فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا ألقي على ظهر المصلي قذر أو جيفة، لم تفسد عليه صلاته

باب إِذَا أُلْقِيَ عَلَى ظَهْرِ الْمُصَلِّي قَذَرٌ أَوْ جِيفَةٌ لَمْ تَفْسُدْ عَلَيْهِ صَلاَتُهُ
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا رَأَى فِي ثَوْبِهِ دَمًا وَهُوَ يُصَلِّي وَضَعَهُ وَمَضَى فِي صَلاَتِهِ.
.

     وَقَالَ  ابْنُ الْمُسَيَّبِ وَالشَّعْبِيُّ: إِذَا صَلَّى وَفِي ثَوْبِهِ دَمٌ أَوْ جَنَابَةٌ أَوْ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ أَوْ تَيَمَّمَ فَصَلَّى ثُمَّ أَدْرَكَ الْمَاءَ فِي وَقْتِهِ لاَ يُعِيدُ.

هذا ( باب) بالتنوين ( إذا ألقي) بضم الهمزة مبنيًّا لما لم يسم فاعله ( على ظهر المصلي قذر) بالذال المعجمة المفتوحة مرفوع لكونه نائبًا عن الفاعل أي شيء نجس ( أو جيفة) بالرفع عطفًا على السابق وهي جثة الميتة المريحة ( لم تفسد عليه صلاته) جواب إذا ( وكان) ولأبوي ذر والوقت قال وكان ابن ( ابن عمر) رضي الله عنهما مما وصله ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد صحيح ( إذا رأى في ثوبه دمًا وهو يصلي وضعه) أي ألقاه عنه ( ومضى في صلاته) ولم يذكر فيه إعادة الصلاة، ومذهب الشافعي وأحمد يعيدها، وقيدها مالك بالوقت فإن خرج فلا قضاء.

( وقال ابن المسيب) بفتح المثناة المشددة واسمه سعيد ( والشعبي) بفتح الشين عامر مما وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة بأسانيد متفرقة ( إذا صلّى) المرء ( وفي ثوبه دم) لم يعلمه، وللمستملي والسرخسي كان ابن المسيب والشعبي إذا صلّى أي كل واحد منهما، وفي ثوبه دم ( أو جنابة) أي أثرها وهو المني وهو مقيد عند القائل بنجاسته بعدم العلم كالدم ( أو لغير القبلة) إذا كان باجتهاد ثم أخطأ ( أو تيمم) عند عدم الماء ( وصلى) وللهروي والأصيلي وابن عساكر فصلى ( ثم أدرك الماء في وقته) أي بعد أن فرغ ( لا يعيد) الصلاة أما الدم فيعفى عنه إذا كان قليلاً من أجنبيّ ومطلقًا من نفسه وهو مذهب الشافعي.
وأما القبلة، فعند الثلاثة والشافعي في القديم لا يعيد، وقال في الجديد: تجب الإعادة، وأما التيمم فعدم وجوب الإعادة بعد الفراغ من الصلاة قول الأئمة الأربعة وأكثر السلف.


[ قــ :237 ... غــ : 240 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدٌ ح.
قَالَ وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ مَسْلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حَدَّثَهُ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَيُّكُمْ يَجِيءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلاَنٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ.
فَانْبَعَثَ

أَشْقَى الْقَوْمِ فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى إِذَا سَجَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَأَنَا أَنْظُرُ لاَ أُغْنِي شَيْئًا، لَوْ كَانَ لِي مَنْعَةٌ.
قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدٌ لاَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتْهُ فَاطِمَةُ فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَك «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ» ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ.
قَالَ: وَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ.
ثُمَّ سَمَّى: «اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ» وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ نَحْفَظْهُ.
قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ عَدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ.
[الحديث 240 - أطرافه في: 520، 2934، 3185، 3854، 3960] .

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) بن عثمان ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبي) عثمان بن جبلة بفتح الجيم والموحدة ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن أبي اسحق) عمرو بن عبد الله السبيعي بفتح المهملة وكسر الموحدة الكوفي التابعي ( عن عمرو بن ميمون) بفتح العين الكوفي الأودي بفتح الهمزة وبالدال المهملة أدرك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولم يره وحج مائة حجة وعمرة، وتوفي سنة خمس وسبعين ( عن عبد الله) بن مسعود، وفي رواية قال عبد الله: ( قال بينا) بغير ميم وأصله بين أشبعت فتحة النون فصارت ألفًا وعامله قال في قوله بعد ذلك إذ قال بعضهم لبعض ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساجد) بقيته من رواية عبدان المذكورة وحوله ناس من قريش من المشركين ثم ساق الحديث مختصرًا ( ح) مهملة لتحويل الإسناد كما مرّ، ولابن عساكر قال أي البخاري.

( وحدّثني) بالإفراد، وللأصيلي، وحدّثنا ( أحمد بن عثمان) بن حكيم بفتح الحاء وكسر الكاف الأودي الكوفي المتوفى سنة ستين ومائتين ( قال: حدّثنا شريح بن مسلمة) بضم الشين وفتح الراء وسكون المثناة التحتية آخره مهملة وابن مسلمة بفتح الميم واللام وسكون المهملة التنوخي بالمثناة الفوقية والنون المشددة والخاء المعجمة، كذا ضبطه الكرماني فالله أعلم المتوفى سنة اثنتين وعشرين ومائتين ( قال: حدّثنا إبراهيم بن يوسف) السبيعي، المتوفى سنة ثمان وتسعين ومائة ( عن أبيه) يوسف بن إسحاق ( عن أبي اسحق) عمرو بن عبد الله السابق قريبًا ( قال حدّثني) بالإفراد ( عمرو بن ميمون أن عبد الله بن مسعود) وللكشميهني عن عبد الله بن مسعود أنه ( حدّثه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يصلي عند البيت) العتيق ( وأبو جهل) عمرو بن هشام المخزومي عدوّ الله ( وأصحاب) كائنون ( له) أي لأبي جهل وهم السبعة المدعو عليهم بعد كما بينه البزار ( جلوس) خبر المبتدأ الذي هو وأبو جهل وما عطف عليه، والجملة موضع نصب على الحال ( إذ قال) ولابن عساكر جلوس قال ( بعضهم) أي أبو جهل كما في مسلم ( لبعض) زاد مسلم في روايته وقد نحرت جزور بالأمس: ( أيكم يجيء بسلى جزور بني فلان) بفتح السين المهملة مقصورًا وهو الجلدة التي يكون فيها ولد البهائم كالمشيمة للآدميات، أو يقال فيهن أيضًا.
وجزور بفتح الجيم وضم الزاي يقع على الذكر
والأُنثى وجمعه جزر وهو بمعنى المجزور من الإبل أي المنحور، وزاد في رواية إسرائيل هنا فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها ( فيضعه على ظهر محمد إذا سجد فانبعث أشقى القوم) عقبة بن أبي معيط بمهملتين مصغرًا أي بعثته نفسه الخبيثة من دونهم فأسرع السير، وإنما كان أشقاهم مع أن فيهم أبا جهل وهو أشد كفرًا منه وإيذاء للرسول عليه الصلاة والسلام لأنهم اشتركوا في الكفر والرضا، وانفرد عقبة بالمباشرة فكان أشقاهم، ولذا قتلوا في الحرب وقتل هو صبرًا، وللكشميهني والسرخسي فانبعث أشقى قوم بالتنكير وفيه مبالغة يعني أشقى كل قوم من أقوام الدنيا ففيه مبالغة ليست في المعرفة، لكن المقام يقتضي التعريف لأن الشقاء هنا بالنسبة إلى أولئك القوم فقط قاله ابن حجر، وتعقبه العيني بأن التنكير أولى لما فيه من المبالغة لأنه يدخل هنا دخولاً ثانيًا بعد الأوّل.
قال: وهذا القائل يعني ابن حجر ما أدرك هذه النكتة ( فجاء به فنظر حتى إذا سجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وضعه على ظهره) المقدس ( بين كتفيه) قال عبد الله بن مسعود ( وأنا أنظر) أي أشاهد تلك الحالة ( لا أغني) في كف شرهم، وللكشميهني والمستملي: لا أغير أي لا أغير من فعلهم ( شيئًا لو كان) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر لو كانت ( لي منعة) بفتح النون وسكونها أي لو كانت لي قوة أو جمع مانع لطرحته عن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإنما قال ذلك لأنه لم يكن له بمكة عشيرة لكونه هذليًّا حليفًا وكان حلفاؤه إذ ذاك كفارًا ( قال: فجعلوا يضحكون) استهزاء قاتلهم الله ( ويحيل) بالحاء المهملة ( بعضهم على بعض) أي ينسب بعضهم فعل ذلك إلى بعض بالإشارة تهكّمًا، ولمسلم ويميل بعضهم على بعض فالميم أي من كثرة الضحك ( ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساجد لا يرفع رأسه حتى جاءته) عليه الصلاة والسلام، ولأبي ذر جاءت ( فاطمة) ابنته عليه الصلاة والسلام رضي الله عنها سيدة نساء هذه الأمة ومناقبها جمة، وتوفيت فيما حكاه ابن عبد البر بعده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بستة أشهر إلا ليلتين وذلك يوم الثلاثاء لثلاث ليالٍ خلت من شهر رمضان، وغسلها عليّ على الصحيح ودفنها ليلاً بوصيتها له في ذلك لها في البخاري حديث واحد زاد إسرائيل وهي جويرية فأقبلت تسعى وثبت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ساجدًا ( فطرحت) ما وضعه أشقى القوم ( عن ظهره) المقدس، ولغير الكشميهني فطرحته بالضمير المنصوب، زاد إسرائيل فأقبلت عليهم تسبّهم، وزاد البزار فلم يردّوا عليها شيئًا، ( فرفع) عليه الصلاة والسلام ( رأسه) من السجود، واستدل به على أن من حدث له في صلاته ما يمنع انعقادها ابتداء لا تبطل صلاته ولو تمادى، وعلى هذا ينزل كلام المؤلف: فلو كانت نجاسة وأزالها في الحال ولا أثر لها صحّت اتفاقًا، وأجاب الخطابي بأنه لم يكن إذ ذاك حكم بنجاسة ما ألقي عليه كالخمر فإنهم كانوا يلاقون بثيابهم وأبدانهم الخمر قبل نزول التحريم انتهى.
ودلالته على طهارة فرث ما أكل لحمه ضعيفة لأنه لا ينفك عن دم بل صرّح به في رواية إسرائيل ولأنه ذبيحة عبدة الأوثان.

