فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في الوضوء من الموطإ

رقم الحديث 141 [141] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ) هُوَ عَاصِمُ بْنُ سُلَيْمَانَ التَّمِيمِيُّ مولاهم أبو عبد الرحمن البصري وثقه بن مَعِينٍ وَأَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُمَا ( عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ) النَّاجِي اسْمُهُ عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ مَاتَ سَنَةَ 701 ثَمَانٍ وَمِائَةٍ وَقِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  ( فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْإِتْيَانَيْنِ ( وُضُوءًا) أَيْ كَوُضُوءِ الصَّلَاةِ وَحَمَلَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ.

     وَقَالَ  المراد به غسل الفرج ورد عليه بن خُزَيْمَةَ بِمَا رَوَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْوُضُوءِ بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُسْتَحَبُّ.

     وَقَالَ  الجمهور يستحب وقال بن حَبِيبٍ الْمَالِكِيُّ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ يَجِبُ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ الْبَابِ وَقَالَ الْجُمْهُورُ إِنَّ الْأَمْرَ بِالْوُضُوءِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلِاسْتِحْبَابِ لَا لِلْوُجُوبِ وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَامِعُ ثم يعود ولا يتوضأ واستدل بن خُزَيْمَةَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ بِالْوُضُوءِ لِلنَّدَبِ بِمَا رَوَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ لِلْإِرْشَادِ أَوْ لِلنَّدَبِ وَحَدِيثُ الْبَابِ حُجَّةٌ عَلَى أَبِي يُوسُفَ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عُمَرَ) وَفِي الباب عن بن عُمَرَ أَيْضًا قَالَ فِي النَّيْلِ تَحْتَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ مَا لَفْظُهُ وَيُقَالُ إِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى إِسْنَادِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَوَقَفَ عَلَى إِسْنَادِ غَيْرِهِ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُمَرَ بِإِسْنَادَيْنِ ضَعِيفَيْنِ انْتَهَى مَا فِي النَّيْلِ قُلْتُ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَهُمَا.

     قَوْلُهُ  ( وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ اسْمُهُ سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ) بِكَسْرِ السِّينِ وَبِالنُّونَيْنِ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَشَهِدَ مَا بَعْدَ أُحُدٍ وَكَانَ مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ مَاتَ سَنَةَ 47 أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا الْبُخَارِيَّ كَذَا فِي المنتقى 07 - ( بَاب مَا جَاءَ إِذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَوَجَدَ أحدكم الخلاء)

رقم الحديث 143 [143] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ) بْنِ حَزْمٍ الْمَدَنِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ وَعَنْهُ مالك وبن إدريس وثقه بن مَعِينٍ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

     وَقَالَ  فِي التَّقْرِيبِ صَدُوقٌ يخطىء انْتَهَى ( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ) بْنِ الْحَارِثِ بْنِ خَالِدِ بْنِ صَخْرٍ التَّيْمِيِّ الْمَدَنِيِّ وَثَّقَهُ بن مَعِينٍ وَالنَّاسُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.

     وَقَالَ  فِي التَّقْرِيبِ ثِقَةٌ لَهُ أَفْرَادٌ انْتَهَى ( عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ) وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ وَأَبِي دَاوُدَ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ الزُّرْقَانِيُّ اسْمُهَا حُمَيْدَةُ تَابِعِيَّةٌ صَغِيرَةٌ مَقْبُولَةٌ.

     وَقَالَ  الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ حُمَيْدَةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ يُقَالُ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَوْفٍ ( أُطِيلُ) مِنَ الْإِطَالَةِ ( ذَيْلِ) الذَّيْلُ بِفَتْحِ الذَّالِ هُوَ طَرَفُ الثَّوْبِ الَّذِي يَلِي الْأَرْضَ وَإِنْ لَمْ يَمَسَّهَا ( فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ) بِكَسْرِ الذَّالِ أَيْ فِي مَكَانٍ ذِي قَذَرٍ أَيْ فِي الْمَكَانِ النَّجِسِ ( يُطَهِّرُهُ) أَيِ الذَّيْلَ ( مَا بَعْدَهُ) فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ فَاعِلُ يُطَهِّرُ أَيْ مَكَانُ الَّذِي بَعْدَ الْمَكَانِ الْقَذِرِ بِزَوَالِ مَا يَتَشَبَّثُ بِالذَّيْلِ مِنَ الْقَذَرِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ كَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا جُرَّ عَلَى مَا كَانَ يَابِسًا لَا يَعْلَقُ بِالثَّوْبِ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَمَّا إِذَا جُرَّ عَلَى رَطْبٍ فَلَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا بِالْغَسْلِ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ لَيْسَ مَعْنَاهُ إِذَا أَصَابَهُ بَوْلٌ ثُمَّ مَرَّ بَعْدَهُ عَلَى الْأَرْضِ أَنَّهَا تُطَهِّرُهُ وَلَكِنَّهُ يَمُرُّ بِالْمَكَانِ فَيُقَذِّرُهُ ثُمَّ يَمُرُّ بِمَكَانٍ أَطْيَبَ مِنْهُ فَيَكُونُ هَذَا بِذَاكَ لَا عَلَى أَنَّهُ يُصِيبُهُ مِنْهُ شَيْءٌ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ إِنَّ الْأَرْضَ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَإِنَّمَا هُوَ أَنْ يَطَأَ الْأَرْضَ الْقَذِرَةَ ثُمَّ يَطَأَ الْأَرْضَ الْيَابِسَةَ النَّظِيفَةَ فَإِنَّ بَعْضَهَا يُطَهِّرُ بَعْضًا فَأَمَّا النَّجَاسَةُ مِثْلُ الْبَوْلِ وَنَحْوِهِ يُصِيبُ الثَّوْبَأَوْ بَعْضَ الْجَسَدِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُطَهِّرُهُ إِلَّا الْغَسْلُ قَالَ وَهَذَا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ انْتَهَى كَلَامُهُ قَالَ الزُّرْقَانِيُّ وَذَهَبَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ إِلَى حَمْلِ الْقَذَرِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى النَّجَاسَةِ وَلَوْ رَطْبَةً وَقَالُوا يُطَهِّرُهُ الْأَرْضُ الْيَابِسَةُ لِأَنَّ الذَّيْلَ لِلْمَرْأَةِ كَالْخُفِّ وَالنَّعْلِ لِلرَّجُلِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رواية بن مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا نُرِيدُ الْمَسْجِدَ فَنَطَأُ الطَّرِيقَةَ النَّجِسَةَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَرْضُ يُطَهِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا لَكِنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَى وَقَالَ الشَّيْخُ الْأَجَلُّ وَلِيُّ اللَّهِ الْمُحَدِّثُ الدَّهْلَوِيُّ فِي الْمُسَوَّى شَرْحِ الْمُوَطَّأِ تَحْتَ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ إِنْ أَصَابَ الذَّيْلَ نَجَاسَةُ الطَّرِيقِ ثُمَّ مَرَّ بِمَكَانٍ آخَرَ وَاخْتَلَطَ بِهِ طِينُ الطَّرِيقِ وَغُبَارُ الْأَرْضِ وَتُرَابُ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَيَبِسَتِ النَّجَاسَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ فَيَطْهُرُ الذَّيْلُ النَّجِسُ بِالتَّنَاثُرِ أَوِ الْفَرْكِ وَذَلِكَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ الشَّارِعِ بِسَبَبِ الْحَرَجِ وَالضِّيقِ كَمَا أَنَّ غَسْلَ الْعُضْوِ وَالثَّوْبِ مِنْ دَمِ الْجِرَاحَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَكَمَا أَنَّ النَّجَاسَةَ الرَّطْبَةَ الَّتِي أَصَابَتِ الْخُفَّ تَزُولُ بِالدَّلْكِ وَيَطْهُرُ الْخُفُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بِسَبَبِ الْحَرَجِ وَكَمَا أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَنْقَعَ الْوَاقِعَ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ وَقَعَ فِيهِ النَّجَاسَةُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ بِسَبَبِ الْحَرَجِ وَإِنِّي لَا أَجِدُ الْفَرْقَ بَيْنَ الثَّوْبِ الَّذِي أَصَابَهُ دَمُ الْجِرَاحَةِ وَالثَّوْبِ الَّذِي أَصَابَهُ الْمَاءُ الْمُسْتَنْقَعُ وَبَيْنَ الذَّيْلِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ ثُمَّ اخْتَلَطَ بِهِ غُبَارُ الْأَرْضِ وَتُرَابُهَا وَطِينُ الطَّرِيقِ فَتَنَاثَرَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ أَوْ زَالَتْ بِالْفَرْكِ فَإِنَّ حُكْمَهَا وَاحِدٌ وَمَا قَالَ الْبَغَوِيُّ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ الَّتِي أَصَابَتِ الثَّوْبَ ثُمَّ تَنَاثَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالذَّيْلِ فِي الْمَشْيِ فِي الْمَكَانِ الْقَذِرِ تَكُونُ رَطْبَةً فِي غَالِبِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ مَعْلُومٌ بِالْقَطْعِ فِي عَادَةِ النَّاسِ فَإِخْرَاجُ الشَّيْءِ الَّذِي تَحَقَّقَ وُجُودُهُ قَطْعًا أَوْ غَالِبًا عَنْ حَالَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ بَعِيدٌ.
وَأَمَّا طِينُ الشَّارِعِ يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ فَفِيهِ نَوْعٌ مِنَ التَّوَسُّعِ فِي الْكَلَامِ لِأَنَّ الْمَقَامَ يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ هُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ عَدَلَ عَنْهُ بِإِسْنَادِ التَّطْهِيرِ إِلَى شَيْءٍ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُطَهِّرًا لِلنَّجَاسَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ مَعْفُوٌّ عَنْهُ وَهَذَا أَبْلَغُ مِنَ الْأَوَّلِ انْتَهَى وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي مُوَطَّئِهِ بَعْدَ رِوَايَةِ حَدِيثِ الْبَابِ مَا لَفْظُهُ قَالَ مُحَمَّدٌ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَعْلَقْ بِالذَّيْلِ قَذَرٌ فَيَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْكَبِيرِ الْمِثْقَالِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُصَلِّيَنَّ فِيهِ حَتَّى يَغْسِلَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى قُلْتُ أَقْرَبُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي قَوْلُ الشَّيْخِ الْأَجَلِّ الشَّاهْ وَلِيُّ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَدِيثُ الْبَابِ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ في الموطأ وأحمد والدارمي وَأَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ وَرَوَاهُ الشافعي وبن أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا وَفِي الْبَابِ عَنِ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ قَالَتْ.

