فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى

باب وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ وَنَسْخِ الْمِلَلِ بِمِلَّتِهِ
[ سـ :249 ... بـ :152]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَا مِنْ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنْ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

بَابُ وُجُوبِ الْإِيمَانِ بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ( إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ وَنَسْخِ الْمِلَلِ بِمِلَّتِهِ )

فِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا مِنْ نَبِيٍّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ




[ سـ :250 ... بـ :153]
حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ أَبَا يُونُسَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ

وفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأَمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ


[ سـ :251 ... بـ :154]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ سَأَلَ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ يَا أَبَا عَمْرٍو إِنَّ مَنْ قِبَلَنَا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يَقُولُونَ فِي الرَّجُلِ إِذَا أَعْتَقَ أَمَتَهُ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَهُوَ كَالرَّاكِبِ بَدَنَتَهُ فَقَالَ الشَّعْبِيُّ حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَأَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ وَصَدَّقَهُ فَلَهُ أَجْرَانِ وَعَبْدٌ مَمْلُوكٌ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقَّ سَيِّدِهِ فَلَهُ أَجْرَانِ وَرَجُلٌ كَانَتْ لَهُ أَمَةٌ فَغَذَّاهَا فَأَحْسَنَ غِذَاءَهَا ثُمَّ أَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ ثُمَّ قَالَ الشَّعْبِيُّ لِلْخُرَاسَانِيِّ خُذْ هَذَا الْحَدِيثَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَ هَذَا إِلَى الْمَدِينَةِ وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ح وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا شُعْبَةُ كُلُّهُمْ عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ

وَفِيهِ حَدِيثُ ثَلَاثَةٌ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ

أَمَّا أَلْفَاظُ الْبَابِ فَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ آمَنَ بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَ مِثْلُهُ مَرْفُوعٌ

وَفِيهِ قَوْلُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنِي يُونُسُ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو أَنَّ أَبَا يُونُسَ حَدَّثَهُ فَقَوْلُهُ وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو وَهُوَ بِالْوَاوِ فِي أَوَّلُ وَأَخْبَرَنِي وَهِيَ وَاوٌ حَسَنَةٌ فِيهَا دَقِيقَةٌ نَفِيسَةٌ وَفَائِدَةٌ لَطِيفَةٌ وَذَلِكَ أَنَّ يُونُسَ سَمِعَ مِنِ ابْنِ وَهْبٍ أَحَادِيثَ مِنْ جُمْلَتِهَا هَذَا الْحَدِيثُ وَلَيْسَ هُوَ أَوَّلَهَا فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِي رِوَايَتِهِ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو بِكَذَا ثُمَّ قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو بِكَذَا وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو بِكَذَا إِلَى آخِرِ تِلْكَ الْأَحَادِيثِ فَإِذَا رَوَى يُونُسُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ غَيْرَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو فَيَأْتِي بِالْوَاوِ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ هَكَذَا وَلَوْ حَذَفَهَا لَجَازَ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِهَا لِيَكُونَ رَاوِيًا كَمَا سَمِعَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا أَبُو يُونُسَ فَاسْمُهُ سُلَيْمُ بْنُ جُبَيْرٍ

وَفِيهِ هُشَيْمٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ صَالِحٍ الْهَمْدَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ سَأَلَ الشَّعْبِيُّ فَقَالَ يَا أَبَا عَمْرٍو أَمَّا هُشَيْمٌ فَبِضَمِّ الْهَاءِ وَهُوَ مُدَلِّسٌ وَقَدْ قَالَ عَنْ صَالِحٍ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ مِثْلَ هَذَا إِذَا كَانَ فِي الصَّحِيحِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ هُشَيْمًا ثَبَتَ سَمَاعُهُ لِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ صَالِحٍ وَأَمَّا صَالِحٌ فَهُوَ صَالِحُ بْنُ صَالِحِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ حَيَّانَ وَلَقَبُ حَيَّانَ حَيٌّ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا الْهَمْدَانِيُّ فَبِإِسْكَانِ الْمِيمِ وَبِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَأَمَّا الشَّعْبِيُّ بِفَتْحِ الشِّينِ فَاسْمُهُ عَامِرٌ وَفِي هَذَا الْإِسْنَادِ لَطِيفَةٌ يَتَكَرَّرُ مِثْلُهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا وَهُوَ أَنَّهُ قَالَ عَنْ صَالِحٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا سَأَلَ الشَّعْبِيَّ وَهَذَا الْكَلَامُ لَيْسَ مُنْتَظِمًا فِي الظَّاهِرِ وَلَكِنَّ تَقْدِيرَهُ حَدَّثَنَا صَالِحٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ رَأَيْتُ رَجُلًا سَأَلَ الشَّعْبِيَّ بِحَدِيثٍ وَقِصَّةٍ طَوِيلَةٍ قَالَ فِيهَا صَالِحٌ رَأَيْتُ رَجُلًا سَأَلَ الشَّعْبِيَّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَفِيهِ أَبُو بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى اسْمُ أَبِي بُرْدَةَ عَامِرٌ وَقِيلَ الْحَارِثُ وَاسْمُ أَبِي مُوسَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ

وَفِيهِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَغَذَاهَا فَأَحْسَنَ غِذَاءَهَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَبِتَخْفِيفِ الذَّالِ وَأَمَّا الثَّانِي فَبِالْمَدِّ

