فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ وُجُوبِ مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنَ

باب وُجُوبِ مَحَبَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مِنْ الْأَهْلِ وَالْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَإِطْلَاقِ عَدَمِ الْإِيمَانِ عَلَى مَنْ لَمْ يُحِبُّهُ هَذِهِ الْمَحَبَّةِ
[ سـ :91 ... بـ :44]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ ابْنُ عُلَيَّةَ ح وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ الرَّجُلُ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( لَا يُؤْمِنُ عَبْدٌ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ) ، قَالَ الْإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ : لَمْ يُرِدْ بِهِ حُبَّ الطَّبْعِ ، بَلْ أَرَادَ بِهِ حُبَّ الِاخْتِيَارِ ، لِأَنَّ حُبَّ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ طَبْعٌ وَلَا سَبِيلَ إِلَى قَلْبِهِ . قَالَ : فَمَعْنَاهُ لَا تَصْدُقُ فِي حُبِّي حَتَّى تُفْنِيَ فِي طَاعَتِي نَفْسَكَ ، وَتُؤْثِرَ رِضَايَ عَلَى هَوَاكَ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَلَاكُكَ . هَذَا كَلَامُ الْخَطَّابِيِّ . وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ ، وَالْقَاضِي عِيَاضٌ ، وَغَيْرُهُمَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : الْمَحَبَّةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَحَبَّةُ إِجْلَالٍ وَإِعْظَامٍ كَمَحَبَّةِ الْوَالِدِ ، وَمَحَبَّةُ شَفَقَةٍ وَرَحْمَةٍ كَمَحَبَّةِ الْوَلَدِ ، وَمَحَبَّةُ مُشَاكَلَةٍ وَاسْتِحْسَانٍ كَمَحَبَّةِ سَائِرِ النَّاسِ فَجَمَعَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْنَافَ الْمَحَبَّةِ فِي مَحَبَّتِهِ . قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَمَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّ مَنِ اسْتَكْمَلَ الْإِيمَانَ عَلِمَ أَنَّ حَقَّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكَدُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ أَبِيهِ وَابْنِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ; لِأَنَّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتُنْقِذْنَا مِنَ النَّارِ ، وَهُدِينَا مِنَ الضَّلَالِ . قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَمِنْ مَحَبَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُصْرَةُ سُنَّتِهِ ، وَالذَّبُّ عَنْ شَرِيعَتِهِ ، وَتَمَنِّي حُضُورِ حَيَاتِهِ ; فَيَبْذُلَ مَالَهُ وَنَفْسَهُ دُونَهُ . قَالَ : وَإِذَا تَبَيَّنَ مَا ذَكَرْنَاهُ تَبَيَّنَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْإِيمَانِ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِذَلِكَ ، وَلَا يَصِحُّ الْإِيمَانُ إِلَّا بِتَحْقِيقِ إِعْلَاءِ قَدْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْزِلَتِهِ عَلَى كُلِّ وَالِدٍ ، وَوَلَدٍ ، وَمُحْسِنٍ ، وَمُفَضَّلٍ . وَمَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ هَذَا ، وَاعْتَقَدَ سِوَاهُ ، فَلَيْسَ بِمُؤْمِنٍ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَمَّا إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : ( وَحَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَنَسٍ ) .




[ سـ :92 ... بـ :44]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ

قَالَ مُسْلِمٌ : ( وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَنَسٍ ) وَهَذَانِ الْإِسْنَادانِ رُوَاتُهُمَا بَصْرِيُّونَ كُلُّهُمْ . وَشَيْبَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ هَذَا هُوَ شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ الَّذِي رَوَى عَنْهُ مُسْلِمٌ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .