فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ مِنْ فَضَائِلِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

باب مِنْ فَضَائِلِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ سـ :4498 ... بـ :339]
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَغْتَسِلُونَ عُرَاةً يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى سَوْأَةِ بَعْضٍ وَكَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام يَغْتَسِلُ وَحْدَهُ فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ مَعَنَا إِلَّا أَنَّهُ آدَرُ قَالَ فَذَهَبَ مَرَّةً يَغْتَسِلُ فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ فَفَرَّ الْحَجَرُ بِثَوْبِهِ قَالَ فَجَمَحَ مُوسَى بِأَثَرِهِ يَقُولُ ثَوْبِي حَجَرُ ثَوْبِي حَجَرُ حَتَّى نَظَرَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِلَى سَوْأَةِ مُوسَى فَقَالُوا وَاللَّهِ مَا بِمُوسَى مِنْ بَأْسٍ فَقَامَ الْحَجَرُ بَعْدُ حَتَّى نُظِرَ إِلَيْهِ قَالَ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَطَفِقَ بِالْحَجَرِ ضَرْبًا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاللَّهِ إِنَّهُ بِالْحَجَرِ نَدَبٌ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ ضَرْبُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام بِالْحَجَرِ

قَوْلُهُ : ( إِنَّهُ آدَرُ ) بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ ثُمَّ دَالٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ رَاءٍ ، وَهُوَ عَظِيمُ الْخُصْيَتَيْنِ .

وَجَمَعَ الْحَجَرَ أَيْ ذَهَبَ مُسْرِعًا إِسْرَاعًا بَلِيغًا . وَطَفِقَ ضَرْبًا أَيْ جَعَلَ يَضْرِبُ ، يُقَالُ : طَفِقَ يَفْعَلُ كَذَا . وَطَفِقَ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا . وَجَعَلَ وَأَخَذَ وَأَقْبَلَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ . وَأَمَّا النَّدَبُ فَهُوَ بِفَتْحِ النُّونِ وَالدَّالِ وَأَصْلُهُ أَثَرُ الْجُرْحِ إِذَا لَمْ يَرْتَفِعْ عَنِ الْجِلْدِ .

وَقَوْلُهُ : ( ثَوْبِي حَجَرُ ) أَيْ : دَعْ ثَوْبِي يَا حَجَرُ .

قَوْلُهُ ( فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ : ( تَوَارَتْ ) ، وَمَعْنَاهُ وَارَتْ وَسَتَرَتْ .




[ سـ :4499 ... بـ :339]
وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ أَنْبَأَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام رَجُلًا حَيِيًّا قَالَ فَكَانَ لَا يُرَى مُتَجَرِّدًا قَالَ فَقَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِنَّهُ آدَرُ قَالَ فَاغْتَسَلَ عِنْدَ مُوَيْهٍ فَوَضَعَ ثَوْبهُ عَلَى حَجَرٍ فَانْطَلَقَ الْحَجَرُ يَسْعَى وَاتَّبَعَهُ بِعَصَاهُ يَضْرِبُهُ ثَوْبِي حَجَرُ ثَوْبِي حَجَرُ حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَنَزَلَتْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا

قَوْلُهُ : ( فَاغْتَسَلَ عِنْدَ مُوَيْهٍ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ بِلَادِنَا وَمُعْظَمِ غَيْرِهَا : ( مُوَيْهٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ ، وَهُوَ تَصْغِيرُ مَاءٍ ، وَأَصْلُهُ ( مَوْهٌ ) ، وَالتَّصْغِيرُ يَرُدُّ الْأَشْيَاءَ إِلَى أُصُولِهَا .

