فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بِكَمَالِهِمَا

باب وُجُوبِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بِكَمَالِهِمَا
[ سـ :385 ... بـ :240]
حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الْأَيْلِيُّ وَأَبُو الطَّاهِرِ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى قَالُوا أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى شَدَّادٍ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فَتَوَضَّأَ عِنْدَهَا فَقَالَتْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَسْبِغْ الْوُضُوءَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي حَيْوَةُ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَذَكَرَ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَوْ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِي سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ قَالَ خَرَجْتُ أَنَا وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي جَنَازَةِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ فَمَرَرْنَا عَلَى بَابِ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَذَكَرَ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ قَالَ كُنْتُ أَنَا مَعَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَذَكَرَ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ

وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ ) فَتَوَاعَدَهَا بِالنَّارِ لِعَدَمِ طَهَارَتِهَا وَلَوْ كَانَ الْمَسْحُ كَافِيًا لَمَا تَوَاعَدَ مَنْ تَرَكَ غَسْلَ عَقِبَيْهِ ، وَقَدْ صَحَّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الطُّهُورُ ؟ فَدَعَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا إِلَى أَنْ قَالَ : ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ : هَكَذَا الْوُضُوءُ فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا أَوْ نَقَصَ فَقَدْ أَسَاءَ وَظَلَمَ . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدِهِمُ الصَّحِيحَةِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى شَدَّادٍ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى ( أَنَّ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ ) وَفِي الثَّالِثَةِ ( سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ ) هَذِهِ كُلُّهَا صِفَاتٌ لَهُ وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ يُقَالُ لَهُ : سَالِمٌ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ ، وَسَالِمٌ مَوْلَى الْمُهْرِيِّ ، وَسَالِمٌ بَادُوسُ ، وَسَالِمٌ مَوْلَى مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ النَّصْرِيُّ بِالنُّونِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، وَسَالِمٌ سَبْنَانُ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ ، وَسَالِمٌ الْبَرَّادُ ، وَسَالِمٌ مَوْلَى الْبَصْرِيِّينَ ، وَسَالِمٌ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَدِينِيُّ ، وَسَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ مَوْلَى شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ ، فَهَذِهِ كُلُّهَا تُقَالُ فِيهِ . قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : كَانَ سَالِمٌ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ : حَدَّثَنِي سَالِمٌ الْبَرَّادُ وَكَانَ أَوْثَقَ عِنْدِي مِنْ نَفْسِي .

وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَعْيَنَ حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ حَدَّثَنِي نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَالِمٍ مَوْلَى ابْنِ شَدَّادٍ ) فَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُولِ ( مَوْلَى ابْنِ شَدَّادٍ ) قِيلَ إِنَّهُ خَطَأٌ ، وَالصَّوَابُ حَذْفُ لَفْظَةِ ( ابْنِ ) كَمَا تَقَدَّمَ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ صَحِيحٌ فَإِنَّ مَوْلَى شَدَّادٍ مَوْلًى لِابْنِهِ وَإِذَا أَمْكَنَ تَأْوِيلُ مَا صَحَّتْ بِهِ الرِّوَايَةُ لَمْ يَجُزْ إِبْطَالُهَا لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الَّذِي قَدْ قِيلَ فِيهِ هَذِهِ الْأَقْوَالُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَوْ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سَالِمٌ مَوْلَى الْمَهْرِيِّ ) هَذَا إِسْنَادٌ اجْتَمَعَ فِيهِ أَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ ، فَسَالِمٌ وَأَبُو سَلَمَةَ وَيَحْيَى تَابِعِيُّونَ مَعْرُوفُونَ ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ أَيْضًا تَابِعِيٌّ سَمِعَ الْهِرْمَاسَ بْنَ زِيَادٍ الْبَاهِلِيَّ الصَّحَابِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ التَّصْرِيحُ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَوْلُهُ ( حَدَّثَنِي أَوْ حَدَّثَنَا ) فِيهِ أَحْسَنُ احْتِيَاطٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا قَرِيبًا وَسَابِقًا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ وَأَبُو مَعْنٍ الرَّقَاشِيُّ ) اسْمُ ( أَبِي مَعْنٍ ) زَيْدُ بْنُ يَزِيدَ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ .

قَوْلُهُ : ( كُنْتُ أَنَا مَعَ عَائِشَةَ ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ الْمُحَقَّقَةِ الَّتِي ضَبَطَهَا الْمُتْقِنُونَ ( أَنَا مَعَ ) بِالنُّونِ وَالْمِيمِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ ، وَوَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأُصُولِ وَلِكَثِيرٍ مِنَ الرُّوَاةِ الْمَشَارِقَةِ وَالْمَغَارِبَةِ ( أُبَايِعُ ) عَائِشَةَ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنَ الْمُبَايَعَةِ ، قَالَ الْقَاضِي : الصَّوَابُ هُوَ الْأَوَّلُ ، قُلْتُ : وَلِلثَّانِي أَيْضًا وَجْهٌ .

قَوْلُهُ : ( عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى ) أَمَّا ( يَسَافٌ ) فَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ : فَتْحُ الْيَاءِ وَكَسْرُهَا ، وَإِسَافٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ : يَقُولُهُ الْمُحَدِّثُونَ بِكَسْرِ الْيَاءِ ، قَالَ : وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ كَلِمَةٌ أَوَّلُهَا يَاءٌ مَكْسُورٌ إِلَّا يِسَارٌ لِلْيَدِ ، قُلْتُ : وَالْأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ ( إِسَافٌ ) بِالْهَمْزَةِ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ السِّكِّيتِ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا فِيمَا يُغَيِّرهُ النَّاسُ وَيَلْحَنُونَ فِيهِ ، فَقَالَ : هُوَ هِلَالُ ابْنُ إِسَافٍ . وَأَمَّا ( أَبُو يَحْيَى ) فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ اسْمَهُ ( مِصْدَعٌ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَاتِ ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : اسْمُهُ زِيَادٌ الْأَعْرَجُ الْمُعَرْقَبُ الْأَنْصَارِيُّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : ( فَتَوْضَئُوا وَهُمْ عِجَالٌ ) هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ جَمْعُ عَجْلَانَ وَهُوَ الْمُسْتَعْجِلُ كَغَضْبَانَ وَغِضَابٍ .




[ سـ :386 ... بـ :241]
وَحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلَالِ بْنِ يِسَافٍ عَنْ أَبِي يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ رَجَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْدَ الْعَصْرِ فَتَوَضَّئُوا وَهُمْ عِجَالٌ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَأَعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ كِلَاهُمَا عَنْ مَنْصُورٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ وَفِي حَدِيثِهِ عَنْ أَبِى يَحْيَى الْأَعْرَجِ

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ ابْنِ مَاهَكَ ) أَمَّا ( أَبُو عَوَانَةَ ) فَتَقَدَّمَ أَنَّ اسْمَهُ الْوَضَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ . وَأَمَّا ( أَبُو بِشْرٍ ) فَهُوَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي وَحْشِيَّةَ . وَأَمَّا ( مَاهَكُ ) فَبِفَتْحِ الْهَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ لِأَنَّهُ اسْمٌ عَجَمِيٌّ عَلَمٌ .

قَوْلُهُ : ( وَقَدْ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ ) أَيْ : جَاءَ وَقْتُ فِعْلِهَا ، وَيُقَالُ : حَضَرَتْ بِفَتْحِ الضَّادِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ ، الْفَتْحُ أَشْهَرُ .




[ سـ :387 ... بـ :241]
حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ وَأَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ جَمِيعًا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ قَالَ أَبُو كَامِلٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ سَافَرْنَاهُ فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا فَنَادَى وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنْ النَّارِ

قَوْلُهُ : ( يَتَوَضَّئُونَ مِنَ الْمَطْهَرَةِ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : الْمَطْهَرَةُ : كُلُّ إِنَاءٍ يُتَطَهَّرُ بِهِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ وَذَكَرَهُمَا ابْنُ السّكِّيتِ مَنْ كَسَرَ جَعَلَهَا آلَةً ، وَمَنْ فَتَحَهَا جَعَلَهَا مَوْضِعًا يُفْعَلُ فِيهِ .

قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنَ النَّارِ ) الْعَرَاقِيبُ : جَمْعُ عُرْقُوبٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ فِي الْمُفْرَدِ وَفَتْحِهَا فِي الْجَمْعِ وَهُوَ الْعَصَبَةُ الَّتِي فَوْقَ الْعَقِبِ ، وَمَعْنَى وَيْلٌ : لَهُمْ هَلَكَةٌ وَخَيْبَةٌ .




[ سـ :389 ... بـ :242]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالُوا حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ مِنْ الْمَطْهَرَةِ فَقَالَ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ فَإِنِّي سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ وَيْلٌ لِلْعَرَاقِيبِ مِنْ النَّارِ

( بَابُ وُجُوبِ اسْتِيعَابِ جَمِيعِ أَجْزَاءِ مَحِلِ الطَّهَارَةِ

فِيهِ أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفْرٍ عَلَى ظَهْرِ قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى )
فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ مَنْ تَرَكَ جُزْءًا يَسِيرًا مِمَّا يَجِبُ تَطْهِيرُهُ لَا تَصِحُّ طَهَارَتُهُ وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُتَيَمِّمِ يَتْرُكُ بَعْضَ وَجْهِهِ ، فَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ وُضُوءُهُ ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ : إِحْدَاهَا : إِذَا تَرَكَ أَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ أَجْزَأَهُ ، وَالثَّانِيَةُ : إِذَا تَرَكَ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ أَجْزَأَهُ ، وَالثَّالِثَةُ : إِذَا تَرَكَ الرُّبْعَ فَمَا دُونَهُ أَجْزَأَهُ ، وَلِلْجُمْهُورِ أَنْ يَحْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ أَعْضَاءِ طَهَارَتِهِ جَاهِلًا لمْ تَصِحَّ طَهَارَتُهُ ، وَفِيهِ تَعْلِيمُ الْجَاهِلِ وَالرِّفْقُ بِهِ . وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهِ جَمَاعَةٌ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الرِّجْلَيْنِ الْغَسْلُ دُونَ الْمَسْحِ ، وَاسْتَدَلَّ الْقَاضِي عِيَاضٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - وَغَيْرُهُ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى وُجُوبِ الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَحْسِنْ وُضُوءَكَ ) وَلَمْ يَقُلِ اغْسِلِ الْمَوْضِعَ الَّذِي تَرَكْتَهُ ، وَهَذَا الِاسْتِدْلَالُ ضَعِيفٌ وَبَاطِلٌ ; فَإِنَّ قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : ( أَحْسِنْ وُضُوءَكَ ) مُحْتَمِلٌ لِلتَّتْمِيمِ وَالِاسْتِئْنَافِ ، وَلَيْسَ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي الظُّفْرِ لُغَتَانِ أَجْوَدُهُمَا : ظُفُرٌ بِضَمِّ الظَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ ، وَيَجُوزُ إِسْكَانُ الْفَاءِ عَلَى هَذَا ، وَيُقَالُ ظِفْرٌ بِكَسْرِ الظَّاءِ وَإِسْكَانِ الْفَاءِ ، وَظِفِرٌ بِكَسْرِهِمَا وَقُرِئَ بِهِمَا فِي الشَّوَاذِّ ، وَجَمْعُهُ أَظْفَارٌ وَجَمْعُ الْجَمْعِ : أَظَافِيرُ ، وَيُقَالُ فِي الْوَاحِدِ أَيْضًا : أُظْفُورٌ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .