فهرس الكتاب

شرح النووى على مسلم - بَابُ الْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَالْعِمَامَةِ

باب الْمَسْحِ عَلَى النَّاصِيَةِ وَالْعِمَامَةِ
[ سـ :443 ... بـ :274]
وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَخَلَّفْتُ مَعَهُ فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ قَالَ أَمَعَكَ مَاءٌ فَأَتَيْتُهُ بِمِطْهَرَةٍ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسِرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَ كُمُّ الْجُبَّةِ فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ وَأَلْقَى الْجُبَّةَ عَلَى مَنْكِبَيْهِ وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى خُفَّيْهِ ثُمَّ رَكِبَ وَرَكِبْتُ فَانْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ وَقَدْ قَامُوا فِي الصَّلَاةِ يُصَلِّي بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَقَدْ رَكَعَ بِهِمْ رَكْعَةً فَلَمَّا أَحَسَّ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَأَوْمَأَ إِلَيْهِ فَصَلَّى بِهِمْ فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُمْتُ فَرَكَعْنَا الرَّكْعَةَ الَّتِي سَبَقَتْنَا

قَوْلُهُ : ( حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ ) هَذَا الْإِسْنَادُ فِيهِ أَرْبَعَةٌ تَابِعِيُّونَ يَرْوِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُمْ : أَبُو الْمُعْتَمِرِ سُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ وَبَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَابْنُ الْمُغِيرَةِ وَاسْمُهُ حَمْزَةُ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَهَؤُلَاءِ التَّابِعِيُّونَ الْأَرْبَعَةُ بَصْرِيُّونَ إِلَّا ابْنَ الْمُغِيرَةِ فَإِنَّهُ كُوفِيٌّ .




[ سـ :444 ... بـ :274]
حَدَّثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَا حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ ابْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَمُقَدَّمِ رَأْسِهِ وَعَلَى عِمَامَتِهِ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ بَكْرٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ

قَوْلُهُ : ( قَالَ بَكْرٌ : وَقَدْ سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ ) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ ، وَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ بِبِلَادِنَا ( سَمِعْتُ ) بِالتَّاءِ فِي آخِرِهِ وَلَيْسَ بَعْدَهَا هَاءٌ ، وَقَالَ الْقَاضِي : هُوَ عِنْدَ جَمِيعِ شُيُوخِنَا ( سَمِعْتُهُ ) يَعْنِي بِالْهَاءِ فِي آخِرِهِ بَعْدَ التَّاءِ ، قَالَ : وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، قَالَ : وَوَقَعَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَلَمْ أَرْوِهِ ( وَقَدْ سَمِعْتُ مِنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ ) يَعْنِي بِحَذْفِ الْهَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ سَمَاعُهُ الْحَدِيثَ مِنْهُ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي .




[ سـ :445 ... بـ :274]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ قَالَ ابْنُ حَاتِمٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ التَّيْمِيِّ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَكْرٌ وَقَدْ سَمِعْتَ مِنَ ابْنِ الْمُغِيرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ

قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ بِلَالٍ : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ ) يَعْنِي بِالْخِمَارِ الْعِمَامَةَ لِأَنَّهَا تُخَمِّرُ الرَّأْسَ أَيْ تُغَطِّيهِ .

قَوْلُهُ : ( وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ . وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ بِلَالٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ ) وَفِي حَدِيثِ عِيسَى ( حَدَّثَنِي الْحَكَمُ حَدَّثَنِي بِلَالٌ ) وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي الْأَخِيرِ مِنْ دَقِيقِ عِلْمِ الْإِسْنَادِ أَعْنِي قَوْلَهُ : وَفِي حَدِيثِ إِلَخْ ، وَمَعْنَى هَذَا : أَنَّ الْأَعْمَشَ يَرْوِي عَنْهُ هُنَا اثْنَانِ : أَبُو مُعَاوِيَةَ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ فَقَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي رِوَايَةٍ : عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ ، وَقَالَ عِيسَى بْنُ أَبِي لَيْلَى فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ : حَدَّثَنِي الْحَكَمُ ، فَأَتَى بِـ ( حَدَّثَنِي ) بَدَلَ ( عَنْ ) وَلَا شَكَّ أَنَّ ( حَدَّثَنَا ) أَقْوَى لَا سِيَّمَا مِنَ الْأَعْمَشِ الَّذِي هُوَ مَعْرُوفٌ بِالتَّدْلِيسِ ، وَقَالَ أَيْضًا أَبُو مُعَاوِيَةَ فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ، وَقَالَ عِيسَى فِي رِوَايَتِهِ عَنِ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنِي الْحَكَمُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ حَدَّثَنِي بِلَالٌ ، فَأَتَى بِـ ( حَدَّثَنِي بِلَالٌ ) مَوْضِعَ ( عَنْ بِلَالٍ ) . ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْإِسْنَادَ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - مِمَّا تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ وَذَكَرَ الْخِلَافَ فِي طَرِيقِهِ وَالْخِلَافَ عَنِ الْأَعْمَشِ فِيهِ ، وَأَنَّ ( بِلَالًا ) سَقَطَ مِنْهُ عِنْدَ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ( كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ) ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ عَكَسَهُ فَأَسْقَطَ ( كَعْبًا ) وَاقْتَصَرَ عَلَى ( بِلَالٍ ) ، وَأَنَّ بَعْضَهُمْ زَادَ ( الْبَرَاءَ ) بَيْنَ بِلَالٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَأَكْثَرُ مَنْ رَوَاهُ رَوَوْهُ كَمَا هُوَ فِي مُسْلِمٍ ، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ بِلَالٍ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .




[ سـ :446 ... بـ :275]
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَقُ أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ وَفِي حَدِيثِ عِيسَى حَدَّثَنِي الْحَكَمُ حَدَّثَنِي بِلَالٌ وَحَدَّثَنِيهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ يَعْنِي ابْنَ مُسْهِرٍ عَنْ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ فِي الْحَدِيثِ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

بَابُ التَّوْقِيتِ فِي مَسْحِ الْخُفَّيْنِ

فِيهِ ( عَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْمُلَائِيُّ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ : أَتَيْتُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ : عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ فَاسْأَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ : جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهِنَّ لِلْمُسَافِرِ وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : ( عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْحَكَمِ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ عَنْ شُرَيْحٍ عَنْ عَائِشَةَ ) أَمَّا أَسَانِيدُهُ : ( فَالْمُلَائِيُّ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ كَانَ يَبِيعُ الْمُلَاءَ ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الثِّيَابِ مَعْرُوفٌ الْوَاحِدَةُ مُلَاءَةٌ بِالْمَدِّ وَكَانَ مِنَ الْأَخْيَارِ . ( وَعُتَيْبَةُ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتُ ثُمَّ مُوَحَّدَةٌ ، ( وَمُخَيْمِرَةُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، ( وَشُرَيْحٌ ) بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْحَاءِ . ( وَهَانِئٌ ) بِهَمْزَةٍ آخِرَهُ . وَ ( الْأَعْمَشُ وَالْحَكَمُ وَالْقَاسِمُ وَشُرَيْحٌ ) ، تَابِعِيُّونَ كُوفِيُّونَ .

وَأَمَّا أَحْكَامُهُ : فَفِيهِ الْحُجَّةُ الْبَيِّنَةُ وَالدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ لِمَذْهَبِ الْجُمْهُورِ : أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ مُوَقَّتٌ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي السَّفَرِ وَبِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فِي الْحَضَرِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ . وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ : يَمْسَحُ بِلَا تَوْقِيتٍ ، وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ ضَعِيفٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ ، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ أَبِي عِمَارَةَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي تَرْكِ التَّوْقِيتِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ ، وَأَوْجُهُ الدَّلَالَةِ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ ظَاهِرَةٌ ، وَعَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ يُقَالُ : الْأَصْلُ مَنْعُ الْمَسْحِ فِيمَا زَادَ ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَكَثِيرِينَ : أَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ حِينِ الْحَدَثِ بَعْدَ لُبْسِ الْخُفِّ لَا مِنْ حِينِ اللُّبْسِ وَلَا مِنْ حِينِ الْمَسْحِ ، ثُمَّ إِنَّ الْحَدَثَ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : ( أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَوْ سَفَرًا أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلِيَالِيهِنَّ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ ) . قَالَ أَصْحَابُنَا : فَإِذَا أَجْنَبَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ ، فَلَوِ اغْتَسَلَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفِّ ارْتَفَعَتْ جَنَابَتُهُ وَجَازَتْ صَلَاتُهُ ، فَلَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ خَلْعِهِ وَلُبْسِهِ عَلَى طَهَارَةٍ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَجَّسَتْ رِجْلُهُ فِي الْخُفِّ فَغَسَلَهَا فِيهِ ، فَإِنَّ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ بَعْدَ ذَلِكَ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْأَدَبِ مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ : إِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُحَدِّثِ وَلِلْمُعَلِّمِ وَالْمُفْتِي إِذَا طُلِبَ مِنْهُ مَا يَعْلَمُهُ عِنْدَ أَجَلَّ مِنْهُ أَنْ يُرْشِدَ إِلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ قَالَ اسْأَلْ عَنْهُ فُلَانًا ، قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَاخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي رَفْعِ هَذَا الْحَدِيثِ وَوَقْفِهِ عَلَى عَلِيٍّ ، قَالَ : وَمَنْ رَفَعَهُ أَحْفَظُ وَأَضْبَطُ . وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .