فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب كراهية ما يستنجى به

رقم الحديث 22 [22] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ) هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ الْهَمْدَانِيُّ الْكُوفِيُّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ ثِقَةٌ حَافِظٌ مِنْ الْعَاشِرَةِ رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ ( عَنْ أَبِي سَلَمَةَ) هُوَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ الزُّهْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي) أَيْ لَوْلَا أَنْ أثقل عليهم الْمَشَقَّةَ وَهِيَ الشِّدَّةُ قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ يُقَالُ شَقَّ عَلَيْهِ أَيْ ثَقُلَ أَوْ حَمَّلَهُ مِنْ الْأَمْرِ الشَّدِيدِ مَا يَشُقُّ وَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى لَوْلَا خَشْيَةَ وُقُوعِ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ أَوْ أَنْ مَصْدَرِيَّةٌ فِي مَحَلِّ الرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وُجُوبًا أَيْ لَوْلَا الْمَشَقَّةُ مَوْجُودَةٌ ( لَأَمَرْتُهُمْ) أَيْ وُجُوبًا ( بِالسِّوَاكِ) أَيْ بِاسْتِعْمَالِ السِّوَاكِ لِأَنَّ السِّوَاكَ هُوَ الْآلَةُ وَيُسْتَعْمَلُ فِي الْفِعْلِ أَيْضًا ( عند كل صلاة) قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ أَيْ عِنْدَ وُضُوئِهَا لِمَا رَوَى بن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَالْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا فِي كِتَابِ الصَّوْمِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَلِخَبَرِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ طَهُورٍ فَتَبَيَّنَ مَوْضِعُ السِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَالشَّافِعِيَّةُ يَجْمَعُونَ بَيْنَالْحَدِيثَيْنِ بِالسِّوَاكِ فِي اِبْتِدَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا ثُمَّ اِعْلَمْ أَنَّ ذِكْرَ الْوُضُوءِ وَالطُّهُورِ بَيَانٌ لِلْمَوَاضِعِ الَّتِي يَتَأَكَّدُ اِسْتِعْمَالُ السِّوَاكِ فِيهَا أَمَّا أَصْلُ اِسْتِحْبَابِهِ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِوَقْتٍ وَلَا سَبَبٍ نَعَمْ بِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْأَسْبَابِ يَتَأَكَّدُ اِسْتِحْبَابُهُ كَتَغَيُّرِ الْفَمِ بِالْأَكْلِ أَوْ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ وَنَحْوِهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ عُلَمَاؤُنَا مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ نَفْسِهَا لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ جِرَاحَةِ اللِّثَةِ وَخُرُوجِ الدَّمِ وَهُوَ نَاقِضٌ عِنْدَنَا فَرُبَّمَا يُفْضِي إِلَى حَرَجٍ وَلِأَنَّهُ لَمْ يروا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ اِسْتَاكَ عِنْدَ قِيَامِهِ إِلَى الصَّلَاةِ فَيُحْمَلُ .

