فهرس الكتاب

تحفة الاحوذي - باب ما جاء في ابتداء القبلة

رقم الحديث 2158 [2158] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدِ) بْنِ قَيْسٍ الْأَنْصَارِيِّ الْقَاضِي ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ الْخَامِسَةِ ( عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ) بِالتَّصْغِيرِ وَاسْمُهُ أَسْعَدُ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ أَسْعَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو أُمَامَةَ مَعْرُوفٌ بِكُنْيَتِهِ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ لَهُ رُؤْيَةٌ وَلَمْ يَسْمَعْ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى.

     قَوْلُهُ  ( أَشْرَفَ) أَيِ اطَّلَعَ عَلَى النَّاسِ مِنْ فَوْقٍ يُقَالُ أَشْرَفَ عَلَيْهِ إِذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ فَوْقٍ ( يَوْمَ الدَّارِ) أَيْ وَقْتَ الْحِصَارِ أَيْ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي جَلَسَ فِيهَا فِي دَارِهِ لِأَجْلِ أَهْلِ الْفِتْنَةِ ( فَقَالَ أَنْشُدُكُمْ) بِضَمِّ الشِّينِ أَيْ أُقْسِمُكُمْ ( أَتَعْلَمُونَ) الْهَمْزَةُ لِلتَّقْرِيرِ أَيْ قَدْ تَعْلَمُونَ ( لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ) هو صفة مقيدة لامرىء أَيْ لَا يَحِلُّ إِرَاقَةُ دَمِهِ كُلِّهِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قَتْلِهِ وَلَوْ لَمْ يُرِقْ دَمَهُ ( إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ) أَيْ مِنَ الْخِصَالِ ( زِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَصْلُ الْإِحْصَانِ الْمَنْعُ وَالْمَرْأَةُ تَكُونُ مُحْصَنَةً بِالْإِسْلَامِ وَبِالْعَفَافِ وَالْحُرِّيَّةِ وَبِالتَّزْوِيجِ يُقَالُ أَحْصَنَتِ الْمَرْأَةُ فَهِيَ مُحْصَنَةٌ وَمُحْصِنَةٌ وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ انْتَهَى ( فَقُتِلَ بِهِ) تَقْرِيرٌ وَمَزِيدُ تَوْضِيحٍ لِلْمَعْنَى ( مُنْذُ بَايَعْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ بَيْعَةَ الْإِسْلَامِ ( وَلَا قَتَلْتُ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ) أَيْ قَتْلَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ ( فَبِمَ تَقْتُلُونِّي) بِتَشْدِيدِ النُّونِ وَفِي المشكاة تقتلونني قال القارىء بِنُونَيْنِ وَفِي نُسْخَةٍ يَعْنِي مِنْهَا بِنُونٍ مُشَدَّدَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ بِتَخْفِيفِهَا أَيْ فَبِأَيِّ سَبَبٍ تُرِيدُونَ قَتْلِي وَالْخِطَابُ لِلتَّغْلِيبِ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ قَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْحَافِظَ الْعِرَاقِيَّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ اسْتَثْنَى بَعْضُهُمْ مِنَ الثَّلَاثَةِ قَتْلَ الصَّائِلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَتْلُهُ لِلدَّفْعِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ يُخَصُّ مِنْ عُمُومِ الثَّلَاثَةِ الصَّائِلُ وَنَحْوُهُ فَيُبَاحُ قَتْلُهُ فِي الدَّفْعِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ أَوْ يَكُونُ الْمُرَادُ لَا يَحِلُّ تَعَمُّدُ قَتْلِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ قَتْلُهُ إِلَّا مُدَافَعَةً بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ قَالَ الحافظ والجواب الثاني هو المعتمد وحكى بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ الْمُحَارَبَةِ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ في الأرض قَالَ فَأَبَاحَ الْقَتْلَ بِمُجَرَّدِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ قَالَ فَقَدْ وَرَدَ فِي الْقَتْلِ بِغَيْرِ الثَّلَاثِ أَشْيَاءَ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي وَحَدِيثُ مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوهُ وَحَدِيثُ مَنْ أَتَى بَهِيمَةً فَاقْتُلُوهُ وَحَدِيثُ مَنْ خَرَجَ وَأَمْرُ النَّاسِ جَمْعٌ يُرِيدُ تَفَرُّقَهُمْ فَاقْتُلُوهُ وَقَوْلُ جَمَاعَةِ الْأَئِمَّةِ إِنْ تَابَ أَهْلُ الْقَدَرِ وَإِلَّا قُتِلُوا وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ يُضْرَبُ الْمُبْتَدِعُ حَتَّى يَرْجِعَ أَوْ يَمُوتَ وَقَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ يُقْتَلُ تَارِكُ الصَّلَاةِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ زَائِدٌ عَلَى الثَّلَاثِ قَالَ الْحَافِظُ وَزَادَ غَيْرُهُ قَتْلَ مَنْ طَلَبَ أَخْذَ مَالِ إنسانأَوْ حَرِيمِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَمَنِ ارْتَدَّ وَلَمْ يُفَارِقِ الْجَمَاعَةَ وَمَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ وَأَظْهَرَ الشِّقَاقَ وَالْخِلَافَ وَالزِّنْدِيقِ إِذَا تَابَ عَلَى رَأْيٍ وَالسَّاحِرِ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الْأَكْثَرَ فِي الْمُحَارَبَةِ أَنَّهُ إِنْ قَتَلَ قُتِلَ وَبِأَنَّ حُكْمَ الْآيَةِ فِي الْبَاغِي أَنْ يُقَاتَلَ لَا أَنْ يُقْصَدَ إِلَى قَتْلِهِ وَبِأَنَّ الْخَبَرَيْنِ فِي اللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ لَمْ يَصِحَّا وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ فهما داخلان في الزنى وَحَدِيثُ الْخَارِجِ عَنِ الْمُسْلِمِينَ تَقَدَّمَ تَأْوِيلُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَتْلِهِ حَبْسُهُ وَمَنْعُهُ مِنَ الْخُرُوجِ وَالْقَوْلُ فِي الْقَدَرِيَّةِ وَسَائِرِ الْمُبْتَدِعَةِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْفِيرِهِمْ وَبِأَنَّ قَتْلَ تَارِكِ الصَّلَاةِ عِنْدَ مَنْ لَا يُكَفِّرُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا مَنْ طَلَبَ الْمَالَ أَوِ الْحَرِيمَ فَمِنْ حُكْمِ دَفْعِ الصَّائِلِ وَمُخَالِفُ الْإِجْمَاعِ دَاخِلٌ فِي مُفَارِقِ الْجَمَاعَةِ وَقَتْلُ الزِّنْدِيقِ لِاسْتِصْحَابِ حُكْمِ كُفْرِهِ وَكَذَا الساحر وقد حكى بن الْعَرَبِيِّ عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ أَنَّ أَسْبَابَ الْقَتْلِ عشرة قال بن الْعَرَبِيِّ وَلَا تَخْرُجُ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِحَالٍ فَإِنَّ مَنْ سَحَرَ أَوْ سَبَّ نَبِيَّ اللَّهِ كَفَرَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّارِكِ لِدِينِهِ انْتَهَى كَلَامُ الْحَافِظِ بِاخْتِصَارٍ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنِ بن مسعود وعائشة وبن عباس) أما حديث بن مسعود فأخرجه الأئمة الستة إلا بن مَاجَهْ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وغيرهما وأما حديث بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وبن ماجه والدارمي2 - ( باب ما جاء تحريم الدماء والأموال)

رقم الحديث 2159 [2159] .

     قَوْلُهُ  (عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ) بِمُعْجَمَةٍ وَقَافٍ ثِقَةٌ مِنَ الرَّابِعَةِ (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأحْوَصِ) الْجُشَمِيِّ الْكُوفِيِّ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (عَنْ أَبِيهِ) أَيْ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَصِ الْجُشَمِيِّ قَالَ الْحَافِظُ صَحَابِيٌّ لَهُ حَدِيثٌ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ .

     قَوْلُهُ  (يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ) أَيْ يَوْمَ النَّحْرِ وَالْوَدَاعِ بِفَتْحِ الْوَاوِ مَصْدَرُ وَدَّعَ تَوْدِيعًا كَسَلَّمَ سَلَامًا وَكَلَّمَ كَلَامًا وَقِيلَ بِكَسْرِ الْوَاوِ فَيَكُونُ مَصْدَرُ الْمُوَادَعَةِ وَهُوَ إِمَّا لِوَدَاعِهِ النَّاسَ أَوِ الْحَرَمَ فِي تِلْكَ الْحِجَّةِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا قَالَ الشُّمُنِّيُّ لَمْ يُسْمَعْ فِي حَاءِ ذِي الْحِجَّةِ إِلَّا الْكَسْرُ قَالَ صَاحِبُ الصِّحَاحِ الْحِجَّةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَهُوَ مِنَ الشَّوَاذِّ لِأَنَّ الْقِيَاسَ الْفَتْحُ (أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) قَالَ تَعَالَى وَأَذَانٌ من الله ورسوله إلى الناس أَيْ إِعْلَامٌ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بريء من المشركين ورسوله قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ أَيْ يَوْمَ الْعِيدِ لِأَنَّ فِيهِ تَمَامَ الْحَجِّ وَمُعْظَمَ أَفْعَالِهِ وَلِأَنَّ الْإِعْلَامَ كَانَ فِيهِ وَلِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَفَ يَوْمَ النَّحْرِ عِنْدَ الْجَمَرَاتِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وَقِيلَ يَوْمُ عَرَفَةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْحَجُّ عَرَفَةُ وَوُصِفَ الْحَجُّ بِالْأَكْبَرِ لِأَنَّ الْعُمْرَةَ الْحَجُّ الْأَصْغَرُ أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَجِّ مَا يَقَعُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ أَعْمَالِهِ فَإِنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ بَاقِي الْأَعْمَالِ أَوْ لِأَنَّ ذَلِكَ الْحَجَّ اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَوَافَقَ عِيدُهُ أَعْيَادَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَوْ لِأَنَّهُ ظَهَرَ فِيهِ عِزُّ المسلمين وذل المشركين انتهى وقال بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هُوَ يَوْمُ عَرَفَةَ إِذْ مَنْ أَدْرَكَ عَرَفَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الْحَجَّ ثُمَّ .

