فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابٌ فِي الْحَضِّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْفَرَحِ بِهَا

باب فِي الْحَضِّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْفَرَحِ بِهَا
[ سـ :5056 ... بـ :2675]
حَدَّثَنِي سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي وَاللَّهِ لَلَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلَاةِ وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَيَّ يَمْشِي أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ

بَابُ الْحَضِّ عَلَى التَّوْبَةِ وَالْفَرَحِ بِهَا

أَصْلُ التَّوْبَةِ فِي اللُّغَةِ : الرُّجُوعُ ، يُقَالُ : تَابَ ، وَثَابَ بِالْمُثَلَّثَةِ ، وَآبَ بِمَعْنَى : رَجَعَ ، وَالْمُرَادُ بِالتَّوْبَةِ هُنَا : الرُّجُوعُ عَنِ الذَّنْبِ ، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ أَنَّ لَهَا ثَلَاثَةَ أَرْكَانٍ : الْإِقْلَاعُ ، وَالنَّدَمُ عَلَى فِعْلِ تِلْكَ الْمَعْصِيَةِ ، وَالْعَزْمُ عَلَى أَلَّا يَعُودَ إِلَيْهَا أَبَدًا ، فَإِنْ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ لِحَقِّ آدَمِيٍّ فَلَهَا رُكْنٌ رَابِعٌ ، وَهُوَ التَّحَلُّلُ مِنْ صَاحِبِ ذَلِكَ الْحَقِّ ، وَأَصْلُهَا النَّدَمُ وَهُوَ رُكْنُهَا الْأَعْظَمُ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَاجِبَةٌ ، وَأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ ، لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْمَعْصِيَةُ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً .

وَالتَّوْبَةُ مِنْ مُهِمَّاتِ الْإِسْلَامِ وَقَوَاعِدِهِ الْمُتَأَكِّدَةِ ، وَوُجُوبُهَا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِالشَّرْعِ ، وَعِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ بِالْعَقْلِ ، وَلَا يَجِبُ عَلَى اللَّهِ قَبُولُهَا إِذَا وُجِدَتْ بِشُرُوطِهَا عَقْلًا عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ ، لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقْبَلُهَا كَرَمًا وَفَضْلًا ، وَعَرَفْنَا قَبُولَهَا بِالشَّرْعِ وَالْإِجْمَاعِ ، خِلَافًا لَهُمْ ، وَإِذَا تَابَ مِنْ ذَنْبٍ ثُمَّ ذَكَرَهُ هَلْ يَجِبُ تَجْدِيدُ النَّدَمِ ؟ فِيهِ خِلَافٌ لِأَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ ، قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : يَجِبُ ، وَقَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ : لَا يَجِبُ ، وَتَصِحُّ التَّوْبَةَ مِنْ ذَنْبٍ ، وَإِنْ كَانَ مُصِرًّا عَلَى ذَنْبٍ آخَرَ ، وَإِذَا تَابَ تَوْبَةً صَحِيحَةً بِشُرُوطِهَا ، ثُمَّ عَاوَدَ ذَلِكَ الذَّنْبَ ، كُتِبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الذَّنْبُ الثَّانِي ، وَلَمْ تَبْطُلْ تَوْبَتُهُ ، هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ . وَخَالَفَتِ الْمُعْتَزِلَةُ فِيهِمَا ، قَالَ أَصْحَابُنَا : وَلَوْ تَكَرَّرَتِ التَّوْبَةُ وَمُعَاوَدَةُ الذَّنْبِ صَحَّتْ ، ثُمَّ تَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ كُفْرِهِ مَقْطُوعٌ بِقَبُولِهَا ، وَمَا سِوَاهَا مِنْ أَنْوَاعِ التَّوْبَةِ هَلْ قَبُولُهَا مَقْطُوعٌ بِهِ أَمْ مَظْنُونٌ ؟ فِيهِ خِلَافٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ ، وَاخْتَارَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّهُ مَظْنُونٌ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي ، وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي ، وَمَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا . . . إِلَخْ } هَذَا الْقَدْرُ مِنَ الْحَدِيثِ سَبَقَ شَرْحُهُ وَاضِحًا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الذِّكْرِ ، وَوَقَعَ فِي النُّسَخِ هُنَا ( حَيْثُ يَذْكُرُنِي ) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ ، وَوَقَعَ فِي الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ هُنَاكَ ( حِينَ ) بِالنُّونِ ، وَكِلَاهُمَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَبِالنُّونِ هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ظَاهِرُ الْمَعْنَى .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالَّتَهُ بِالْفَلَاةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ : فَرَحُ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ رِضَاهُ ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ : الْفَرَحُ يَنْقَسِمُ عَلَى وُجُوهٍ مِنْهَا : السُّرُورُ ، وَالسُّرُورُ يُقَارِبُهُ الرِّضَا بِالْمَسْرُورِ بِهِ ، قَالَ : فَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْضَى تَوْبَةَ عَبْدِهِ أَشَدَّ مِمَّا يَرْضَى وَاجِدُ ضَالَّتِهِ بِالْفَلَاةِ ، فَعَبَّرَ عَنِ الرِّضَا بِالْفَرَحِ تَأْكِيدًا لِمَعْنَى الرِّضَا فِي نَفْسِ السَّامِعِ ، وَمُبَالَغَةً فِي تَقْرِيرِهِ .




[ سـ :5058 ... بـ :2744]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ قَالَ إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا وَقَالَ عُثْمَانُ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَحَدَّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ حَدِيثًا عَنْ نَفْسِهِ وَحَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ عَنْ قُطْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ مِنْ رَجُلٍ بِدَاوِيَّةٍ مِنْ الْأَرْضِ وَحَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ عُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ سُوَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فِي أَرْضِ دَوِّيَّةٍ مُهْلِكَةٍ ) أَمَّا ( دَوِّيَّةٍ ) فَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا بِفَتْحِ الدَّالِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ جَمِيعًا ، وَذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ( أَرْضٍ دَاوِيَّةٍ ) بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَهِيَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْضًا وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الدَّوِّيَّةُ الْأَرْضُ الْقَفْرُ ، وَالْفَلَاةُ : الْخَالِيَةُ ، قَالَ الْخَلِيلُ : هِيَ الْمَفَازَةُ ، قَالُوا : وَيُقَالُ دَوِّيَّةٌ وَدَاوِيَّةٌ ، فَأَمَّا الدَّوِّيَّةُ فَمَنْسُوبٌ إِلَى الدَّوِّ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ ، وَهِيَ : الْبَرِّيَّةُ الَّتِي لَا نَبَاتَ بِهَا ، وَأَمَّا الدَّاوِيَّةُ فَهِي عَلَى إِبْدَالِ إِحْدَى الْوَاوَيْنِ أَلِفًا كَمَا قِيلَ فِي النَّسَبِ إِلَى طَيٍّ : طَائِيُّ ، وَأَمَّا ( الْمَهْلَكَةُ ) فَهِي بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا ، وَهِيَ مَوْضِعُ خَوْفِ الْهَلَاكِ ، وَيُقَالُ لَهَا : مَفَازَةٌ ، قِيلَ : إِنَّهُ مِنْ قَوْلِهِمْ : فَوَزَ الرَّجُلُ إِذَا هَلَكَ ، وَقِيلَ عَلَى سَبِيلِ التَّفَاؤُلِ بِفَوْزِهِ وَنَجَاتِهِ مِنْهَا ، كَمَا يُقَالُ لِلَّدِيغِ : سَلِيمٌ .

قَوْلُهُ : ( دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَحَدَّثَنَا حَدِيثَيْنِ ، حَدِيثًا عَنْ نَفْسِهِ ، وَحَدِيثًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ نَفْسِهِ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ قَوْلُهُ : الْمُؤْمِنُ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ ، يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ ، وَالْفَاجِرُ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ ، فَقَالَ بِهِ : هَكَذَا .

قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ( مِنْ رَجُلٍ بِدَاوِيَّةٍ ) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ ( مِنْ رَجُلٍ ) بِالنُّونِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، قَالَ الْقَاضِي : وَوَقَعَ فِي بَعْضِهَا ( مَرَّ رَجُلٌ ) بِالرَّاءِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ ، لِأَنَّ مَقْصُودَ مُسْلِمٍ أَنْ يُبَيِّنَ الْخِلَافَ فِي دَوِّيَّةِ ، وَدَاوِيَّةِ ، وَأَمَّا لَفْظَةُ ( مِنْ ) فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِي الرِّوَايَتَيْنِ ، وَلَا مَعْنَى لِلرَّاءِ هُنَا .




[ سـ :5059 ... بـ :2745]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو يُونُسَ عَنْ سِمَاكٍ قَالَ خَطَبَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ فَقَالَ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ رَجُلٍ حَمَلَ زَادَهُ وَمَزَادَهُ عَلَى بَعِيرٍ ثُمَّ سَارَ حَتَّى كَانَ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ فَأَدْرَكَتْهُ الْقَائِلَةُ فَنَزَلَ فَقَالَ تَحْتَ شَجَرَةٍ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ وَانْسَلَّ بَعِيرُهُ فَاسْتَيْقَظَ فَسَعَى شَرَفًا فَلَمْ يَرَ شَيْئًا ثُمَّ سَعَى شَرَفًا ثَانِيًا فَلَمْ يَرَ شَيْئًا ثُمَّ سَعَى شَرَفًا ثَالِثًا فَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَأَقْبَلَ حَتَّى أَتَى مَكَانَهُ الَّذِي قَالَ فِيهِ فَبَيْنَمَا هُوَ قَاعِدٌ إِذْ جَاءَهُ بَعِيرُهُ يَمْشِي حَتَّى وَضَعَ خِطَامَهُ فِي يَدِهِ فَلَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ مِنْ هَذَا حِينَ وَجَدَ بَعِيرَهُ عَلَى حَالِهِ قَالَ سِمَاكٌ فَزَعَمَ الشَّعْبِيُّ أَنَّ النُّعْمَانَ رَفَعَ هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا أَنَا فَلَمْ أَسْمَعْهُ

