فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب في المني يصيب الثوب

رقم الحديث 115 [115] .

     قَوْلُهُ  ( كُنْتُ أَلْقَى مِنَ الْمَذْيِ شِدَّةً وَعَنَاءً) قَالَ فِي الصُّرَاحِ عَنَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ رنج دَيْدَنَ ( فَكُنْتُ أُكْثِرُ مِنْهُ الْغُسْلَ) مِنَ الْإِكْثَارِ وَمِنْ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ كُنْتُ أُكْثِرُ الِاغْتِسَالَ لِأَجْلِ خُرُوجِ الْمَذْيِ ( فَقَالَ إِنَّمَا يُجْزِئُكَ) مِنَ الْإِجْزَاءِ أَيْ يَكْفِيَكَ ( مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ خُرُوجِ الْمَذْيِ ( الْوُضُوءُ) بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ ( قَالَ يَكْفِيَكَ أَنْ تَأْخُذَ كَفًّا مِنْ مَاءٍ فَتَنْضَحَ بِهِ ثَوْبَكَ) وَفِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ يَجْزِيكَ أَنْ تَأْخُذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَتَرُشَّ عَلَيْهِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمَذْيَ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ يَكْفِي نَضْحُهُ وَرَشُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أيضا أبو داود وبن ماجه قوله ( ولا نعرفه في مِثْلَ هَذَا إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق في المذي مثل هذا) الذي وَقَعَ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ لَفْظُ مِثْلِ هَذَا مَرَّتَيْنِ فَالثَّانِي تَأْكِيدٌ لِلْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى لَا نَعْرِفُ مِثْلَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْمَذْيِ مِنْ نَضْحِ الثَّوْبِ إِذَا أَصَابَهُ الْمَذْيُ فِي حَدِيثٍ إِلَّا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ مُتَفَرِّدٌ بِهَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ .

     قَوْلُهُ  ( وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَذْيِ يُصِيبُ الثَّوْبَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُجْزِئُ إِلَّا الْغَسْلُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ) وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِالْغَسْلِ بِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً الْحَدِيثَ وَفِيهِ يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَبِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ وَفِيهِ وَكُلُّ فَحْلٍ يُمْذِي فَتَغْسِلُ مِنْ ذَلِكَ فَرْجَكَ وَأُنْثَيَيْكَ وَتَتَوَضَّأُ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالُوا حَدِيثُ النَّضْحِ وَالرَّشِّ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ ( وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُجْزِئُهُ النَّضْحُ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ أَرْجُو أَنْ يُجْزِئَهُ النَّضْحُ بِالْمَاءِ)
وَالْحُجَّةُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ حَدِيثُ الْبَابِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَذْيِ إِذَا أَصَابَ الثَّوْبَ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا الْغَسْلُ أَخْذًا بِرِوَايَةِ الْغَسْلِ وَفِيهِ أَنَّ رِوَايَةَ الْغَسْلِ إِنَّمَا هِيَ فِي الْفَرْجِ لَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعَارِضْ رِوَايَةَ النَّضْحِ الْمَذْكُورَةَ فِي الْبَابِ مُعَارِضٌ فَالِاكْتِفَاءُ بِهِ صَحِيحٌ مُجْزِئٌ.

     وَقَالَ  وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ لَفْظُ فَتَرُشَّ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمَصِيرُ إِلَى الْأَشَدِّ بِمُتَعَيَّنٍ بَلْ مُلَاحَظَةُ التَّخْفِيفِ مِنْ مَقَاصِدِ الشَّرِيعَةِ الْمَأْلُوفَةِ فَيَكُونُ مُجْزِئًا كَالْغَسْلِ انْتَهَى قُلْتُ كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ هَذَا عِنْدِي محل تأمل فتفكر84 - ( بَابٌ فِي الْمَنِيِّ يُصِيبُ الثَّوْبَ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي طَهَارَةِ مَنِيِّ الْآدَمِيِّ فَذَهَبَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى نَجَاسَتِهِ إِلَّا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ يَكْفِي فِي تَطْهِيرِهِ فَرْكُهُ إِذَا كَانَ يَابِسًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ رَطْبًا وَيَابِسًا.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ هُوَ نَجَسٌ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنْهُ.

     وَقَالَ  الْحَسَنُ لَا تُعَادُ الصَّلَاةُ مِنَ الْمَنِيِّ فِي الثَّوْبِ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا وَتُعَادُ مِنْهُ فِي الْجَسَدِ وَإِنْ قَلَّ وَذَهَبَ كَثِيرُونَ إِلَى أَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وقاص وبن عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَدَاوُدَ وَأَحْمَدَ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَقَدْ غَلِطَ مَنْ أَوْهَمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ مُنْفَرِدٌ بِطَهَارَتِهِ وَدَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِالنَّجَاسَةِ رِوَايَةُ الْغَسْلِ وَدَلِيلُ الْقَائِلِينَ بِالطَّهَارَةِ رِوَايَةُ الْفَرْكِ فَلَوْ كَانَ نَجَسًا لَمْ يَكْفِ فَرْكُهُ كَالدَّمِ وَغَيْرِهِ قَالُوا رِوَايَةُ الْغَسْلِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَالتَّنَزُّهِ وَاخْتِيَارِ النَّظَافَةِ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ الْآثَارِ الَّتِي تدل على طهارة المني فذهب الذاهبون إِلَى أَنَّ الْمَنِيَّ طَاهِرٌ قَالَ الْعَيْنِيُّ أَرَادَ بِهَؤُلَاءِ الذَّاهِبِينَ الشَّافِعِيَّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ قَالُوا الْأَصْلُ الطَّهَارَةُ فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّعَبُّدَ بِالْإِزَالَةِ غَسْلًا أَوْ فَرْكًا أَوْ حَتًّا أَوْ سَلْتًا أَوْ حَكًّا ثَابِتٌ وَلَا مَعْنَى لِكَوْنِ الشَّيْءِ نَجَسًا إِلَّا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِإِزَالَتِهِ بِمَا أَحَالَ عَلَيْهِ الشَّارِعُ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْمَنِيَّ نَجَسٌ يَجُوزُ تَطْهِيرُهُ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الْوَارِدَةِ انْتَهَى قُلْتُ كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ هَذَا حَسَنٌ جَيِّدٌ