فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب فضل التهجير إلى الظهر

باب فَضْلِ التَّهْجِيرِ إِلَى الظُّهْرِ
( باب فضل التهجير) أي التبكير، وهو المبادرة في أول الوقت ( إلى) صلاة ( الظهر) ذكر الظهر مع التهجير للتأكد، وإلا فهو يدل عليه.
وفي رواية لابن عساكر إلى الصلاة وهي أعمّ وأشمل.


[ قــ :633 ... غــ : 652 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ، فَأَخَّرَهُ، فَشَكَرَ اللَّهُ لَهُ، فَغَفَرَ لَهُ».
[الحديث 652 - طرفه في: 2472] .

وبالسند قال ( حدّثنا) بالجمع، ولأبوي ذر والوقت: حدّثني ( قتيبة) ولابن عساكر: قتيبة بن سعيد الثقفي، مولاهم البغلاني البلخي ( عن مالك) إمام الأئمة ( عن سمي) بضم السين وفتح الميم

( مولى أبي بكر) وللأصيلي: أبي بكر بن عبد الرحمن، أي ابن الحرث بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي المدني ( عن أبي صالح) ذكوان ( السمان) كان يجلبه كالزيت للكوفة ( عن أو هريرة) رضي الله عنه ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( بينما رجل) بالميم، وأصله: بين فأشبعت فتحة النون، فصارت ألفًا، وزيدت الميم ظرف زمان، مضاف إلى جملة من فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر، وهو هنا رجل، النكرة المخصصة بالصفة، وهي قوله ( يمشي بطريق) أي فيها وخبر المبتدأ قوله ( وجد غصن شوك على الطريق فأخره) عن الطريق وللحموي والمستملي فأخذه ( فشكر الله له) ذلك أي رضي فعله وقبله منه وأثنى عليه ( فغفر له) ذنوبه.




[ قــ :634 ... غــ : 653 ]
- ثُمَّ قَالَ «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: الْمَطْعُونُ، وَالْمَبْطُونُ، وَالْغَرِيقُ، وَصَاحِبُ الْهَدْمِ، وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
.

     وَقَالَ : «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلاَّ أَنْ يَسْتَهِمُوا لاَسْتَهَمُوا عَلَيْهِ».
[الحديث 653 - أطرافه في: 70، 89، 5733] .

( ثم قال) عليه الصلاة والسلام: ( الشهداء خمسة:) جمع شهيد، سمي بذلك لأن الملائكة يشهدون موته فهو مشهود، فعيل بمعنى مفعول، ولأبي ذر عن الحموي خمس بغير تاء بتأويل الأنفس أو النسمات، أو المميز غير مذكور فيجوز الأمران ( المطعون) أي الذي يموت في الطاعون، أي الوباء، ( والمبطون) : صاحب الإسهال أو الاستسقاء، أو الذي يموت بداء بدنه: ( والغريق) بالياء بعد الغين المعجمة والراء وللأصيلي الغرق في الماء، ( وصاحب الهدم) بفتح الهاء وسكون الدال، أي الذي مات تحت الهدم، ( والشهيد) القتيل ( في سبيل الله) أي الذي حكمه أن لا يغسل ولا يصلّى عليه، بخلاف الأربعة السابقة.

فالحقيقة الأخير والذي قبله مجاز، فهم شهداء في الثواب كثواب الشهيد.

وجوّز الشافعي الجمع بينهما، واستشكل التعبير بالشهيد في سبيل الله، مع قوله: الشهداء خمسة، فإنه يلزم منه حمل الشيء على نفسه، فكأنه قال: الشهيد هو الشهيد.
وأجيب بأنه من باب: أنا أبو النجم وشعري شعري، أو معنى، الشهيد القتيل.

وزاد في الموطأ صاحب ذات الجنب، والحريق، والمرأة تموت بجمع.

وعند ابن ماجة من حديث ابن عباس: موت الغريب شهادة، وإسناده ضعيف.

وعند ابن عساكر من حديث ابن عباس أيضًا الشريق، ومن أكله السبع.

ويأتي مزيد لذلك في محاله إن شاء الله تعالى.

( وقال:) عليه الصلاة والسلام.


( لو يعلم الناس ما في النداء) التأذين للصلاة ( والصف الأوّل، ثم لم يجدوا) شيئًا ( إلا أن يستهموا، لاستهموا عليه) أي إلا أن يقترعوا عليه لاقترعوا، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: إلا أن يستهموا عليه لاستهموا عليه.




[ قــ :635 ... غــ : 654 ]
- وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاَسْتَبَقُوا إِلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا».

( ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في الحتمة والصبح لأتوهما ولو) كان إتيانًا ( حبوًا) وفي هذا المتن كما ترى ثلاثة أحاديث وكأن قتيبة حدث بذلك مجموعًا من مالك فلم يتصرف فيه المصنف كعادته في الاختصار.

ورواته الخمسة كلهم مدنيون إلا قتيبة فبلخي، وفيه التحديث والعنعنة.

وأخرج المؤلّف حديث: بينما رجل في الصلاة، ومسلم في الأدب، والترمذي في البرّ، وقال: حسن صحيح.
وحديث: الشهداء.
في الجهاد، وقوله: لو يعلم الناس ما في النداء، أخرجه المؤلّف في الصلاة، والشهادة.
وكذا النسائي.

وبقية مباحث ذلك تأتي، إن شاء الله تعالى، في محالها بعون الله وقوّته.