فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو: إذا لم يوجد أهل الإسلام

باب اسْتِئْجَارِ الْمُشْرِكِينَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ، أَوْ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَهْلُ الإِسْلاَمِ وَعَامَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَهُودَ خَيْبَرَ
( باب استئجار) المسلمين ( المشركين عند الضرورة) أي عند عدم وجود مسلم ( أو إذا لم يوجد أهل الإسلام) وفي نسخة عند الضرورة إذا لم يجد أهل الإسلام ( وعامل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يهود خيبر) على العمل في أرضها إذا لم يجد أحدًا من المسلمين ينوب منابهم في ذلك.
قال ابن بطال: عامة الفقهاء يجيزون استئجارهم عند الضرورة وغيرها لما في ذلك من المذلة لهم وإنما الممتنع أن يؤاجر المسلم نفسه من المشرك لما فيه من الإذلال.



[ قــ :2171 ... غــ : 2263 ]
- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا هِشَامٌ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: "وَاسْتَأْجَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ رَجُلاً مِنْ بَنِي الدِّيلِ ثُمَّ مِنْ بَنِي عَبْدِ بْنِ عَدِيٍّ هَادِيًا خِرِّيتًا -الْخِرِّيتُ: الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ- قَدْ غَمَسَ يَمِينَ حِلْفٍ فِي آلِ الْعَاصِ بْنِ وَائِلٍ، وَهْوَ عَلَى دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ؛ فَأَمِنَاهُ، فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا، وَوَعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلاَثِ لَيَالٍ، فَأَتَاهُمَا بِرَاحِلَتَيْهِمَا صَبِيحَةَ لَيَالٍ ثَلاَثٍ فَارْتَحَلاَ، وَانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ الدِّيلِيُّ فَأَخَذَ بِهِمْ أَسْفَلَ مَكَّةَ وَهْوَ طَرِيقُ السَّاحِلِ".

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبوي ذر والوقت: حدّثني بالإفراد ( إبراهيم بن موسى) بن يزيد بن زاذان أبو إسحاق التميمي الفراء الرازي الصغير قال: ( أخبرنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني ( عن معمر) هو ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن عروة بن الزبير) بن العوّام ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها قالت: ( واستأجر) بواو العطف على قصة في هذا الحديث وهي ثابتة في أصله الطويل المسوق عند المؤلّف في باب هجرة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه إلى المدينة عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، الحديث.
وفيه خروج أبي بكر مهاجرًا نحو أرض الحبشة حتى بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وخروجه مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى غار ثور فمكثا فيه ثلاث ليالٍ يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كبائت معهم فلا يسمع أمرًا يكادان به إلاّ وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى أبي منحة من غنم فيريحها عليهما حين يذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن منحتهما ورضيفهما حتى ينعق بها عامر بن فهيرة بغلس يفعل ذلك كل ليلة من الليالي، وسقط واو العطف المذكور لأبي ذر واستأجر ( النبي) ولأبي الوقت: رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبو بكر رجلاً) مشركًا ( من بني الديل) بكسر الدال المهملة وسكون التحتية هو عبد الله بن أريقط.
وقال ابن هشام: رجلاً من بني سهم بن عمرو وكان مشركًا.

وهذا موضع الترجمة.
( ثم من بني عبد بن عدي) بفتح العين وكسر الدال المهملة وتشديد التحتية بطن من بني بكر ( هاديًا) للطريق ( خريتًا) بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء وسكون التحتية بعدها مثناة فوقية صفتان لرجل، ونسب الحافظ ابن حجر الأخيرة لزيادة الكشميهني.

قال الزهري ( الخرّيت: الماهر بالهداية قد غمس) أي عبد الله بن أريقط ( يمين حلف) بكسر الحاء المهملة وبعد اللام الساكنة فاء وغمس بفتح الغين المعجمة والميم والسين المهملة أي دخل ( في) جملة ( آل العاصي بن وائل) بالهمز من بني سهم رهط من قريش وغمس نفسه فيهم وكانوا إذا تحالفوا غمسوا أيديهم في دم أو خلوق أو شيء يكون فيه تلويث فيكون ذلك تأكيدًا للحلف، ( وهو) أي عبد الله بن أريقط ( على دين كفار قريش فأمناه) بكسر الميم المخففة بعد الهمزة المفتوحة من أمنت

فلانًا فهو آمن وذلك مأمون والضمير للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والصديق ( فدفعا إليه راحلتيهما) تثنية راحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال يستوي فيه المذكر والمؤنث والتاء للمبالغة ( ووعداه) ولأبي ذر: وواعداه بألف قبل العين فالأولى من الوعد والثانية من المواعدة ( غار ثور) بالمثلثة كهفًا بجبل أسفل مكة ( بعد ثلاث ليالٍ فأتاهما براحلتيهما صبيحة ليالٍ ثلاث فارتحلا وانطلق معهما عامر بن فهيرة) بضم الفاء وفتح الهاء وبعد الياء الساكنة راء مفتوحة، ( والدليل الديلي) بكسر الدال المهملة وسكون الياء من غير همز هو عبد الله بن أريقط ( فأخذ بهم) أي أخذ بالنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر وعامر عبد اللهّ بن أريقط الدليل وفي نسخة: أسفل مكة ( وهو طريق الساحل) وفي الهجرة فأخذ بهم طريق الساحل بدون لفظ وهو.

وهذا الحديث أخرجه في باب الإجارة والهجرة.