فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الَاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ

باب النَّهْيِ عَنْ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْيَمِينِ
[ سـ :425 ... بـ :267]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُمْسِكَنَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ وَهُوَ يَبُولُ وَلَا يَتَمَسَّحْ مِنْ الْخَلَاءِ بِيَمِينِهِ وَلَا يَتَنَفَّسْ فِي الْإِنَاءِ

قَوْلُهَا : ( كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحِبُّ التَّيَمُّنَ فِي طُهُورِهِ إِذَا تَطَهَّرَ ، وَفِي تَرَجُّلِهِ إِذَا تَرَجَّلَ ، وَفِي انْتِعَالِهِ إِذَا انْتَعَلَ ) هَذِهِ قَاعِدَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ فِي الشَّرْعِ ، وَهِيَ إِنَّ مَا كَانَ مِنْ بَابِ التَّكْرِيمِ وَالتَّشْرِيفِ كَلُبْسِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَدُخُولِ الْمَسْجِدِ وَالسِّوَاكِ وَالِاكْتِحَالِ ، وَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ ، وَقَصِّ الشَّارِبِ ، وَتَرْجِيلِ الشَّعْرِ وَهُوَ مَشْطُهُ ، وَنَتْفِ الْإِبْطِ ، وَحَلْقِ الرَّأْسِ ، وَالسَّلَامِ مِنَ الصَّلَاةِ ، وَغَسْلِ أَعْضَاءِ الطَّهَارَةِ ، وَالْخُرُوجِ مِنَ الْخَلَاءِ ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، وَالْمُصَافَحَةِ ، وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ التَّيَامُنُ فِيهِ . وَأَمَّا مَا كَانَ بِضِدِّهِ كَدُخُولِ الْخَلَاءِ وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَالِامْتِخَاطِ وَالِاسْتِنْجَاءِ وَخَلْعِ الثَّوْبِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْخُفِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، فَيُسْتَحَبُّ التَّيَاسُرُ فِيهِ ، وَذَلِكَ كُلَّهُ بِكَرَامَةِ الْيَمِينِ وَشَرَفِهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ تَقْدِيمَ الْيَمِينِ عَلَى الْيَسَارِ مِنَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ فِي الْوُضُوءِ سُنَّةٌ ، لَوْ خَالَفَهَا فَاتَهُ الْفَضْلُ ، وَصَحَّ وُضْوءُهُ ، وَقَالَتِ الشِّيعَةُ : هُوَ وَاجِبٌ ، وَلَا اعْتِدَادَ بِخِلَافِ الشِّيعَةِ .

وَاعْلَمْ أَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالْيَسَارِ إِنْ كَانَ مُجْزِيًا فَهُوَ مَكْرُوهٌ ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمَا بِأَسَانِيدَ حَمِيدَةٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : إِذَا لَبِسْتُمْ أَوْ تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَءُوا بِأَيَامِنِكُمْ . فَهَذَا نَصٌّ فِي الْأَمْرِ بِتَقْدِيمِ الْيَمِينِ ، وَمُخَالَفَتُهُ مَكْرُوهَةٌ أَوْ مُحَرَّمَةٌ ، وَقَدِ انْعَقَدَ إِجْمَاعٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مُحَرَّمَةٌ ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مَكْرُوهَةٌ . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَا لَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّيَامُنُ ، وَهُوَ الْأُذُنَانِ وَالْكَفَّانِ وَالْخَدَّانِ بَلْ يُطَهَّرَانِ دَفْعَةً وَاحِدَةً ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ كَمَا فِي حَقِّ الْأَقْطَعِ وَنَحْوِهِ ; قَدَّمَ الْيَمِينَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .