فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب طول السجود في قيام الليل

باب طُولِ السُّجُودِ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ
( باب طول السجود في قيام الليل) للدعاء والتضرع إلى الله تعالى، إذ هو أبلغ أحوال التواضع والتذلل، ومن ثم كان: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد.


[ قــ :1084 ... غــ : 1123 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الْفَجْرِ.
ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُنَادِي لِلصَّلاَةِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع ( قال: أخبرنا) وللأصيلي: حدّثنا ( شعيب) هو: ابن أبي حمزة ( عن) ابن شهاب ( الزهري، قال: أخبرني) ولأبي ذر، والأصيلي؛ حدّثني، بالإفراد فيهما ( عروة) بن الزبير ( أن عائشة، رضي الله عنها، أخبرته) :
( أن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كان يصلّي) من الليل ( إحدى عشرة ركعة، كانت تلك) أي: الإحدى عشرة ركعة ( صلاته) بالليل.

قال البيضاوي: بنى الشافعي عليه مذهبه في الوتر، وقال: إن أكثر الوتر إحدى عشرة ركعة، ومباحث ذلك تأتي إن شاء الله تعالى.


( يسجد السجدة من ذلك) الألف واللام لتعريف الجنس، فيشمل سجود الإحدى عشرة، والتاء فيه لا تنافي ذلك، والتقدير: يسجد سجدات تلك الركعات طويلة ( قدر) أي: بقدر، ويصح جعله وصفًا لمصدر محذوف، أي: سجودًا قدر، أو يمكث مكثًا قدر ( ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه) من السجدة.

وكان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي.
رواه المؤلّف فيما سبق في صفة الصلاة من حديث عائشة.

وعنها: كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول في صلاة الليل في سجوده: "سبحانك لا إله إلا أنت".
رواه أحمد في مسنده بإسناد رجاله ثقات.

وكان السلف يطوّلون السجود أسوة حسنة به عليه الصلاة والسلام، وقد كان ابن الزبير يسجد حتى تنزل العصافير على ظهره كأنه حائط.

( ويركع ركعتين قبل صلاة الفجر، ثم يضطجع على شقه الأيمن) للاستراحة من مكابدة الليل، ومجاهدة التهجد ( حتى يأتيه المنادي للصلاة) أي صلاة الصبح.

وموضع الترجمة منه قوله: يسجد السجدة.
الخ ... لأن ذلك يستدعي طول زمان السجود.