فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ فَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَعَلَى الذِّكْرِ

باب فَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَعَلَى الذِّكْرِ
[ سـ :4996 ... بـ :2699]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى قَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا وَقَالَ الْآخَرَانِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِي ح وَحَدَّثَنَاه نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَا حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ صَخَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي أُسَامَةَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ التَّيْسِيرِ عَلَى الْمُعْسِرِ

فيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ( مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً . . . إِلَى آخِرِهِ ) وَهُوَ حَدِيثٌ عَظِيمٌ جَامِعٌ لِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعُلُومِ وَالْقَوَاعِدِ وَالْآدَابِ ، وَسَبَقَ شَرْحُ أَفْرَادِ فُصُولِهِ . وَمَعْنَى ( نَفَّسَ الْكُرْبَةَ ) : أَزَالَهَا . وَفِيهِ فَضْلُ قَضَاءِ حَوَائِجِ الْمُسْلِمِينَ ، وَنَفْعِهِمْ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ عِلْمٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مُعَاوَنَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ بِمَصْلَحَةٍ أَوْ نَصِيحَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَفَضْلُ السِّتْرِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُهُ ، وَفَضْلُ إِنْظَارِ الْمُعْسِرِ ، وَفَضْلُ الْمَشْيِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ ، بِشَرْطِ أَنْ يُقْصَدَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى ، إِنْ كَانَ هَذَا شَرْطًا فِي كُلِّ عِبَادَةٍ ، لَكِنَّ عَادَةَ الْعُلَمَاءِ يُقَيِّدُونَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِهِ ، لِكَوْنِهِ قَدْ يَتَسَاهَلُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ ، وَيَغْفُلُ عَنْهُ بَعْضُ الْمُبْتَدِئِينِ وَنَحْوُهُمْ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ ) قِيلَ : الْمُرَادُ بِالسَّكِينَةِ هُنَا : الرَّحْمَةُ ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ ، لِعَطْفِ الرَّحْمَةِ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : الطُّمَأْنِينَةُ وَالْوَقَارُ وَهُوَ أَحْسَنُ ، وَفِي هَذَا : دَلِيلٌ لِفَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ فِي الْمَسْجِدِ ، وَهُوَ مَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ، وَقَالَ مَالِكٌ : يُكْرَهُ ، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ، وَيُلْحَقُ بِالْمَسْجِدِ فِي تَحْصِيلِ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ الِاجْتِمَاعُ فِي مَدْرَسٍ وَرِبَاطٍ وَنَحْوِهِمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الَّذِي بَعْدَهُ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْمَوَاضِعِ ، وَيَكُونُ التَّقْيِيدُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ ، لَا سِيَّمَا فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ، فَلَا يَكُونَ لَهُ مَفْهُومٌ يُعْمَلُ بِهِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ ) مَعْنَاهُ : مَنْ كَانَ عَمَلُهُ نَاقِصًا ، لَمْ يُلْحِقْهُ بِمَرْتَبَةِ أَصْحَابِ الْأَعْمَالِ ، فَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَّكِلَ عَلَى شَرَفِ النَّسَبِ ، وَفَضِيلَةِ الْآبَاءِ ، وَيُقَصِّرَ فِي الْعَمَلِ .




[ سـ :4998 ... بـ :2701]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي نَعَامَةَ السَّعْدِيِّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجَ مُعَاوِيَةُ عَلَى حَلْقَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا أَجْلَسَكُمْ قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ قَالَ آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَمَا كَانَ أَحَدٌ بِمَنْزِلَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَلَّ عَنْهُ حَدِيثًا مِنِّي وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ عَلَى حَلْقَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ مَا أَجْلَسَكُمْ قَالُوا جَلَسْنَا نَذْكُرُ اللَّهَ وَنَحْمَدُهُ عَلَى مَا هَدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْنَا قَالَ آللَّهِ مَا أَجْلَسَكُمْ إِلَّا ذَاكَ قَالُوا وَاللَّهِ مَا أَجْلَسَنَا إِلَّا ذَاكَ قَالَ أَمَا إِنِّي لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ وَلَكِنَّهُ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمْ الْمَلَائِكَةَ

قَوْلُهُ : ( لَمْ أَسْتَحْلِفْكُمْ تُهْمَةً لَكُمْ ) هِيَ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِهَا ، وَهِيَ فُعْلَةٌ وَفُعَلَةٌ مِنَ الْوَهَمِ ، وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ ، وَاتَّهَمْتَهُ بِهِ إِذَا ظَنَنْتَ لَهُ ذَلِكَ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ ) مَعْنَاهُ : يُظْهِرُ فَضْلَكُمْ لَهُمْ ، وَيُرِيهِمْ حُسْنَ عَمَلِكُمْ ، وَيُثْنِي عَلَيْكُمْ عِنْدَهُمْ ، وَأَصْلُ الْبَهَاءِ : الْحُسْنُ وَالْجَمَالُ ، وَفُلَانٌ يُبَاهِي بِمَالِهِ ، أَيْ : يَفْخَرُ وَيَتَجَمَّلُ بِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ وَيُظْهِرُ حُسْنَهُمْ .