     قَوْلُهُ مْ يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ بِظَاهِرِهِ يُنَافِي جَوَابَهُمُ السَّابِقَ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ يَعْنِي فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ وَلَعَلَّ هَذَا فِي يَوْمٍ آخَرَ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ أَوْ أَحَدُ الْجَوَابَيْنِ صَدَرَ عَنْ بَعْضِهِمْ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ (قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ) أَيْ تَعَرُّضَكُمْ لِبَعْضِكُمْ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَعْرَاضِهِمْ وَالْعِرْضُ بِالْكَسْرِ مَوْضِعُ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِنَ الْإِنْسَانِ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِهِ أَوْ سَلَفِهِ (بَيْنَكُمْ) احْتِرَازٌ عَنِ الْحُقُوقِ الشَّرْعِيَّةِ (حَرَامٌ) أَيْ مُحَرَّمٌ مَمْنُوعٌ (كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا) يَعْنِي تَعَرُّضَ بَعْضِكُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ وَأَمْوَالِهِ وَأَعْرَاضِهِ فِي غَيْرِهَذِهِ الْأَيَّامِ كَحُرْمَةِ التَّعَرُّضِ لَهَا فِي هَذَا الْيَوْمِ (فِي بَلَدِكُمْ) أَيْ مَكَّةَ أَوِ الْحَرَمِ الْمُحْتَرَمِ (هَذَا) وَلَعَلَّ تَرْكَ الشَّهْرِ اقْتِصَارٌ مِنَ الرَّاوِي وَإِنَّمَا شَبَّهَهَا فِي الْحُرْمَةِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ اسْتِبَاحَةَ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ وَانْتِهَاكَ حُرْمَتِهَا بِحَالٍ (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ (لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ الْجِنَايَةُ الذَّنْبُ وَالْجُرْمُ وَمَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ مِمَّا يُوجِبُ عَلَيْهِ الْعَذَابَ أَوِ الْقِصَاصَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِجِنَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ وَأَبَاعِدِهِ فَإِذَا جَنَى أَحَدُهُمَا جِنَايَةً لَا يُعَاقَبُ بِهَا الْآخَرُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تزر وازرة وزر أخرى انْتَهَى (أَلَا) لِلتَّنْبِيهِ (لَا يَجْنِي جَانٍ عَلَى وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ النَّهْيَ عَنِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لِاخْتِصَاصِهَا بِمَزِيدِ قُبْحٍ وَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ تَأْكِيدَ لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ فَإِنَّ عَادَتَهُمْ جَرَتْ بِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أَقَارِبَ الشَّخْصِ بِجِنَايَتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا ظُلْمٌ يُؤَدِّي إِلَى ظُلْمٍ آخَرَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا نَفْيٌ فَيُوَافِقُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنَّمَا خَصَّ الْوَلَدَ وَالْوَالِدَ لِأَنَّهُمَا أَقْرَبُ الْأَقَارِبِ فإذا لم يؤاخذا بفعله فَغَيْرُهُمَا أَوْلَى وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُؤْخَذُ الرَّجُلُ بِجَرِيمَةِ أَبِيهِ وَضُبِطَ بِالْوَجْهَيْنِ (أَلَا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ) وَهُوَ إِبْلِيسُ الرَّئِيسُ أَوِ الْجِنْسُ الْخَسِيسُ (قَدْ أيس) أي قنط (أن يعبد) قال القارىء أَيْ مِنْ أَنْ يُطَاعَ فِي عِبَادَةِ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ عَبَدَهُ أَحَدٌ مِنَ الْكُفَّارِ انْتَهَى وَقِيلَ مَعْنَاهُ إِنَّ الشَّيْطَانَ أَيِسَ أَنْ يَعُودَ أَحَدٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عِبَادَةِ الصَّنَمِ وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا مِثْلُ أَصْحَابِ مَسْلَمَةَ وَمَانِعِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنِ ارْتَدَّ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعْبُدُوا الصَّنَمَ وَيُحْتَمَلُ مَعْنًى آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ أَشَارَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنَّ الْمُصَلِّينَ مِنْ أُمَّتِي لَا يَجْمَعُونَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَعِبَادَةِ الشَّيْطَانِ كَمَا فَعَلَتْهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَلَكَ أَنْ تَقُولَ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الشَّيْطَانَ أَيِسَ مِنْ أَنْ يَتَبَدَّلَ دِينُ الْإِسْلَامِ وَيَظْهَرَ الْإِشْرَاكُ وَيَسْتَمِرَّ وَيَصِيرَ الْأَمْرُ كَمَا كَانَ مِنْ قَبْلُ وَلَا يُنَافِيهِ ارْتِدَادُ مَنِ ارتدد بَلْ لَوْ عَبَدَ الْأَصْنَامَ أَيْضًا لَمْ يَضُرَّ فِي الْمَقْصُودِ فَافْهَمْ كَذَا فِي اللُّمَعَاتِ مَعَ زِيَادَةٍ (فِي بِلَادِكُمْ هَذِهِ) أَيْ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ (وَلَكِنْ سَتَكُونُ لَهُ طاعة) أي القياد أَوْ طَاعَةٌ (فِيمَا تُحَقِّرُونَ) بِتَشْدِيدِ الْقَافِ مِنَ التَّحْقِيرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ تَحْتَقِرُونَ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْحَقْرُ الذِّلَّةُ كَالْحُقْرِيَّةِ بِالضَّمِّ الْحَقَارَةُ مُثَلَّثَةٌ وَالْمَحْقَرَةُ وَالْفِعْلُ كَضَرَبَ وَكَرُمَ وَالْإِذْلَالُ كَالتَّحْقِيرِ وَالِاحْتِقَارِ وَالِاسْتِحْقَارِ وَالْفِعْلُ كَضَرَبَ انْتَهَى (مِنْ أَعْمَالِكُمْ) أَيْ دُونَ الْكُفْرِ مِنَ الْقَتْلِ وَالنَّهْبِ وَنَحْوِهِمَا مِنَ الْكَبَائِرِ وَتَحْقِيرِ الصَّغَائِرِ (فَسَيَرْضَى) بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ أَيِ الشَّيْطَانُ (بِهِ) أَيْ بِالْمُحْتَقِرِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الذَّنْبُ الْأَكْبَرُ وَلِهَذَا تَرَى الْمَعَاصِيَ مِنَ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَنَحْوِهِمَا تُوجَدُ كَثِيرًا فِي الْمُسْلِمِينَ وقليلا فيالْكَافِرِينَ لِأَنَّهُ قَدْ رَضِيَ مِنَ الْكُفَّارِ بِالْكُفْرِ فَلَا يُوَسْوِسُ لَهُمْ فِي الْجُزْئِيَّاتِ وَحَيْثُ لَا يَرْضَى عَنِ الْمُسْلِمِينَ بِالْكُفْرِ فَيَرْمِيهِمْ فِي الْمَعَاصِي وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الصَّلَاةُ الَّتِي لَيْسَ لَهَا وَسْوَسَةٌ إِنَّمَا هِيَ صَلَاةُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمِنَ الْأَمْثَالِ لَا يَدْخُلُ اللِّصُّ فِي بَيْتٍ إِلَّا فِيهِ مَتَاعٌ نَفِيسٌ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  فِيمَا تَحْتَقِرُونَ أَيْ مِمَّا يَتَهَجَّسُ فِي خَوَاطِرِكُمْ وَتَتَفَوَّهُونَ عَنْ هَنَاتِكُمْ وَصَغَائِرِ ذُنُوبِكُمْ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى هَيْجِ الْفِتَنِ وَالْحُرُوبِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ يَئِسَ مِنْ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ قوله (وفي الباب عن أبي بكرة وبن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَحُذَيْمِ بْنِ عَمْرٍو السَّعْدِيِّ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْمِ بْنِ عَمْرٍو السَّعْدِيِّ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَهُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ وَالِدُ زِيَادٍ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ الْحَدِيثَ حَدِيثًا وَاحِدًا وَعَنْهُ ابْنُهُ زِيَادٌ وَرَقَمَ عَلَيْهِ الْحَافِظُ عَلَامَةَ س .

     قَوْلُهُ  (هَذَا حديث حسن صحيح وأخرجه بن مَاجَهْ (بَاب مَا جَاءَ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ مِنَ التَّرْوِيعِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ رَاعَ أَفْزَعَ كَرَوَّعَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ

رقم الحديث 2160 [216] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ) قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ الْكِنْدِيُّ أَبُو محمد المدني بن أُخْتِ نِمْرٍ رَوَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ حَدِيثَ لَا يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ عَصَا أَخِيهِ قَالَ الترمذي حسن غريب روى عنه بن أَبِي ذِئْبٍ قَالَ أَحْمَدُ لَا أَعْرِفُ لَهُ غير حديث بن أَبِي ذِئْبٍ.
وَأَمَّا السَّائِبُ فَقَدْ رَأَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ النَّسَائِيُّ عَبْدُ الله بن السائب ثقةوذكره بن حبان في الثقات وقال بن سَعْدٍ كَانَ ثِقَةً قَلِيلَ الْحَدِيثِ انْتَهَى ( عَنْ أَبِيهِ) هُوَ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ الْكِنْدِيِّ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فِي نَسَبِهِ وَيُعْرَفُ بِابْنِ أُخْتِ النَّمِرِ صَحَابِيٌّ صَغِيرٌ لَهُ أَحَادِيثُ قَلِيلَةٌ وَحُجَّ بِهِ فِي حِجَّةِ الْوَدَاعِ وَهُوَ بن سَبْعِ سِنِينَ وَوَلَّاهُ عُمَرُ سُوقَ الْمَدِينَةِ ( عَنْ جَدِّهِ) هُوَ يَزِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ وَالِدُ السَّائِبِ صَحَابِيٌّ شَهِدَ الْفَتْحَ وَاسْتَقْضَاهُ عُمَرُ .

     قَوْلُهُ  ( لَا يَأْخُذْ) بِصِيغَةِ النَّهْيِ وَقِيلَ بِالنَّفْيِ ( عَصَا أَخِيهِ) يَعْنِي مَثَلًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ لَا يَأْخُذَنَّ أَحَدُكُمْ مَتَاعَ أَخِيهِ ( لَاعِبًا جَادًّا) حَالَانِ مِنْ فَاعِلِ يَأْخُذْ وَإِنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَتَانِ تَنَاقَضَتَا وَإِنْ ذَهَبَ إِلَى التَّدَاخُلِ صَحَّ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ الله قال القارىء يَعْنِي وَيَكُونُ حَالًا مِنَ الْأَوَّلِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحَالَ الثَّانِيَةَ مُقَدَّرَةٌ حَتَّى لَا يَلْزَمَ التَّنَاقُضُ سَوَاءٌ كَانَتَا مُتَرَادِفَتَيْنِ أَوْ مُتَدَاخِلَتَيْنِ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَالثَّانِي عَلَى بَاطِنِهِ أَيْ لَاعِبًا ظَاهِرًا جَادًّا بَاطِنًا أَيْ يَأْخُذُ عَلَى سَبِيلِ الْمُلَاعَبَةِ وَقَصْدُهُ فِي ذَلِكَ إِمْسَاكُهُ لِنَفْسِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ اللَّعِبُ وَالْجَدُّ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَلِذَا قَالَ الْمُظْهِرُ مَعْنَاهُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى وَجْهِ الدَّلِّ وَسَبِيلِ الْمِزَاحِ ثُمَّ يَحْبِسُهَا عَنْهُ وَلَا يَرُدُّهُ فَيَصِيرَ ذَلِكَ جِدًّا وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ هُوَ أَنْ يَأْخُذَ مَتَاعَهُ لَا يُرِيدُ سَرِقَتَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ إِدْخَالَ الْغَيْظِ عَلَيْهِ فَهُوَ لَاعِبٌ فِي السَّرِقَةِ جَادٌّ فِي إِدْخَالِ الْغَيْظِ وَالرَّوْعِ وَالْأَذَى عَلَيْهِ انْتَهَى وَيَنْصُرُ الْأَوَّلَ .

     قَوْلُهُ  ( فَمَنْ أَخَذَ عَصَا أَخِيهِ فَلْيَرُدَّهَا إِلَيْهِ) قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا ضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْعَصَا لِأَنَّهُ مِنَ الْأَشْيَاءِ التَّافِهَةِ الَّتِي لَا يَكُونُ لَهَا كَبِيرُ خَطَرٍ عِنْدَ صَاحِبِهَا لِيُعْلَمَ أَنَّ مَا كَانَ فَوْقَهُ فَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى أَحَقُّ وَأَجْدَرُ قوله ( وفي الباب عن بن عُمَرَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ وَجَعْدَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ) أما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ عَنْهُ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَوْ مُؤْمِنٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا كَذَا فِي التَّرْغِيبِ وَأَمَّا حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ وَحَدِيثُ جَعْدَةَ فَلْيُنْظَرْ مَنْ أَخْرَجَهُمَا وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْرَجَهُ أَبُو الشَّيْخِ ذَكَرَهُ الْمُنْذِرِيُّ فِي بَابِ التَّرْهِيبِ عَنْ تَرْوِيعِ الْمُسْلِمِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَسَكَتَ عَلَيْهِ هُوَ وَالْمُنْذِرِيُّ.

     قَوْلُهُ  ( وَأَبُوهُ يَزِيدُ بْنُ السَّائِبِ إِلَخْ) كَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ يَزِيدُ بْنُ السَّائِبِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ يَزِيدَ هَذَا هُوَ يَزِيدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ ثُمَامَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ فَلَعَلَّهُ يُقَالُ لَهُ يَزِيدُ بْنُ السَّائِبِ أَيْضًا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ ( باب ما جاء في إشارة الرجل على أَخِيهِ بِالسِّلَاحِ) بِالْكَسْرِ السِّلَاحُ وَالسِّلَحُ كَعِنَبٍ وَالسُّلْحَانُ بِالضَّمِّ آلَةُ الْحَرْبِ أَوْ حَدِيدَتُهَا وَيُؤَنَّثُ وَالسَّيْفُ وَالْقَوْسُ بِلَا وَتَرٍ وَالْعَصَا انْتَهَى

رقم الحديث 2162 [2162] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّبَّاحِ) بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ( الْهَاشِمِيُّ) الْعَطَّارُ الْبَصْرِيُّ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ الْعَاشِرَةِ ( أَخْبَرَنَا مَحْبُوبُ بْنُ الْحَسَنِ) اسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَمَحْبُوبٌ لَقَبُهُ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ هِلَالِ بْنِ أَبِي زَيْنَبَ فَيْرُوزُ أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو الْحَسَنِ لَقَبُهُ مَحْبُوبٌ صَدُوقٌ فِيهِ لِينٌ رُمِيَ بِالْقَدَرِ مِنَ التَّاسِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( مَنْ أَشَارَ عَلَى أَخِيهِ) فِي الدِّينِ ( بِحَدِيدَةٍ) أَيْ بِسِلَاحٍ كَسِكِّينٍ وَخِنْجَرٍ وَسَيْفٍ وَرُمْحٍ ( لَعَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ) أَيْ دَعَتْ عَلَيْهِ بِالطَّرْدِ وَالْبُعْدِ عَنِ الرَّحْمَةِ .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَعَائِشَةَ وَجَابِرٍ) أَمَّا حَدِيثُ أَبِي بَكْرَةَ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ عَنْهَا مَرْفُوعًا مَنْ أَشَارَ بِحَدِيدَةٍ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُرِيدُ قَتْلَهُ فَقَدْ وَجَبَ دَمُهُ قَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِيهِ مَجْهُولٌ وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ أَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ .

     قَوْلُهُ  ( وَزَادَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ) أَيِ الْمُشِيرُ ( أَخَاهُ) أَيْ أَخَا الْمُشَارِ إِلَيْهِ ( لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ) أَيْ مَعًا وَإِنْ وَصْلِيَّةٌ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

     قَوْلُهُ  وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ تَتْمِيمٌ لِمَعْنَى الْمُلَاعَبَةِ وَعَدَمِ الْقَصْدِ فِي الْإِشَارَةِ فَبَدَأَ بِمُطْلَقِ الْأُخُوَّةِ ثُمَّ قَيَّدَهُ بِالْأُخُوَّةِ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ لِيُؤْذِنَ بِأَنَّ اللَّعِبَ الْمَحْضَ الْمُغْرِيَ عَنْ شَائِبَةِ الْقَصْدِ إِذَا كَانَ حُكْمُهُ كَذَا فَمَا ظَنُّكَ بِغَيْرِهِ ( بَاب مَا جَاءَ فِي النَّهْيِ عَنْ تَعَاطِي السَّيْفِ مَسْلُولًا) التَّعَاطِي التَّنَاوُلُ وَالْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ

رقم الحديث 2163 [2163] .

     قَوْلُهُ  ( نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَعَاطَى السَّيْفُ مسلولا) فيكره مناولته كذلك لأنه قد يخطىء فِي تَنَاوُلِهِ فَيَجْرَحُ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ أَوْ يَسْقُطُ عَلَى أَحَدٍ فَيُؤْذِيهِ .

     قَوْلُهُ  ( وفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْفَتْحِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالْحَاكِمُ وَسَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُدَ وَنَقَلَ الْمُنْذِرِيُّ تَحْسِينَ التِّرْمِذِيِّ وَأَقَرَّهُ .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ بَنَّةَ الْجُهَنِيِّ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ صَحَابِيٌّ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ حديثه تعليقا عن بن لهيعةبِسَنَدِهِ وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَثْقِيلِ النُّونِ وَقِيلَ أوله تحتانية ورجح بن مَعِينٍ أَنَّهُ بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرًا انْتَهَى وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي ضَبْطِهِ فذكره البغوي في الباء الموحدة وذكره بن السَّكَنِ فِي الْيَاءِ الْأَخِيرَةِ وَذَكَرَهُ عَبَّاسٌ الدَّوْرِيُّ عن بن مَعِينٍ فِي النُّونِ قَالَ أَبُو عُمَرَ هِيَ رواية بن وهب عن بن لَهِيعَةَ وَهِيَ أَرْجَحُ الرِّوَايَاتِ انْتَهَى ( بَاب مَا جَاءَ مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ) عز وجل

رقم الحديث 2164 [2164] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ) صَاحِبُ الطَّعَامِ ضَعِيفٌ وَكَانَ عَابِدًا مِنَ الثَّامِنَةِ .

     قَوْلُهُ  ( مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ) فِي جَمَاعَةٍ ( فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ عَهْدِهِ أَوْ أَمَانِهِ أَوْ ضَمَانِهِ فَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهُ بِالْأَذَى وَهَذَا غَيْرُ الْأَمَانِ الَّذِي ثَبَتَ بِكَلِمَةِ التَّوْحِيدِ ( فَلَا يُتْبِعَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ) ظَاهِرُهُ النَّهْيُ عَنْ مُطَالَبَتِهِ إِيَّاهُمْ بِشَيْءٍ مِنْ عَهْدِهِ لَكِنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا وَقَعَ عَلَى مَا يُوجِبُ الْمُطَالَبَةَ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ وَإِخْفَارِ الذِّمَّةِ لَا عَلَى نَفْسِ الْمُطَالَبَةِ وَفِي حَدِيثِ جُنْدُبٍ الْقَسْرِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ قَالَ القارىء أَيْ لَا يُؤَاخِذُكُمْ مِنْ بَابِ لَا أَرَيْنَكَ الْمُرَادُ نَهْيُهُمْ عَنِ التَّعَرُّضِ لِمَا يُوجِبُ مُطَالَبَةَ إِيَّاهُمْ وَمِنْ بِمَعْنَى لِأَجْلِ وَالضَّمِيرُ فِي ذِمَّتِهِ إِمَّا لِلَّهِ وَإِمَّا لِمِنْ وَالْمُضَافُ مَحْذُوفٌ أَيْ لِأَجْلِ تَرْكِ ذِمَّتِهِ أَوْ بَيَانِيَّةٌ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ مِنْ شَيْءٍ وَفِي الْمَصَابِيحِ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ قِيلَ أَيْ بِنَقْضِ عَهْدِهِ وَإِخْفَارِ ذِمَّتِهِ بِالتَّعَرُّضِ لِمَنْ لَهُ ذِمَّةٌ أَوِ الْمُرَادُ بِالذِّمَّةِ الصَّلَاةُ الْمُوجِبَةُ لِلْأَمَانِ أَيْ لَا تَتْرُكُوا صَلَاةَ الصُّبْحِ فَيُنْتَقَضُ بِهِ الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ فَيَطْلُبُكُمْ بِهِ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عن جندب وبن عُمَرَ) أَمَّا حَدِيثُ جُنْدُبٍ فَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وأما حديث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ بِنَحْوِهِ وَفِي أَوَّلِهِ قِصَّةٌ ثُمَّ ذَكَرَهَا بِطُولِهَا.

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ) فِي سَنَدِهِ مَعْدِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا عَرَفْتَ لَكِنْ قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فِي تَرْجَمَتِهِ صَحَّحَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَهُ ( بَاب مَا جَاءَ فِي لُزُومِ الْجَمَاعَةِ)

رقم الحديث 2165 [2165] .

     قَوْلُهُ  ( أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو الْمُغِيرَةِ) قَالَ فِي التَّقْرِيبِ النَّضْرُ بالمعجمة بن إِسْمَاعِيلَ بْنِ حَازِمٍ الْبَجَلِيُّ أَبُو الْمُغِيرَةِ الْكُوفِيُّ الْقَاصُّ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ مِنْ صِغَارِ الثَّامِنَةِ ( عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْغَنَوِيِّ أَبِي بَكْرٍ الْكُوفِيُّ الْعَابِدُ ثِقَةٌ مَرْضِيٌّ عَابِدٌ مِنَ الْخَامِسَةِ .

     قَوْلُهُ  ( خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ) خُطْبَةُ عُمَرَ هَذِهِ مَشْهُورَةٌ خَطَبَهَا بِالْجَابِيَةِ وَهِيَ قَرْيَةٌ بِدِمَشْقَ ( فَقَالَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ) أَيِ التابعين ( ثم الذين يلونهم) أي أتباع للتابعين وقوله بأصحابي وليس مراده به ولاة الأمور ( ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ) أَيْ يَظْهَرُ وَيَنْتَشِرُ بَيْنَ النَّاسِ بِغَيْرِ نَكِيرٍ ( حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلَا يُسْتَحْلَفُ) أَيْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ الْحَلِفُ لِجُرْأَتِهِ عَلَى اللَّهِ ( وَيَشْهَدُ الشَّاهِدُ وَلَا يُسْتَشْهَدُ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي أَوَاخِرِ الشَّهَادَاتِ الْمُرَادُ بِهِ شَهَادَةُ الزُّورِ ( أَلَا) بِالتَّخْفِيفِ حَرْفُ تَنْبِيهٍ ( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ) أَيْ أَجْنَبِيَّةٍ ( إِلَّا كَانَ ثَالِثُهُمَا الشَّيْطَانَ) بِرَفْعِ الْأَوَّلِ وَنَصْبِ الثَّانِي وَيَجُوزُ الْعَكْسُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُفَرَّغٌ والْمَعْنَى يَكُونُ الشَّيْطَانُ مَعَهُمَا يُهَيِّجُ شَهْوَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا حَتَّى يلقيهما في الزنى ( عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ) أَيِ الْمُنْتَظِمَةِ بِنَصْبِ الْإِمَامَةِ ( وَإِيَّاكُمْ وَالْفُرْقَةَ) أَيِ احْذَرُوا مُفَارَقَتَهَا مَا أَمْكَنَ وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً الْحَدِيثُ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَكُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْحَافِظُ .

     قَوْلُهُ  تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ أَيْ أَمِيرَهُمْ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ تَسْمَعُ وَتُطِيعُ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ خَالِدِ بْنِ سُبَيْعٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فَإِنْ رَأَيْتَ خَلِيفَةً فَالْزَمْهُ وَإِنْ ضَرَبَ ظَهْرَكَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً فَالْهَرَبَ وَقَالَ الطَّبَرِيُّ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الْأَمْرِ وَفِي الْجَمَاعَةِ فَقَالَ قَوْمٌ هُوَ لِلْوُجُوبِ وَالْجَمَاعَةُ السَّوَادُ الْأَعْظَمُ ثُمَّ سَاقَ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَصَّى مَنْ سَأَلَهُ لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ عَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْمَعَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ وَقَالَ قَوْمٌ الْمُرَادُ بِالْجَمَاعَةِ الصَّحَابَةُ دُونَ مَنْ بَعْدَهُمْ وَقَالَ قَوْمٌ الْمُرَادُ بِهِمْ أَهْلُ الْعِلْمِ لِأَنَّ اللَّهَ جَعَلَهُمْ حُجَّةً عَلَى الْخَلْقِ وَالنَّاسُ تَبَعٌ لَهُمْ فِي أَمْرِ الدِّينِ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْخَبَرِ لُزُومُ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ فِي طَاعَةِ مَنِ اجْتَمَعُوا عَلَى تَأْمِيرِهِ فَمَنْ نَكَثَ بَيْعَتَهُ خَرَجَ عَنِ الْجَمَاعَةِ قَالَ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ إِمَامٌ فَافْتَرَقَ النَّاسُ أَحْزَابًا فَلَا يَتْبَعُ أَحَدًا فِي الْفُرْقَةِ وَيَعْتَزِلُ الْجَمِيعَ إِنِ اسْتَطَاعَ ذَلِكَ خَشْيَةً مِنَ الْوُقُوعِ فِي الشَّرِّ وَعَلَى ذَلِكَ يَتَنَزَّلُ مَا جَاءَ فِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ مَا ظَاهِرُهُ الِاخْتِلَافُ مِنْهَا انْتَهَى ( فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الْوَاحِدِ) أَيِ الْخَارِجِ عَنْ طَاعَةِ الْأَمِيرِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ ( وَهُوَ) أَيِ الشَّيْطَانُ ( مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ) أَيْ بَعِيدٌ قَالَ الطِّيبِيُّ أَفْعَلُ هُنَا لِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ وَلَوْ كَانَ مَعَ الثَّلَاثَةِ لَكَانَ بِمَعْنَى التَّفْضِيلِ إِذِ الْبُعْدُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَالِاثْنَيْنِ دُونَ الِاثْنَيْنِ وَالْفَذِّ عَلَى مَا لَا يَخْفَى ( مَنْ أَرَادَ بُحْبُوحَةَ الْجَنَّةِ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَتَيْنِ أَيْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْكُنَ وَسَطَهَا وَخِيَارَهَا ( مَنْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ) أَيْ إِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ ( وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ) أَيْ أَحْزَنَتْهُ إِذَا صَدَرَتْ عَنْهُ ( فَذَلِكُمُ الْمُؤْمِنُ) أَيِ الْكَامِلُ لِأَنَّ الْمُنَافِقَ حَيْثُ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ اسْتَوَتْ عِنْدَهُ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ أحمد والحاكم وذكره صَاحِبُ الْمِشْكَاةِ هَذَا الْحَدِيثَ فِي مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَعْزُهُ إِلَى أَحَدٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ بل ترك بياضا قال القارىء هُنَا بَيَاضٌ فِي أَصْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَلْحَقَ بِهِ النَّسَائِيُّ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ إِلَّا إِبْرَاهِيمَ بْنَ الْحَسَنِ الْخَثْعَمِيَّ فَإِنَّهُ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الشَّيْخَانِ وَهُوَ ثِقَةٌ ثَبْتٌ ذَكَرَهُ الْجَزَرِيُّ فَالْحَدِيثُ بِكَمَالِهِ إِمَّا صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ انْتَهَى

رقم الحديث 2167 [2167] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ) بْنُ سُفْيَانَ التَّيْمِيُّ مَوْلَاهُمْ أَبُو سُفْيَانَ الْمَدَنِيُّ ضَعِيفٌ مِنَ الثَّامِنَةِ.

