فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب طواف القارن

باب طَوَافِ الْقَارِنِ
(باب طواف القارن) هل يكفيه طواف واحد أو لا بد من طوافين؟ خلاف يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.


[ قــ :1569 ... غــ : 1638 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ثُمَّ قَالَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ثُمَّ لاَ يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا.
فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ، فَلَمَّا قَضَيْنَا حَجَّنَا أَرْسَلَنِي مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَاعْتَمَرْتُ، فَقَالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَذِهِ مَكَانَ عُمْرَتِكِ.
فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ حَلُّوا ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى.
.
وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا".


وبالسند قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي (قال: أخبرنا مالك) الإمام (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها-) قالت: (خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حجة الوداع) سنة عشر وسميت بذلك لأنه عليه الصلاة والسلام ودّع الناس فيها ولم يحج بعد الهجرة غيرها، (فأهللنا) أحرمنا (بعمرة ثم قال:) عليه الصلاة والسلام:
(من كان معه هدي فليهلّ بالحج والعمرة ثم لا يحل) بالنصب، ولغير أبي ذر: لا يحل بالرفع (حتى يحل منهما).
أي من الحج والعمرة لأن القارن يعمل عملاً واحدًا كما سيأتي قريبًا إن شاء الله تعالى.
قالت عائشة: (فقدمت مكة وأنا حائض فلما قضينا حجنا) أي بعد أن طهرت وطفت (أرسلني مع) أخي (عبد الرحمن إلى التنعيم) أدنى الحل إلى الحرم، وإنما أرسلها إلى التنعيم لأن العمرة كالحج لا بد أن يجمع فيها بين الحل والحرم (فاعتمرت، فقال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "هذه" العمرة (مكان عمرتك).
بنصب مكان على الظرفية أي بدل عمرتك التي أردت أن تأتي بها مفردة لا أنها قضاء عن التي كانت أحرمت بها، (فطاف الذين أهلوا بالعمرة) وحدها متمتعين وسعوا (ثم حلوا) لم يفرق بين من معه الهدي ومن ليس معه.
وقال أبو حنيفة: من كان معه الهدي لا يحل من عمرته ويبقى على إحرامه حتى يحج وينحر هديه يوم النحر، (ثم طافوا طوافًا آخر) للحج (بعد أن رجعوا من منى، وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة) وهم الذين كان معهم الهدي (طافوا طوافًا واحدًا) بغير فاء في طافوا الذي هو جواب أما، لكن صرح النحاة بلزوم إثباتها فيه نحو قوله تعالى: { فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم} [البقرة: 26] إلا في ضرورة الشعر كقوله:
فأما القتال لا قتال لديكم ... ولكن سيرًا في عراض المواكب
وأما حذفها في قوله تعالى: { فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ} [آل عمران: 106] فالأصل فيقال لهم: أكفرتم فحذف القول استغناء عنه بالمقول فتبعته الفاء في الحذف، ورب شيء يصح تبعًا ولا يصح استقلالاً كالحاج عن غيره يصلّي عنه ركعتي الطواف، ولو صلّى أحد عن غيره ابتداء لم يصح على الصحيح قاله ابن هشام.
وتلخص منه أن الفاء لا تحذف في غير الضرورة إلا مع القول، وعورض بأنه ثبت في الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام قال: أما بعد ما بال رجال يشترطون شروطًا.

وأجيب: بأنه يجوز أن يكون هذا الحديث مما حذف فيه الفاء تبعًا للقول والتقدير، فأقول: ما بال رجال؟ فالأولى النقص بما وقع هنا في حديث عائشة.
وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة طافوا وبقوله عليه الصلاة والسلام: أما موسى كأني أنظر إليه إذ ينحدر في الوادي، ولذا قال ابن مالك في التسهيل: ولا بدّ مع أما من ذكر الفاء إلا في ضرورة أو ندور، وللكشميهني: فإنما طافوا فأتي بالفاء قبل إنما في جواب أما، وفي هذا الحديث دليل على أن القارن يجزيه طواف واحد وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور، وكذا يجزيه سعي واحد.
وقال أبو حنيفة في آخرين عليه طوافان

وسعيان، واستدلّ لذلك في فتح القدير بما رواه النسائي في سننه الكبرى عن حماد بن عبد الرحمن الأنصاري عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية قال: طفت مع أبي وقد جمع الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى سعيين.
وحدثني أن عليًّا -رضي الله عنه- فعل ذلك وحدثه أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فعل ذلك.
قال العلامة ابن الهمام: وحماد هذا وإن ضعفه الأزدي فقد ذكره ابن حبان في الثقات فلا ينزل حديثه عن درجة الحسن مع أنه روى عن علي بطرق كثيرة مضعفة ترتقي إلى الحسن، غير أنا تركناها واقتصرنا على ما هو الحجة بنفسه بلا ضم قال: ورواه الشافعي بسند فيه مجهول وقال: معناه أنه يطوف بالبيت حين يقدم بالصفا والمروة ثم يطوف بالبيت للزيادة اهـ.

وهو صريح في مخالفة النص عن علي، وقول ابن المنذر: ولو كان ثابتًا عن علي كان قول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أولى من أحرم بالحج والعمرة أجزأه عنهما طواف واحد وسعي واحد مدفوع بأن عليًّا رفعه إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كما أسمعناك، فوقعت المعارضة وكانت هذه الرواية أقيس بأصول الشرع فرجحت، وقد استقر في الشرع أن من ضم عبادة إلى أخرى أنه يفعل أركان كل منهما والله أعلم بحقيقة الحال اهـ.

ولا ريب أن العمل بما في صحيح البخاري أولى من حديث لم يكن على رسم الصحيح على ما لا يخفى، وقد روى مسلم من طريق ابن الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: لم يطف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافًا واحدًا، ومن طريق طاوس عن عائشة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها: "يسعك طوافك لحجك وعمرتك" وهذا صريح في الأجزاء وإن كان العلماء اختلفوا فيما كانت عائشة محرمة به.
وقال عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل قال: حلف طاوس، ما طاف أحد من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لحجته وعمرته إلا طوافًا واحدًا.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا إسناد صحيح.

وحديث الباب مضى في باب: كيف تهل الحائض والنفساء؟ وموضع الترجمة منه قوله: وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة لأنه هو القارن.




[ قــ :1570 ... غــ : 1639 ]
- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- دَخَلَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَظَهْرُهُ فِي الدَّارِ فَقَالَ: إِنِّي لاَ آمَنُ أَنْ يَكُونَ الْعَامَ بَيْنَ النَّاسِ قِتَالٌ فَيَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ، فَلَوْ أَقَمْتَ.
فَقَالَ: قَدْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَحَالَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، فَإِنْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَفْعَلُ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} ثُمَّ قَالَ: أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ مَعَ عُمْرَتِي حَجًّا.
قَالَ: ثُمَّ قَدِمَ فَطَافَ لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا".
[الحديث 1639 - أطرافه في: 1640، 1693، 1708، 179، 1806، 1807، 1808، 1810، 181، 1813، 4183، 4184، 4185] .

