فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الصلاة في كسوف الشمس

كتاب الكسوف
هو بالكاف: للشمس والقمر، أو بالخاء: للقمر، وبالكاف: للشمس، خلاف يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى، حيث عقد المؤلّف له بابًا.
والكسوف هو التغير إلى السواد، ومنه: كسف وجهه إذا تغير، والخسوف بالخاء المعجمة: النقصان، قاله الأصمعي.
والخسف أيضًا: الذال، والجمهور على أنهما يكونان لذهاب ضوء الشمس والقمر بالكلية، وقيل: بالكاف في الابتداء، وبالخاء في الانتهاء.
وقيل بالكاف: لذهاب جميع الضوء، وبالخاء لبعضه.
وقيل: بالخاء لذهاب كل اللون، وبالكاف: لتغيره.
وزعم بعض علماء الهيئة أن كسوف الشمس لا حقيقة له، فإنها لا تتغير في نفسها، وإنما القمر يحول بيننا وبينها ونورها باق، وأما كسوف القمر فحقيقة، فإن ضوءه من ضوء الشمس، وكسوفه بحيلولة ظل الأرض بين الشمس وبينه بنقطة التقاطع، فلا يبقى فيه ضوء البتة، فخسوفه ذهاب ضوئه حقيقة.
اهـ.
وأبطله ابن العربي بأنهم: زعموا أن الشمس أضعاف القمر، وكيف يحجب الأصغر الأكبر إذا قابله.
وفي أحكام الطبري في الكسوف فوائد: ظهور التصرف في هذين الخلقين العظيمين، وإزعاج القلوب الغافلة، وإيقاظها، وليرى الناس نموذج القيامة، وكونهما يفعل بهما ذلك ثم يعادان، فيكون تنبيهًا على خوف المكر، ورجاء العفو، والإعلام بأنه قد يؤاخذ من لا ذنب له، فكيف من له ذنب؟.
وللمستملي: أبواب الكسوف بدل: كتاب الكسوف.


باب الصَّلاَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ
( باب) مشروعية ( الصلاة في كسوف الشمس) وهي: سنة مؤكدة لفعله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأمره، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.

والصارف عن الوجوب ما سبق في العيد، وقول الشافعي في الأم: لا يجوز تركها، حملوه على الكراهة لتأكدها، ليوافق كلامه في مواضع أخر، والمكروه قد يوصف بعدم الجواز من جهة إطلاق الجائز على مستوى الطرفين، وصرح أبو عوانة في صحيحه بوجوبها، وإليه ذهب بعض الحنفية.
واختاره صاحب الأسرار.


[ قــ :1006 ... غــ : 1040 ]
- حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: "كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ».
[الحديث 1040 - أطرافه في: 1048، 1062، 1063، 5785] .

وبه قال: ( حدَّثنا عمرو بن عون) بفتح العين الواسطي ( قال: حدّثنا خالد) هو ابن عبد الله الواسطي ( عن يونس) بن عبيد ( عن الحسن عن أبي بكرة) نفيع بن الحرث، رضي الله عنه، والحسن هو: البصري، كما عند البخاري وشيخه ابن المديني.
خلافًا للدارقطني، حيث انتقد على المؤلّف: بأن الحسن البصري إنما يروي عن الأحنف عن أبي بكرة، وتأوّله أنه: الحسن بن علي.

وأجيب: بأنه قد وقع التصريح بسماع الحسن البصري من أبي بكرة، في باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يخوف الله عباده بالكسوف" حيث قال: وتابعه موسى، عن مبارك عن الحسن، قال: أخبرني أبو بكرة.
وفي باب: قول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للحسن بن علي: "ابني هذا سيد" حيث قال فيه: فقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ....

ثم قال المؤلّف فيه: قال لي علي بن عبد الله، أي المديني إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة بهذا الحديث، يعني لتصريحه فيه بالسماع.
( قال) :
( كنا عند رسول الله) ولأبي ذر: عند النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فانكسفت الشمس) بوزن انفعلت، وهو يردّ على القزاز حيث أنكره ( فقام النبي) ولأبوي ذر، والوقت: رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( يجرّ رداءه) من غير عجب ولا خيلاء، حاشاه الله من ذلك زاد في اللباس من وجه آخر، عن يونس: مستعجلاً.


وللنسائي: من العجلة ( حتى دخل المسجد، فدخلنا) معه، ( فصلّى بنا ركعتين) زاد النسائي كما تصلون.

واستدلّ به الحنفية على أنها كصلاة النافلة، وأيّده صاحب عمدة القاري، منهم، بحديث ابن مسعود عند ابن خزيمة في صحيحه، وابن سمرة عبد الرحمن عند مسلم، والنسائي، وسمرة بن جندب عند أصحاب السنن الأربعة، وعبد الله بن عمرو بن العاص عند الطحاوي، وصححه الحاكم وغيرهم، وكلهم مصرحة بأنها ركعتان.

وحمله ابن حبان والبيهقي، من الشافعية، على أن المعنى: كما كانوا يصلون في الكسوف، لأن أبا بكرة خاطب بذلك أهل البصرة، وقد كان ابن عباس علمهم أنها ركعتان، في كل ركعة ركوعان، كما روى ذلك الشافعي وابن أبي شيبة وغيرهما.

ويؤيد ذلك: أن في رواية عبد الوارث عن يونس، الآتية في أواخر الكسوف، أن ذلك وقع يوم مات إبراهيم ابن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقد ثبت في حديث جابر عند مسلم مثله، وقال فيه: إن في كل ركعة ركوعين، فدلّ ذلك على اتحاد القصة.
وظهر أن رواية أبي بكرة مطلقة.

وفي رواية جابر زيادة بيان في صفة الركوع والأخذ بها أولى، ووقع في أكثر الطرق، عن عائشة أيضًا: أن في كل ركعة ركوعين.
قاله في فتح الباري؛ وتعقبه العيني بأن حمل ابن حبان والبيهقي على أن المعنى: كما يصلون في الكسوف، بعيد وظاهر الكلام يرده، وبأن حديث أبي بكرة، عن الذي شاهده من صلاة النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وليس فيه خطاب أصلاً، ولئن سلمنا أنه خاطب بذلك من الخارج، فليس معناه كما حمله ابن حبان والبيهقي، لأن المعنى: كما كانت عادتكم فيما إذا صليتم ركعتين بركوعين وأربع سجدات.
على ما تقرر من شأن الصلاة.

نعم، مقتضى كلام أصحابنا الشافعية كما في المجموع، أنه: لو صلاها كسنة الظهر صحت، وكان تاركًا فضل، أخذًا من حديث قبيصة: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاها بالمدينة ركعتين؟ وحديث النعمان: أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جعل يصلّي ركعتين ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت، رواهما أبو داود، وغيره، بإسنادين صحيحين.

وكأنهم لم ينظروا إلى احتمال أنه صلاها ركعتين بزيادة ركوع في كل ركعة، كما في حديث عائشة وجابر وابن عباس وغيرهم، حملاً للمطلق على المقيد، لأنه خلاف الظاهر، وفيه نظر، فإن الشافعي لما نقل ذلك قال: يحمل المطلق على المقيد، وفد نقله عنه البيهقي في المعرفة، وقال: الأحاديث على بيان الجواز، ثم قال: وذهب جماعة من أئمة الحديث، منهم ابن المنذر، إلى تصحيح الروايات في عدد الركعات، وحملوها على أنه صلاها مرات، وأن الجميع جائز.
والذي ذهب إليه الشافعي ثم البخاري، من ترجيح أخبار الركوعين، بأنها أشهر وأصح، وأولى لما مر من أن الواقعة واحدة.
اهـ.


لكن، روى ابن حبان في الثقات: أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلّى لخسوف القمر، فعليه الواقعة متعددة، وجرى عليه السبكي والأذرعي، وسبقهما إلى ذلك النووي في شرح مسلم، فنقل فيه عن ابن المنذر وغيره: أنه يجوز صلاتها على كل واحدة من الأنواع الثابتة، لأنها جرت في أوقات، واختلاف صفاتها محمول على جواز الجميع، قال: وهذا أقوى.
اهـ.

وقد وقع لبعض الشافعية، كالبندنيجي: أن صلاتها ركعتين كالنافلة لا تجزي.

( حتى انجلت الشمس) بالنون بعد همزة الوصل أي صفت وعاد نورها.
واستدل به على إطالة الصلاة حتى يقع الانجلاء، ولا تكون الإطالة إلا بتكرار الركعات وعدم قطعها إلى الانجلاء.
وزاد ابن خزيمة: فلما كشف عنا خطبنا ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن الشمس والقمر) آيتان من آيات الله ( لا ينكسفان) بالكاف ( لموت أحد) .
قاله عليه الصلاة والسلام لما مات ابنه إبراهيم.
وقال الناس: إنما كسفت لموته إبطالاً لما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير الكواكب في الأرض ( فإذا رأيتموهما) بميم بعد الهاء بتثنية الضمير أي: الشمس والقمر، ولأبي الوقت: رأيتموها بالإفراد، أي: الكسفة التي يدل عليها قوله: لا ينكسفان، أو: الآية، لأن الكسفة آية من الآيات، ( فصلوا وادعوا) الله ( حتى ينكشف ما بكم) غاية للمجموع من الصلاة والدعاء.

وفي هذا الحديث: التحديث والعنعنة، ورواته كلهم بصريون إلا خالدًا، وأخرجه المؤلّف أيضًا في: صلاة الكسوف، واللباس والنسائي: في الصلاة، والتفسير.




[ قــ :1007 ... غــ : 1041 ]
- حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مَسْعُودٍ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَقُومُوا فَصَلُّوا».
[الحديث 1041 - طرفاه في: 1057، 304] .

وبه قال: ( حدّثنا شهاب بن عباد) العبدي الكوفي، المتوفى سنة أربع وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا) ولأبي ذر في نسخة: أخبرنا ( إبراهيم بن حميد) الرؤاسي، بضم الراء ثم همزة خفيفة وسين مهملة ( عن إسماعيل) بن أبي خالد ( عن قيس) هو: ابن أبي حازم ( قال: سمعت أبا مسعود) عقبة بن عمرو بن ثعلبة الأنصاري، رضي الله عنه، حال كونه ( يقول: قال النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن الشمس والقمر لا ينكسفان) بالكاف بعد النون الساكنة ( لموت أحد من الناس) لم يقل في هذه: ولا لحياته، وسيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى ما فيها، ( ولكنهما) أي انكسافهما ( آيتان) علامتان ( من آيات الله) الدالة على وحدانيته، وعظيم قدرته، أو: على تخويف عباده من بأسه وسطوته ( فإذا رأيتموهما) كذا، بالتثنية للكشميهني، أي: كسوف كل واحد منهما على انفراده، لاستحالة وقوعهما

معًا في وقت واحد عادة، واستدلّ به على مشروعية صلاة كسوف القمر، ولغير الكشميهني، فإذا رأيتموها، بالإفراد، أي: الآية التي يدل عليها قوله آيتان ( فقوموا فصلوا) .

اتفقت الروايات على أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بادر إليها، فلا وقت لها معين إلا رؤية الكسوف في كل وقت من النهار، وبه قال الشافعي وغيره.
لأن المقصود إيقاعها قبل الانجلاء.
وقد اتفقوا على أنها لا تقضى بعد الانجلاء، فلو انحصرت في وقت لأمكن الانجلاء قبله، فيفوت المقصود.

واستثنى الحنفية أوقات الكراهة، وهو مشهور مذهب أحمد.

وعن المالكية وقتها من وقت حل النافلة إلى الزوال كالعيدين، فلا تصلّى قبل ذلك لكراهة النافلة حينئذ، نص عليه الباجي، ونحوه في المدوّنة ..
ورواة هذا الحديث كلهم كوفيون، وفيه: التحديث والعنعنة والقول، وفيه رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وأخرجه المؤلّف في الكسوف أيضًا، و: بدء الخلق، ومسلم في: الخسوف، وكذا النسائي وابن ماجة.




[ قــ :1008 ... غــ : 104 ]
- حَدَّثَنَا أَصْبَغُ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا».
[الحديث 104 - طرفه في: 301] .