قَوْلُهُ : ( حَمَلَ زَادَهُ وَمَزَادَهُ ) هُوَ بِفَتْحِ الْمِيمِ ، قَالَ الْقَاضِي : كَأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ لِلْمَزَادَةِ وَهِيَ الْقِرْبَةُ الْعَظِيمَةُ ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُزَادُ فِيهَا مِنْ جِلْدٍ آخَرَ .

قَوْلُهُ : ( وَانْسَلَّ بَعِيرُهُ ) أَيْ : ذَهَبَ فِي خُفْيَةٍ .

قَوْلُهُ : ( فَسَعَى شَرَفًا فَلَمْ يَرَ شَيْئًا ) قَالَ الْقَاضِي : يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالشَّرَفِ هُنَا الطَّلْقَ وَالْغَلْوَةَ ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ . فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ ، قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا : الشَّرَفُ مِنَ الْأَرْضِ لِيَنْظُرَ مِنْهُ هَلْ يَرَاهَا ؟ قَالَ وَهَذَا أَظْهَرُ .




[ سـ :5060 ... بـ :2746]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَجَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ جَعْفَرٌ حَدَّثَنَا وَقَالَ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادِ بْنِ لَقِيطٍ عَنْ إِيَادٍ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ تَقُولُونَ بِفَرَحِ رَجُلٍ انْفَلَتَتْ مِنْهُ رَاحِلَتُهُ تَجُرُّ زِمَامَهَا بِأَرْضٍ قَفْرٍ لَيْسَ بِهَا طَعَامٌ وَلَا شَرَابٌ وَعَلَيْهَا لَهُ طَعَامٌ وَشَرَابٌ فَطَلَبَهَا حَتَّى شَقَّ عَلَيْهِ ثُمَّ مَرَّتْ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ فَتَعَلَّقَ زِمَامُهَا فَوَجَدَهَا مُتَعَلِّقَةً بِهِ قُلْنَا شَدِيدًا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا وَاللَّهِ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ الرَّجُلِ بِرَاحِلَتِهِ قَالَ جَعْفَرٌ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادٍ عَنْ أَبِيهِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَرَّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ ) هُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا ، وَبِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ، وَهُوَ أَصْلُ الشَّجَرَةِ الْقَائِمِ .

قَوْلُهُ : ( قُلْنَا شَدِيدًا ) أَيْ : نَرَاهُ فَرَحًا شَدِيدًا أَوْ يَفْرَحُ فَرَحًا شَدِيدًا .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَجَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ ) هَكَذَا صَوَابُهُ ( ابْنُ حُمَيْدٍ ) وَقَدْ صُحِّفَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، قَالَ الْحَافِظُ : وَلَيْسَ لِمُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ عَنْ جَعْفَرٍ هَذَا غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ .




[ سـ :5062 ... بـ :2747]
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا اسْتَيْقَظَ عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضِ فَلَاةٍ وَحَدَّثَنِيهِ أَحْمَدُ الدَّارِمِيُّ حَدَّثَنَا حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مِنْ رِوَايَةِ هَدَّابِ بْنِ خَالِدٍ : ( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ إِذَا اسْتَيْقَظَ عَلَى بَعِيرِهِ قَدْ أَضَلَّهُ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ ) هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ ( إِذَا اسْتَيْقَظَ عَلَى بَعِيرِهِ ) وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ، أَنَّهُ اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ رُوَاةُ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، قَالَ : قَالَ بَعْضُهُمْ : وَهُوَ وَهَمٌ ، وَصَوَابُهُ ( إِذَا سَقَطَ عَلَى بَعِيرِهِ ) أَيْ : وَقَعَ عَلَيْهِ ، وَصَادَفَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ، قَالَ الْقَاضِي : وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ( قَالَ : فَأَرْجِعُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ ) وَفِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ ( فَنَامَ نَوْمَةً فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَاحِلَتُهُ عِنْدَهُ ) ، قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا يُصَحِّحُ رِوَايَةَ ( اسْتَيْقَظَ ) قَالَ : لَكِنَّ وَجْهَ الْكَلَامِ وَسِيَاقَهُ يَدُلُّ عَلَى " سَقَطٍ " كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .

قَوْلُهُ ( أَضَلَّهُ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ ) أَيْ : فَقَدَهُ .