فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في تعجيل الصلاة إذا أخرها الإمام

رقم الحديث 512 [512] .

     قَوْلُهُ  ( وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ ( أَنْصِتْ) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ مِنَ الْإِنْصَاتِ مَقُولُ الْقَوْلِ ( فَقَدْ لَغَا) وَفِي رِوَايَةٍ الشَّيْخَيْنِ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَقَدْ لَغَوْتَ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَالَ الْأَخْفَشُ اللَّغْوُ الْكَلَامُ الَّذِي لَا أصل له من الباطل وشبهه قال بن عرفة اللغو السقط من القولوقيل الْمَيْلُ مِنَ الصَّوَابِ وَقِيلَ اللَّغْوُ الْإِثْمُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ اتَّفَقَتْ أَقْوَالُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ اللَّغْوَ مَا لَا يَحْسُنُ مِنَ الْكَلَامِ وَقَالَ النُّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ مَعْنَى لَغَوْتَ خِبْتَ مِنَ الْأَجْرِ وَقِيلَ بَطَلَتْ فَضِيلَةُ جُمُعَتِكَ وَقِيلَ صَارَتْ جُمُعَتُكَ ظُهْرًا قَالَ الْحَافِظُ أَقْوَالُ أَهْلِ اللُّغَةِ مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى وَيَشْهَدُ لِلْقَوْلِ الْأَخِيرِ مَا رواه أبو داود وبن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا وَمَنْ لَغَا وَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ كَانَتْ له ظهرا قال بن وَهْبٍ أَحَدُ رُوَاتِهِ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَحُرِمَ فَضِيلَةَ الْجُمُعَةِ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا مَنْ قَالَ صَهٍ فَقَدْ تَكَلَّمَ وَمَنْتَكَلَّمَ فَلَا جُمُعَةَ لَهُ وَلِأَبِي دَاوُدَ نَحْوُهُ ولأحمد والبزار من حديث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَهُوَ كَالْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا وَاَلَّذِي يَقُولُ لَهُ أَنْصِتْ لَيْسَتْ لَهُ جُمْعَةٌ وَلَهُ شَاهِدٌ قَوِيٌّ فِي جَامِعِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ بن عُمَرَ مَوْقُوفًا قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ لَا جُمُعَةَ لَهُ كَامِلَةً لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إِسْقَاطِ فَرْضِ الْوَقْتِ عَنْهُ انْتَهَى وَقَالَ فِي بُلُوغِ الْمَرَامِ بَعْدَ ذكر حديث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَنْ تَكَلَّمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلخ رَوَاهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَهُوَ يُفَسِّرُ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ قوله ( وفي الباب عن بن أبي أوفى) أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ فِي الْمُصَنَّفِ قَالَ ثَلَاثٌ مَنْ سَلِمَ مِنْهُنَّ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى مِنْ أَنْ يُحْدِثَ حَدَثًا يَعْنِي أَذًى أَوْ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ أَنْ يَقُولَ صَهٍ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ قَالَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قبل الرَّأْيِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرَّفْعِ ( وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ) أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ قَالَ الْعِرَاقِيُّ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عن بن عَبَّاسٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) أَخْرَجَهُ الجماعة إلا بن مَاجَهْ كَذَا فِي الْمُنْتَقَى .

     قَوْلُهُ  ( فَرَخَّصَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي رَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ) .

     وَقَالَ  الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ يَرُدُّهُ بِقَلْبِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَرُدُّ السَّلَامَ وَيُشَمِّتُ الْعَاطِسَ فِيهَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَرُدُّ وَيُشَمِّتُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَلْبِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَكَرِهَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ ذلك وهو قول الشافعي) وحكىبن الْعَرَبِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ مُوَافَقَةَ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا نَقَلَهُ عَنْهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الْبُوَيْطِيِّ بِالْجَوَازِ فَقَالَ وَلَوْ عَطَسَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَشَمَّتَهُ رَجُلٌ رَجَوْتُ أَنْ يَسَعَهُ لِأَنَّ التَّشْمِيتَ سُنَّةٌ وَلَوْ سَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ كَرِهْتُ ذَلِكَ لَهُ وَرَأَيْتُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ السَّلَامَ سُنَّةٌ وَرَدَّهُ فَرْضٌ هَذَا لَفْظُهُ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إِنَّهُ الْأَصَحُّ كَذَا فِي النَّيْلِ وَقَدْ كَرِهَ الْحَنَفِيَّةُ أَيْضًا رَدَّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتَ الْعَاطِسِ وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي اللُّمَعَاتِ كُرِهَ تَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَرَدُّ السَّلَامِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُمَا فَرْضٌ وَالْجَوَابُ أَنَّهُمَا فَرْضَانِ فِي كُلِّ وَقْتٍ إِلَّا عِنْدَ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ لِعَدَمِ الْإِذْنِ فِيهِمَا وَكَذَا الْحَمْدُ لِلْعَطْسَةِ وَفِي رَدِّ الْمُنْكَرِ بِالْإِشَارَةِ بِالْعَيْنِ وَالْيَدِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى وَقَالَ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ.

