فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الاستنثار في الوضوء

باب الاِسْتِنْثَارِ فِي الْوُضُوءِ
ذَكَرَهُ عُثْمَانُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهم- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

( باب الاستنثار في الوضوء) وهو دفع الماء الذي يستنشقه المتوضئ أي يجذبه بريح أنفه لتنظيف ما في داخله فيخرجه بريح أنفه سواء كان بإعانة يده أم لا ( ذكره) أي الاستنثار ( عثمان) بن عفان رضي الله عنه فيما رواه المؤلف موصولاً في باب مسح الرأس كله كما تقدم، ( وعبد الله بن زيد) فيما وصله المؤلف فيما سيأتي إن شاء الله تعالى، ( وابن عباس رضي الله عنهم عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ، وفي رواية ابن عساكر والأصيلي وعبد الله بن عباس وتقدم حديثه موصولاً عند المؤلف، في باب غسل الوجه من غرفة، لكن ليس فيه ذكر الاستنثار، قال في الفتح: كأن المصنف أشار بذلك إلى ما رواه أحمد وأبو داود والحاكم من حديثه موقوفًا استنثروا مرتين بالغتين أو ثلاثًا.

[ قــ :158 ... غــ : 161 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو إِدْرِيسَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَلْيَسْتَنْثِرْ، وَمَنِ اسْتَجْمَرَ فَلْيُوتِرْ».
[الحديث 161 - طرفه في: 162] .

وبه قال ( حدّثنا عبدان) اسمه عبد الله بن عثمان المروزي ( قال: أخبرنا عبد الله) أي ابن المبارك ( قال: أخبرنا يونس) بن يزيد الأيلي ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( قال: أخبرني) بالتوحيد ( أبو إدريس) عائذ الله بالهمزة والذال المعجمة ابن عبد الله الخولاني بالمعجمة التابعي الجليل قاضي دمشق لمعاوية المتوفى سنة ثمانين.


( أنه سمع أبا هريرة) رضي الله عنه ( عن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) وفي رواية أبوي الوقت وذر عن المستملي أنه قال: ( من توضأ فليستنثر) بأن يخرج ما في أنفه من أذى بعد الاستنشاق لما فيه من تنقية مجرى النفس الذي به تلاوة القرآن وبإزالة ما فيه من الثفل تصح مجاري الحروف، وفيه طرد الشيطان لما عند المؤلف رحمه الله تعالى في بدء الخلق: إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثًا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه، والخيشوم أعلى الأنف ونوم الشيطان عليه حقيقة أو هو على الاستعارة لأن ما ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم قذارة توافق الشياطين فهو على عادة العرب في نسبتهم المستخبث والمستبشع إلى الشيطان، أو ذلك عبارة عن تكسيله عن القيام إلى الصلاة ولا مانع من حمله على الحقيقة، وهل مبيته لعموم النائمين أو مخصوص بمن لم يفعل ما يحترس به في منامه كقراءة آية الكرسي وظاهر الأمر فيه للوجوب فيلزم من قال بوجوب الاستنشاق لورود الأمر به كأحمد وإسحاق وغيرهما أن يقول به في الاستنثار.
وظاهر كلام صاحب المغني من الحنابلة أنهم يقولون بذلك، وأن مشروعية الاستنشاق لا تحصل إلا بالاستنثار وقول العيني: إن الإجماع قائم على عدم وجوبه، يردّه تصريح ابن بطال بأن بعض العلماء قال بوجوبه، وقال الجمهور: إن الأمر فيه للندب مستدلين له بما أخرجه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه من قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للأعرابي: من توضأ كما أمر الله فأحال على الآية وليس فيها ذكر الاستنشاق.

( ومن استجمر) أي مسح محل النجو بالجمار وهي الأحجار الصغار ( فليوتر) وحمله بعضهم على استعمال البخور، فإنه يقال تجمر واستجمر أي فليأخذ ثلاث قطع من الطيب ويتطيب ثلاثًا أو أكثر وترًا حكاه ابن حبيب عن ابن عمرو لا يصح، وكذا حكاه ابن عبد البرّ عن مالك، وروى ابن خزيمة في صحيحه عنه خلافه والأظهر الأوّل.