فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد

باب لاَ يُعِينُ الْمُحْرِمُ الْحَلاَلَ فِي قَتْلِ الصَّيْدِ
هذا ( باب) بالتنوين ( لا يعين المحرم الحلال في قتل الصيد) بفعل ولا قول.


[ قــ :1741 ... غــ : 1823 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ سَمِعَ أَبَا قَتَادَةَ -رضي الله عنه- قَالَ "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْقَاحَةِ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلاَثٍ" ح.


وبالسند قال: ( حدّثنا) بالجمع ولأبي الوقت: حدثني ( عبد الله بن محمد) المسندي قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا صالح بن كيسان) مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز، ولأبي الوقت: عن صالح بن كيسان ( عن أبي محمد) أنه ( سمع أبا قتادة) ولغير أبوي ذر والوقت عن أبي محمد نافع مولى أبي قتادة سمع أبا قتادة، وفي رواية مسلم عن صالح سمعت أبا محمد مولى أبي قتادة ولم يكن مولى أي لأبي قتادة، وعند ابن حبان هو مولى عقيلة بنت طلق الغفارية ونسب لأبي قتادة لكثرة لزومه له وقيامه بمهماته من باب الخدمة حتى صار كأنه مولاه وحينئذ فيكون من باب المجاز ( قال: كنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالقاحة) بالقاف والحاء المهملة المخففة بينهما ألف وهي ( من المدينة على ثلاث) من المراحل قبل السقيا بنحو ميل، وقد سبق أن الروحاء هي الموضع الذي ذهب أبو قتادة منه إلى جهة العدو ثم التقوا بالقاحة وبها وقع الصيد المذكور ( ح) لتحويل السند.

وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْقَاحَةِ، وَمِنَّا الْمُحْرِمُ وَمِنَّا غَيْرُ الْمُحْرِمِ"، فَرَأَيْتُ أَصْحَابِي يَتَرَاءَوْنَ شَيْئًا، فَنَظَرْتُ فَإِذَا حِمَارُ وَحْشٍ -يَعْنِي وَقَعَ سَوْطُهُ- فَقَالُوا: لاَ نُعِينُكَ عَلَيْهِ بِشَىْءٍ، إِنَّا مُحْرِمُونَ، فَتَنَاوَلْتُهُ فَأَخَذْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ الْحِمَارَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَعَقَرْتُهُ، فَأَتَيْتُ بِهِ أَصْحَابِي، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُلُوا،.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ: لاَ تَأْكُلُوا.
فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ أَمَامَنَا فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: كُلُوهُ حَلاَلٌ" قَالَ لَنَا عَمْرٌو: اذْهَبُوا إِلَى صَالِحٍ فَسَلُوهُ عَنْ هَذَا وَغَيْرِهِ وَقَدِمَ عَلَيْنَا هَا هُنَا.

قال المؤلّف بالسند السابق: ( وحدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا صالح بن كيسان) عن أبي محمد نافع المذكور ( عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالقاحة ومنا المحرم ومنا غير المحرم) يحتمل أن يقال لا منافاة بين قوله هنا ومنا غير المحرم وبين ما سبق مما يقتضي انحصار عدم الإحرام في أبي قتادة فقد يريد بقوله: ومنا غير المحرم نفسه فقط بدليل الأحاديث الدالة على الانحصار ( فرأيت أصحاب يتراءون شيئًا) يتفاعلون من الرؤية ( فنظرت فإذا حمار وحش) بالإضافة وإذا للمفاجأة ( يعني وقع سوطه) ولابن عساكر: فوقع وهو من كلام الراوي تفسير لما يدل عليه قوله ( فقالوا: لا نعينك عليه) أي على أخذ السوط حين وقع ( بشيء) كذا قرر البرماوي كالكرماني، وعند أبي عوانة عن أبي داود الحراني عن علي بن المديني في هذا الحديث فإذا حمار وحش فركبت فرسي وأخذت الرمح السوط فسقط مني السوط فقلت: ناولوني فقالوا: لا نعينك عليه بشيء ( إنا محرمون) والمحرم تحرم عليه الإعانة على قتل الصيد ( فتناولته) أي السوط بشيء ( فأخذته ثم أتيت الحمار من وراء كمة) بفتحات تلّ من حجر واحد ( فعقرته) أي قتلته وأصله ضرب قوائم البعير أو الشاة بالسيف وهو قائم فتوسع فيه فاستعمل في مطلق القتل والإهلال وفيه أن عقر الصيد ذكاته ( فأتيت به أصحابي فقال) : ولأبي الوقت قال: ( بعضهم: كلوا) منه ( وقال بعضهم: لا تأكلوا) سبق من هذا الوجه أنهم أكلوا، والظاهر أنهم أكلوا

أول ما أتاهم به، ثم طرأ عليهم كما في لفظ عثمان بن موهب في الباب الذي يليه فأكلنا من لحمها ثم قلنا: أنأكل لحم صيد ونحن محرمون؟ وفي حديث أبي سعيد: فجعلوا يشوون منه ثم قالوا: رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين أظهرنا ( فأتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو أمامنا) بفتح الهمزة ظرف مكان أي قدامنا ( فسألته) هل يجوز أكله للمحرم؟ ( فقال) :
( كلوه) هو ( حلال) وفي رواية: كلوه حلالاً بالنصب أي أكلاً حلالاً.
قال سفيان: ( قال لنا عمرو) هو ابن دينار: ( اذهبوا إلى صالح) أي ابن كيسان ( فسلوه) بفتح السين من غير همز ( عن هذا وغيره وقدم) صالح ( علينا) من المدينة ( هاهنا) يعني مكة، فدلّ عمر وأصحابه ليسمعوا منه هذا وغيره والغرض بذلك تأكيد ضبطه وكيفية سماعه له من صالح.

وهذا الحديث هو لفظ رواية عليّ بن المديني.
قال في الفتح: وهذه عادة المصنف غالبًا إذا حوّل الإسناد ساق المتن على لفظ الثاني اهـ.