وَقَالَ الْقَاضِي : وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ ( مُوَيْهٍ ) كَمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَفِي مُعْظَمِهَا ( مَشْرَبَةٌ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الشِّينِ ، وَهِيَ حُفْرَةٌ فِي أَصْلِ النَّخْلَةِ يُجْمَعُ الْمَاءُ فِيهَا لِسَقْيِهَا . قَالَ الْقَاضِي : وَأَظُنُّ الْأَوَّلَ تَصْحِيفًا كَمَا سَبَقَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَوَائِدُ : مِنْهَا أَنَّ فِيهِ مُعْجِزَتَيْنِ ظَاهِرَتَيْنِ لِمُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِحْدَاهُمَا مَشْيُ الْحَجْرِ بِثَوْبِهِ إِلَى مَلَأِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَالثَّانِيَةُ حُصُولُ النَّدَبِ فِي الْحَجَرِ ، وَمِنْهَا وُجُودُ التَّمْيِيزِ فِي الْجَمَادِ كَالْحَجَرِ وَنَحْوِهِ ، وَمِثْلُهُ تَسْلِيمُ الْحَجَرِ بِمَكَّةَ ، وَحَنِينُ الْجِذْعِ ، وَنَظَائِرُهُ ، وَسَبَقَ قَرِيبًا بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْسُوطَةً . وَمِنْهَا جَوَازُ الْغُسْلِ عُرْيَانًا فِي الْخَلْوَةٍ ، وَإِنْ كَانَ سَتْرُ الْعَوْرَةِ أَفْضَلَ ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ ، وَخَالَفَهُمُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى : وَقَالَ : إِنَّ لِلْمَاءِ سَاكِنًا ، وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ .

وَمِنْهَا مَا ابْتُلِيَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَالصَّالِحُونَ مِنْ أَذَى السُّفَهَاءِ وَالْجُهَّالِ ، وَصَبْرِهِمْ عَلَيْهِمْ ، وَمِنْهَا مَا قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ مُنَزَّهُونَ عَنِ النَّقَائِصِ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ ، سَالِمُونَ مِنَ الْعَاهَاتِ وَالْمَعَايِبِ .

قَالُوا : وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَا قَالَهُ مَنْ لَا تَحْقِيقَ لَهُ مِنْ أَهْلِ التَّارِيخِ فِي إِضَافَةِ بَعْضِ الْعَاهَاتِ إِلَى بَعْضِهِمْ ، بَلْ نَزَّهَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ كُلِّ عَيْبٍ ، وَكُلِّ شَيْءٍ يُبَغِّضُ الْعُيُونَ ، أَوْ يُنَفِّرُ الْقُلُوبَ .




[ سـ :4500 ... بـ :2372]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ عَبْدٌ أَخْبَرَنَا وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ قَالَ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ قَالَ أَيْ رَبِّ ثُمَّ مَهْ قَالَ ثُمَّ الْمَوْتُ قَالَ فَالْآنَ فَسَأَلَ اللَّهَ أَنْ يُدْنِيَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ

قَوْلُهُ : ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أُرْسِلَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى ، فَلَمَّا جَاءَهُ صَكَّهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ ، فَرَجَعَ إِلَى رَبِّهِ فَقَالَ : أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ . قَالَ : فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ ، وَقَالَ : ارْجِعْ إِلَيْهِ فَقُلْ لَهُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ ، فَلَهُ بِمَا غَطَّتْ يَدُهُ بِكُلِّ شَعْرَةٍ سَنَةٌ . قَالَ : أَيْ رَبِّ ، ثُمَّ مَهْ ؟ قَالَ : ثُمَّ الْمَوْتُ . قَالَ : فَالْآنَ ، فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُدْنِيَهُ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " فَلَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى فَقَالَ : أَجِبْ رَبَّكَ ، فَلَطَمَ مُوسَى عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا ) وَذَكَرَ نَحْوَ مَا سَبَقَ .

أَمَّا قَوْلُهُ : ( صَكَّهُ ) فَهُوَ بِمَعْنَى ( لَطَمَهُ ) فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ . وَفَقَأَ عَيْنَهُ بِالْهَمْزِ . وَمَتْنُ الثَّوْرِ ظَهْرُهُ . وَرَمْيَةُ حَجَرٍ أَيْ قَدْرَ مَا يَبْلُغُهُ .

