فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب استقبال الحاج القادمين والثلاثة على الدابة

باب اسْتِقْبَالِ الْحَاجِّ الْقَادِمِينَ، وَالثَّلاَثَةِ عَلَى الدَّابَّةِ
( باب استقبال الحاج القادمين) إلى مكة بكسر الميم وفتح النون بصيغة الجمع صفة للحاج لإطلاقه على المفرد والجمع مجازًا واتساعًا كقوله تعالى: { سَامِرًا تَهْجُرُونَ} [المؤمنون: 67] قال في الكشاف مما قرأته فيه: والسامر نحو الحاضر في الإطلاق على الجمع واستقبال مصدر مضاف إلى مفعوله، ولأبي ذر: القادمين بفتح الميم بصيغة التثنية ( والثلاثة) بالجر كما في بعض الأصول عطفًا على استقبال أي واستقبال الثلاثة، وفي اليونينية والثلاثة بالنصب أي واستقبال الحاج الثلاثة حال كونهم ( على الدابة) والاستقبال يكون من الطرفين لأن من استقبلك فقد استقبلته، ولابن عساكر:

باب استقبال الحاج الغلامين بإضافة الاستقبال إلى الحاج والغلامين مفعوله أو استقبال مضاف إلى الغلامين والحاج نصب على المفعولية كقراءة ابن عامر بالفصل بين المضافين بالمفعول في قوله تعالى في سورة الأنعام { قتل} برفع اللام على ما لم يسم فاعله { أولادهم} بالنصب على المفعول بالمصدر { شركائهم} [الأنعام: 137] بالخفض على إضافة المصدر إليه المذكور توجيهه في كتاب القراءات الأربع عشرة مما جمعته والثلاثة بالنصب عطف على الغلامين لكن لا أعرف نصب الحاج في رواية.


[ قــ :1718 ... غــ : 1798 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ "لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَكَّةَ اسْتَقْبَلَتْهُ أُغَيْلِمَةُ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَحَمَلَ وَاحِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ وَآخَرَ خَلْفَهُ".
[الحديث 1798 - طرفاه في: 5965، 5966] .

وبالسند قال: ( حدّثنا معلى بن أسد) بضم الميم وفتح العين واللام المشددة العمي أخو بهز بن أسد البصري قال: ( حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي قال: ( حدّثنا خالد) الحذاء ( عن عكرمة) مولى ابن عباس ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال) : ( لما قدم النبي) ولأبي ذر: رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكة) في الفتح ( استقبله أغيلمة بني عبد المطلب) بضم الهمزة من أغيلمة وفتح الغين المعجمة.

قال في الصحاح: الغلام معروف وتصغيره غليم والجمع غلمة وغلمان واستغنوا بغلمة عن أغلمة وتصغير الغلمة أغيلمة على غير مكبره كأنهم صغروا أغلمة وإن كانوا لم يقولوه كما قالوا أصيبيه في تصغير صبية وبعضهم يقول غليمة على القياس.

وقال في القاموس: الغلام الطارّ الشارب والكهل ضد أو من حين يولد إلى أن يشب جمعه أغلمة وغلمة وغلمان وهي غلامة اهـ.

ومراده صبيان بني عبد المطلب وإضافتهم إليه لكونهم من ذريته ( فحمل) عليه الصلاة والسلام ( واحدًا) منهم ( بين يديه) هو عبد الله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب ( وآخر خلفه) هو قثم بن العباس بن عبد المطلب كذا قاله ابن حجر، لكن لا أعلم هل خرج عبد الله بن جعفر من المدينة إلى مكة بعد أن دخلها مع أبيه من الحبشة حتى استقبل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قدومه مكة في الفتح فلينظر.
وقول الحافظ ابن حجر: وكون الترجمة لتلقي القادم من الحج والحديث دال على تلقي القادم للحج ليس بينهما تخالف لاتفاقهما من حيث المعنى، تعقبه العيني فقال: لا نسلم أن كون الترجمة لتلقي القادم من الحج بل هي لتلقي القادم للحج، والحديث يطابقه وهذا القائل ذهل وظن أن الترجمة وضعت لتلقي القادم من الحج وليس كذلك وذلك لأنه لو علم أن لفظ الاستقبال في الترجمة مصدر مضاف إلى مفعوله والفاعل ذكره مطوي لما احتاج إلى قوله وكون الترجمة إلى آخره اهـ.

ولعله أخذه من كلام ابن المنير حيث تعقب ابن بطال لما قال في الحديث: من الفقه جواز تلقي القادمين من الحج لأنه عليه الصلاة والسلام لم ينكر ذلك بل سرته لحمله لهما بين يديه وخلفه فقال

هذا ليس تلقيًا للقادم من الحج ولكنه تلقي القادم للحج قال: وتلك العادة إلى الآن يتلقي المجاورون وأهل مكة القادمين من الركبان اهـ.

نعم يؤخذ منه بطريق القياس تلقي القادمين من الحج بل ومن في معناهم كمن قدم من جهاد أو سفر تأنيسًا لهم وتطييبًا لقلوبهم.

وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن جعفر قال: كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا قدم من سفر تلقى بصبيان أهل بيته، وأنه قدم من سفر فسبق بي إليه فحملني بين يديه ثم جيء بأحد ابني فاطمة فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة.

وفي المسند وصحيح الحاكم عن عائشة قالت: أقبلنا من مكة في حج أو عمرة فتلقانا غلمان من الأنصار كانوا يتلقون أهاليهم إذا قدموا.

وذكر ابن رجب في لطائفه عن أبي معاوية الضرير عن حجاج عن الحكم قال، قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: لو يعلم المقيمون ما للحجاج عليهم من الحق لأتوهم حين يقدمون حتى يقبلوا رواحلهم لأنهم وفد الله في جميع الناس.

وفي حديث الباب التحديث والعنعنة والقول.

ورواته الثلاثة الأول بصريون، وأخرجه المؤلّف أيضًا في اللباس والنسائي في الحج.