فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب عمرة التنعيم

باب عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ
( باب عمرة التنعيم) تفعيل بفتح المثناة الفوقية وسكون النون وكسر العين المهملة موضع على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة أقرب أطراف الحل إلى البيت سمي به لأن على يمينه جبل نعيم وعلى يساره جبل ناعم والوادي اسمه نعمان قاله في القاموس.

وقال المحب الطبري فيما قرأته في تحصيل المرام: هو أمام أدنى الحل وليس بطرف الحل ومن فسره بذلك فقد تجوّز وأطلق اسم الشيء على ما قرب منه اهـ.

وروى الأزرقي من طريق ابن جريج قال: رأيت عطاء يصف الموضع الذي اعتمرت منه عائشة قال فأشار إلى الموضع الذي ابتنى فيه محمد بن عليّ بن شافع المسجد الذي وراء الأكمة وهو المسجد الخرب وهو أفضل مواقيت العمرة بعد الجعرانة عند الأربعة إلا أبا حنيفة.


[ قــ :1705 ... غــ : 1784 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو سَمِعَ عَمْرَو بْنَ أَوْسٍ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ -رضي الله عنهما- أَخْبَرَهُ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهُ أَنْ يُرْدِفَ عَائِشَةَ وَيُعْمِرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ".
قَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً: سَمِعْتُ عَمْرًا، كَمْ سَمِعْتُهُ مِنْ عَمْرٍو.
[الحديث 1784 - طرفه في: 2985] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن عمرو) هو ابن دينار أنه ( سمع عمر بن أوس) بفتح الهمزة وسكون الواو وعمرو بفتح العين في الموضعين والثاني هو الثقفي المكي ( أن عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق ( -رضي الله عنهما- أخبره أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمره أن يردف) أي بإرداف ( عائشة) أخته أي يركبها وراءه على ناقته ( ويعتمرها) بضم الياء من الإعمار "من التنعيم" إنما عين التنعيم لأنه أقرب إلى الحل من غيره.

( قال: سفيان) بن عيينة ( مرة سمعت عمرًا) هو ابن دينار ( كم سمعته من عمرو) أثبت السماع صريحًا بخلاف السابق فإنه معنعن وإن كان معنعنه محمولاً على السماع، وزاد أبو داود بعد قوله إلى التنعيم فإذا هبطت بها من الأكمة فلتحرم فإنها عمرة مقبلة، وزاد أحمد في رواية له وذك ليلة الصدر بفتح الدال أي الرجوع من منى واستدلّ بالحديث على تعيين الخروج إلى أدنى الحل لمريد العمرة فيلزمه الخروج من الحرم ولو بقليل من أي جانب شاء للجمع فيها بين الحل وأحرم كالجمع في الحج بينهما بوقوفه بعرفة، ولأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر عائشة بالخروج إلى الحل للإحرام بالعمرة فلو لم يجب الخروج لأحرمت من مكانها لضيق الوقت لأنه كان عند رحيل الحاج وأفضل بقاع الحل للإحرام بالعمرة الجعرانة ثم التنعيم ثم الحديبية ولو أحرم بها من مكة وتمم أفعالها ولم يخرج إلى الحل قبل تلبسه بفرض منها أجزأه ما أحرم به ولزمه الدم لأن الإساءة بترك الإحرام من الميقات إنما تقتضي لزوم الدم لا عدم الإجزاء فإن عاد إلى الحل قبل التلبس بفرض سقط عنه الدم.


وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الجهاد ومسلم في الحج.




[ قــ :1706 ... غــ : 1785 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَطَاءٍ حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَهَلَّ وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَطَلْحَةَ، وَكَانَ عَلِيٌّ قَدِمَ مِنَ الْيَمَنِ وَمَعَهُ الْهَدْيُ فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَذِنَ لأَصْحَابِهِ أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً يَطُوفُوا بِالْبَيْتِ ثُمَّ يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا، إِلاَّ مَنْ مَعَهُ الْهَدْيُ، فَقَالُوا: نَنْطَلِقُ إِلَى مِنًى وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ.
فَبَلَغَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ، وَلَوْلاَ أَنَّ مَعِي الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ.
وَأَنَّ عَائِشَةَ حَاضَتْ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا، غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ.
قَالَ: فَلَمَّا طَهُرَتْ وَطَافَتْ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَتَنْطَلِقُونَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ وَأَنْطَلِقُ بِالْحَجِّ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِي الْحَجَّةِ.
وَأَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ لَقِيَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بِالْعَقَبَةِ وَهُوَ يَرْمِيهَا، فَقَالَ: أَلَكُمْ هَذِهِ خَاصَّةً يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: لاَ، بَلْ لِلأَبَدِ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) الزمن قال: ( حدّثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد) بن الصلب الثقفي البصري ( عن حبيب المعلم) البصري مولى معقل بن يسار اختلف في اسم أبيه فقيل زائدة وقيل زيد وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة وقال النسائي ليس بالقوي له في البخاري هذا الحديث عن عطاء عن ابن عباس عن جابر وعلق له المؤلّف في بدء الخلق آخر عن عطاء عن جابر والأحاديث الثلاثة بمتابعة ابن جريج عن عطاء وروى له الجماعة ( عن عطاء) هو ابن أبي رباح قال: ( حدثني) بالإفراد ( جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أهل وأصحابه بالحج) برفع أصحابه، وفي نسخة اليونينية: وأصحابه بالنصب مفعول معه ( وليس مع أحد منهم هدي غير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بنصب غير على الاستثناء ( وطلحة) هو ابن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي المدني أحد المشهود لهم بالجنة وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام واحد الخمسة الذين أسلموا على يد أبي بكر وأحد الستة أصحاب الشورى والواو للعطف أي لم يكن هدي إلا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ومع طلحة فقط، لكن هذا مخالف لما في مسلم وسنن أحمد وغيرهما من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أن الهدي كان مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر وعمر وذوي اليسار، وفي البخاري بعد بابين من طريق أفلح عن القاسم بلفظ ورجال من أصحابه ذوي قوّة فيحمل على أن كلاً منهما ذكر ما اطلع عليه وشاهده ( وكان عليّ) -رضي الله عنه- ( قدم من اليمن) إلى مكة ( ومعه الهدي) جملة حالية، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ومعه هدي بالتنكير ( فقال) : بعد أن سأله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بما أهللت ( أهللت بما أهل به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) زاد في الشركة فأمره أن يقيم على إحرامه وأشركه في الهدي وقد مر مبحث ذلك في باب التمتع والقران ( وأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسر همزة أن وفتحها ( أذن لأصحابه أن يجعلوها عمرة) الضمير للحج وأنثه باعتبار الحجة ( يطوفوا) زاد في رواية أبي الوقت:

بالبيت ( ثم يقصروا) من شعر رؤوسهم ( ويحلوا) من إحرامهم والعطف بثم والواو على يطوفوا ويحلوا بفتح أوله وكسر ثانيه من حل وزاد وأصيبوا النساء.
قال عطاء: ولم يعزم عليهم ولكن أحلهن لهم ( إلا من معه الهدي) فلا يحل ( فقالوا) : أي الصحابة ( ننطلق إلى منى) بحذف همزة الاستفهام أي أننطلق إلى منى ( وذكر أحدنا يقطر) بالمنيّ وهو من باب المبالغة أي أن الحل يفضي بنا إلى مجامعة النساء ثم نحرم بالحج عقب ذلك فنخرج وذكر أحدنا لقربه من الواقعة يقطر منيًا وحالة الحج تنافي الترفه وتناسب الشعث فكيف يكون ذلك، ( فبلغ) ذلك الذي قالوه ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) : زاد مسلم: قد علمتم أني أتقاكم لله عز وجل وأصدقكم وأبرّكم.

( لو استقبلت من أمري ما استدبرت) أي وعلمت من أمري من الأول ما علمته في الآخر ( ما أهديت) وأحللت والأمر الذي استدبره عليه الصلاة والسلام هو ما حصل لأصحابه من شقة انفرادهم عنه بالفسخ حتى أنهم توقفوا وترددوا وراجعوه ( ولولا أن معي الهدي لأحللت) من إحرامي لأن من كان معه الهدي لا يحل حتى ينحره ولا ينحر إلا يوم النحر فلا يصح له فسخ الحج بعمرة وليس السبب في ذلك مجرّد سوق الهدي كما يقوله أبو حنيفة وأحمد ولو في التأسف على فوات الأمر في الدين، وأما حديث لو تفتح عمل الشيطان ففي حظوظ الدنيا.

( وأن عائشة -رضي الله عنها-) بفتح همزة أن ( حاضت) بسرف قبل دخولهم مكة ( فنسكت المناسك) المتعلقة بالحج ( كلها، غير أنها لم تطف) للعمرة لمانع الحيض زاد في غير رواية أبي ذر وابن عساكر: بالبيت أي ولم تسع بين الصفا والمروة وحذفه لأن السعي لا بد له من تقدم طواف عليه فيلزم من نفيه نفيه فاكتفى بنفي الطواف ( قال: فلما طهرت) بعرفة كما في مسلم وله صبيحة ليلة عرفة حين قدموا منى وله أنها طهرت في منى وجمع بأنها رأت الطهر بعرفة ولم يتهيأ لها الاغتسال إلا في منى وطهرت بضم الهاء وفتحها، ( وطافت) بالبيت طواف الإفاضة يوم النحر وسعت بين الصفا والمروة ( قالت: يا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتنطلقون بعمرة) منفردة عن حجة ( وحجة) منفردة عن عمرة ( وأنطلق بالحج) ؟ من غير عمرة منفردة ( فأمر) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( عبد الرحمن بن أبي بكر) الصديق رضي الله عنهما ( أن يخرج معها إلى التنعيم) لتعتمر منه تطييبًا لقلبها ( فاعتمرت) منه ( بعد الحج في ذي الحجة) ليلة المحصب.

