فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة

باب الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ فِي الْمِخْضَبِ وَالْقَدَحِ وَالْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ
( باب الغسل والوضوء في المخضب) بكسر الميم وسكون الخاء وفتح الضاد المعجمتين آخره موحدة إجانة لغسل الثياب أو المركن أو إناء يغسل فيه ( و) في ( القدح) الذي يؤكل فيه ويكون من الخشب غالبًا مع ضيق فيه، ( و) في الإناء من ( الخشب) بفتح الخاء والشين المعجمتين وبضمتين وسكون الشين، ( و) في الإناء من ( الحجارة) النفيسة وغيرها وعطف الخشب والحجارة على سابقهما من باب العطف التفسيري، لأن المخضب والقدح قد يكونان من الخشب والحجارة، كما وقع في التصريح به من حديث الباب بمخضب من حجارة.


[ قــ :191 ... غــ : 195 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُنِيرٍ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بَكْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَضَرَتِ الصَّلاَةُ، فَقَامَ مَنْ كَانَ قَرِيبَ الدَّارِ إِلَى أَهْلِهِ وَبَقِيَ قَوْمٌ، فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمِخْضَبٍ مِنْ حِجَارَةٍ فِيهِ مَاءٌ، فَصَغُرَ الْمِخْضَبُ أَنْ يَبْسُطَ فِيهِ كَفَّهُ، فَتَوَضَّأَ الْقَوْمُ كُلُّهُمْ.
قُلْنَا: كَمْ كُنْتُمْ؟ قَالَ: ثَمَانِينَ وَزِيَادَةً.

وبالسند السابق إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عبد الله بن منير) بضم الميم وكسر النون وسكون المثناة التحتية آخره راء، وفي رواية الأصيلي وابن عساكر ابن المنير بزيادة أل السهمي المروزي المتوفى سنة إحدى وأربعين ومائتين أنه ( سمع عبد الله بن بكر) بفتح الموحدة وسكون الكاف أبا وهب المصري، المتوفى ببغداد في خلافة المأمون سنة ثمان ومائتين ( قال: حدّثنا حميد) بالتصغير ابن أبي حميد الطويل المتوفى وهو قائم يصلي سنة ثلاث وأربعين ومائة ( عن أنس) هو ابن مالك رضي الله عنه ( قال) :
( حضرت الصلاة) أي صلاة العصر ( فقام من كان قريب الدار إلى أهله) لأجل تحصيل الماء والتوضؤ به ( وبقي قوم) عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكونوا على وضوء ( فأُتي) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول ونائب الفاعل قوله ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمخضب) متخذ ( من حجارة فيه ماء) قليل ( فصغر المخضب أن يبسط فيه كفه) لصغره أي لأن يبسط وأن مصدرية أي لبسط كفه فيه ( فتوضأ القوم) الذين بقوا عنده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( كلهم) من ذلك المخضب الصغير ( قلنا) وفي رواية ابن عساكر وكريمة فقلنا وفي أخرى وهو من كلام حميد الطويل الراوي عن أنس رضي الله عنه ( كم) نفسًا ( كنتم؟ قال) : كنا ( ثمانين) نفسًا ( وزيادة) على الثمانين، وهذا الحديث رواته الأربعة ما بين مروزي ومصري وفيه التحديث والسماع والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في علامات النبوّة ومسلم ولفظهما مختلف.




[ قــ :19 ... غــ : 196 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعَا بِقَدَحٍ فِيهِ مَاءٌ فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ فِيهِ وَمَجَّ فِيهِ.


وبه قال ( حدّثنا محمد بن العلاء) بالمهملة مع المد ( قال حدّثنا أبو أسامة) بضم الهمزة حماد بن أسامة ( عن بريد) بضم الموحدة وفتح الراء وسكون المثناة التحتية ( عن أبي بردة) الحرث بن أبي موسى ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه.

( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دعا بقدح) أي طلب قدحًا ( فيه ماء) جملة اسمية في موضع جر صفة لقدح ثم عطف على دعا قوله ( فغسل يديه ووجهه فيه ومج) أي صب ( فيه) ولا دلالة فيه على الوضوء منه ولا الغسل بضم الغين.
ورواة هذا الحديث الخمسة كوفيون وفيهم ثلاثة مكيون وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف معلقًا فيما سبق فى باب استعمال فضل وضوء الناس.




[ قــ :193 ... غــ : 197 ]
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: أَتَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَأَخْرَجْنَا لَهُ مَاءً فِي تَوْرٍ مِنْ صُفْرٍ، فَتَوَضَّأَ، فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا، وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِهِ وَأَدْبَرَ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ.

وبه قال: ( حدّثنا أحمد بن يونس قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة) بفتح اللام الماجشون بفتح الجيم ونسبه كسابقه لجده لشهرة كلّ منهما به، وأبو كلّ منهما اسمه عبد الله ( قال: حدّثنا عمرو بن يحيى) بفتح العين بن عمارة ( عن أبيه) يحيى ( عن عبد الله بن زيد) الأنصاري ( قال) ( أتى) وفي رواية الكشميهني وأبي الوقت أتانا ( رسول الله) وفي رواية النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فأخرجنا له ماء في تور) بالمثناة الفوقية ( من صفر) بضم الصاد ( فتوضأ فغسل وجهه ثلاثًا) تفسير لقوله فتوضأ، وفيه حذف تقديره فمضمض واستنشق، ( و) غسل ( يديه مرتين مرتين ومسح برأسه فأقبل به وأدبر) به ( وغسل رجليه) ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين كوفي ومدني وفيه اثنان نسبًا إلى جدّهما واسم أبيهما عبد الله والتحديث والعنعنة.





[ قــ :194 ... غــ : 198 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَاشْتَدَّ بِهِ وَجَعُهُ اسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي، فَأَذِنَّ لَهُ.
فَخَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ رَجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِي الأَرْضِ: بَيْنَ عَبَّاسٍ وَرَجُلٍ آخَرَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَأَخْبَرْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ؟ قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ -وَكَانَتْ عَائِشَةُ -رضي الله عنها- تُحَدِّثُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ بَعْدَ مَا دَخَلَ بَيْتَهُ وَاشْتَدَّ وَجَعُهُ: «هَرِيقُوا عَلَىَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ، لَعَلِّي أَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ».
وَأُجْلِسَ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ طَفِقْنَا نَصُبُّ عَلَيْهِ تِلْكَ القِرَبِ حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ.
ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ.
[الحديث 198 - أطرافه في: 664، 665، 679، 683، 687، 71، 713، 716، 588، 3099، 3384، 444، 4445، 5714، 7303] .

وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع (قال: أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة الحمصي (عن الزهري) محمد بن مسلم (قال: أخبرني) بالإفراد (عبيد الله) بتصغير العبد (ابن عبد الله بن عتبة) بضم العين وسكون المثناة الفوقية زاد في رواية الأصيلي ابن مسعود (أن عائشة) رضي الله عنها (قالت):
(لما ثقل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بضم قاف ثقل أي أثقله المرض (واشتد به وجعه استأذن) عليه الصلاة والسلام (أزواجه) رضي الله عنهن (في أن يمرض) بضم المثناة التحتية وفتح الراء المشددة أي يخدم في مرضه (في بيتي فأذن له) بكسر المعجمة وتشديد النون أي أن يمرض في بيت عائشة (فخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من بيت ميمونة أو زينب بنت جحش أو ريحانة والأوّل هو المعتمد (بين رجلين تخط) بضم الخاء المعجمة (رجلاه في الأرض بين عباس) عمه رضي الله عنه (ورجل آخر قال عبيد الله) الراوي عن عائشة وهذا مدرج من كلام الزهري الراوي عنه، (فأخبرت عبد الله بن عباس) رضي الله عنهما بقول عائشة رضي الله عنها (فقال: أتدري من الرجل الآخر) الذي لم تسم عائشة؟ (قلت: لا) أدري (قال) عبد الله (هو علي) وفي رواية ابن أبي طالب، وفي رواية مسلم بين الفضل بن عباس، وفي أخرى بين رجلين أحدهما أسامة، وحينئذ فكان أي العباس أدومهم لأخذ يده الكريمة إكرامًا له واختصاصًا به، والثلاثة يتناوبون الآخذ بيده الأخرى، ومن ثم صرّحت عائشة بالعباس وأبهمت الآخر، أو المراد به علي بن أبي طالب ولم تسمه لما كان عندها منه مما يحصل للبشر مما يكون سببًا في الإعراض عن ذكر اسمه.
(وكانت عائشة رضي الله عنها) بالعطف على الإسناد المذكور (تحدّث أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال بعد ما دخل بيته) ولابن عساكر بيتها أي عائشة وأضيف إليها مجازًا لملابسة السكنى فيه (واشتد وجعه) وللأصيلي واشتد به وجعه: (هريقوا) من هراق الماء يهريقه هراقة، وللأصيلي وأبوي ذر والوقت وابن عساكر أهريقوا بفتح الهمزة من أهراق الماء يريقه إهراقًا أي صبوا (عليّ من سبع قرب) بكسر القاف وفتح الراء جمع قربة وهي ما يستقى به (لم تحلل أوكيتهن) جمع وكاء وهو ما يربط به فم القربة (لعليّ أعهد) بفتح الهمزة أي أوصي (الى الناس.
وأجلس) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي رواية فأجلس بالفاء وكلاهما بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول (في مخضب) بكسر الميم من نحاس كما في رواية ابن خزيمة {لحفصة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم طفقنا) بكسر الفاء وقد تفتح أي جعلنا (نصب عليه من تلك القرب) السبع (حتى طفق) أي جعل -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يشير إلينا أن قد فعلتنّ) ما أمرتكن به من إهراق الماء من القرب المذكورة، وإنما فعل ذلك لأن الماء البارد في بعض الأمراض تردّ به القوّة والحكمة في عدم حلّ الأوكية لكونه أبلغ في طهارة الماء وصفائه لعدم مخالطة الأيدي، (ثم خرج) عليه الصلاة والسلام من بيت عائشة (إلى الناس) الذين في المسجد فصلَّى بهم وخطبهم كما يأتي إن شاء الله تعالى مع ما في الحديث من المباحث في الوفاة النبوية بحول الله وقوّته.

واستنبط من الحديث وجوب القسم عليه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإراقة الماء على المريض لقصد الاستشفاء به.
ورواته الخمسة ما بين حمصي ومدني، وفيه التحديث والإخبار بصيغة الجمع والإفراد والقول،

وأخرجه المؤلف في ستة مواضع غير هذا في الصلاة في موضعين، وفي الهبة والخمس والمغازي وفي مرضه وفي الطب، ومسلم في الصلاة، والنسائي في عشرة النساء وفي الوفاة والترمذي في الجنائز.