أَمَّا مَعَانِي الْحَدِيثِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ أَحَدُهَا - أَنَّ كُلَّ نَبِيٍّ أُعْطِيَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ مَا كَانَ مِثْلُهُ لِمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَآمَنَ بِهِ الْبَشَرُ وَأَمَّا مُعْجِزَتِي الْعَظِيمَةُ الظَّاهِرَةُ فَهِيَ الْقُرْآنُ الَّذِي لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِثْلَهُ فَلِهَذَا قَالَ أَنَا أَكْثَرُهُمْ تَابِعًا

وَالثَّانِي مَعْنَاهُ أَنَّ الَّذِي أُوتِيتُهُ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهِ تَخْيِيلٌ بِسِحْرٍ وَشُبْهَةٍ بِخِلَافِ مُعْجِزَةِ غَيْرِي فَإِنَّهُ قَدْ يُخَيِّلُ السَّاحِرُ بِشَيْءٍ مِمَّا يُقَارِبُ صُورَتَهَا كَمَا خَيَّلَتِ السَّحَرَةُ فِي صُورَةِ عَصَا مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْخَيَالُ قَدْ يَرُوجُ عَلَى بَعْضِ الْعَوَامِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُعْجِزَةِ وَالسِّحْرِ وَالتَّخْيِيلِ يَحْتَاجُ إِلَى فِكْرٍ وَنَظَرٍ وَقَدْ يُخْطِئُ النَّاظِرُ فَيَعْتَقِدُهُمَا سَوَاءً وَالثَّالِثُ مَعْنَاهُ أَنَّ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ انْقَرَضَتْ بِانْقِرَاضِ أَعْصَارِهِمْ وَلَمْ يُشَاهِدْهَا إِلَّا مَنْ حَضَرَهَا بِحَضْرَتِهِمْ وَمُعْجِزَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْقُرْآنُ الْمُسْتَمِرُّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَعَ خَرْقِ الْعَادَةِ فِي أُسْلُوبِهِ وَبَلَاغَتِهِ وَإِخْبَارِهِ بِالْمُغَيَّبَاتِ وَعَجْزِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ عَنْ أَنْ يَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ فِي جَمِيعِ الْأَعْصَارِ وَمَعَ اعْتِنَائِهِمْ بِمُعَارَضَتِهِ فَلَمْ يَقْدِرُوا وَهُمْ أَفْصَحُ الْقُرُونِ مَعَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ إِعْجَازِهِ الْمَعْرُوفَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ فَإِنَّهُ أَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِهَذَا فِي زَمَنِ قِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى وَفَتَحَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْبِلَادَ وَبَارَكَ فِيهِمْ حَتَّى انْتَهَى الْأَمْرُ وَاتَّسَعَ الْإِسْلَامُ فِي الْمُسْلِمِينَ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَسَائِرِ نِعَمِهِ الَّتِي لَا تُحْصَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّانِي فَفِيهِ نَسْخُ الْمِلَلِ كُلِّهَا بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي مَفْهُومِهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ الْإِسْلَامِ فَهُوَ مَعْذُورٌ وَهَذَا جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْأُصُولِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى الصَّحِيحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَيْ مِمَّنْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي زَمَنِي وَبَعْدِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَكُلُّهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِ الدُّخُولُ فِي طَاعَتِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْيَهُودِيَّ وَالنَّصْرَانِيَّ تَنْبِيهًا عَلَى مَنْ سِوَاهُمَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَهُمْ كِتَابٌ فَإِذَا كَانَ هَذَا شَأْنَهُمْ مَعَ أَنَّ لَهُمْ كِتَابًا فَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا كِتَابَ لَهُ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الثَّالِثِ فَفِيهِ فَضِيلَةُ مَنْ آمَنَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ بِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ لَهُ أَجْرَيْنِ لِإِيمَانِهِ بِنَبِيِّهِ قَبْلَ النَّسْخِ وَالثَّانِي لِإِيمَانِهِ بِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِيهِ فَضِيلَةُ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ الْقَائِمِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ سَيِّدِهِ وَفَضِيلَةُ مَنْ أَعْتَقَ مَمْلُوكَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا وَلَيْسَ هَذَا مِنَ الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ فِي شَيْءٍ بَلْ هُوَ إِحْسَانٌ إِلَيْهَا بَعْدَ إِحْسَانٍ وَقَوْلُ الشَّعْبِيِّ خُذْ هَذَا الْحَدِيثَ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَ هَذَا إِلَى الْمَدِينَةِ فَفِيهِ جَوَازُ قَوْلِ الْعَالِمِ مِثْلَ هَذَا تَحْرِيضًا لِلسَّامِعِ عَلَى حِفْظِ مَا قَالَهُ

وَفِيهِ بَيَانُ مَا كَانَ السَّلَفُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الرِّحْلَةِ إِلَى الْبُلْدَانِ الْبَعِيدَةِ فِي حَدِيثِ وَاحِدٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

بَابُ بَيَانِ نُزُولِ عِيسَى بْنِ مَرْيَمَ حَاكِمًا ( بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ) ( وَإِكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى هَذِهِ الْأُمَّةِ زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا وَبَيَانِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمِلَّةَ لَا تُنْسَخُ ) ( وَلِأَنَّهُ لَا تَزَالَ طَائِفَةٌ مِنْهَا ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) فِيهِ الْأَحَادِيثُ الْمَشْهُورَةُ فَنَذْكُرُ أَلْفَاظَهَا وَمَعَانِيَهَا وَأَحَكَامَهَا عَلَى تَرْتِيبِهَا