وبه قال: ( حدّثنا أصبغ) بن الفرج المصري، بالميم ( قال: أخبرني) بالإفراد ( ابن وهب) عبد الله المصري، بالميم أيضًا ( قال: أخبرني) بالإفراد أيضًا ( عمرو) بفتح العين، ابن الحرث المصري أيضًا ( عن عبد الرحمن بن القاسم) أنه ( حدثه عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله عنهم، ( عن ابن عمر) بن الخطاب ( رضي الله عنهما، أنه كان يخبر عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

( أن الشمس والقمر لا يخسفان) بالخاء المعجمة مع فتح أوله، على أنه لازم، ويجوز الضم على أنه متعد.
لكن نقل الزركشي عن ابن الصلاح أنه حكى منعه، ولم يبين لذلك دليلاً.
والذي في اليونينية: فتح التحتية والسين وكسرها، فلينظر.
أي: لا يذهب الله نورهما ( لموت أحد) من العظماء ( ولا لحياته) تتميم للتقسيم، إلا فلم يدع أحد أن الكسوف لحياة أحد، أو ذكر لدفع توهم من يقول: لا يلزم من نفي كونه سببًا للفقد أن لا يكون سببًا للإيجاد، فعمم الشارع النفي لدفع هذا التوهم.
( ولكنهما) أي: خسوفهما ( آيتان من آيات الله) يخوف الله بخسوفهما عباده ( فإذا رأيتموهما) بالتثنية، وللكشميهني والأصيلي: فإذا رأيتموها، بالإفراد ( فصلوا) ركعتين، في كل ركعة ركوعان أو ركعتين، كسنة الظهر.

ورواة هذا الحديث ثلاثة مصريون بالميم، والباقي مدنيون، وفيه: التحديث والإخبار والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف أيضًا: في بدء الخلق، ومسلم في الصلاة، وكذا النسائي.




[ قــ :1009 ... غــ : 1043 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلاَقَةَ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ النَّاسُ: كَسَفَتِ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ».
[الحديث 1043 - طرفاه في: 1060، 6199] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي ( قال: حدّثنا هاشم بن القاسم) هو أبو النضر الليثي ( قال: حدّثنا شيبان أبو معاوية) النحوي ( عن زياد بن علاقة) بكسر العين المهملة وتخفيف اللام وبالقاف ( عن المغيرة بن شعبة) رضي الله تعالى عنه ( قال) :
( كسفت الشمس على عهد رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يوم مات) ابنه من مارية القبطية ( إبراهيم) بالمدينة في السنة العاشرة من الهجرة، كما عليه جمهور أهل السير، في ربيع الأوّل، أو في رمضان، أو ذي الحجة في عاشر الشهر، وعليه الأكثر.
أو: في رابعه أو رابع عشره، ولا يصح شيء منها على قول: ذي الحجة، لأنه قد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام شهد وفاته من غير خلاف، ولا ريب أنه عليه الصلاة والسلام كان إذ ذاك بمكة، في حجة الوداع.

لكن قيل: إنه كان في سنة تسع، فإن ثبت، صح ذلك.

وجزم النووي بأنها كانت سنة الحديبية، وبأنه كان حينئذ بالحديبية، ويجاب بأنه رجع منها في آخر القعدة، فلعلها كانت في أواخر الشهر، وفيه رد على أهل الهيئة، لأنهم يزعمون أنه لا يقع في الأوقات المذكورة.

( فقال الناس: كسفت الشمس لموت إبراهيم) بفتح الكاف والسين والفاء ( فقال رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إن الشمس والقمر لا ينكسفان) بسكون النون بعد المثناة التحتية المفتوحة وكسر السين ( لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم) شيئًا من ذلك فحذف المفعول ( فصلوا وادعوا الله) تعالى.

وإنما ابتدأ المؤلّف بالأحاديث المطلقة في الصلاة بغير تقييد بصفة إشارة منه إلى أن ذلك يعطي أصل الامتثال، وإن كان إيقاعها على الصفة المخصوصة عنده أفضل، والله أعلم.

ورواة هذا الحديث ما بين بخاري وخراساني وبغدادي وبصري وكوفي، وفيه: التحديث بالعنعنة والقول، وشيخ المؤلّف من أفراده، وأخرجه أيضًا في: الأدب، ومسلم: في: الصلاة.