( وأن سراقة بن مالك بن جعشم) بضم الجيم والشين المعجمة بينهما عين مهملة ساكنة وسراقة بضم السين المهملة وتخفيف الراء وبالقاف الكناني المدلجي ( لقي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالعقبة) ولغير أبي ذر وهو بالعقبة ( وهو يرميها) جملة حالة أي وهو -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يرمي جمرة العقبة ( فقال) : أي سراقة ( ألكم هذه) الفعلة وهي فسخ الحج إلى العمرة أو القران أو العمرة في أشهر الحج ( خاصة يا رسول الله) أي هل هي مخصوصة بكم في هذه السنة أو لكم ولغيركم أبدًا؟ ( قال) : عليه الصلاة والسلام مجيبًا له:
( لا بل للأبد) .
وفي رواية جعفر عند مسلم فقام سراقة فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد فشبك أصابعه واحدة في الأخرى وقال: دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل للأبد أبدًا
ومعناه كما قال النووي عند الجمهور أن العمرة يجوز فعلها في أشهر الحج إبطالاً لما كان عليه أهل الجاهلية، وقيل معناه جواز فسخ الحج إلى العمرة قال: وهو ضعيف.
وتعقب بأن سياق السؤال يقوّي هذا التأويل بل الظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ وهو مذهب الحنابلة، بل قال المرداوي في كتابه الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف وهو شرح المقنع لشيخ الإسلام موفق الدين بن قدامة: إن فسخ القارن والمفرد حجهما إلى العمرة مستحب بشرطه نص عليه وعليه الأصحاب قاطبة.
وقال: وهو من مفردات المذهب لكن المصنف أي ابن قدامة هنا ذكر الفسخ بعد الطواف والسعي وقطع به الخرقي، وقدمه الزركشي وقال: هذا ظاهر الأحاديث، وعن ابن عقيل الطواف بنية العمرة هو الفسخ وبه حصل رفض الإحرام لا غير قال: فهذا تحقيق فسخ الحج وما ينفسخ به.
وقال في الكافي: يسن لهما إذا لم يكن معهما هدي أن يفسخا نيتهما بالحج وينويا عمرة مفردة ويحلا من إحرامهما بطواف وسعي وتقصير ليصيرا متمتعين.
وقال في الانتصار: لو ادّعى مدّع وجوب الفسخ لم يبعد، وقال الشيخ تقي الدين: يجب على من اعتقد عدم مساغه أن يعتقده ولو ساق هديًا فهو على إحرامه لا يصح فسخه الحج إلى العمرة على الصحيح عندهم وحيث صح الفسخ لزم دم على الصحيح من مذهبهم نص عليه وعليه أكثر الأصحاب اهـ.

وقال بعض الحنابلة: نحن نشهد الله أنا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضًا فسخه إلى عمرة تفاديًا من غضب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وذلك أن في السنن عن البراء بن عازب خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه فأحرمنا بالحج فلما قدمنا مكة قال اجعلوها عمرة فقال الناس: يا رسول الله قد أحرمنا بالحج فكيف نجعلها عمرة؟ قال "انظروا ما آمركم به فافعلوا" فردّدوا عليه القول فغضب الحديث.

وقال سلمة بن شبيب لأحمد: كل أمرك عندي حسن إلا خلة واحدة فقال: وما هي؟ قال: تقول بفسخ الحج إلى العمرة.
فقال: يا سلمة كنت أرى لك عقلاً.
عندي في ذلك أحد عشر حديثًا صحاح عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتركها لقولك.

وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وجماهير العلماء من السلف والخلف هو مختص بهم تلك السنة لا يجوز بعدها ليخالفوا ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج.

وفي حديث أبي ذر عند مسلم: كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خاصة يعني فسخ الحج إلى العمرة.

وعند النسائي عن الحرث بن بلال عن أبيه قال: يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: "لا بل لنا خاصة" وهذا لا يعارضه حديث سراقة لأن سبب الأمر بالفسخ ما كان إلا تقرير الشرع العمرة في أشهر الحج ما لم يكن مانع من سوق الهدي، وذلك أنه كان مستعظمًا عندهم حتى كانوا يعدونها في أشهر الحج من أفجر الفجور فكسر سورة ما استحكم في نفوسهم من الجاهلية من إنكاره بحملهم على فعله بأنفسهم، فلو لم يكن حديث بلال بن الحرث ثابتًا كما قال

الإمام أحمد حيث قال: لا يثبت عندي ولا يعرف هذا الرجل كان حديث ابن عباس كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض الحديث صريحًا في كون سبب الأمر بالفسخ هو قصد محو ما استقر في نفوسهم في الجاهلية بتقرير الشرع بخلافه.

وقال ابن المنير: ترجم على أن العمرة من التنعيم ثم ذكر حديث سراقة وليس فيه تعرض لميقات ولكن لأصل العمرة في أشهر الحج.
وأجاب بأن وجه ذكره في الترجمة الرد على من لعله يزعم أن التنعيم كان خاصًا باعتمار عائشة حينئذٍ فقرر بحديث سراقة أنه غير خاص وأنه عام أبدًا.

وحديث الباب أخرجه المؤلّف في التمني، وأبو داود في الحج.