فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ بَيَانِ تَفَاضُلِ الْإِسْلَامِ ، وَأَيُّ أُمُورِهِ أَفْضَلُ

باب بَيَانِ تَفَاضُلِ الْإِسْلَامِ وَأَيُّ أُمُورِهِ أَفْضَلُ
[ سـ :85 ... بـ :39]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ قَالَ تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ

فِيهِ : ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ ) وَفِي رِوَايَةِ ( أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ ؟ قَالَ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ) ، وَفِي رِوَايَةِ جَابِرٍ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ قَالَ الْعُلَمَاءُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ : قَوْلُهُ : أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ ؟ مَعْنَاهُ أَيُّ خِصَالِهِ وَأُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ . قَالُوا : وَإِنَّمَا وَقَعَ اخْتِلَافُ الْجَوَابِ فِي خَيْرِ الْمُسْلِمِينَ لِاخْتِلَافِ حَالِ السَّائِلِ وَالْحَاضِرِينَ ; فَكَانَ فِي أَحَدِ الْمَوْضِعَيْنِ الْحَاجَةُ إِلَى إِفْشَاءِ السَّلَامِ وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ أَكْثَرُ وَأَهَمُّ لِمَا حَصَلَ مِنْ إِهْمَالِهِمَا وَالتَّسَاهُلِ فِي أُمُورِهِمَا ، وَنَحْوِ ذَلِكَ . وَفِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ إِلَى الْكَفِّ عَنْ إِيذَاءِ الْمُسْلِمِينَ .




[ سـ :86 ... بـ :40]
وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ قَالَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ) مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يُؤْذِ مُسْلِمًا بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ . وَخَصَّ الْيَدَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْأَفْعَالِ بِهَا . وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ بِإِضَافَةِ الِاكْتِسَابِ وَالْأَفْعَالِ إِلَيْهَا لِمَا ذَكَرْنَاهُ . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ) قَالُوا : مَعْنَاهُ الْمُسْلِمُ الْكَامِلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ أَصْلِ الْإِسْلَامِ عَنْ مَنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، بَلْ هَذَا كَمَا يُقَالُ : الْعِلْمُ مَا نَفَعَ ، أَوِ الْعَالِمُ زَيْدٌ أَيِ الْكَامِلُ ، أَوِ الْمَحْبُوبُ . وَكَمَا يُقَالُ : النَّاسُ الْعَرَبُ ، وَالْمَالُ الْإِبِلُ . فَكُلُّهُ عَلَى التَّفْضِيلِ لَا لِلْحَصْرِ . وَيَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ قَوْلُهُ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ ؟ قَالَ : " مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ " ثُمَّ إِنَّ كَمَالَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِ مُتَعَلِّقٌ بِخِصَالٍ أُخَرَ كَثِيرَةً ، وَإِنَّمَا خَصَّ مَا ذَكَرَ لِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْحَاجَةِ الْخَاصَّةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَمَعْنَى ( تَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ ) أَيْ تُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَقِيتَهُ ، عَرَفْتَهُ أَمْ لَمْ تَعْرِفْهُ . وَلَا تَخُصَّ بِهِ مَنْ تَعْرِفُهُ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرُونَ مِنَ النَّاسِ . ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ بِالْمُسْلِمِينَ فَلَا يُسَلَّمُ ابْتِدَاءً عَلَى كَافِرٍ . وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ جُمَلٌ مِنَ الْعِلْمِ . فَفِيهَا الْحَثُّ عَلَى إِطْعَامِ الطَّعَامِ وَالْجُودِ وَالِاعْتِنَاءِ بِنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَفِّ عَمَّا يُؤْذِيهِمْ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ بِمُبَاشَرَةٍ أَوْ سَبَبٍ وَالْإِمْسَاكُ عَنِ احْتِقَارِهِمْ . وَفِيهَا الْحَثُّ عَلَى تَأَلُّفِ قُلُوبِ الْمُسْلِمِينَ وَاجْتِمَاعِ كَلِمَتِهِمْ وَتَوَادُّهِمْ وَاسْتِجْلَابِ مَا يُحَصِّلُ ذَلِكَ . قَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَالْأُلْفَةُ إِحْدَى فَرَائِضِ الدِّينِ وَأَرْكَانِ الشَّرِيعَةِ وَنِظَامِ شَمْلِ الْإِسْلَامِ . قَالَ : وَفِيهِ بَذْلُ السَّلَامِ لِمَنْ عَرَفْتَ وَلِمَنْ لَمْ تَعْرِفْ وَإِخْلَاصُ الْعَمَلِ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا مُصَانَعَةً وَلَا مَلَقًا . وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ اسْتِعْمَالُ خُلُقِ التَّوَاضُعِ وَإِفْشَاءِ شِعَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