وَقَوْلُهُ : ( ثَمَّ مَهْ ) هِيَ هَاءُ السَّكْتِ ، وَهُوَ اسْتِفْهَامٌ ، أَيْ ثُمَّ مَاذَا يَكُونُ أَحَيَاةٌ أَمْ مَوْتٌ ؟ وَالْكَثِيبُ : الرَّمَلُ الْمُسْتَطِيلُ الْمُحْدَوْدَبُ . وَأَمَّا سُؤَالُهُ الْإِدْنَاءَ مِنَ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ فَلِشَرَفِهَا وَفَضِيلَةِ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمَدْفُونِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ .

قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : وَإِنَّمَا سَأَلَ الْإِدْنَاءَ ، وَلَمْ يَسْأَلْ نَفْسَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، لِأَنَّهُ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَبْرُهُ مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ فَيَفْتَتِنَ بِهِ النَّاسُ وَفِي هَذَا اسْتِحْبَابُ الدَّفْنِ فِي الْمَوَاضِعِ الْفَاضِلَةِ وَالْمَوَاطِنِ الْمُبَارَكَةِ ، وَالْقُرْبِ مِنْ مَدَافِنِ الصَّالِحِينَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ الْمَازِرِيُّ : وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْضُ الْمَلَاحِدَةِ هَذَا الْحَدِيثَ ، وَأَنْكَرَ تَصَوُّرَهُ ، قَالُوا : كَيْفَ يَجُوزُ عَلَى مُوسَى فَقْءُ عَيْنِ مَلَكِ الْمَوْتِ ؟ قَالَ : وَأَجَابَ الْعُلَمَاءُ عَنْ هَذَا بِأَجْوِبَةٍ : أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ فِي هَذِهِ اللَّطْمَةِ ، وَيَكُونَ ذَلِكَ امْتِحَانًا لِلْمَلْطُومِ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَفْعَلُ فِي خَلْقِهِ مَا شَاءُ ، وَيَمْتَحِنُهُمْ بِمَا أَرَادَ .

وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا عَلَى الْمَجَازِ ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مُوسَى نَاظَرَهُ وَحَاجَّهُ فَغَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ ، وَيُقَالُ : فَقَأَ فُلَانٌ عَيْنَ فُلَانٍ إِذَا غَالَبَهُ بِالْحُجَّةِ ، وَيُقَالُ : عَوَرْتُ الشَّيْءَ إِذَا أَدْخَلْتُ فِيهِ نَقْصًا قَالَ : وَفِي هَذَا ضَعْفٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَرَدَّ اللَّهُ عَيْنَهُ " فَإِنْ قِيلَ : أَرَادَ رَدَّ حُجَّتَهُ كَانَ بَعِيدًا . وَالثَّالِثُ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَكٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَظَنَّ أَنَّهُ رَجُلٌ قَصَدَهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ ، فَدَافَعَهُ عَنْهَا ، فَأَدَّتِ الْمُدَافَعَةُ إِلَى فَقْءِ عَيْنِهِ ، لَا أَنَّهُ قَصَدَهَا بِالْفَقْءِ ، وَتُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ( صَكَّهُ ) ، وَهَذَا جَوَابُ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَاخْتَارَهُ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي عِيَاضٌ ، قَالُوا : وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ تَعَمَّدَ فَقْءَ عَيْنِهِ ، فَإِنْ قِيلَ : فَقَدِ اعْتَرَفَ مُوسَى حِينَ جَاءَهُ ثَانِيًا بِأَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، فَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَتَاهُ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ بِعَلَامَةٍ عَلِمَ بِهَا أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ ، فَاسْتَسْلَمَ بِخِلَافِ الْمَرَّةِ الْأُولَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :4501 ... بـ :2372]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ مَلَكُ الْمَوْتِ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ لَهُ أَجِبْ رَبَّكَ قَالَ فَلَطَمَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَيْنَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَفَقَأَهَا قَالَ فَرَجَعَ الْمَلَكُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ إِنَّكَ أَرْسَلْتَنِي إِلَى عَبْدٍ لَكَ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ وَقَدْ فَقَأَ عَيْنِي قَالَ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ عَيْنَهُ وَقَالَ ارْجِعْ إِلَى عَبْدِي فَقُلْ الْحَيَاةَ تُرِيدُ فَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْحَيَاةَ فَضَعْ يَدَكَ عَلَى مَتْنِ ثَوْرٍ فَمَا تَوَارَتْ يَدُكَ مِنْ شَعْرَةٍ فَإِنَّكَ تَعِيشُ بِهَا سَنَةً قَالَ ثُمَّ مَهْ قَالَ ثُمَّ تَمُوتُ قَالَ فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ رَبِّ أَمِتْنِي مِنْ الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي عِنْدَهُ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ قَالَ أَبُو إِسْحَقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ

وَمَعْنَى ( أَجِبْ رَبَّكَ ) أَيْ لِلْمَوْتِ ، وَمَعْنَاهُ جِئْتُ لِقَبْضِ رُوحِكَ .

قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ : ( فَالْآنَ مِنْ قَرِيبٍ ، رَبِّ أَمِتْنِي بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ رَمْيَةً بِحَجَرٍ ! ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ : ( أَمِتْنِي ) بِالْمِيمِ وَالتَّاءِ وَالنُّونِ مِنَ الْمَوْتِ ، وَفِي بَعْضِهَا ( أَدْنِنِي ) بِالدَّالِ وَنُونَيْنِ ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ .




[ سـ :4502 ... بـ :2373]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حُجَيْنُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْفَضْلِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ بَيْنَمَا يَهُودِيٌّ يَعْرِضُ سِلْعَةً لَهُ أُعْطِيَ بِهَا شَيْئًا كَرِهَهُ أَوْ لَمْ يَرْضَهُ شَكَّ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ لَا وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الْبَشَرِ قَالَ فَسَمِعَهُ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَلَطَمَ وَجْهَهُ قَالَ تَقُولُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الْبَشَرِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَالَ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ إِنَّ لِي ذِمَّةً وَعَهْدًا وَقَالَ فُلَانٌ لَطَمَ وَجْهِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ قَالَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الْبَشَرِ وَأَنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى عُرِفَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ ثُمَّ قَالَ لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ فَإِنَّهُ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَيَصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ أَوْ فِي أَوَّلِ مَنْ بُعِثَ فَإِذَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام آخِذٌ بِالْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَتِهِ يَوْمَ الطُّورِ أَوْ بُعِثَ قَبْلِي وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى عَلَيْهِ السَّلَام وَحَدَّثَنِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ سَوَاءً

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ ) فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ وَتَأْوِيلُهُ مَبْسُوطًا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْفَضَائِلِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُنْفَخُ فِي الصُّوَرِ فَيُصْعَقُ مَنْ فِي السَّمَوَات وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ يَشَاءُ اللَّهُ ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ بُعِثَ ، فَإِذَا مُوسَى آخِذٌ بِالْعَرْشِ ، فَلَا أَدْرِي أَحُوسِبَ بِصَعْقَةِ يَوْمِ الطُّورِ ، أَوْ بُعِثَ قَبْلِي ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي ، أَمْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى ) .

الصَّعْقُ وَالصَّعْقَةُ الْهَلَاكُ وَالْمَوْتُ ، وَيُقَالُ مِنْهُ : صَعِقَ الْإِنْسَانُ ، وَصَعِقَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَضَمِّهَاِ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمُ الضَّمَّ ، وَصَعَقَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِفَتْحِ الصَّادِ وَالْعَيْنِ ، وَأَصْعَقَتْهُمْ . وَبَنُو تَمِيمٍ يَقُولُونَ : ( الصَّاقِعَةُ ) بِتَقْدِيمِ الْقَافِ .

قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا مِنْ أَشْكَلِ الْأَحَادِيثِ لِأَنَّ مُوسَى قَدْ مَاتَ ، فَكَيْفَ تُدْرِكُهُ الصَّعْقَةُ ؟ وَإِنَّمَا تَصْعَقُ الْأَحْيَاءَ .




[ سـ :4503 ... بـ :2373]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ قَالَا حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلَانِ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ وَرَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ الْمُسْلِمُ وَالَّذِي اصْطَفَى مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْعَالَمِينَ وَقَالَ الْيَهُودِيُّ وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى الْعَالَمِينَ قَالَ فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ وَجْهَ الْيَهُودِيِّ فَذَهَبَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَقَ قَالَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ بِمِثْلِ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ وَحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ جَاءَ يَهُودِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمَعْنَى حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ مِمَّنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ اكْتَفَى بِصَعْقَةِ الطُّورِ

قَوْلُهُ : ( مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ تَعَالَى ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حَيًّا ، وَلَمْ يَأْتِ أَنَّ مُوسَى رَجَعَ إِلَى الْحَيَاةِ ، وَلَا أَنَّهُ حَيٌّ كَمَا جَاءَ فِي عِيسَى ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَوْ كُنْتُ ثَمَّ لَأَرَيْتُكُمْ قَبْرَهُ إِلَى جَانِبِ الطَّرِيقِ ) قَالَ الْقَاضِي : يَحْتَمِلُ أَنَّ هَذِهِ الصَّعْقَةَ صَعْقَةُ فَزَعٍ بَعْدَ الْبَعْثِ حِينَ تَنْشَقُّ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ ، فَتَنْتَظِمُ حِينَئِذٍ الْآيَاتُ وَالْأَحَادِيثُ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " فَأَفَاقَ " لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُقَالُ : أَفَاقَ مِنَ الْغَشْيِ ، وَأَمَّا الْمَوْتُ فَيُقَالُ : بُعِثَ مِنْهُ ، وَصَعْقَةُ الطُّورِ لَمْ تَكُنْ مَوْتًا .

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي ) فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ إِنْ كَانَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَأَنَّ نَبِيَّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلُ شَخْصٍ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ عَلَى الْإِطْلَاقِ قَالَ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مِنَ الزُّمْرَةِ الَّذِينَ هُمْ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُمُ الْأَرْضُ ، فَيَكُونُ مُوسَى مِنْ تِلْكَ الزُّمْرَةِ ، وَهِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ زُمْرَةُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ . هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي . قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَلَا أَقُولُ : إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ : لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ لِي يَقُولَ : أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ) وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ : أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : هَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ ، فَلَمَّا عَلِمَ ذَلِكَ قَالَ : أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ، وَلَمْ يَقُلْ هُنَا إِنَّ يُونُسَ أَفْضَلُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ .

وَالثَّانِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ زَجْرًا عَنْ أَنْ يَتَخَيَّلَ أَحَدٌ مِنَ الْجَاهِلِينَ شَيْئًا مِنْ حَطِّ مَرْتَبَةِ يُونُسَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ مَا فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ مِنْ قِصَّتِهِ .

قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَمَا جَرَى لِيُونُسَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحُطَّهُ مِنَ النُّبُوَّةِ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ . وَخَصَّ يُونُسَ بِالذِّكْرِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ ذِكْرِهِ فِي الْقُرْآنِ بِمَا ذُكِرَ .




[ سـ :4505 ... بـ :2375]
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ وَشَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ قَالَا حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَتَيْتُ وَفِي رِوَايَةِ هَدَّابٍ مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي عِنْدَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ ) .




[ سـ :4506 ... بـ :2375]
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ أَخْبَرَنَا عِيسَى يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ ح وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ كِلَاهُمَا عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ ح وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ سَمِعْتُ أَنَسًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى وَهُوَ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ وَزَادَ فِي حَدِيثِ عِيسَى مَرَرْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي

هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْإِيمَانِ عِنْدَ ذِكْرِ مُوسَى وَعِيسَى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .