْعَجْزِ وَسُوءِ السَّيْرِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمْ تُرَاعُوا ) أَيْ رَوْعًا مُسْتَقِرًّا أَوْ رَوْعًا يَضُرُّكُمْ . وَفِيهِ فَوَائِدُ : مِنْهَا بَيَانُ شَجَاعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شِدَّةِ عَجَلَتِهِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعَدُوِّ قَبْلَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ، بِحَيْثُ كَشَفَ الْحَالَ ، وَرَجَعَ قَبْلَ وُصُولِ النَّاسِ . وَفِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ بَرَكَتِهِ وَمُعْجِزَتِهِ فِي انْقِلَابِ الْفَرَسِ سَرِيعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ يُبَطَّأُ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَجَدْنَاهُ بَحْرًا ) أَيْ وَاسِعَ الْجَرْيِ . وَفِيهِ جَوَازُ سَبْقِ الْإِنْسَانِ وَحَدَهُ فِي كَشْفِ أَخْبَارِ الْعَدُوِّ مَا لَمْ يَتَحَقَّقِ الْهَلَاكُ . وَفِيهِ جَوَازُ الْعَارِيَةِ ، وَجَوَازُ الْغَزْوِ عَلَى الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ لِذَلِكَ . وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَقَلُّدِ السَّيْفِ فِي الْعُنُقِ ، وَاسْتِحْبَابُ تَبْشِيرِ النَّاسِ بِعَدَمِ الْخَوْفِ إِذَا ذَهَبَ . وَوَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَةُ هَذَا الْفَرَسِ مَنْدُوبًا . قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ كَانَ فِي أَفْرَاسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْدُوبٌ ، فَلَعَلَّهُ صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَبِي طَلْحَةَ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي . قُلْتُ : وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا فَرَسَانِ اتَّفَقَا فِي الِاسْمِ .



باب فِي شَجَاعَةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَام وَتَقَدُّمِهِ لِلْحَرْبِ
[ سـ :4388 ... بـ :2307]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَأَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ وَأَبُو كَامِلٍ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا قَالَ وَجَدْنَاهُ بَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ قَالَ وَكَانَ فَرَسًا يُبَطَّأُ

قَوْلُهُ : ( كَانَ رَسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ إِلَخْ ) فِيهِ بَيَانُ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ جَمِيلِ الصِّفَاتِ ، وَأَنَّ هَذِهِ صِفَاتُ كَمَالٍ .

قَوْلُهُ : ( وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ ، فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ ، وَهُوَ يَقُولُ : لَمْ تُرَاعُوا ، لَمْ تُرَاعُوا ، قَالَ : وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا أَوْ إِنَّهُ لَبَحْرٌ : قَالَ : وَكَانَ فَرَسًا يُبَطَّأُ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( فَاسْتَعَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لِأَبِي طَلْحَةَ يُقَالُ لَهُ مَنْدُوبٌ ، فَرَكِبَهُ ، فَقَالَ : مَا رَأَيْنَا مِنْ فَزَعٍ ، وَإِنْ وَجَدْنَاهُ لَبَحْرًا ) وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( يُبَطَّأُ ) فَمَعْنَاهُ يُعْرَفُ بِالْبُطْءِ وَالْعَجْزِ وَسُوءِ السَّيْرِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَمْ تُرَاعُوا ) أَيْ رَوْعًا مُسْتَقِرًّا أَوْ رَوْعًا يَضُرُّكُمْ . وَفِيهِ فَوَائِدُ : مِنْهَا بَيَانُ شَجَاعَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شِدَّةِ عَجَلَتِهِ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعَدُوِّ قَبْلَ النَّاسِ كُلِّهِمْ ، بِحَيْثُ كَشَفَ الْحَالَ ، وَرَجَعَ قَبْلَ وُصُولِ النَّاسِ . وَفِيهِ بَيَانُ عَظِيمِ بَرَكَتِهِ وَمُعْجِزَتِهِ فِي انْقِلَابِ الْفَرَسِ سَرِيعًا بَعْدَ أَنْ كَانَ يُبَطَّأُ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَجَدْنَاهُ بَحْرًا ) أَيْ وَاسِعَ الْجَرْيِ . وَفِيهِ جَوَازُ سَبْقِ الْإِنْسَانِ وَحَدَهُ فِي كَشْفِ أَخْبَارِ الْعَدُوِّ مَا لَمْ يَتَحَقَّقِ الْهَلَاكُ . وَفِيهِ جَوَازُ الْعَارِيَةِ ، وَجَوَازُ الْغَزْوِ عَلَى الْفَرَسِ الْمُسْتَعَارِ لِذَلِكَ . وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ تَقَلُّدِ السَّيْفِ فِي الْعُنُقِ ، وَاسْتِحْبَابُ تَبْشِيرِ النَّاسِ بِعَدَمِ الْخَوْفِ إِذَا ذَهَبَ . وَوَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَسْمِيَةُ هَذَا الْفَرَسِ مَنْدُوبًا . قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ كَانَ فِي أَفْرَاسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْدُوبٌ ، فَلَعَلَّهُ صَارَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَبِي طَلْحَةَ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي . قُلْتُ : وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا فَرَسَانِ اتَّفَقَا فِي الِاسْمِ .