وَأَمَّا أَسْمَاءُ رِجَالِ الْبَابِ فَقَالَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - . فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ : ( وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ الْمُهَاجِرِ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ) يَعْنِي ابْنَ الْعَاصِي قَالَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْمِصْرِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْخَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - . وَهَذَانِ الْإِسْنَادَانِ كُلُّهُمْ مِصْرِيُّونَ أَئِمَّةٌ جِلَّةٌ وَهَذَا مِنْ عَزِيزِ الْأَسَانِيدِ فِي مُسْلِمٍ بَلْ فِي غَيْرِهِ ; فَإِنَّ اتِّفَاقَ جَمِيعِ الرُّوَاةِ فِي كَوْنِهِمْ مِصْرِيِّينَ فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ ، وَيَزْدَادُ قِلَّةً بِاعْتِبَارِ الْجَلَالَةِ .

فَأَمَّا ( عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ) فَجَلَالَتُهُ وَفِقْهُهُ وَكَثْرَةُ حَدِيثِهِ وَشِدَّةُ وَرَعِهِ وَزَهَادَتُهُ وَإِكْثَارُهُ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْخَيْرِ فَمَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ لَا يُمْكِنُ اسْتِقْصَاؤُهَا . فَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

وَأَمَّا ( أَبُو الْخَيْرِ ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاسْمُهُ مَرْثَدٌ بِالْمُثَلَّثَةِ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيُّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَالزَّايِ مَنْسُوبٌ إِلَى يَزَنَ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ . قَالَ أَبُو سَعِيدِ بْنِ يُونُسَ : كَانَ أَبُو الْخَيْرِ مُفْتِيَ أَهْلِ مِصْرَ فِي زَمَانِهِ ، مَاتَ سَنَةَ سَبْعِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ .

وَأَمَّا ( يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ ) فَكُنْيَتُهُ أَبُو رَجَاءٍ وَهُوَ تَابِعِيٌّ . قَالَ ابْنُ يُونُسَ : وَكَانَ مُفْتِيَ أَهْلِ مِصْرَ فِي زَمَانِهِ ، وَكَانَ حَلِيمًا عَاقِلًا ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ الْعِلْمَ بِمِصْرَ وَالْكَلَامَ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، وَقَبْلَ ذَلِكَ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ بِالْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ وَالتَّرْغِيبِ فِي الْخَيْرِ . وَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ : يَزِيدُ سَيِّدُنَا وَعَالِمُنَا . وَاسْمُ أَبِي حَبِيبٍ سُوَيْدٌ .

وَأَمَّا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِمَامَتُهُ وَجَلَالَتُهُ وَصِيَانَتُهُ وَبَرَاعَتُهُ وَشَهَادَةُ أَهْلِ عَصْرِهِ بِسَخَائِهِ وَسِيَادَتِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ جَمِيلِ حَالَاتِهِ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ ، وَأَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَرَ . وَيَكْفِي فِي جَلَالَتِهِ شَهَادَةُ الْإِمَامَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ الشَّافِعِيِّ ، وَابْنِ بَكِيرٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ اللَّيْثَ أَفْقَهُ مِنْ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ . فَهَذَانِ صَاحِبَا مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَدْ شَهِدَا بِمَا شَهِدَا ، وَهُمَا بِالْمَنْزِلَةِ الْمَعْرُوفَةِ مِنَ الْإِتْقَانِ وَالْوَرَعِ ، وَإِجْلَالِ مَالِكٍ ، وَمَعْرِفَتِهِمَا بِأَحْوَالِهِ . هَذَا كُلُّهُ مَعَ مَا قَدْ عُلِمَ مِنْ جَلَالَةِ مَالِكٍ وَعِظَمِ فِقْهِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - . قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ : كَانَ دَخْلُ اللَّيْثِ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِينَارٍ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى ، عَلَيْهِ زَكَاةً قَطُّ . وَقَالَ قُتَيْبَةُ : لَمَّا قَدِمَ اللَّيْثُ أَهْدَى لَهُ مَالِكٌ مِنْ طَرَفِ الْمَدِينَةِ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ اللَّيْثُ أَلْفَ دِينَارٍ . وَكَانَ اللَّيْثُ مُفْتِيَ أَهْلِ مِصْرَ فِي زَمَانِهِ .

وَأَمَّا ( مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ ) فَقَالَ : ابْنُ يُونُسَ : هُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ فِي الْحَدِيثِ وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ بِأَخْبَارِ الْبَلَدِ وَفِقْهِهِ ، وَكَانَ إِذَا شَهِدَ فِي كِتَابِ دَارٍ عَلِمَ أَهْلُ الْبَلَدِ أَنَّهَا طَيِّبَةُ الْأَصْلِ . وَذَكَرَهُ النَّسَائِيُّ فَقَالَ : مَا أَخْطَأَ فِي حَدِيثٍ ، وَلَوْ كَتَبَ عَنْ مَالِكٍ لَأَثْبَتُّهُ فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ . وَأَثْنَى عَلَيْهِ غَيْرُهُمَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا ( عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ) فَعِلْمُهُ وَوَرَعُهُ وَزُهْدُهُ وَحِفْظُهُ وَإِتْقَانُهُ وَكَثْرَةُ حَدِيثِهِ وَاعْتِمَادُ أَهْلِ مِصْرَ عَلَيْهِ وَإِخْبَارُهُمْ بِأَنَّ حَدِيثَ أَهْلِ مِصْرَ وَمَا وَالَاهَا يَدُورُ عَلَيْهِ فَكُلُّهُ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ فِي كُتُبِ أَئِمَّةِ هَذَا الْفَنِّ . وَقَدْ بَلَغَنَا عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ لَمْ يَكْتُبْ إِلَى أَحَدٍ وَعَنْوَنَهُ بِالْفِقْهِ إِلَّا إِلَى ابْنِ وَهْبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - .

وَأَمَّا ( عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ ) فَهُوَ مُفْتِي أَهْلِ مِصْرَ فِي زَمَنِهِ وَقَارِئِهِمْ . قَالَ أَبُو زُرْعَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : لَمْ يَكُنْ لَهُ نَظِيرٌ فِي الْحِفْظِ فِي زَمَنِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ : كَانَ أَحْفَظَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِ ، وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ : عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ دُرَّةُ الْغَوَّاصِ . وَقَالَ : هُوَ مُرْتَفِعُ الشَّأْنِ . وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : سَمِعْتُ مِنْ ثَلَثِمِائَةٍ وَسَبْعِينَ شَيْخًا فَمَا رَأَيْتُ أَحْفَظَ مِنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ . - رَحِمَهُ اللَّهُ - . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :87 ... بـ :41]
حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ قَالَ عَبْدٌ أَنْبَأَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الزُّبَيْرِ يَقُولُ سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ

قَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ الْآخَرِ : ( أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ )

أَمَّا ( أَبُو عَاصِمٍ ) فَهُوَ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ .

وَأَمَّا ( ابْنُ جُرَيْجٍ ) فَهُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جُرَيْجٍ .

وَأَمَّا ( أَبُو الزُّبَيْرِ ) فَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ . وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُمْ .


[ سـ :88 ... بـ :42]
وَحَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيُّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو بُرْدَةَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ قَالَ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَحَدَّثَنِيهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ حَدَّثَنِي بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْمُسْلِمِينَ أَفْضَلُ فَذَكَرَ مِثْلَهُ

وَفِي الْإِسْنَادِ الْآخَرِ ( أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى ) .

فَأَبُو بُرْدَةَ الْأَوَّلُ اسْمُهُ بُرَيْدٌ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ : وَقَدْ سَمَّاهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى . وَأَبُو بُرْدَةَ الثَّانِي اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ . فَقَالَ الْجُمْهُورُ : اسْمُهُ عَامِرٌ . وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ : عَامِرٌ . كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ . وَفِي الْأُخْرَى : الْحَارِثُ .

وَأَمَّا ( أَبُو مُوسَى ) فَهُوَ الْأَشْعَرِيُّ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ وَإِنَّمَا نَقْصِدُ بِذِكْرِ مِثْلِ هَذَا وَإِنْ كَانَ عِنْدَ أَهْلِ هَذَا الْفَنِّ مِنَ الْوَاضِحَاتِ الْمَشْهُورَاتِ الَّتِي لَا حَاجَةَ إِلَى ذِكْرِهَا لِكَوْنِ هَذَا الْكِتَابِ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْفُضَلَاءِ بَلْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِإِفَادَةِ مَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي هَذَا الْفَنِّ . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .