فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة

رقم الحديث 1244 [1244] .

     قَوْلُهُ  ( مَنِ ابْتَاعَ) أَيْ اشْتَرَى ( بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ التَّأْبِيرِ وَهُوَ تَلْقِيحُ النَّخْلِ وَهُوَ أَنْ يُوضَعَ شَيْءٌ مِنْ طَلْعِ فَحْلِ النَّخْلِ فِي طَلْعِ الْأُنْثَى إِذَا انْشَقَّ فَتَصْلُحُ ثَمَرَتُهُ بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى ( فَثَمَرَتُهَا للذي باعها) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ نَخْلًا وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ لَمْ تَدْخُلْ الثَّمَرَةُ فِي الْبَيْعِ بَلْ تَسْتَمِرُّ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ وَيَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَتَكُونُ لِلْمُشْتَرِي وَبِذَلِكَ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَخَالَفَهُمْ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَا تكون للبائع قبل التأبير وبعده وقال بن أَبِي لَيْلَى تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا وكِلَا الْإِطْلَاقَيْنِ مُخَالِفٌ لِأَحَادِيثِ الْبَابِ وهَذَا إِذَا لَمْ يَقَعْ شَرْطٌ مِنَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ وَلَا مِنَ الْبَائِعِ بِأَنَّهُ اسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ الثَّمَرَةَ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ كَانَتِ الثَّمَرَةُ لِلشَّارِطِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ مُؤَبَّرَةً أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ قَالَ فِي الْفَتْحِ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّأْبِيرِ أَنْ يُؤَبِّرَ أَحَدٌ بَلْ لَوْ تَأَبَّرَ بِنَفْسِهِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ عِنْدَ جَمِيعِ الْقَائِلِينَ بِهِ كَذَا فِي النَّيْلِ ( إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْتُ النَّخْلَةَ بثمرتها هذه ( وله مال) قال القارىء اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا مِلْكَ لَهُ خِلَافًا لِمَالِكٍ ( فَمَالُهُ) بِضَمِّ اللَّامِ ( لِلَّذِي بَاعَهُ) أَيْ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِلْكًا للبائع قبل البيع قال القارىء وهَذَا عَلَى رَأْيِ مَنْقَالَ إِنَّ الْعَبْدَ لَا مِلْكَ لَهُ قَالَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ بَيَانُ أَنَّ الْعَبْدَ لَا مِلْكَ لَهُ بِحَالٍ فَإِنَّ السَّيِّدَ لَوْ مَلَكَهُ لَا يَمْلِكُ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَا يَجُوزُ أن يكون مالكا كالبهائم وقولهوله مَالٌ إِضَافَةُ مَجَازٍ لَا إِضَافَةُ مِلْكٍ كَمَا يُضَافُ السَّرْجُ إِلَى الْفَرَسِ وَالْإِكَافُ إِلَى الْحِمَارِ وَالْغَنَمُ إِلَى الرَّاعِي يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَالَ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ أَضَافَ الْمِلْكَ إِلَيْهِ وَإِلَى الْبَائِعِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ كُلُّهُ مِلْكًا لِلِاثْنَيْنِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَثَبَتَ أَنَّ إِضَافَةَ الْمَالِ إِلَى الْعَبْدِ مَجَازٌ أَيْ لِلِاخْتِصَاصِ وَإِلَى الْمَوْلَى حَقِيقَةٌ أَيْ الْمِلْكُ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ مَالًا مَلَكَهُ لَكِنَّهُ إِذَا بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ مَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ وقَالَ الشَّافِعِيُّ إِنْ كَانَ الْمَالُ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْعَبْدِ وَتِلْكَ الدَّرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وكَذَا إِنْ كَانَ الدَّنَانِيرُ أَوْ الْحِنْطَةُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُمَا بِذَهَبٍ أَوْ حِنْطَةٍ وقَالَ مَالِكٌ يَجُوزُ إِنِ اشْتَرَطَهُ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ دَرَاهِمَ وَالثَّمَنُ دَرَاهِمَ لِإِطْلَاقِ الْحَدِيثِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَالظَّاهِرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ يَعْنِي قَوْلَ مَالِكٍ لِأَنَّ نِسْبَةَ الْمَالِ إِلَى الْمَمْلُوكِ تَقْتَضِي أَنَّهُ يَمْلِكُ وَتَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ فِي يَدِ الْعَبْدِ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ وَأُضِيفَ إِلَى الْعَبْدِ لِلِاخْتِصَاصِ والِانْتِفَاعِ لَا لِلْمِلْكِ كَمَا يُقَالُ الْجُلُّ لِلْفَرَسِ خِلَافَ الظَّاهِرِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ جابر) لينظر من أخرجه قوله ( حديث بن عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ الْمَعْنَى الْأَوَّلَ وَحْدَهُ كَذَا فِي الْمِشْكَاةِ26 - ( باب ما جاء الْبَيِّعَيْنِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا الْبَيِّعَانِ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي

رقم الحديث 1245 [1245] .

     قَوْلُهُ  ( الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ اسْمٌ مِنَ الِاخْتِيَارِ أَوْ التَّخْيِيرِ وَهُوَ طَلَبُ خَيْرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ فَسْخِهِ وَالْمُرَادُ بِالْخِيَارِ هُنَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالْبَيِّعُ هُوَ الْبَائِعُ أُطْلِقَ عَلَى الْمُشْتَرِي عَلَى سَبِيلِ التَّغْلِيبِ أَوْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ اللَّفْظَيْنِ يُطْلَقُ عَلَى الْآخَرِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ الْبَائِعَانِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْبَائِعِ أَشْهَرَ وَأَغْلَبَ مِنَ الْبَيِّعِ وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلُوا ذَلِكَ بِالْقَصْرِ وَالْإِدْغَامِ مِنَ الْفِعْلِ الثَّلَاثِي الْمُعْتَلِّ الْعَيْنِ فِي أَلْفَاظٍ مَحْصُورَةٍ كَطَيِّبٍ وَمَيِّتٍ وَكَيِّسٍ وَرَيِّضٍ وَلَيِّنٍ وهين واستعملوا في باع الأمرين فقالوا بايع وَبَيِّعٌ انْتَهَى وقَالَ الْحَافِظُ الْبَيِّعُ بِمَعْنَى الْبَائِعِ كَضَيِّقٍ وَضَائِقٍ وَلَيْسَ كَبَيِّنٍ وَبَائِنٍ فَإِنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ كَقَيِّمٍ وَقَائِمٍ انْتَهَى ( مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) أَيْ بالأبدان كما فهمه بن عُمَرَ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ أَيْضًا كَمَا سَتَقِفُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْبَابِ ( أَوْ يَخْتَارَا) أَيْ مَضَاءَ البيع قوله ( فكان بن عُمَرَ إِذَا ابْتَاعَ بَيْعًا وَهُوَ قَاعِدٌ قَامَ ليجب له) وفي رواية للبخاري وكان بن عُمَرَ إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا يُعْجِبُهُ فَارَقَ صَاحِبَهُ وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ وَكَانَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا فَأَرَادَ أَنْ لَا يُقِيلَهُ قَامَ فَمَشَى هُنَيْهَةً ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ ولِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ فِي رواية كان بن عُمَرَ إِذَا بَاعَ انْصَرَفَ لِيَجِبَ لَهُالْبَيْعُ

رقم الحديث 1246 [1246] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ) بِكَسْرِ مُهْمَلَةٍ فَزَايٍ ( فَإِنْ صَدَقَا) أَيْ فِي صِفَةِ الْبَيْعِ وَالثَّمَنِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا ( وَبَيَّنَا) أَيْ عَيْبَ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعَ ( بُورِكَ) أَيْ كَثُرَ النَّفْعُ ( لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا) أَيْ وَشِرَائِهِمَا أَوْ الْمُرَادُ فِي عَقْدِهِمَا ( مُحِقَتْ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ أُزِيلَتْ وَذَهَبَتْ ( بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) قَالَ الْحَافِظُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ شُؤْمَ التَّدْلِيسِ وَالْكَذِبِ وقع ذَلِكَ الْعَقْدِ فَمَحَقَ بَرَكَتَهُ وإِنْ كَانَ الصَّادِقُ مَأْجُورًا وَالْكَاذِبُ مَأْزُورًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ التَّدْلِيسُ وَالْعَيْبُ دُونَ الآخر ورجحه بن أَبِي جَمْرَةَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِلَفْظِ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إليه في قرس بَعْدَ مَا تَبَايَعَا وَكَانَا فِي سَفِينَةٍ فَقَالَ لَا أَرَاكُمَا افْتَرَقْتُمَا وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ( وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو) وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ ( وَسَمُرَةَ) أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ ( وأبي هريرة) أخرجه أبو داود ( وبن عباس) أخرجه بن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ وفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ بن عُمَرَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ .

     قَوْلُهُ  ( وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَقَالُوا الْفُرْقَةُ بالأبدان لا بالكلام) وبه قال بن عُمَرَ وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ ولَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ مِنَ الصَّحَابَةِ انْتَهَى وهُوَ قَوْلُ شُرَيْحٍ وَالشَّعْبِيِّ وَطَاوُسٍ وَعَطَاءٍ وبن أبي مليكة ونقل بن الْمُنْذِرِ الْقَوْلَ بِهِ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ المسيب والزهري وبن أَبِي ذِئْبٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعَنِالحسن البصري والأوزاعي وبن جريج وغيرهم وبالغ بن حَزْمٍ فَقَالَ لَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا مِنِ التَّابِعِينَ إِلَّا النَّخَعِيَّ وَحْدَهُ وَرِوَايَةً مَكْذُوبَةً عَنْ شُرَيْحٍ والصَّحِيحُ عَنْهُ الْقَوْلُ بِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي قُلْتُ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَقَدِ اعْتَرَفَ صَاحِبُ التَّعْلِيقِ الْمُمَجَّدِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّهُ أَوْلَى الْأَقْوَالِ حَيْثُ قَالَ وَلَعَلَّ الْمُنْصِفَ الْغَيْرَ الْمُتَعَصِّبِ يَسْتَيْقِنُ بَعْدَ إِحَاطَةِ الْكَلَامِ مِنَ الْجَوَانِبِ فِي هَذَا الْبَحْثِ أَنَّ أَوْلَى الْأَقْوَالِ هُوَ مَا فَهِمَهُ الصَّحَابِيَّانِ الجليلان يعني بن عُمَرَ وَأَبَا بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وفَهْمُ الصَّحَابِيِّ إِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً لَكِنَّهُ أَوْلَى مِنْ فَهْمِ غَيْرِهِ بِلَا شُبْهَةٍ وَإِنْ كان كل من الأقوال مستند إِلَى حُجَّةٍ انْتَهَى كَلَامُهُ ( وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا يَعْنِي الْفُرْقَةَ بِالْكَلَامِ) وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وبِهِ قَالَ المالكية إلا بن حبيب والحنفية كلهم قال بن حَزْمٍ لَا نَعْلَمُ لَهُمْ سَلَفًا إِلَّا إِبْرَاهِيمَ وَحْدَهُ وَرِوَايَةً مَكْذُوبَةً عَنْ شُرَيْحٍ والصَّحِيحُ عَنْهُ القول به قال الإمام محمد في موطإه وَتَفْسِيرُهُ عِنْدَنَا عَلَى مَا بَلَغَنَا عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ مَنْطِقِ الْبَيْعِ إِذَا قَالَ الْبَائِعُ قَدْ بِعْتُكَ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ مَا لَمْ يَقُلْ الْآخَرُ قَدِ اشْتَرَيْتُ وَإِذَا قَالَ الْمُشْتَرِي قَدِ اشْتَرَيْتُ بِكَذَا وَكَذَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهِ اشْتَرَيْتُ مَا لَمْ يَقُلِ الْبَائِعُ قَدْ بِعْتُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْعَامَّةُ مِنْ فُقَهَائِنَا انْتَهَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ وقَدْ أطال صاحب التعليق الممجد ها هنا الْكَلَامَ وَأَجَادَ وَأَجَابَ عَنْ كُلِّ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ فَعَلَيْكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ ( وَمَعْنَى قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ مَعْنَاهُ أَنْ يُخَيِّرَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ بعدإِيجَابِ الْبَيْعِ فَإِذَا خَيَّرَهُ فَاخْتَارَ الْبَيْعَ إِلَخْ) قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ وَبِهِ جَزَمَ الشَّافِعِيُّ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ امْتِدَادِ الْخِيَارِ إِلَى التَّفَرُّقِ والْمُرَادُ أَنَّهُمَا إِنِ اخْتَارَا إِمْضَاءَ الْبَيْعِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَقَدْ لَزِمَ الْبَيْعُ حِينَئِذٍ وَبَطَلَ اعْتِبَارُ التَّفَرُّقِ فَالتَّقْدِيرُ إِلَّا الْبَيْعَ الَّذِي جَرَى فِيهِ التَّخَايُرُ قَالَ النَّوَوِيُّ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى تَرْجِيحِ هَذَا التَّأْوِيلِ وَأَبْطَلَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مَا سِوَاهُ وغَلَّطُوا قَائِلَهُ ورِوَايَةُ اللَّيْثِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا فِي تَرْجِيحِهِ قِيلَ هُوَ اسْتِثْنَاءٌ مِنَ انْقِطَاعِ الْخِيَارِ بِالتَّفَرُّقِ وقِيلَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَيْ فَيَشْتَرِطَا الْخِيَارَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَا يَنْقَضِي الْخِيَارُ بِالتَّفَرُّقِ بَلْ يَبْقَى حَتَّى تَمْضِيَ المدة حكاه بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ أَقَلُّ فِي الْإِضْمَارِ وفِيهِ أَقْوَالٌ أُخْرَى ذَكَرَهَا الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ

رقم الحديث 1247 [1247] .

     قَوْلُهُ  ( إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَفْقَةُ خِيَارٍ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّ كَانَ تَامَّةٌ وَالتَّقْدِيرُ إِلَّا أَنْ تُوجَدَ أَوْ تَحْدُثَ صَفْقَةُ خِيَارٍ وَبِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّ كَانَ نَاقِصَةٌ وَاسْمُهَا مُضْمِرٌ وَخَبَرُهَا صَفْقَةُ خِيَارٍ وَالتَّقْدِيرُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الصَّفْقَةُ صَفْقَةَ خِيَارٍ والْمُرَادُ أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ إِذَا قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اخْتَرْ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ أَوِ افْسَخْهُ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا تَمَّ الْبَيْعُ وإن لم يتفرقا قاله الشوكاني وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَنْقَطِعُ خِيَارُهُمَا بِالتَّفَرُّقِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بَيْعًا شُرِطَ فيه الخيار وتفسير القارىء هَذَا خِلَافُ مَا فَسَّرَ بِهِ الشَّوْكَانِيُّ وَكِلَاهُمَا مُحْتَمَلٌ وقَدْ تَقَدَّمَ اخْتِلَافُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ الْإِضَافَةُ فِي صَفْقَةِ خِيَارٍ لِلْبَيَانِ فَإِنَّ الصَّفْقَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلْبَيْعِ أَوْ لِلْعَهْدِ انْتَهَى وقَالَ فِي النِّهَايَةِ إِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ أَنْ تُقَاتِلَ أَهْلَ صَفْقَتِكَ هُوَ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَهْدَهُ وَمِيثَاقَهُ ثُمَّ يُقَاتِلَهُ لِأَنَّ الْمُتَعَاهِدَيْنِ يَضَعُ أَحَدُهُمَا يَدَهُ فِي يَدِ الْآخَرِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُتَبَايِعَانِ وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنِ التَّصْفِيقِ بِالْيَدَيْنِ انْتَهَى ( ولا يحل) أي في الورع قاله القارىء ( لَهُ) أَيْ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ( أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهُ) أَيْ بِالْبَدَنِ ( خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَقِيلَهُ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَهُ وَاسْتَدَلَّبِهَذَا الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ قَالُوا لِأَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ صَاحِبَهُ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِقَالَةِ وأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَدِيثَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ ومَعْنَاهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ خَشْيَةَ أَنْ يَخْتَارَ فَسْخَ الْبَيْعِ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِقَالَةِ فَسْخُ النَّادِمِ مِنْهُمَا لِلْبَيْعِ وعَلَى هَذَا حَمَلَهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ قَالُوا وَلَوْ كَانَتِ الْفُرْقَةُ بِالْكَلَامِ لَمْ يَكُنْ لَهُ خِيَارٌ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الِاسْتِقَالَةِ لَمْ تَمْنَعْهُ مِنَ الْمُفَارَقَةِ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِمَجْلِسِ الْعَقْدِ وقَدْ أَثْبَتَ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ الْخِيَارَ وَمَدَّهُ إِلَى غَايَةِ التَّفَرُّقِ ومِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الِاسْتِقَالَةِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُهَا عَلَى الْفَسْخِ وحَمَلُوا نَفْيَ الْحِلِّ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُ لَا يَلِيقُ بِالْمُرُوءَةِ وَحُسْنِ مُعَاشَرَةِ الْمُسْلِمِ لَا أَنَّ اخْتِيَارَ الْفَسْخِ حَرَامٌ انْتَهَى قُلْتُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ الشوكاني وبهذا اندفع قول القارىء فِي الْمِرْقَاةِ بِأَنَّهُ دَلِيلٌ صَرِيحٌ لِمَذْهَبِنَا لِأَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ ولَوْ كَانَ لَهُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ لَمَا طَلَبَ مِنْ صَاحِبِهِ الْإِقَالَةَ وَوَجْهُ الِانْدِفَاعِ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الشَّوْكَانِيِّ وبِكَلَامِهِ أَيْضًا ظَهَرَ صِحَّةُ قَوْلِ الْمُظْهِرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الِاسْتِقَالَةِ طَلَبُ الْفَسْخِ لَا حَقِيقَةُ الْإِقَالَةِ وَهِيَ دَفْعُ الْعَاقِدَيْنِ الْبَيْعَ بَعْدَ لُزُومِهِ بِتَرَاضِيهِمَا أَيْ لَا يَنْبَغِي لِلْمُتَّقِي أَنْ يَقُومَ مِنَ الْمَجْلِسِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَيَخْرُجَ مِنْ أَنْ يَفْسَخَ الْعَاقِدُ الْآخَرُ الْبَيْعَ بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ لِأَنَّ هَذَا يُشْبِهُ الْخَدِيعَةَ انْتَهَى ووَجْهُ صِحَّةِ كَلَامِهِ أَيْضًا ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ الشَّوْكَانِيِّ ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) قَالَ فِي الْمُنْتَقَى بَعْدَ ذِكْرِهِ رواه الخمسة إلا بن مَاجَهْ ورَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وفِي لَفْظٍ حَتَّى يَتَفَرَّقَا مِنْ مَكَانِهِمَا .

     قَوْلُهُ  ( وَمَعْنَى هَذَا أَنْ يُفَارِقَهُ إِلَخْ) وَكَذَا قَالَ غَيْرُ التِّرْمِذِيِّ مِنْ أَهْلِ العلم كما عرفت في كلام الشوكاني 7 - باب

رقم الحديث 1248 [1248] .

     قَوْلُهُ  ( سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو) بْنِ جَرِيرٍ الْبَجَلِيَّ الْكُوفِيَّ رَوَى عَنْ جَدِّهِ جَرِيرٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ ثِقَاتِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ .

     قَوْلُهُ  ( لَا يَتَفَرَّقَنَّ عَنْ بَيْعٍ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ) وفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ ( لَا يَفْتَرِقَنَّ اثْنَانِ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ) قَالَ الطِّيبِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ تَرَاضٍ صِفَةُ مَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ لَا يَتَفَرَّقَنَّ اثْنَانِ إِلَّا تَفَرُّقًا صَادِرًا عَنْ تراض انتهى قال القارىء الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّهُمَا لَا يَتَفَرَّقَانِ إِلَّا عَنْ تَرَاضٍ بَيْنَهُمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِإِعْطَاءِ الثَّمَنِ وَقَبْضِ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَقَدْ يَحْصُلُ الضرروَهُوَ مَنْهِيٌّ فِي الشَّرْعِ أَوْ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُشَاوِرَ مُرِيدُ الْفِرَاقِ صَاحِبَهُ أَلَكَ رَغْبَةٌ في المبيع فإن أريد الْإِقَالَةَ أَقَالَهُ فَيُوَافِقُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ يَعْنِي الْحَدِيثَ الْآتِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى حِلِّ الْمُفَارَقَةِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ وَلَا عِلْمِهِ انْتَهَى وقَالَ قَالَ الْأَشْرَفُ وفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لَهُمَا وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِهَذَا الْقَوْلِ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ فَهِمَ رَاوِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْهُ ثُبُوتَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرٍو فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْجَرْجَرَائِيُّ قَالَ مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ كَانَ أَبُو زُرْعَةَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا خَيَّرَهُ قَالَ ثُمَّ يَقُولُ خَيِّرْنِي فَيَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ وقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا زُرْعَةَ.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ قُلْتُ قَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَبَا زُرْعَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ

رقم الحديث 1249 [1249] .

     قَوْلُهُ  ( خَيَّرَ أَعْرَابِيًّا بَعْدَ الْبَيْعِ) أَيْ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ قَالَ الطِّيبِيُّ ظَاهِرُهُ يَدُلُّ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ ثَابِتًا بِالْعَقْدِ كَانَ التَّخْيِيرُ عَبَثًا والْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مُطْلَقٌ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ كَمَا سَبَقَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ انتهى أراد بالحديث الأول حديث بن عُمَرَ الْمُتَبَايِعَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ .

     قَوْلُهُ  ( وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) .

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا الْحَدِيثِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.

     وَقَالَ  هَذَا حديث حسن صحيح غريب وقال القارىء وَحَسَنٌ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي بَعْضِ النُّسَخِ 8 - ( بَاب مَا جَاءَ فِيمَنْ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ)

رقم الحديث 1250 [125] .

     قَوْلُهُ  ( أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي عُقْدَتِهِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ فِي رَأْيِهِ وَنَظَرِهِ فِي مَصَالِحِ نَفْسِهِ انْتَهَى وكَانَ اسْمُ ذَلِكَ الرَّجُلِ حِبَّانَ بْنَ مُنْقِذٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ الثَّقِيلَةِ ( ضَعْفٌ) أَيْ كَانَضَعِيفَ الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ ( احْجُرْ عَلَيْهِ) بِضَمِّ الْجِيمِ أَمْرٌ مِنَ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ وَمِنْهُ حَجْرَ الْقَاضِي عَلَى الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ إِذَا مَنَعَهُمَا مِنَ التَّصَرُّفِ مِنْ مَالِهِمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( فَنَهَاهُ) أَيْ عَنِ الْمُبَايَعَةِ ( فَقُلْ هَاءَ وَهَاءَ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَتَفْسِيرُهُ فِي بَابِ الصَّرْفِ ( وَلَا خِلَابَةَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ أَيْ لَا خَدِيعَةَ وَلَا لِنَفْيِ الْجِنْسِ أَيْ لَا خَدِيعَةَ فِي الدِّينِ لِأَنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ خَاصًّا فِي حَقِّهِ وَأَنَّ الْمُغَابَنَةَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَازِمَةٌ لَا خِيَارَ لِلْمَغْبُونِ بِسَبَبِهَا سَوَاءٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ وهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ وَهِيَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ لِلْمَغْبُونِ الْخِيَارُ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَ الْغَبَنُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَا والصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ قُلْ لَا خِلَابَةَ أَيْ لَا خَدِيعَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَوْ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ كَانَتْ قَضِيَّةَ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وفي الباب عن بن عُمَرَ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ والنسائي وبن مَاجَهْ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وقَالُوا الْحَجْرُ عَلَى الرَّجُلِ الْحُرِّ إِلَخْ) وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ لَمَّا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ احْجُرْ عَلَيْهِ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَلَوْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ لَا يَصِحُّ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ واسْتَدَلَّ أَيْضًا بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْجُرْ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَلَوْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ جَائِزًا لَحَجَرَ عَلَى ذَلِكَ وَمَنَعَهُ مِنَ الْبَيْعِ فَتَأَمَّلْضَعِيفَ الْعَقْلِ وَالرَّأْيِ ( احْجُرْ عَلَيْهِ) بِضَمِّ الْجِيمِ أَمْرٌ مِنَ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنَ التَّصَرُّفِ وَمِنْهُ حَجْرَ الْقَاضِي عَلَى الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ إِذَا مَنَعَهُمَا مِنَ التَّصَرُّفِ مِنْ مَالِهِمَا كَذَا فِي النِّهَايَةِ ( فَنَهَاهُ) أَيْ عَنِ الْمُبَايَعَةِ ( فَقُلْ هَاءَ وَهَاءَ) تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَتَفْسِيرُهُ فِي بَابِ الصَّرْفِ ( وَلَا خِلَابَةَ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ أَيْ لَا خَدِيعَةَ وَلَا لِنَفْيِ الْجِنْسِ أَيْ لَا خَدِيعَةَ فِي الدِّينِ لِأَنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ خَاصًّا فِي حَقِّهِ وَأَنَّ الْمُغَابَنَةَ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَازِمَةٌ لَا خِيَارَ لِلْمَغْبُونِ بِسَبَبِهَا سَوَاءٌ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ وهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَآخَرِينَ وَهِيَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ لِلْمَغْبُونِ الْخِيَارُ لِهَذَا الْحَدِيثِ بِشَرْطِ أَنْ يَبْلُغَ الْغَبَنُ ثُلُثَ الْقِيمَةِ فَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَا والصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ وَإِنَّمَا قَالَ لَهُ قُلْ لَا خِلَابَةَ أَيْ لَا خَدِيعَةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَلِأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَوْ أَثْبَتَ لَهُ الْخِيَارَ كَانَتْ قَضِيَّةَ عَيْنٍ لَا عُمُومَ لَهَا فَلَا يَنْفُذُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِ إِلَّا بِدَلِيلٍ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وفي الباب عن بن عُمَرَ) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( حَدِيثُ أَنَسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ والنسائي وبن مَاجَهْ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَالْمُنْذِرِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وقَالُوا الْحَجْرُ عَلَى الرَّجُلِ الْحُرِّ إِلَخْ) وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورِ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ أَهْلَ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ لَمَّا قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ احْجُرْ عَلَيْهِ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِمْ فَلَوْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ لَا يَصِحُّ لَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ واسْتَدَلَّ أَيْضًا بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِالْحَجْرِ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَحْجُرْ عَلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَلَوْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَى الْحُرِّ الْبَالِغِ جَائِزًا لَحَجَرَ عَلَى ذَلِكَ وَمَنَعَهُ مِنَ الْبَيْعِ فَتَأَمَّلْوَهُوَ مَنْهِيٌّ فِي الشَّرْعِ أَوْ الْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُشَاوِرَ مُرِيدُ الْفِرَاقِ صَاحِبَهُ أَلَكَ رَغْبَةٌ في المبيع فإن أريد الْإِقَالَةَ أَقَالَهُ فَيُوَافِقُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ يَعْنِي الْحَدِيثَ الْآتِيَ فِي هَذَا الْبَابِ وهَذَا نَهْيُ تَنْزِيهٍ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى حِلِّ الْمُفَارَقَةِ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ الْآخَرِ وَلَا عِلْمِهِ انْتَهَى وقَالَ قَالَ الْأَشْرَفُ وفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ خِيَارِ الْمَجْلِسِ لَهُمَا وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِهَذَا الْقَوْلِ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ فَهِمَ رَاوِي الْحَدِيثِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْهُ ثُبُوتَ خِيَارِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرٍو فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ الْجَرْجَرَائِيُّ قَالَ مَرْوَانُ الْفَزَارِيُّ أَخْبَرَنَا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ قَالَ كَانَ أَبُو زُرْعَةَ إِذَا بَايَعَ رَجُلًا خَيَّرَهُ قَالَ ثُمَّ يَقُولُ خَيِّرْنِي فَيَقُولُ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَنْهُ وقَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا زُرْعَةَ.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ انْتَهَى كَلَامُ الْمُنْذِرِيِّ قُلْتُ قَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ أَبَا زُرْعَةَ لَكِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَتِهِ

رقم الحديث 1251 [1251] .

     قَوْلُهُ  ( فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِذَا حَلَبَهَا) وفِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا قَالَ الْحَافِظُ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَثْبُتُ إِلَّا بَعْدَ الْحَلْبِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا عَلِمَ بِالتَّصْرِيَةِ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَوْ لَمْ يَحْلِبْ لَكِنْ لَمَّا كَانَتِ التَّصْرِيَةُ لَا تُعْرَفُ غَالِبًا إِلَّا بَعْدَ الْحَلْبِ ذَكَرَ قَيْدًا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ فَلَوْ ظَهَرَتِ التَّصْرِيَةُ بِغَيْرِ الْحَلْبِ فَالْخِيَارُ ثَابِتٌ ( إِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَرَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ تَمْرٍ) أَيْ عِوَضًا عَنْ لَبَنِهَا لِأَنَّ بَعْضَ اللَّبَنِ حَدِيثٌ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَبَعْضَهُ كَانَ مَبِيعًا فَلِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ امْتَنَعَ رَدُّهُ وَرَدَّ قِيمَتَهُ فَأَوْجَبَ الشَّارِعُ صَاعًا قَطْعًا لِلْخُصُومَةِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إِلَى قِلَّةِ اللَّبَنِ وَكَثْرَتِهِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ) أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى ( وَرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وفي الباب أيضا عن بن عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالطَّبَرَانِيُّ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي

رقم الحديث 1252 [1252] .

     قَوْلُهُ  ( فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى امْتِدَادِ الْخِيَارِ هَذَا الْمِقْدَارِ فَتُقَيَّدُ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الرِّوَايَاتُ الْقَاضِيَةُ بِأَنَّ الْخِيَارَ بَعْدَ الْحَلْبِ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا فِي قَوْلِهِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا ( فَإِنْ رَدَّهَا رَدَّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ طَعَامٍ لَا سَمْرَاءَ) قَالَ الْحَافِظُ تُحْمَلُ الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا الطَّعَامُ عَلَى التَّمْرِ وقَدْ رَوَى الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ أيوب عن بن سِيرِينَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّمْرَاءِ الْحِنْطَةُ الشَّامِيَّةُ ورَوَى بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بن حسان عن بن سيرين لاسمراء يعني الحنطة وروى بن المنذر من طريق بن عون عن بن سِيرِينَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُرَيْرَةَ يَقُولُ لَا سَمْرَاءَ تَمْرٌ لَيْسَ بِبُرٍّ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ التَّمْرُ ولَمَّا كَانَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ الْقَمْحُ نَفَاهُ بِقَوْلِهِ لَا سَمْرَاءَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( مَعْنَى لَا سَمْرَاءَ لَا بُرَّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهِيَ الْحِنْطَةُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَفْتَى به بن مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ.