     قَوْلُهُ  عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ عَلَى كُلِّ وُضُوءٍ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ أَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ أَوْ التَّقْدِيرُ لَوْلَا وُجُودُ الْمَشَقَّةِ عَلَيْهِمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ لَأَمَرْتهمْ بِهِ لَكِنِّي لَمْ آمُرْ بِهِ لِأَجْلِ وُجُودِهَا وَقَدْ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا مِنْ الصُّوفِيَّةِ فِي نَصَائِحِهِ الْعِبَادِيَّةِ وَمِنْهَا مُدَاوَمَةُ السِّوَاكِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ الصَّلَاةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ أَوْ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى أَحْمَدُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ قَالَ صَلَاةٌ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةٍ بِغَيْرِ سِوَاكٍ وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ أَوْ الْمُصَاحَبَةِ وَحَقِيقَتُهُمَا فِيمَا اِتَّصَلَ حِسًّا أَوْ عُرْفًا وَكَذَا حَقِيقَةُ كَلِمَةِ مَعَ وَعِنْدَ وَالنُّصُوصُ مَحْمُولَةٌ على ظواهرها إذا أمكن وقد أمكن ها هنا فلا مساغ إذا على حل الْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ أَوْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ كَيْفَ وَقَدْ ذَكَرَ السِّوَاكَ عِنْدَ نَفْسِ الصَّلَاةِ فِي بَعْضِ كُتُبِ الْفُرُوعِ الْمُعْتَبَرَةِ قَالَ فِي التَّتارْخَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ التَّتِمَّةِ وَيُسْتَحَبُّ السِّوَاكُ عِنْدَنَا عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَوُضُوءٍ وَكُلِّ شَيْءٍ يُغَيِّرُ الْفَمَ وعند اليقظة انتهى وقال الفاضل المحقق بن الْهُمَامِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَيُسْتَحَبُّ فِي خَمْسَةِ مواضع اصفراء السِّنِّ وَتَغَيُّرُ الرَّائِحَةِ وَالْقِيَامُ مِنْ النَّوْمِ وَالْقِيَامُ إِلَى الصَّلَاةِ وَعِنْدَ الْوُضُوءِ انْتَهَى فَظَهَرَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْكُتُبِ مِنْ تَصْرِيحِ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الصَّلَاةِ مُعَلَّلًا بِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ الدَّمُ فَيَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ لَيْسَ لَهُ وَجْهٌ نَعَمْ مَنْ يَخَافُ ذَلِكَ فَلْيَسْتَعْمِلْ بِالرِّفْقِ عَلَى نَفْسِ الْأَسْنَانِ وَاللِّسَانِ دُونَ اللِّثَةِ وَذَلِكَ لَا يَخْفَى انْتَهَى كلام القارىء قُلْتُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورُ فِي الْبَابِ وَرَدَ بِأَلْفَاظٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَمُسْلِمٌ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ عند كل صلاة والنسائي وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ مَعَ الوضوء عند كل صلاة ورواه أحمد وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَعِنْدَهُمَا لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ انْتَهَى مَا فِي التَّرْغِيبِ وَذَكَرَ الْحَافِظُ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ.

     وَقَالَ  أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وأحمد والنسائي وصححه بن خُزَيْمَةَ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا انْتَهَى فَلَوْ يُحْمَلُ .

