فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ التَّثَبُّتِ فِي الْحَدِيثِ وَحُكْمِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ

باب التَّثَبُّتِ فِي الْحَدِيثِ وَحُكْمِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ
[ سـ :5459 ... بـ :2493]
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ وَيَقُولُ اسْمَعِي يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ اسْمَعِي يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ وَعَائِشَةُ تُصَلِّي فَلَمَّا قَضَتْ صَلَاتَهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ أَلَا تَسْمَعُ إِلَى هَذَا وَمَقَالَتِهِ آنِفًا إِنَّمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ حَدِيثًا لَوْ عَدَّهُ الْعَادُّ لَأَحْصَاهُ

قَوْلُهُ : ( إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يُحَدِّثُ ، وَهُوَ يَقُولُ : اسْمَعِي يَا رَبَّةَ الْحُجْرَةِ ) يَعْنِي عَائِشَةَ ، مُرَادُهُ بِذَلِكَ تَقْوِيَةَ الْحَدِيثِ بِإِقْرَارِهَا ذَلِكَ ، وَسُكُوتِهَا عَلَيْهِ ، وَلَمْ تُنْكِرْ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ سِوَى الْإِكْثَارِ مِنَ الرِّوَايَةِ فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ ; لِخَوْفِهَا أَنْ يَحْصُلَ بِسَبَبِهِ سَهْوٌ وَنَحْوُهُ .




[ سـ :5460 ... بـ :3004]
حَدَّثَنَا هَدَّابُ بْنُ خَالِدٍ الْأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَكْتُبُوا عَنِّي وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ وَحَدِّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ قَالَ هَمَّامٌ أَحْسِبُهُ قَالَ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا تَكْتُبُوا عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنَ ، وَمَنْ كَتَبَ عَنِّي غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ ) قَالَ الْقَاضِي : كَانَ بَيْنَ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ فِي كِتَابَةِ الْعِلْمِ ، فَكَرِهَهَا كَثِيرُونَ مِنْهُمْ ، وَأَجَازَهَا أَكْثَرُهُمْ ، ثُمَّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَازِهَا ، وَزَالَ ذَلِكَ الْخِلَافُ . وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهَذَا الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ ، فَقِيلَ : هُوَ فِي حَقِّ مَنْ يُوْثَقُ بِحِفْظِهِ ، وَيُخَافُ اتِّكَالِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ إِذَا كَتَبَ . وَتُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ بِالْإِبَاحَةِ عَلَى مَنْ لَا يُوْثَقُ بِحِفْظِهِ كَحَدِيثِ : اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ وَحَدِيثِ صَحِيفَةَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَحَدِيثِ كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ ، وَحَدِيثِ كِتَابِ الصَّدَقَةِ وَنُصُبِ الزَّكَاةِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ ابْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ كَانَ يَكْتُبُ وَلَا أَكْتُبُ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ .

وَقِيلَ : إِنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ مَنْسُوخٌ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ ، وَكَانَ النَّهْيُ حِينَ خِيفَ اخْتِلَاطُهُ بِالْقُرْآنِ فَلَمَّا أَمِنَ ذَلِكَ أَذِنَ فِي الْكِتَابَةِ ، وَقِيلَ : إِنَّمَا نَهَى عَنْ كِتَابَةِ الْحَدِيثِ مَعَ الْقُرْآنِ فِي صَحِيفَةٍ وَاحِدَةٍ ; لِئَلَّا يَخْتَلِطَ ، فَيَشْتَبِهُ عَلَى الْقَارِئِ فِي صَحِيفَةٍ وَاحِدَةٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا حَدِيثُ : مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ فَسَبَقَ شَرْحُهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .