فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب المشي والركوب إلى العيد، والصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة

باب الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ إِلَى الْعِيدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلاَ إِقَامَةٍ
( باب المشي والركوب إلى) صلاة ( العيد، و) باب تقديم ( الصلاة قبل الخطبة، و) باب صلاته ( بغير أذان) عند صعود الإمام المنبر، ولا عند غيره ( ولا إقامة) عند نزوله ولا عند غيره.

وسقط في غير رواية أبي ذر، وابن عساكر: والصلاة قبل الخطبة.


[ قــ :928 ... غــ : 957 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمْرَانَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي فِي الأَضْحَى وَالْفِطْرِ، ثُمَّ يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلاَةِ".
[الحديث 957 - طرفه في: 963] .

وبالسند قال: ( حدّثنا إبراهيم بن المنذر) الحزامي، بكسر الحاء المهملة وبالزاي المخففة ( قال: حدّثنا أنس) ولأبوي ذر، والوقت، والأصيلي، وابن عساكر: أنس بن عياض ( عن عبيد الله) بالتصغير، ابن عمر بن حفص بن عاصم ابن عمر، العمري المدني ( عن نافع) مولى ابن عمر ( عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما، وسقط: عبد الله، لابن عساكر: ( أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يصلّي في) عيد ( الأضحى و) عيد ( الفطر) ولأبي ذر: في الفطر والأضحى ( ثم يخطب بعد الصلاة) صرّح بتقديم الصلاة، فهو مطابق للجزء الثاني من الترجمة.

وقد اختلف في أول من غير هذا، فقدم الخطبة على الصلاة.
وحديث مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي سعيد صريح أنه مروان.
وقيل: معاوية، رواه عبد الرزاق.
وقيل: زياد.
والظاهر أن مروان وزيادًا فعلا ذلك تبعًا لمعاوية، لأن كلاًّ منهما كان عاملاً له.

وقيل: بل سبقه إليه عثمان لأنه رأى ناسًا لم يدركوا الصلاة فصار يقدّم الخطبة.
رواه ابن المنذر بإسناد صحيح إلى الحسن البصري، وهذه العلة غير التي اعتلّ بها مروان لأنه راعى مصلحتهم في استماع الخطبة.

لكن قيل: إنهم كانوا في زمنه يتعمدون ترك سماع خطبته لما فيها من سبّ مَن لا يستحق السبّ، والإفراط في مدح بعض الناس، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه.
وأما عثمان فراعى

مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة.
على أنه يحتمل أن يكون عثمان فعل ذلك أحيانًا، بخلاف مروان فواظب على ذلك، فنسب إليه.

وقيل: عمر بن الخطاب، رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة بإسناد صحيح، لكن يعارضه حديث ابن عباس المذكور في الباب الذي بعده.
وكذا حديث ابن عمر.
فإن جمع بوقوع ذلك نادرًا، وإلاّ فما في الصحيحين أصح.
أشار إليه في الفتح.

وقد تقدم قريبًا في آخر الباب السابق، أنه.
لا يعتدّ بالخطبة إذا تقدمت على الصلاة.
فهو كالسُّنّة الراتبة، بعد الفريضة إذا قدّمها عليها.
فلو لم يعد الخطبة لم تلزمه إعادة ولا كفّارة.

وقال المالكية.
إن كان قريبًا أمر بالإعادة وإن بَعُدَ فات التدارك.
وهذا بخلاف الجمعة، إذ لا تصح إلا بتقديم الخطبة، لأن خطبتها شرط لصحتها، وشأن الشرط أن يقدّم.

ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون، وشيخ المؤلّف من أفراده، وفيه التحديث والعنعنة والقول.




[ قــ :99 ... غــ : 958 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَخْبَرَهُمْ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ".
[الحديث 958 - طرفاه في: 961، 978] .

وبه قال: ( حدّثنا إبراهيم بن موسى) بن يزيد التميمي الرازي الصغير ( قال: أخبرنا) ولابن عساكر: حدّثنا ( هشام) هو: ابن يوسف الصنعاني اليماني، قاضيها ( أن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( أخبرهم قال: أخبرني) بالإفراد ( عطاء) هو: ابن أبي رباح ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( قال: سمعته) أي: كلامه حال كونه ( يقول: إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج يوم) عيد ( الفطر) إلى المصلّى.
( فبدأ بالصلاة قبل الخطبة) .




[ قــ :930 ... غــ : 959 ]
- قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَطَاءٌ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ أَرْسَلَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي أَوَّلِ مَا بُويِعَ لَهُ: "إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ بِالصَّلاَةِ يَوْمَ الْفِطْرِ، إِنَّمَا الْخُطْبَةُ بَعْدَ الصَّلاَةِ".

قال ابن جريج، بالإسناد السابق: ( وأخبرني) بالإفراد ( عطاء أن ابن عباس) رضي الله عنهما، ( أرسل إلى ابن الزبير) عبد الله ( في أول ما بويع له) ، أي: لابن الزبير بالخلافة سنة أربع وستين، عقب موت يزيد بن معاوية، ( أنه لم يكن يؤذّن) في زمنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بالصلاة يوم) عيد ( الفطر) وذال يؤذن بالفتح مبنيًّا للمجهول، خبر كان واسمها ضمير الشأن، وكذا اسم إن المذكورة قبلها.
( وإنما الخطبة بعد الصلاة) لا قبلها.
ولغير أبوي ذر والوقت، والكشميهني: إنما، بغير واو، ولأبي ذر، عن الحموي والمستملي: وأما، بغير نون.
قيل هو تصحيف.

وأجيب: بأنه لا وجه لادعاء تصحيفه، ومعناه: وأما الخطبة فتكون بعد الصلاة.


ورواة هذا الحديث ما بين رازي ويماني ومكّي، وهشام من أفراده.

وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه مسلم وأبو داود في الصلاة.




[ قــ :931 ... غــ : 960 ]
- وَأَخْبَرَنِي عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالاَ: [لَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَلاَ يَوْمَ الأَضْحَى] .

قال ابن جريج بالسند المذكور ( وأخبرني عطاء) أيضًا ( عن ابن عباس، وعن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( قالا: لم يكن يؤذن) بفتح الذال ( يوم) عيد ( الفطر، ولا يوم) عيد ( الأضحى) في زمنه عليه الصلاة والسلام.

وفي رواية يحيى القطان، عن ابن جريج، عن عطاء عن ابن عباس، قال لابن الزبير: لا تؤذن لها، ولا تقم.
أخرجه ابن أبي شيبة.

ولمسلم، عن عطاء عن جابر: فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة.

وعنده أيضًا من طريق عبد الرزاق، عن ابن جريج، عن عطاء، عن جابر قال: لا أذان للصلاة يوم العيد ولا إقامة ولا شيء.

واستدلّ المالكية والجمهور بقوله: ولا إقامة ولا شيء، أنه لا يقال قبلها: الصلاة جامعة، ولا: الصلاة.

واحتج الشافعية على استحباب قوله، بما روى الشافعي عن الثقة عن الزهري، قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يأمر المؤذن في العيدين فيقول: الصلاة جامعة.
وهذا مرسل يعضده القياس على صلاة الكسوف لثبوته فيها، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

فلنتوق ألفاظ الأذان كلها، أو بعضها، فلو أذن أو أقام، كره له كما نص عليه في الأم.

وأول من أحدث الأذان فيها: معاوية، رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، زاد الشافعي في روايته عن الثقة، عن الزهري، فأخذ به الحجاج حين أمّر على المدينة.

أو: زياد، بالبصرة، رواه البن المنذر، أو: مروان، قاله: الداودي، أو: هشام، قاله ابن حبيب، أو: عبد الله بن الزبير، ورواه ابن المنذر أيضًا.




[ قــ :93 ... غــ : 961 ]
- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ فَبَدَأَ بِالصَّلاَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ بَعْدُ، فَلَّمَا فَرَغَ نَبِيُّ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ فَذَكَّرَهُنَّ وَهْوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلاَلٍ، وَبِلاَلٌ بَاسِطٌ ثَوْبَهُ يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ صَدَقَةً".
.

قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَتَرَى حَقًّا عَلَى الإِمَامِ الآنَ أَنْ يَأْتِيَ النِّسَاءَ فَيُذَكِّرَهُنَّ حِينَ يَفْرُغُ؟ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ عَلَيْهِمْ، وَمَا لَهُمْ أَنْ لاَ يَفْعَلُوا؟

(و) بالإسناد أيضًا (عن جابر بن عبد الله قال: سمعته يقول: إن النبي) وللأصيلى، وأبي الوقت، وأبي ذر، في نسخة: عن جابر بن عبد الله أن النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قام، فبدأ بالصلاة) يوم العيد (ثم خطب للناس بعد).
أي: بعد الصلاة.
(فلما فرغ نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الخطبة (نزل).

فإن قلت: قد سبق أنه عليه الصلاة والسلام كان يخطب في المصلّى على الأرض، وقوله هنا: نزل، يُشعِر بأنه كان يخطب على مكان مرتفع.

أجيب: باحتمال أن الراوي ضمن النزول معنى الانتقال، أي: انتقل.

(فأتى النساء، فذكرهن) بتشديد الكاف، أي: وعظهن (وهو يتوكأ) أي: يعتمد (على يد بلال).

قيل: يحتمل أن يكون المؤلّف استنبط من قوله: وهو يتوكأ على يد بلال، مشروعية الركوب لصلاة العيد لمن احتاج إليه، بجامع الارتفاع بكلّ منهما، فكأنه يقول: الأولى المشي للتواضع حتى يحتاج إلى الركوب، كما خطب عليه الصلاة والسلام قائمًا على قدميه، فلما تعب توكأ على يد بلال.

وفي الترمذي، عن علي، قال: من السُّنّة أن يخرج إلى العيد ماشيًا.

وفي ابن ماجة، عن سعد القرظ: أنه عليه الصلاة والسلام، كان يخرج إلى العيد ماشيًا، وفيه عن أبي رافع نحوه، ولم يذكرها المؤلّف لضعفها.

واستدلّ الشافعية بحديث: إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وائتوها وأنتم تمشون.

قالوا: ولا بأس بركوب العاجز للعذر، وكذا الراجع منها، ولو كان قادرًا ما لم يتأذّ به أحد، لانقضاء العبادة.

وجملة: وهو يتوكأ، حالية.

وكذا قوله: (وبلال باسط ثوبه يلقي) بضم المثناة التحتية، أي يرمي (فيه النساء صدقة).

قال جريج: (قلت لعطاء: أترى) بفتح التاء (حقًّا على الإمام الآن أن يأتي النساء) وسقط: أن، لابن عساكر (فيذكرهن حين يفرغ) أي: من الخطبة.
وحقًّا مفعول ثانٍ لقوله: أترى، قدّم على الثاني، وهو: أن يأتي النساء للاهتمام به.

(قال) عطاء: (إن ذلك لحق عليهم، وما لهم أن لا يفعلوا) ذلك.
وما، نافية أو: استفهامية.