     قَوْلُهُ  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ كُلِّ صلاة على كل وضوء كما قالالقارىء وَغَيْرُهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ عُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ الصُّوفِيَّةِ وَلَوْ يُحْمَلُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيُقَالُ بِاسْتِحْبَابِ السِّوَاكِ عِنْدَ نَفْسِ الصَّلَاةِ أَيْضًا وَيُجْمَعُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ الصُّوفِيَّةِ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَهُوَ الرَّاجِحُ فَقَدْ حَمَلَهُ راوية زيد بن خلد الْجُهَنِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ كَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ وَرَوَى الْخَطِيبُ فِي كِتَابِ أَسْمَاءِ مَنْ رَوَى عَنْ مَالِكٍ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ ثَابِتٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُوكُهُمْ عَلَى آذَانِهِمْ يَسْتَنُّونَ بِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ وَرَوَى عن بن أبي شيبة عن صالح بن كيسا أَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَرُوحُونَ وَالسِّوَاكُ عَلَى آذَانِهِمْ قَالَ الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ شَمْسُ الْحَقِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ مَا لَفْظُهُ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ مَعَ مَا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ والنسائي وصححه بن خُزَيْمَةَ وَذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ تَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ السِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَعِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَقْدِيرِ الْعِبَارَةِ بِأَنْ يُقَالَ أَيْ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَصَلَاةٍ كَمَا قَدَّرَهَا بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بَلْ فِي هَذَا رَدُّ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ الصَّرِيحَةِ وَهِيَ السِّوَاكُ عِنْدَ الصَّلَاةِ وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي عَمَلُهُ فِي الْمَسَاجِدِ لِأَنَّهُ مِنْ إِزَالَةِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ دَلَّتْ عَلَى اِسْتِحْبَابِهِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنْ لَا يُعْمَلَ إِلَّا فِي الْمَسْاجِدِ حَتَّى يَتَمَشَّى هَذَا التَّعْلِيلُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَاكَ ثُمَّ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ كَمَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ لِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ حَتَّى يَسْتَاكَ انْتَهَى وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ جَازَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَسْتَاكَ ثُمَّ يَدْخُلَ وَيُصَلِّيَ وَلَوْ سَلَّمَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مِنْ إِزَالَةِ الْمُسْتَقْذَرَاتِ كَيْفَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ خَالِدٍ الْجُهَنِيَّ كَانَ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسَاجِدِ وَسِوَاكُهُ عَلَى أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ لَا يَقُومُ إِلَى الصَّلَاةِ إِلَّا اِسْتَنَّ ثُمَّ رَدَّهُ إِلَى مَوْضِعِهِ وَأَنَّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سُوكُهُمْ خَلْفَ آذَانِهِمْ يَسْتَنُّونَ بِهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ وَأَنَّ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ وَأَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَرُوحُونَ وَالسِّوَاكُ عَلَى آذَانِهِمْ انْتَهَى قُلْتُ كَلَامُ الشَّيْخِ شَمْسِ الْحَقِّ هَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ طَيِّبٌ لَكِنَّ صَاحِبَ الطِّيبِ الشَّذِيِّ لَمْ يَرْضَ بِهِ فَنَقَلَ شَيْئًا مِنْهُ وَتَرَكَ أَكْثَرَهُ ثُمَّ تَفَوَّهَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ كَلَامَهُ الْمَذْكُورَ أَوْ لَهُ تَعَصُّبٌ شَدِيدٌ يَحْمِلُهُ عَلَى مِثْلِ هَذَا التفوهوأما حديث أحمد الذي ذكره القارىء بِلَفْظِ صَلَاةٌ بِسِوَاكٍ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةٍ بِغَيْرِ سِوَاكٍ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ نَعَمْ رَوَى أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَضْلُ الصَّلَاةِ بِالسِّوَاكِ عَلَى الصَّلَاةِ بِغَيْرِ سِوَاكٍ سَبْعُونَ ضِعْفًا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ والبزار وأبو يعلى وبن خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ.

     وَقَالَ  فِي الْقَلْبِ مِنْ هَذَا الْخَبَرِ شَيْءٌ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ محمد بن إسحاق لم يسمعه من بن شِهَابٍ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ.

     وَقَالَ  صَحِيحُ الْإِسْنَادِ كَذَا قال محمد بْنُ إِسْحَاقَ إِنَّمَا أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمُ فِي المتابعات وعن بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَأَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ بِسِوَاكٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُصَلِّيَ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ السِّوَاكِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَانِ بِالسِّوَاكِ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ رَكْعَةً بِغَيْرِ سِوَاكٍ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ انْتَهَى مَا فِي التَّرْغِيبِ .

     قَوْلُهُ  ( وَأَمَّا محمد) بن إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيُّ ( فَزَعَمَ أَنَّ حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ أَصَحُّ) قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي حَكَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فَقَالَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ أَصَحُّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ كِلَا الْحَدِيثَيْنِ صَحِيحٌ عِنْدِي.

قُلْتُ رَجَّحَ الْبُخَارِيُّ عَنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ لِأَمْرَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ فِيهِ قِصَّةً وَهِيَ قَوْلُ أَبِي سَلَمَةَ فَكَانَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ يَضَعُ السِّوَاكَ مِنْهُ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ فَكُلَّمَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ اِسْتَاكَ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ تُوبِعَ فَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فَذَكَرَ نَحْوَهُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ.

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وعلي وعائشة وبن عَبَّاسٍ وَحُذَيْفَةَ وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ وَأَنَسٍ وَعَبْدِ الله بن عمرو وأم حبيبة وبن عُمَرَ وَأَبِي أُمَامَةَ وَأَيُّوبَ وَتَمَّامِ بْنِ عَبَّاسٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَوَاثِلَةَ وَأَبِي مُوسَى) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى مَرْفُوعًا بِلَفْظِ السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ قَالَ الْحَافِظُ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُحَمَّدٍ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بَكْرٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وضوء قال الهيثمي فيه بن إِسْحَاقَ وَهُوَ ثِقَةٌ مُدَلِّسٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِالتَّحْدِيثِ وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ انْتَهَى وَقَدْ حَسَّنَ إِسْنَادَهُ أَيْضًا الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ النسائي وبن خزيمة وبن حبان في صحيحهما بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الْمَذْكُورِ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مُعَلَّقًا مَجْزُومًا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَتَعْلِيقَاتُ الْبُخَارِيِّ الْمَجْزُومَةُ صَحِيحَةٌ انْتَهَى وَلِعَائِشَةَ أَحَادِيثُ أُخْرَى فِي السِّوَاكِ وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الْمَذْكُورِ وَزَادَ فِيهِ وَمِجْلَاةٌ لِلْبَصَرِ وَلِابْنِ عَبَّاسٍ أَحَادِيثُ أُخْرَى فِي السِّوَاكِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ بِلَفْظِ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ لِلتَّهَجُّدِ مِنْ اللَّيْلِ يَشْوَسُ فَاهُ بِالسِّوَاكِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ أَكْثَرْتُ عَلَيْكُمْ فِي السِّوَاكِ وَلِأَنَسٍ أَحَادِيثُ فِي السِّوَاكِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ السِّوَاكِ بِلَفْظِ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ بالأسحار وفي إسناده بن لَهِيعَةَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى بِلَفْظِ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عند كل صَلَاةٍ قَالَ الْهَيْثَمِيُّ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ عَلَيْكُمْ بِالسِّوَاكِ فَإِنَّهُ مَطْيَبَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وفي إسناده بن لَهِيعَةَ وَلِابْنِ عُمَرَ أَحَادِيثُ أُخْرَى فِي السِّوَاكِ وأما حديث أبي أمامة فأخرجه بن مَاجَهْ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ تَسَوَّكُوا فَإِنَّ السِّوَاكَ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِ مَرْضَاةٌ لِلرَّبِّ مَا جَاءَنِي جِبْرِيلُ إِلَّا أَوْصَانِي بِالسِّوَاكِ الْحَدِيثَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ أَرْبَعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلِينَ الْخِتَانُ وَالتَّعَطُّرُ وَالسِّوَاكُ وَالنِّكَاحُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ تَمَّامِ بْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ فيالْكَبِيرِ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ مَا لَكُمْ تَدْخُلُونَ عَلَيَّ قُلْحًا اِسْتَاكُوا فَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتهمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ طُهُورٍ هَذَا لَفْظُ الطَّبَرَانِيِّ قَالَ الْهَيْثَمِيُّ فِيهِ أَبُو عَلِيٍّ الصَّيْقَلُ وَهُوَ مَجْهُولٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى خِفْتُ عَلَى أَضْرَاسِي قَالَ الْمُنْذِرِيُّ إِسْنَادُهُ لَيِّنٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ وَاثِلَةَ وَهُوَ بن الْأَسْقَعِ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ قَالَ أُمِرْتُ بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيَّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِيهِ لَيْثُ بْنُ سَلِيمٍ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي السِّوَاكِ عَلَى طَرَفِ اللِّسَانِ اِعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي السِّوَاكِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ عَنْ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ الْمَذْكُورِينَ وَغَيْرِهِمْ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا ذَكَرَهَا الْحَافِظُ عَبْدُ الْعَظِيمِ الْمُنْذِرِيُّ فِي التَّرْغِيبِ وَالْحَافِظُ الْهَيْثَمِيُّ فِي مَوْضِعَيْنِ مِنْ كِتَابِهِ مجمع الزوائد والحافظ بن حَجَرٍ فِي التَّلْخِيصِ وَالشَّيْخُ عَلِيٌّ الْمُتَّقِي فِي كَنْزِ الْعُمَّالِ مَنْ شَاءَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا فَلْيَرْجِعْ إِلَى هَذِهِ الْكُتُبِ