     وَقَالَ  بِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مَنْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللَّبَنُ الَّذِي احْتُلِبَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا ولَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّمْرُ قُوتَ تِلْكَ الْبَلَدِ أَمْ لَا وخَالَفَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وفِي فُرُوعِهَا أَكْثَرُونَ أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا لَا يَرُدُّ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ وَلَا يَجِبُ رَدُّ صَاعٍ مِنَ التَّمْرِ وَخَالَفَهُمْ زُفَرُ فقال يقول الْجُمْهُورِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ نِصْفِ صَاعِ بُرٍّ وَكَذَا قَالَ بن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا لَا يَتَعَيَّنُ صَاعُ التَّمْرِ بَلْ قِيمَتُهُ وَاعْتَذَرَ الْحَنَفِيَّةُ عَنِ الْأَخْذِ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ بِأَعْذَارٍ شَتَّى فَمِنْهُمْ مَنْ طَعَنَ فِي الْحَدِيثِ بِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَكُنْ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ فَلَا يُؤْخَذُ بِمَا رَوَاهُ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَهُوَ كَلَامٌ آذَى قَائِلُهُ بِهِ نَفْسَهُ وفِي حِكَايَتِهِ غِنًى عَنْ تَكَلُّفِ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَقَدْ تَرَكَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَمْثَالِهِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَمِنَ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وأَظُنُّ أَنَّ لهذه النكتة أورد البخاري حديث بن مَسْعُودٍ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِشَارَةً مِنْهُ إلى أن بن مَسْعُودٍ قَدْ أَفْتَى بِوَفْقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَوْلَا أَنَّ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ ثابت لما خالف بن مَسْعُودٍ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فِي ذَلِكَ وَقَدْ اخْتُصَّ أَبُو هُرَيْرَةَ بِمَزِيدِ الْحِفْظِ لِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَرِدْ أَبُو هُرَيْرَةَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْأَصْلِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يُسَمَّ.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا الْحَدِيثُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَاعْتَلَّ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ بِأَشْيَاءَ لَا حَقِيقَةَ لَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ لِذِكْرِ التَّمْرِ فِيهِ تَارَةً وَالْقَمْحِ أُخْرَى وَاللَّبَنِ أُخْرَى وَاعْتِبَارِهِ بِالصَّاعِ تَارَةً وَبِالْمِثْلِ أَوْ الْمِثْلَيْنِ تَارَةً وَبِالْإِنَاءِ أُخْرَى وَالْجَوَابُ أَنَّ الطُّرُقَ الصَّحِيحَةَ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا وَالضَّعِيفُ لَا يُعَلُّ بِهِ الصَّحِيحُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَهُوَ مُعَارِضٌ لِعُمُومِ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ به وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ لَا الْعُقُوبَاتِ وَالْمُتْلَفَاتُ تُضْمَنُ بِالْمِثْلِ وَبِغَيْرِ الْمِثْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ مَنْسُوخٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّالنَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى النَّسْخِ مَعَ مُدَّعِيهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَقَدْ بَسَطَ الْحَافِظُ فِيهِ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ بَسْطًا حَسَنًا وَأَجَادَ وقال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ الْمِثَالُ الْعِشْرُونَ رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ بِالْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقِيَاسِ وَزَعْمُهُمْ أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ الْأُصُولَ فَلَا يُقْبَلُ فَيُقَالُ الْأُصُولُ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَإِجْمَاعُ أُمَّتِهِ وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ الْمُوَافِقُ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يُقَالُ الْأَصْلُ يُخَالِفُ نَفْسَهُ هَذَا مِنْ أَبْطَلْ الْبَاطِلِ وَالْأُصُولُ فِي الْحَقِيقَةِ اثْنَانِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ رَسُولِهِ وَمَا عَدَاهُمَا فَمَرْدُودٌ إِلَيْهِمَا فَالسُّنَّةُ أَصْلٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَالْقِيَاسُ فَرْعٌ فَكَيْفَ يُرَدُّ الْأَصْلُ بِالْفَرْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مُوَافَقَةِ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ لِلْقِيَاسِ وَإِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ زعم أنه خلاف القياس ويالله الْعَجَبَ كَيْفَ وَافَقَ الْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ الْمُشْتَدِّ لِلْأُصُولِ حَتَّى قُبِلَ وَخَالَفَ خَبَرُ الْمُصَرَّاةِ لِلْأُصُولِ حَتَّى رد انتهى قلت قد أطال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خِلَافُ الْقِيَاسِ فَعَلَيْكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَمَّا مَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَنَارِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرِوَايَةُ الَّذِي لَيْسَ بِفَقِيهٍ غَيْرُ معتبر إِذَا كَانَتْ خِلَافَ الْقِيَاسِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي بِالْفَرْقِ بَيْنَ اللَّبَنِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلَبَنِ النَّاقَةِ أَوْ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَقْيِسَةِ فَأَقُولُ إِنَّ مِثْلَ هَذَا قَابِلُ الْإِسْقَاطِ مِنَ الْكُتُبِ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ عَامِلٌ وَأَيْضًا هَذِهِ الضَّابِطَةُ لَمْ تَرِدْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَكِنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إِلَى عِيسَى بْنِ أَبَانَ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ بِلَفْظِهِ قُلْتُ وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الضَّوَابِطِ وَالْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ قَابِلَةٌ لِلْإِسْقَاطِ مِنَ الْكُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَرِدْ عَنْهُ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلْ هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ بِلَا دَلِيلٍ وَشَأْنُهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ أَنْ يَقُولَ بِهَا تَنْبِيهٌ آخَرُ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَوَّلُ مَنْ أَجَابَ الطَّحَاوِيُّ فَعَارَضَ الْحَدِيثَ وَأَتَى بِحَدِيثِ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ أَقُولُ إِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ بِلَفْظِهِ ثُمَّ بَسَطَ فِي تَضْعِيفِ جَوَابِ الطَّحَاوِيِّ هَذَا وَتَوْهِينِهِ.

قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ جَوَابَ الطَّحَاوِيِّ هَذَا ضَعِيفٌ وَوَاهٍ وَقَدْ زَعَمَ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ حَدِيثَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَهَذَا زَعْمٌ فَاسِدٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقِيلَ إِنَّ نَاسِخَهُ حَدِيثُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ وَوُجْهَةُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ اللَّبَنَ فَضْلَةٌ مِنْ فَضَلَاتِ الشَّاةِ وَلَوْ هَلَكَتْ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِ المشتري فكذلك فضلاتها تكون له فكيف يعزم بَدَلَهَا لِلْبَائِعِ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا وتُعُقِّبَ بِأَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصْلَحُ مِنْهُ بِاتِّفَاقٍ فَكَيْفَ يُقَدَّمُ الْمَرْجُوحُ عَلَى الرَّاجِحِ وَدَعْوَى كَوْنِهِ بَعْدَهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَالْمُشْتَرِي لَمْ يُؤْمَرْ بِغَرَامَةِ مَا حَدَثَ فِي مِلْكِهِ بَلْ بِغَرَامَةِ اللَّبَنِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ فَلَيْسَ بَيْنَ الْحَدِيثِينَ عَلَىهُرَيْرَةَ يَقُولُ لَا سَمْرَاءَ تَمْرٌ لَيْسَ بِبُرٍّ فَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ تُبَيِّنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ التَّمْرُ ولَمَّا كَانَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالطَّعَامِ الْقَمْحُ نَفَاهُ بِقَوْلِهِ لَا سَمْرَاءَ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( مَعْنَى لَا سَمْرَاءَ لَا بُرَّ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَهِيَ الْحِنْطَةُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .

     قَوْلُهُ  ( وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ) قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ قَدْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ يَعْنِي حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَفْتَى به بن مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ.

     وَقَالَ  بِهِ مِنَ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مَنْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اللَّبَنُ الَّذِي احْتُلِبَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا ولَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ التَّمْرُ قُوتَ تِلْكَ الْبَلَدِ أَمْ لَا وخَالَفَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وفِي فُرُوعِهَا أَكْثَرُونَ أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَقَالُوا لَا يَرُدُّ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ وَلَا يَجِبُ رَدُّ صَاعٍ مِنَ التَّمْرِ وَخَالَفَهُمْ زُفَرُ فقال يقول الْجُمْهُورِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ صَاعِ تَمْرٍ أَوْ نِصْفِ صَاعِ بُرٍّ وَكَذَا قَالَ بن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ إِلَّا أَنَّهُمَا قَالَا لَا يَتَعَيَّنُ صَاعُ التَّمْرِ بَلْ قِيمَتُهُ وَاعْتَذَرَ الْحَنَفِيَّةُ عَنِ الْأَخْذِ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ بِأَعْذَارٍ شَتَّى فَمِنْهُمْ مَنْ طَعَنَ فِي الْحَدِيثِ بِكَوْنِهِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَمْ يَكُنْ كَابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ فَلَا يُؤْخَذُ بِمَا رَوَاهُ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ وَهُوَ كَلَامٌ آذَى قَائِلُهُ بِهِ نَفْسَهُ وفِي حِكَايَتِهِ غِنًى عَنْ تَكَلُّفِ الرَّدِّ عَلَيْهِ وَقَدْ تَرَكَ أَبُو حَنِيفَةَ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ لِرِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَمْثَالِهِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ بِنَبِيذِ التَّمْرِ وَمِنَ الْقَهْقَهَةِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وأَظُنُّ أَنَّ لهذه النكتة أورد البخاري حديث بن مَسْعُودٍ عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِشَارَةً مِنْهُ إلى أن بن مَسْعُودٍ قَدْ أَفْتَى بِوَفْقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَوْلَا أَنَّ خَبَرَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ ثابت لما خالف بن مَسْعُودٍ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فِي ذَلِكَ وَقَدْ اخْتُصَّ أَبُو هُرَيْرَةَ بِمَزِيدِ الْحِفْظِ لِدُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ ثُمَّ مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفَرِدْ أَبُو هُرَيْرَةَ بِرِوَايَةِ هَذَا الْأَصْلِ فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ وَأَبُو يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْخِلَافِيَّاتِ مِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يُسَمَّ.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا الْحَدِيثُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ وَثُبُوتِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَاعْتَلَّ مَنْ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ بِأَشْيَاءَ لَا حَقِيقَةَ لَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ حَدِيثٌ مُضْطَرِبٌ لِذِكْرِ التَّمْرِ فِيهِ تَارَةً وَالْقَمْحِ أُخْرَى وَاللَّبَنِ أُخْرَى وَاعْتِبَارِهِ بِالصَّاعِ تَارَةً وَبِالْمِثْلِ أَوْ الْمِثْلَيْنِ تَارَةً وَبِالْإِنَاءِ أُخْرَى وَالْجَوَابُ أَنَّ الطُّرُقَ الصَّحِيحَةَ لَا اخْتِلَافَ فِيهَا وَالضَّعِيفُ لَا يُعَلُّ بِهِ الصَّحِيحُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَهُوَ مُعَارِضٌ لِعُمُومِ الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ به وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ لَا الْعُقُوبَاتِ وَالْمُتْلَفَاتُ تُضْمَنُ بِالْمِثْلِ وَبِغَيْرِ الْمِثْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ مَنْسُوخٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّالنَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى النَّسْخِ مَعَ مُدَّعِيهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَقَدْ بَسَطَ الْحَافِظُ فِيهِ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْمَقَامِ بَسْطًا حَسَنًا وَأَجَادَ وقال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ الْمِثَالُ الْعِشْرُونَ رَدُّ الْمُحْكَمِ الصَّحِيحِ الصَّرِيحِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَرَّاةِ بِالْمُتَشَابِهِ مِنَ الْقِيَاسِ وَزَعْمُهُمْ أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ الْأُصُولَ فَلَا يُقْبَلُ فَيُقَالُ الْأُصُولُ كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ رَسُولِهِ وَإِجْمَاعُ أُمَّتِهِ وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ الْمُوَافِقُ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَالْحَدِيثُ الصَّحِيحُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فَكَيْفَ يُقَالُ الْأَصْلُ يُخَالِفُ نَفْسَهُ هَذَا مِنْ أَبْطَلْ الْبَاطِلِ وَالْأُصُولُ فِي الْحَقِيقَةِ اثْنَانِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا كَلَامُ اللَّهِ وَكَلَامُ رَسُولِهِ وَمَا عَدَاهُمَا فَمَرْدُودٌ إِلَيْهِمَا فَالسُّنَّةُ أَصْلٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَالْقِيَاسُ فَرْعٌ فَكَيْفَ يُرَدُّ الْأَصْلُ بِالْفَرْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مُوَافَقَةِ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ لِلْقِيَاسِ وَإِبْطَالُ قَوْلِ مَنْ زعم أنه خلاف القياس ويالله الْعَجَبَ كَيْفَ وَافَقَ الْوُضُوءُ بِالنَّبِيذِ الْمُشْتَدِّ لِلْأُصُولِ حَتَّى قُبِلَ وَخَالَفَ خَبَرُ الْمُصَرَّاةِ لِلْأُصُولِ حَتَّى رد انتهى قلت قد أطال الحافظ بن الْقَيِّمِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي إِبْطَالِ قَوْلِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ خِلَافُ الْقِيَاسِ فَعَلَيْكَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ تَنْبِيهٌ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَمَّا مَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَنَارِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ غَيْرُ فَقِيهٍ وَرِوَايَةُ الَّذِي لَيْسَ بِفَقِيهٍ غَيْرُ معتبر إِذَا كَانَتْ خِلَافَ الْقِيَاسِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي بِالْفَرْقِ بَيْنَ اللَّبَنِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَلَبَنِ النَّاقَةِ أَوْ الشَّاةِ أَوْ الْبَقَرَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْأَقْيِسَةِ فَأَقُولُ إِنَّ مِثْلَ هَذَا قَابِلُ الْإِسْقَاطِ مِنَ الْكُتُبِ فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ بِهِ عَامِلٌ وَأَيْضًا هَذِهِ الضَّابِطَةُ لَمْ تَرِدْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَلَكِنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إِلَى عِيسَى بْنِ أَبَانَ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ بِلَفْظِهِ قُلْتُ وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الضَّوَابِطِ وَالْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ الْمَنْسُوبَةِ إِلَى الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ قَابِلَةٌ لِلْإِسْقَاطِ مِنَ الْكُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَرِدْ عَنْهُ رَحِمَهُ اللَّهُ بَلْ هِيَ مَنْسُوبَةٌ إِلَيْهِ بِلَا دَلِيلٍ وَشَأْنُهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ أَنْ يَقُولَ بِهَا تَنْبِيهٌ آخَرُ قَالَ صَاحِبُ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ أَوَّلُ مَنْ أَجَابَ الطَّحَاوِيُّ فَعَارَضَ الْحَدِيثَ وَأَتَى بِحَدِيثِ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ أَقُولُ إِنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَيْسَ بِذَاكَ الْقَوِيِّ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الْعَرْفِ الشَّذِيِّ بِلَفْظِهِ ثُمَّ بَسَطَ فِي تَضْعِيفِ جَوَابِ الطَّحَاوِيِّ هَذَا وَتَوْهِينِهِ.

قُلْتُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ جَوَابَ الطَّحَاوِيِّ هَذَا ضَعِيفٌ وَوَاهٍ وَقَدْ زَعَمَ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ حَدِيثَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ وَهَذَا زَعْمٌ فَاسِدٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ وَقِيلَ إِنَّ نَاسِخَهُ حَدِيثُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ عَائِشَةَ وَوُجْهَةُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ اللَّبَنَ فَضْلَةٌ مِنْ فَضَلَاتِ الشَّاةِ وَلَوْ هَلَكَتْ لَكَانَ مِنْ ضَمَانِ المشتري فكذلك فضلاتها تكون له فكيف يعزم بَدَلَهَا لِلْبَائِعِ حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ أَيْضًا وتُعُقِّبَ بِأَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصْلَحُ مِنْهُ بِاتِّفَاقٍ فَكَيْفَ يُقَدَّمُ الْمَرْجُوحُ عَلَى الرَّاجِحِ وَدَعْوَى كَوْنِهِ بَعْدَهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا وَعَلَى التَّنَزُّلِ فَالْمُشْتَرِي لَمْ يُؤْمَرْ بِغَرَامَةِ مَا حَدَثَ فِي مِلْكِهِ بَلْ بِغَرَامَةِ اللَّبَنِ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ فَلَيْسَ بَيْنَ الْحَدِيثِينَ عَلَى29 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي الْمُصَرَّاةِ) اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ التَّصْرِيَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْمُصَرَّاةُ النَّاقَةُ أَوْ الْبَقَرَةُ أَوِ الشَّاةُ يُصَرَّى اللَّبَنُ فِي ضَرْعِهَا أَيْ يُجْمَعُ وَيُحْبَسُ انْتَهَى يَعْنِي لِتُبَاعَ كذلك ويغتربها الْمُشْتَرِي وَيَظُنَّ أَنَّهَا لَبُونٌ فَيَزِيدَ فِي الثَّمَنِ

رقم الحديث 1253 [1253] .

     قَوْلُهُ  ( وَاشْتَرَطَ ظَهْرَهُ إِلَى أَهْلِهِ) وفِي رِوَايَةٍ لِلصَّحِيحَيْنِ وَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُرَادُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ قَالَ الشَّوْكَانِيُّ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ الرُّكُوبِ وبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَجَوَّزَهُ مَالِكٌ إِذَا كَانَتْ مَسَافَةُ السَّفَرِ قَرِيبَةً وَحَدَّهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَآخَرُونَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ سَوَاءٌ قَلَّتِ الْمَسَافَةُ أَوْ كَثُرَتْ وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ وَحَدِيثِ النَّهْيِ عَنِ الثُّنْيَا وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ قِصَّةُ عَيْنٍ تَدْخُلُهَا الِاحْتِمَالَاتُ ويُجَابُ بِأَنَّ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْمَقَالِ هُوَ أَعَمُّ مِنْ حَدِيثِ الْبَابِ مُطْلَقًا فَيُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ وأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنِ الثُّنْيَا فَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْيِيدُهُ بِقَوْلِهِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ38 - ( باب فِي الِانْتِفَاعِ بِالرَّهْنِ) أَيْ بِالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