فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من خالف الطريق إذا رجع يوم العيد

باب مَنْ خَالَفَ الطَّرِيقَ إِذَا رَجَعَ يَوْمَ الْعِيدِ
( باب من خالف الطريق) التي توجه منها إلى المصلّى ( إذا رجع يوم العيد) بعد الصلاة.



[ قــ :957 ... غــ : 986 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ عَنْ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ".

تَابَعَهُ يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ فُلَيْحٍ.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَصَحُّ.

وبالسند قال: ( حدّثنا محمد) غير منسوب، ولابن عساكر هو: ابن سلام، كما في هامش فرع اليونينية.

وفي رواية أبي على بن السكن، فيما ذكره في الفتح: حدّثنا محمد بن سلام، وكذا للحفصي، وجزم به الكلاباذي وغيره، ولأبي علي بن شبويه: إنه محمد بن مقاتل.
قال الحافظ ابن حجر: والأول هو المعتمد.

( قال: أخبرنا) وللأصيلي، وابن عساكر: حدّثنا ( أبو تميلة) المثناة الفوقية وسكون التحتية بينهما ميم مفتوحة، مصغرًا ( يحيى بن واضح) الأنصاري المروزي.

قيل: إنه ضعيف، لذكر المؤلّف له في الضعفاء، وتفرد به شيخه، وهو مضعف عند ابن معين، والنسائي وأبي داود.
وثّقه آخرون، فحديثه من قبيل الحسن، لكن له شواهد من حديث ابن عمر، وسعد القرظ، وأبي رافع، وعثمان بن عبيد الله التميمي، فصار من القسم الثاني من قسمي الصحيح.
قاله شيخ الصنعة: ابن حجر.

( وعن فليح بن سليمان) بضم أولهما وفتح ثانيهما ( عن سعيد بن الحرث) بن المعلى الأنصاري المدني، قاضيها ( عن جابر) ولأبي ذر، وابن عساكر: عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما ( قال) :
كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إذا كان يوم عيد بالرفع فاعل كان، وهي تامة تكتفي بمرفوعها، أي: إذا وقع يوم عيد وجواب: إذا، قوله: ( خالف الطريق) رجع في غير طريق الذهاب إلى المصلّى.

قال في المجموع: وأصح الأقوال في حكمته: أنه كان يذهب في أطولهما تكثيرًا للأجْر، ويرجع في أقصرهما.
لأن الذهاب أفضل من الرجوع.

وأما قول إمام الحرمين وغيره: إن الرجوع ليس بقربه، فعورض بأن أجر الخطا يكتب في الرجوع أيضًا، كما ثبت في حديث أُبيّ بن كعب عند الترمذي وغيره.

وقيل: خالف ليشهد له الطريقان، أو أهلهما من الجن والإنس، أو ليتبرك به أهلهما، أو ليُستفتى فيهما، أو ليتصدق على فقرائهما، أو ليزور قبور أقاربه فيهما، أو ليصل رحمه، أو للتفاؤل بتغير الحال إلى المغفرة والرضا، أو لإظهار شعار الإسلام فيهما، أو ليغيظ المنافقين أو اليهود، أو ليرهبهم بكثرة من معه، أو حذرّا من إصابة العين، فهو في معنى قول يعقوب لبنيه، عليهم الصلاة والسلام: { لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} [يوسف: 67] .
ثم من شاركه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في المعنى، ندب له
ذلك وكذا من لم يشاركه في الأظهر تأسيًا به عليه الصلاة والسلام: كالرّمل والاضطباع سواء فيه الإمام والقوم.

واستحب في الأم أن يقف الإمام في طريق رجوعه إلى القبلة، ويدعو، وروي فيه حديثًا.
اهـ.

ورواة الحديث: الثاني: مروزي، والثالث والرابع: مدنيان، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول.

( تابعه) أي: تابع أبا تميلة المذكور ( يونس بن محمد) البغدادي المؤدب، فيما وصله الإسماعيلي من طريق ابن لم شيبة ( عن فليح) ولأبي ذر، وعن سعيد ( عن أبي هريرة) .

( وحديث جابر أصح) .
كذا عند جمهور رواة البخاري من طريق الفربري.

واستشكل: بأن المتابعة لا تقتضي المساواة، فكيف تقتضي الأضحية؟
وأجيب: بأنه سقط في رواية إبراهيم بن معقل النسفيّ، عن البخاري، فيما أخرجه الجياني، قوله: وحديث جابر أصح.
وبأن أبا نعيم في مستخرجه قال: أخرجه البخاري عن أبي نميلة.
وقال: تابعه يونس بن محمد عن فليح.

وقال محمد بن الصلت، عن فليح، عن سعيد، عن أبي هريرة.
وحديث جابر أصح، وبذلك جزم أبو مسعود في الأطراف، فيكون حديث أبي هريرة صحيحًا، وحديث جابر أصح منه، ولذلك قال الترمذي، بعد أن ساق حديث أبي هريرة: حديث غريب.

وحينئذ فيكون سقط من رواية الفربري قوله: وقال محمد بن الصلت عن فليح فقط.
هذا على رواية ابن السكن، وأما على رواية الباقين فسقط إسناد محمد بن الصلت كله.

والحاصل كما قاله الكرماني: أن الصواب إما طريقة النسفيّ التي بالإسقاط، وإما طريقة أبي نعيم وأبي مسعود بزيادة حديث ابن الصلت الموصولة عند الدارمي، طريقة الفربري.