     قَوْلُهُ  ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أَوْ قَالَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي قال القارىء في المرقاة قال بن الْمَلَكِ الْمُرَادُ أُمَّةُ الْإِجَابَةِ أَيْ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى ضَلَالَةٍ غَيْرِ الْكُفْرِ وَلِذَا ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ اجْتِمَاعَ الْأُمَّةِ عَلَى الْكُفْرِ مُمْكِنٌ بَلْ وَاقِعٌ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَبْقَى بَعْدَ الْكُفْرِ أُمَّةً لَهُ وَالْمَنْفِيُّ اجْتِمَاعُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَى الضَّلَالَةِ وَإِنَّمَا حَمَلَ الْأُمَّةَ عَلَى أُمَّةِ الْإِجَابَةِ لِمَا وَرَدَ أَنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ إِلَّا عَلَى الْكُفَّارِ فَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اجْتِمَاعَ الْمُسْلِمِينَ حَقٌّ وَالْمُرَادُ إِجْمَاعُ الْعُلَمَاءِ وَلَا عِبْرَةَ بِإِجْمَاعِ الْعَوَامِّ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ عَنْ عِلْمٍ ( يَدُ اللَّهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ) أَيْ حِفْظُهُ وَكَلَاءَتُهُ عَلَيْهِمْ يَعْنِي أَنَّ جَمَاعَةَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي كَنَفِ اللَّهِ فَأَقِيمُوا فِي كَنَفِ اللَّهِ بَيْنَ ظَهْرَانِيهِمْ وَلَا تُفَارِقُوهُمْ ( وَمَنْ شَذَّ) أَيِ انْفَرَدَ عَنِ الْجَمَاعَةِ بِاعْتِقَادٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ لَمْ يَكُونُوا عَلَيْهِ ( شَذَّ إِلَى النَّارِ) أَيِ انْفَرَدَ فِيهَا وَمَعْنَاهُ انْفَرَدَ عَنْ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأُلْقِيَ فِي النَّارِ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي تَرْجَمَةِ الْمِشْكَاةِ مَا لَفْظُهُ وَمَنْ شَذَّ شَذَّ فِي النَّارِ وكسى كه تنها افتداز جماعت وبيرون ايداز سواد أعظم انداخته ميشود دراتش دوزخ شذاول برصيغه معلوم ست ودوم مجهول وبمعلوم نيزامده انْتَهَى وَالْحَدِيثُ قَدِ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لَكِنْ لَهُ شَوَاهِدُ قَالَ الْحَافِظُ فِي التَّلْخِيصِ .

     قَوْلُهُ  وَأُمَّتُهُ مَعْصُومَةٌ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى الضَّلَالَةِ هَذَا فِي حَدِيثٍ مَشْهُورٍ لَهُ طُرُقٌ كَثِيرَةٌ لَا يَخْلُو وَاحِدٌ مِنْهَا مِنْ مَقَالٍ مِنْهَا لِأَبِي دَاوُدَ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا إِنَّ اللَّهَ أَجَارَكُمْ مِنْ ثَلَاثِ خِلَالٍ أَنْ لَا يَدْعُوَ عَلَيْكُمْ نَبِيُّكُمْ لِتَهْلَكُوا جَمِيعًا وَأَنْ لَا يَظْهَرَ أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَى أَهْلِ الْحَقِّ وَأَنْ لَا يَجْتَمِعُوا عَلَى ضَلَالَةٍ وَفِي إِسْنَادِهِ انْقِطَاعٌ وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ عن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا لَا تَجْتَمِعُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ضَلَالٍ أَبَدًا وَفِيهِ سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ الْمَدَنِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ لَهُ شَوَاهِدَ وَيُمْكِنُ الِاسْتِدْلَالُ لَهُ بِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ مَرْفُوعًا لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ أَنَّ بِوُجُودِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ الْقَائِمَةِ بِالْحَقِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا يَحْصُلُ الِاجْتِمَاعُ عَلَى الضلالة وقال بن أَبِي شَيْبَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنِ الْمُسَيِّبِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ يَسِيرِ بْنِ عمرو قال شيعنا بن مَسْعُودٍ حِينَ خَرَجَ فَنَزَلَ فِي طَرِيقِ الْقَادِسِيَّةِ فَدَخَلَ بُسْتَانًا فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى جَوْرَبَيْهِ ثُمَّ خَرَجَ وَإِنَّ لِحْيَتَهُ لَيَقْطُرُ منها الماء فقلنا له عهد إِلَيْنَا فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ وَقَعُوا فِي الْفِتَنِ ولانَدْرِي هَلْ نَلْقَاكَ أَمْ لَا قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ وَاصْبِرُوا حَتَّى يَسْتَرِيحَ بَرٌّ أَوْ يُسْتَرَاحَ مِنْ فَاجِرٍ وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَجْمَعُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عِنْدَهُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ أَنَّ أَبَا مَسْعُودٍ خَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَجْمَعَ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالٍ انْتَهَى وَرَوَى الدَّارِمِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ مَرْفُوعًا نَحْنُ الْآخِرُونَ وَنَحْنُ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَدِيثُ وَفِي آخِرِهِ وَإِنَّ اللَّهَ وَعَدَنِي فِي أُمَّتِي وَأَجَارَهُمْ مِنْ ثَلَاثٍ لَا يَعُمُّهُمْ بِسَنَةٍ وَلَا يَسْتَأْصِلُهُمْ عَدُوٌّ وَلَا يَجْمَعُهُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ وَرَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا أَنَّهُ قَالَ اثْنَانِ خَيْرٌ مِنْ وَاحِدٍ وَثَلَاثٌ خَيْرٌ مِنَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ خَيْرٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَنْ يَجْمَعَ أُمَّتِي إِلَّا عَلَى هُدًى .

     قَوْلُهُ  ( وَسُلَيْمَانُ الْمَدِينِيُّ هُوَ عِنْدِي سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُفْرَدِ عَنِ الْبُخَارِيِّ إنَّهُ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ كَذَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ .

     قَوْلُهُ  وَفِي الْبَابِ عن بن عباس أخرجه الترمذي بعد هذا .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى الْبَلْخِيُّ لَقَبُهُ خَتٌّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامِ بْنِ نَافِعٍ الْحِمْيَرِيُّ الصَّنْعَانِيُّ أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّنْعَانِيُّ أَوِ الزَّبِيدِيُّ بِفَتْحِ الزَّايِ ثِقَةٌ مِنَ الثامنة عن بن طاؤس اسمه عبد الله بن طاؤس بْنِ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ ثِقَةٌ فاضل عن أبيه هو طاؤس بْنُ كَيْسَانَ الْيَمَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَدُ اللَّهِ مَعَ الجماعة وفي رواية بن عُمَرَ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى الْجَمَاعَةِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَيْ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُتَّفِقَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فِي كَنَفِ اللَّهِ وَوِقَايَتُهُ فَوْقَهُمْ وَهُمْ بَعِيدٌ من الأذى والخوف وَالْأَذَى وَالِاضْطِرَابِ فَإِذَا تَفَرَّقُوا زَالَتِ السَّكِينَةُ وَأُوقِعَ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ وَفَسَدَتِ الْأَحْوَالُ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ رُوَاتُهُ كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ بن عمر المتقدم8 - ( بَاب مَا جَاءَ فِي نُزُولِ الْعَذَابِ إِذَا لم يغير المنكر)

رقم الحديث 2168 [2168] قوله ( حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ) الْأَحْمَسِيُّ مَوْلَاهُمُ الْبَجَلِيُّ ثِقَةٌ ثَبْتٌ مِنَ الرَّابِعَةِ .

     قَوْلُهُ  ( قَالَ يَا أيها الناس إنكم تقرأون هَذِهِ الْآيَةَ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ أَيِ الْزَمُوا حِفْظَ أَنْفُسِكُمْ عَنِ الْمَعَاصِي فَإِذَا حَفِظْتُمْ أَنْفُسَكُمْ لَمْ يَضُرَّكُمْ إِذَا عَجَزْتُمْ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ضَلَالُ مَنْ ضَلَّ بِارْتِكَابِ الْمَنَاهِي إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اجْتِنَابِهَا ( وإني) أي أنكم تقرأون هَذِهِ الْآيَةَ وَتَجْرُونَ عَلَى عُمُومِهَا وَتَمْتَنِعُونَ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنِّي ( سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ النَّاسَ) أَيِ الْمُطِيقِينَ لِإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ مَعَ سَلَامَةِ الْعَافِيَةِ ( إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ) أَيْ عَلِمُوا ظُلْمَهُ وَفِسْقَهُ وَعِصْيَانَهُ ( فَلَمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ) أَيْ لَمْ يَكُفُّوهُ عَنِ الظُّلْمِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ ( أَوْشَكَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالشِّينِ أَيْ قَارَبَ أَوْ أَسْرَعَ ( أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ) إِمَّا فِي الدُّنْيَا أَوِ الْآخِرَةِ أَوْ فِيهِمَا لِتَضْيِيعِ فَرْضِ اللَّهِ بِلَا عُذْرٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ خَافَ الصِّدِّيقُ أَنْ يَتَأَوَّلَ النَّاسُ الْآيَةَ غَيْرَ تَأْوِيلِهَا فَيَدْعُوهُمْ إِلَى تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ فَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَأَنَّ الَّذِي أُذِنَ فِي الْإِمْسَاكِ عَنْ تَغْيِيرِهِ عَنِ الْمُنْكَرِ هُوَ الشِّرْكُ الَّذِي يَنْطِقُ بِهِ الْمُعَاهِدُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ يَتَدَيَّنُونَ بِهِ وَقَدْ صُولِحُوا عَلَيْهِ فَأَمَّا الْفُسُوقُ وَالْعِصْيَانُ وَالرَّيْبُ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أنفسكم الْآيَةَ فَلَيْسَتْ مُخَالِفَةً لِوُجُوبِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ الصَّحِيحَ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ فِي مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّكُمْ إِذَا فَعَلْتُمْ مَا كُلِّفْتُمْ بِهِ فَلَا يَضُرُّكُمْ تَقْصِيرُ غَيْرِكُمْ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَمِمَّا كُلِّفَ بِهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ إِذَا فَعَلَهُ وَلَمْ يَمْتَثِلِ الْمُخَاطَبُ فَلَا عَتْبَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَدَّى مَا عَلَيْهِ وَيَأْتِي بَاقِي الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ هَذَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ.

     وَقَالَ  هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

     قَوْلُهُ  ( وَفِي الْبَابِ عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وحذيفة) أما حديث عائشة فأخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَمَّا حَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ الْأَصْبَهَانِيُّ وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ ( بَاب ما جاء في الأمر بالمعروف والنهي عن الْمُنْكَرِ) قَالَ الْجَزَرِيُّ فِي النِّهَايَةِ الْمَعْرُوفُ اسْمٌ جَامِعٌ لِكُلِّ مَا عُرِفَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَيْهِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ وَكُلُّ مَا نَدَبَ إِلَيْهِ الشَّرْعُ وَنَهَى عَنْهُ مِنَ الْمُحَسِّنَاتِ وَالْمُقَبِّحَاتِ وَهُوَ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ أَيْ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ النَّاسِ إِذَا رَأَوْهُ لَا يُنْكِرُونَهُ وَالْمَعْرُوفُ النَّصَفَةُ وَحُسْنُ الصُّحْبَةِ مَعَ الْأَهْلِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ وَالْمُنْكَرُ ضِدُّ ذَلِكَ جَمِيعِهِ انْتَهَى

رقم الحديث 2169 [2169] .

     قَوْلُهُ  ( عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو) اسْمُهُ مَيْسَرَةُ مَوْلَى الْمُطَّلِبِ الْمَدَنِيِّ أَبُو عُثْمَانَ ثِقَةٌ رُبَّمَا وَهِمَ مِنَ الْخَامِسَةِ ( عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَشْهَلِيُّ قَالَ الْحَافِظُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ الْأَشْهَلِيُّ حِجَازِيٌّ رَوَى عَنْ حُذَيْفَةَ وَعَنْهُ عَمْرُو بْنُ أَبِي عمر وذكره بن حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ رَوَى لَهُ التِّرْمِذِيُّ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ اثْنَانِ فِي أُمُورٍ تَقَعُ قَبْلَ السَّاعَةِ وافقه بن مَاجَهْ فِي أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ قَالَ فِي سُؤَالَاتِ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ قَالَ لَا أَعْرِفُهُ وَقَالَ فِي التَّقْرِيبِ مَقْبُولٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ) وَاسْمُ الْيَمَانِ حُسَيْلٌ مُصَغَّرًا وَيُقَالُ حَسْلٌ الْعَبْسِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ حَلِيفُ الْأَنْصَارِ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ مِنَ السَّابِقِينَ صَحَّ فِي مُسْلِمٌ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْلَمَهُ بِمَا كَانَ وَمَا يَكُونُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَأَبُوهُ صَحَابِيٌّ أَيْضًا اسْتُشْهِدَ بِأُحُدٍ.

     قَوْلُهُ  ( أَوْ لَيُوشِكَنَّ) أَيْ لَيُسْرِعَنَّ ( عَذَابًا مِنْهُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عِقَابًا مِنْهُ ( فَتَدْعُونَهُ) أَيْ تَسْأَلُونَهُ ( فَلَا يَسْتَجِيبُ لَكُمْ) وَالْمَعْنَى وَاللَّهِ أَنَّ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ وَاقِعٌ إِمَّا الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ مِنْكُمْ وَإِمَّا إِنْزَالُ الْعَذَابِ مِنْ رَبِّكُمْ ثُمَّ عَدَمُ اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ لَهُ فِي دَفْعِهِ عَنْكُمْ بِحَيْثُ لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يَرْتَفِعَانِ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَمْ يَكُنْ عَذَابٌ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا كَانَ عَذَابٌ عَظِيمٌ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) ذَكَرَ الْمُنْذِرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فِي التَّرْغِيبِ وَنَقَلَ تحسين الترمذي وأقره ورواه البزار وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