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا طَرِيقًا إِلَى الْمَسْجِدِ مُنْتِنَةٌ فَكَيْفَ نَفْعَلُ إِذَا مُطِرْنَا قَالَتْ فَقَالَ أَلَيْسَ بَعْدَهَا طَرِيقٌ هِيَ أَطْيَبُ مِنْهَا.

قُلْتُ بَلَى قَالَ فَهَذِهِ بِهَذِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ وَالْمَرْأَةُ مِنْ بَنِي عبد الأشهل هذه صحابيةذكره بن الْأَثِيرِ فِي أُسْدِ الْغَابَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ جَهَالَةَ اسْمِ الصَّحَابِيِّ لَا تَضُرُّ تَنْبِيهٌ قَالَ علي القارىء فِي الْمِرْقَاةِ بَعْدَ ذِكْرِ تَأْوِيلِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْإِمَامِ مَالِكٍ مَا لَفْظُهُ وَمَا فِي أَحْمَدَ وَمَالِكٍ مِنَ التَّأْوِيلِ لَا يَشْفِي الْعَلِيلَ وَلَوْ حُمِلَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ طِينِ الشَّارِعِ وَأَنَّهُ طَاهِرٌ أَوْ مَعْفُوٌّ لِعُمُومِ الْبَلْوَى لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ لَكِنْ لَا يُلَائِمُهُ .

     قَوْلُهُ  أَلَيْسَ بَعْدَهَا إِلَخْ فَالْمَخْلَصُ مَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ مِنْ أَنَّ فِي إِسْنَادِ الْحَدِيثَيْنِ مَعًا مَقَالًا لِأَنَّ أُمَّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ وَامْرَأَةً مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ مَجْهُولَتَانِ لَا يُعْرَفُ حَالُهُمَا فِي الثِّقَةِ وَالْعَدَالَةِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِمَا انْتَهَى.

     وَقَالَ  أَيْضًا لَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا أَيِ امْرَأَةً مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ صَحَابِيَّةٌ لَمَا قِيلَ إِنَّهَا مجهولة انتهى قلت قول القارىء هَذَا عَجِيبٌ جِدًّا فَإِنَّ كَوْنَ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ صَحَابِيَّةً ظَاهِرٌ مِنْ نَفْسِ الْحَدِيثِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا شَافَهَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَتْهُ بِلَا وَاسِطَةٍ .

     وَقَالَتْ .

قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لَنَا إِلَخْ وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ يَطَّلِعُوا عَلَى اسْمِهَا وَنَسَبِهَا قَالُوا إِنَّهَا مَجْهُولَةٌ فَهَذَا لَا يَقْدَحُ فِي كَوْنِهَا صَحَابِيَّةً وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا صَحَابِيَّةً أَنْ يُعْلَمَ اسْمُهَا وَرَسْمُهَا وَأَمَّا أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ حُمَيْدَةُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ يُقَالُ هِيَ أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَقْبُولَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ انْتَهَى وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ حُمَيْدَةُ أَنَّهَا سَأَلَتْ أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ إِنِّي امْرَأَةٌ طَوِيلَةُ الذَّيْلِ وَعَنْهَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ وَقِيلَ عَنْهُ عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

قُلْتُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمُ أُمِّ الْوَلَدِ حُمَيْدَةَ فَيَلْتَئِمُ الْقَوْلَانِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( ولا نتوضأ من الموطىء) قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّمَا أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يُعِيدُونَ الْوُضُوءَلِلْأَذَى إِذَا أَصَابَ أَرْجُلَهُمْ لَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَغْسِلُونَ أَرْجُلَهُمْ وَلَا يُنَظِّفُونَهَا مِنَ الْأَذَى إِذَا أَصَابَهَا انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْعِرَاقِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ الْوُضُوءُ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَهُوَ التَّنْظِيفُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَغْسِلُونَ أَرْجُلَهُمْ مِنَ الطِّينِ وَنَحْوِهَا وَيَمْشُونَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الطَّهَارَةُ انْتَهَى وَحَمَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَغْسِلُونَ الرِّجْلَ مِنْ وَطْءِ النَّجَاسَةِ الْيَابِسَةِ وَبَوَّبَ عَلَيْهِ فِي المعرفة باب النجاسة اليابسة بطؤها بِرِجْلِهِ أَوْ يَجُرُّ عَلَيْهَا ثَوْبَهُ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ هَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ وأخرجه بن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ 9 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ) التَّيَمُّمُ فِي اللُّغَةِ الْقَصْدُ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ تَيَمَّمْتُهَا مِنْ أَذَرِعَاتٍ وَأَهْلِهَا بِيَثْرِبَ أَدْنَى دَارِهَا نَظَرٌ عَالِي أَيْ قَصَدْتُهَا وَفِي الشَّرْعِ الْقَصْدُ إِلَى الصَّعِيدِ لِمَسْحِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِنِيَّةِ استباحة الصلاة ونحوها قال بن السكيت قوله فتيمموا صعيدا أَيِ اقْصِدُوا الصَّعِيدَ ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ حَتَّى صَارَ التَّيَمُّمُ مَسْحَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِالتُّرَابِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا هُوَ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ وَعَلَى الْأَوَّلِ حَقِيقَةٌ شَرْعِيَّةٌ وَاخْتُلِفَ فِي التَّيَمُّمِ هَلْ هُوَ عَزِيمَةٌ أَوْ رُخْصَةٌ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ هُوَ لِعَدَمِ الْمَاءِ عَزِيمَةٌ وَلِلْعُذْرِ رُخْصَةٌ كَذَا فِي الْفَتْحِ