     وَقَالَ  أَصْحَابُنَا إِذَا اشْتَغَلَ الْإِمَامُ بِالْخُطْبَةِ يَنْبَغِي لِلْمُسْتَمِعِ أَنْ يَجْتَنِبَ مَا يَجْتَنِبُهُ فِي الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ أَنْصِتْ الْحَدِيثَ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يُكْرَهُ لَهُ رَدُّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ انْتَهَى وَقَدْ حَكَى الْعَيْنِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ يَرُدُّهُ بِقَلْبِهِ كَمَا تَقَدَّمَ قُلْتُ وجه الاختلاف أن ها هنا عُمُومَاتٍ مُتَعَارِضَةً فَالنَّهْيُ عَنِ التَّكَلُّمِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ يَعُمُّ كُلَّ كَلَامٍ وَكَذَا الْأَمْرُ بِالْإِنْصَاتِ يَعُمُّ السُّكُوتَ عَنْ كُلِّ كَلَامٍ وَالْأَمْرُ بِرَدِّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَوْقَاتِ وَكَذَا الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذِكْرِهِ يَعُمُّ جَمِيعَ الْأَوْقَاتِ فَأَبْقَى بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْأَوَّلَ وَخَصَّصَ الثَّانِيَ وَخَصَّصَ بَعْضُهُمُ الْأَوَّلَ وَأَبْقَى الثَّانِيَ عَلَى عُمُومِهِ وَالْأَوْلَى عِنْدِي فِي الْجَمْعِ بَيْنَ هَذِهِ الْعُمُومَاتِ الْمُتَعَارِضَةِ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالنَّهْيِ عَنِ التَّكَلُّمِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ النَّهْيُ عَنْ مُكَالَمَةِ النَّاسِ وَكَذَا الْمُرَادُ بِالْإِنْصَاتِ السُّكُوتُ عَنْ مُكَالَمَةِ النَّاسِ دُونَ ذكر الله كما اختاره بن خُزَيْمَةَ فَإِذَا سَكَتَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ عَنْ مُكَالَمَةِ النَّاسِ وَرَدِّ السَّلَامَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ أَوْ شَمَّتَ الْعَاطِسَ سِرًّا أَوْ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذِكْرِهِ يَكُونُ عَامِلًا بِكُلِّ مَا ذُكِرَ مِنَ النَّهْيِ وَالْأَمْرِ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ بِجَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرًّا فِي نَفْسِهِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْخَطِيبُ قَوْلَهُ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا قَالَ الْعَيْنِيُّ فِي الْبِنَايَةِ فَإِنْ قُلْتَ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا وَالْأَمْرُ الْآخَرُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا قَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتْ فِي الْخُطْبَةِ وَالِاشْتِغَالُ بِأَحَدِهِمَا يُفَوِّتُ الْآخَرَ.

قُلْتُ إِذَا صَلَّى فِي نَفْسِهِ وَأَنْصَتَ وَسَكَتَ يَكُونُ آتِيًا بِمُوجَبِ الْأَمْرَيْنِ انْتَهَى هَذَا مَا عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَالَ الْفَاضِلُ اللَّكْنَوِيُّ فِي عُمْدَةِ الرِّعَايَةِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ جَوَازِ كُلِّ مَا مَنَعُوهُ حَالَةَسَكَتَاتِ الْخَطِيبِ إِذَا لَمْ يُخِلَّ بِالِاسْتِمَاعِ 7 - ( بَاب فِي كَرَاهِيَةِ التَّخَطِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ) قَالَ فِي الصُّرَاحِ تَخَطَّيْتُ رِقَابَ النَّاسِ أَيْ تَجَاوَزْتُهَا