وبه قال: (حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) الدورقي نسبة للبس القلانس الدوقية قال: (حدّثنا ابن علية) هو إسماعيل وعلية بضم العين المهملة وفتح اللام وتشديد التحتية هو اسم أمه واسم أبيه إبراهيم بن مقسم (عن أيوب) السختياني (عن نافع) مولى ابن عمر بن الخطاب (أن ابن عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنهما- دخل ابنه عبد الله بن عبد الله وظهره) بالرفع مبتدأ خبره قوله (في الدار) والجملة حالية والضمير في ظهره لابن عمر، والمراد بالظهر مركوبه من الإبل، وكان ابن عمر قد عزم على الحج وأحضر مركوبه ليركب عليه ويتوجه (فقال:) له ابنه عبد الله: (إني لا آمن) بمدّ الهمزة وفتح الميم مخففة، وللمستملي فبينما ذكره الحافظ ابن حجر: لا إيمن بكسر الهمزة وفتح الميم وهي لغة تميم فإنهم يكسرون الهمزة في أول مستقبل ماضيه على فعل بالكسر، ولا يكسرون إذا كان ماضيه بالفتح إلا أن يكون فيه حرف حلق نحو: اذهب والمعنى أخاف (أن يكون العام) نصب على
الظرفية أي على هذا العام (بين الناس قتال) بالرفع فاعل يكون وهي هنا تامة والظرف متعلق بها وكذا بين الناس (فيصدوك عن البيت، فلو قمت) هذه السنة وتركت الحج لكان خيرًا لعدم إلا من فجواب الشرط محذوف، ويحتمل أن تكون لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب (فقال): عبد الله بن عمر لابنه عبد الله (قد خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يوم الاثنين في هلال ذي القعدة سنة ست من الهجرة للعمرة حتى نزل بالحديبية (فحال كفار قريش بينه وبين البيت) فتحلل بأن خرج من النسك بالذبح والحلق أي مع النية فيهما (فإن حيل) بكسر الحاء المهملة بلفظ الماضي (بيني وبينه) أي البيت (أفعل كما فعل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من التحلل حيث منعوه من دخول مكة وأفعل بالرفع كما في اليونينية على تقدير أنا وبالجزم على أنه جزاء، وللكشميهني: فإن يحل بضم الياء وفتح الحاء وسكون اللام مبنيًا فافعل جزم فقط ({ لقد كان لكم في رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أسوة حسنة} [الأحز اب: 1] خصلة حسنة من حقها أن يؤتسى بها وهو في نفسه قدوة حسنة فحسن التأسي به كقوله في البيضة عشرون منا حديدًا أي هي في نفسها هذا القدر من الحديد (ثم قال): أي عبد الله بن عمر: (أشهدكم أني قد أوجبت مع عمرتي حدًّا) بالتذكير الأخير ولم يكتف بالنية بل أراد الإعلام لمن يريد الاقتداء به.
(قال): عبد الله بن عبد الله بن عمر (ثم قدم) أي أبي عبد الله مكة من منى بعد الوقوف بعرفات (فطاف لهما) أي للحج والعمرة (طوافًا واحدًا) بعد الوقوف بعرفة.

وهذا موضع الترجمة.
وحمله القائلون بطوافين وسعيين للقارن على أن المراد بقوله: طوافًا واحدًا أي طاف لكل منهما طوافًا يشبه الطواف الذي للآخر ولا يخفى ما في ذلك.
وقد روى سعيد بن منصور عن نافع عن ابن عمر عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعي واحد" فهذا صريح في المراد.

وحديث الباب أخرجه أيضًا في الحج وكذا مسلم.




[ قــ :1571 ... غــ : 1640 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ "أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقِيلَ لَهُ إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ، فَقَالَ { لَقَدْ كَانَ

لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}
إِذًا أَصْنَعَ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَاهِرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلاَّ وَاحِدٌ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي.
وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيْدٍ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ، فَلَمْ يَنْحَرْ وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَىْءٍ حَرُمَ مِنْهُ وَلَمْ يَحْلِقْ وَلَمْ يُقَصِّرْ حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الأَوَّلِ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ عُمَرَ -رضي الله عنهما-: كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( عن نافع أن ابن عمر -رضي الله عنهما- أراد الحج عام نزل) أي في عام نزل ( الحجاج) بن معاوية بن زيد بن معاوية ولم يكن استخلف بقي الناس بلا خليفة شهرين وأيامًا، فاجتمع رأي أهل الحل والعقد من أهل مكة فبايعوا عبد الله بن الزبير، وبايع أهل الشام ومصر مروان بن الحكم، ثم لم يزل الأمر كذلك إلى أن توفى مروان وولي ابنه عبد الملك فمنع الناس الحج خوفًا أن يبايعوا ابن الزبير ثم بعث جيشًا أمر عليه الحجاج فقدم مكة وأقام الحصار من أوّل شعبان سنة اثنتين وسبعين بأهل مكة إلى أن غلب عليهم، وقتل ابن الزبير وصلبه ( فقيل له) أي لابن عمر والقائل له ابناه عبد الله وسالم كما في مسلم: ( إن الناس كائن بينهم قتال) برفع قتال ويجوز النصب على التمييز والجملة في موضع رفع خبر إن، ( وإنا نخاف أن يصدوك) ، عن البيت ( فقال) .
ابن عمر: ( { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} ) [الأحزاب: 1] ( إذا صنع) نصب بإذا وهي حرف جزاء وجواب، وقيل اسم والأصل في إذا أكرمك إذا جئتني أكرمتك ثم حذفت الجملة وعوّض التنوين عنها وأضمرت أن وعلى الأول فالأصح أنها بسيطة لا مركبة من إذ وأن، وعلى البساطة فالصحيح أنها الناصبة لا أن مضمرة بعدها، وتنصب المضارع بشروط أن تكون مصدرة وأن يكون الفعل متصلاً بها أو منفصلاً بقسم وأن يكون مستقبلاً يقال: سآتيك غدًا فتقول إذا أكرمك وإذا والله أكرمك فتنصب فيهما وترفع وجوبًا إن قلت أنا إذا أكرمك لعدم تصدرها وإذا يا عبد الله أكرمك للفضل بغير القسم أو حدثك إنسان حديثًا فقلت: إذا تصدق لعدم الاستقبال، وقد ظهر مما ذكر أن أصنع هنا منصوب لأن إذا مصدرة وأصنع متصل بها مستقبل، وأن قول العيني إذا كان فعلها مستقبلاً وجب الرفع كما هو هنا سهو أو سبق قلم، والمعنى: إن صددت عن البيت أصنع ( كما صنع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من التحلل حين حصر بالحديبية.
( إني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة) كما أوجبها النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قصة الحديبية ( ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء) موضع بين مكة والمدينة قدام ذي الحليفة ( قال: ما شأن الحج والعمرة إلا واحد) بالرفع أي واحد في حكم الحصر وإنه إذا كان التحلل للحصر جائزًا في العمرة مع أنها غير محددة بوقت فهو في الحج أجوز وفيه العمل بالقياس ( أشهدكم أني قد أوجبت حجًّا مع عمرتي.
وأهدى)
بفتح الهمزة فعل ماض من الإهداء ( هديًا اشتراه بقديد) ، بقاف مضمومة ودالين مهملتين بينهما تحتية ساكنة مصغرًا موضع قريب من الجحفة.
زاد في باب: من اشترى هديه من الطريق وقلده حتى قدم فطاف بالبيت وبالصفا أي إلى أن قدم مكة فطاف بالبيت للقدوم وبالصفا، ( ولم يزد على ذلك، فلم

ينحر ولم يحل من شيء حرم منه)
أي حرم من أفعاله وهي المحرمات السبع، ( ولم يحلق ولم يقصر حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأى أن قد قضى) أي أدّى ( طواف الحج والعمرة بطوافه الأول) الذي طافه يوم النحر للإضافة بعد الوقوف بعرفة فهو مراده بالأول.
قال في اللامع: لأن أول لا يجتاج أن يكون بعده شيء فلو قال أول عبد يدخل فهو حر فلم يدخل إلا واحد عتق، والمراد أنه لم يجعل للقران طوافين بل اكتفى بواحد وهو مذهب الشافعي وغيره خلافًا للحنفية.
وقال بعضهم: المراد بالطواف الأول الطواف بين الصفا والمروة، وأما الطواف بالبيت وهو طواف الإضافة فهو ركن فلا يكتفى عنه بطواف القدوم في القران ولا في الإفراد.
( وقال ابن عمر) : -رضي الله عنهما- ( كذلك فعل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وهذا موضع الترجمة.