فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي فَضْلِ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

باب فِي فَضْلِ الْحُبِّ فِي اللَّهِ
[ سـ :4783 ... بـ :2566]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي ؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ) فِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ قَوْلِ الْإِنْسَانِ : اللَّهُ يَقُولُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ كَافَّةٌ إِلَّا مَا قَدَّمْنَاهُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ ، وَأَنَّهُ لَا يُقَالُ : يَقُولُ اللَّهُ ، بَلْ يُقَالُ : قَالَ اللَّهُ ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ جَاءَ بِجَوَازِهِ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَاَللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَأَحَادِيثٌ صَحِيحَةٌ كَثِيرَةٌ . قَوْلُهُ تَعَالَى : ( الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي ) أَيْ بِعَظَمَتِي وَطَاعَتِي لَا لِلدُّنْيَا . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : ( يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَنْ لَهُ ظِلٌّ مَجَازًا كَمَا فِي الدُّنْيَا . وَجَاءَ فِي غَيْرِ مُسْلِمٍ : ظِلُّ عَرْشِي قَالَ الْقَاضِي : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي ظِلِّهِ مِنَ الْحَرِّ وَالشَّمْسِ ، وَوَهَجِ الْمَوْقِفِ وَأَنْفَاسِ الْخَلْقِ . قَالَ : وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ . وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ : وَمَعْنَاهُ كَفُّهُ عَنِ الْمَكَارِهِ ، وَإِكْرَامُهُ ، وَجَعْلُهُ فِي كَنَفِهِ وَسِتْرِهِ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ : السُّلْطَانُ ظِلُّ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ . وَقِيلَ : يُحْتَمَلُ أَنَّ الظِّلَّ هُنَا عِبَارَةٌ عَنِ الرَّاحَةِ وَالنَّعِيمِ ، يُقَالُ : هُوَ فِي عَيْشٍ ظَلِيلٍ أَيْ طَيِّبٍ .




[ سـ :4784 ... بـ :2567]
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ أَيْنَ تُرِيدُ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا قَالَ لَا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَنْجُويَةَ الْقُشَيْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَأَرْصَدَ اللَّهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا ) مَعْنَى ( أَرْصَدَهُ ) أَقْعَدَهُ يَرْقُبُهُ . وَ ( الْمَدْرَجَةُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ هِيَ الطَّرِيقُ ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ يَدْرُجُونَ عَلَيْهَا ، أَيْ يَمْضُونَ وَيَمْشُونَ . قَوْلُهُ : ( لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةِ تَرُبُّهَا ) أَيْ تَقُومُ بِإِصْلَاحِهَا ، وَتَنْهَضُ إِلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ .

قَوْلُهُ : ( بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَحَبَّةُ اللَّهِ عَبْدَهُ هِيَ رَحْمَتُهُ لَهُ ، وَرِضَاهُ عَنْهُ ، وَإِرَادَتُهُ لَهُ الْخَيْرَ ، وَأَنْ يَفْعَلَ بِهِ فِعْلَ الْمُحِبِّ مِنَ الْخَيْرِ . وَأَصْلُ الْمَحَبَّةِ فِي حَقِّ الْعِبَادِ مَيْلُ الْقَلْبِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ .

فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْمَحَبَّةِ فِي اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُبِّ اللَّهِ تَعَالَى الْعَبْدَ ، وَفِيهِ فَضِيلَةُ زِيَارَةِ الصَّالِحِينَ وَالْأَصْحَابِ ، وَفِيهِ أَنَّ الْآدَمِيِّينَ قَدْ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ .