فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الدفن بالليل

باب الدَّفْنِ بِاللَّيْلِ.
وَدُفِنَ أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- لَيْلاً
( باب) جواز ( الدفن بالليل) وبه قال الشافعي، ومالك، وأحمد، والجمهور.
وكرهه: قتادة، والحسن البصري، وسعيد بن المسيب، وأحمد في رواية عنه.


( ودفن) بضم الدال مبنيًّا للمفعول ( أبو بكر) الصديق ( رضي الله عنه ليلاً) كما وصله المؤلّف في أواخر الجنائز في باب: موت يوم الاثنين.


[ قــ :1288 ... غــ : 1340 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ بِلَيْلَةٍ، قَامَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَكَانَ سَأَلَ عَنْهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالُوا: فُلاَنٌ، دُفِنَ الْبَارِحَةَ.
فَصَلَّوْا عَلَيْهِ".

وبالسند قال: ( حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) قال: ( حدّثنا جرير عن الشيباني) سليمان ( عن الشعبي) عامر بن شراحيل ( عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال) :
( صلّى النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، على رجل بعدما دفن) بضم الدال مبنيًّا للمفعول ( بليلة، قام) وفي نسخة: فقام ( هو وأصحابه، وكان سأل عنه، فقال: من هذا؟ فقالوا) ولأبي ذر، والأصيلي، وابن عساكر: قالوا: ( فلان دفن البارحة) قال: أفلا آذنتموني، قالوا: دفناه في ظلمة الليل، فكرهنا أن نوقظك ( فصلوا عليه) بصيغة الجمع من الماضي أي: صلّى النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأصحابه عليه، فهو كالتفصيل لقوله أولاً: صلّى، فلا يكون تكرارًا.

وهذا يدل على عدم كراهة الدفن ليلاً لأن النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، اطلع عليه ولم ينكره، بل أنكر عليهم عدم إعلامهم بأمره، وصح أن عليًّا دفن فاطمة ليلاً، ورأى ناس نارًا في المقبرة، فأتوها، فإذا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في القبر، وإذا هو يقول: ناولوني صاحبكم، وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر، رواه أبو داود بإسناد على شرط الشيخين.

نعم، يستحب الدفن نهارًا لسهولة الاجتماع والوضع في القبر، لكن إن خشي تغيره فلا يستحب تأخيره ليدفن نهارًا.
قال الأذرعي وغيره: بل ينبغي وجوب المبادرة به، وأما حديث مسلم: زجر النبي، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلّى عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، فالنهي فيه إنما هو عن دفنه قبل الصلاة عليه.