وأجاب النووي بأنه عليه الصلاة والسلام لم يعلم ما وضع على ظهره فاستمر مستصحبًا للطهارة، وما ندري هل كانت الصلاة واجبة حتى تعاد على الصحيح أو لا فلا تعاد، ولو وجبت

الإعادة فالوقت موسع، وتعقب بأنه عليه الصلاة والسلام أحس بما ألقي على ظهره من كون فاطمة ذهبت به قبل أن يرفع رأسه.

وأجيب: بأنه لا يلزم من إزالة فاطمة إياه عن ظهره إحساسه عليه الصلاة والسلام به لأنه كان إذا دخل في الصلاة استغرق باشتغاله بالله، ولئن سلمنا إحساسه به فقد يحتمل أنه لم يتحقق نجاسته لأن شأنه أعظم من أن يمضي في صلاته وبه نجاسة انتهى.

ولابن عساكر فرفع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأسه ( ثم قال) ولابن عساكر وقال: ووقع عند البزار من
حديث الأجلح فرفع رأسه كما كان يرفعه عند تمام سجوده فلما قضى صلاته قال: ( اللهم عليك بقريش) أي بإهلاك كفّارهم أو من سمى منهم بعد فهو عامّ أريد به الخصوص ( ثلاث مرات) كرره إسرائيل في روايته لفظًا لا عددًا، وزاد مسلم في رواية زكريا وكان إذا دعا دعا ثلاثًا وإذا سأل سأل ثلاثًا ( فشق عليهم إذ دعا عليهم) في مسلم فلما سمعوا صوته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته.
( قال) ابن مسعود.
( وكانوا يرون) بضم أوّله على المشهور وبفتحه قاله البرماوي، وقال الحافظ ابن حجر بالفتح في روايتنا من الرأي أي يعتقدون وفي غيرها بالضم أي يظنون ( أن الدعوة) ولابن عساكر يرون الدعوة ( في ذلك البلد) الحرام ( مستجابة) أي مجابة، يقال: استجاب وأجاب بمعنى واحد، وما كان اعتقادهم إجابة الدعوة إلا من جهة المكان لا من خصوص دعوة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولعل ذلك يكون مما بقي عندهم من شريعة الخليل عليه الصلاة والسلام ( ثم سمى) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي عين في دعائه وفصل ما أجمل قبل ( فقال: اللهمّ عليك بأبي جهل) اسمه عمرو بن هشام ويعرف بابن الحنظلية فرعون هذه الأمة وكان أحول مأبونًا، ( وعليك بعتبة بن ربيعة) بفتح الراء في الثاني وضم العين المهملة وسكون المثناة الفوقية في الأول ( وشيبة بن ربيعة) أخي عتبة، ( والوليد بن عتبة) بفتح الواو وكسر اللام وعتبة بالمثناة الفوقية وفي مسلم بالقاف، واتفقوا على أنه وهم من ابن سفيان راوي مسلم، ( وأمية بن خلف) في رواية شعبة أو أُبيّ بن خلف شك شعبة، ( وعقبة) بالقاف ( ابن أبي معيط) بضم الميم وفتح المهملة وسكون المثناة التحتية ( وعد) النبي -صلى لله عليه وسلم- أو عبد الله بن مسعود أو عمرو بن ميمون ( السابع فلم نحفظه) بنون أي نحن أو بياء فاعله ابن مسعود أو عمرو بن ميمون، نعم ذكره المؤلف في موضع آخر عمارة بن الوليد بن الغيرة وذكره البرقاني وغيره، ووقع في رواية الطيالسي عن شعبة في هذا الحديث أن ابن مسعود قال: ولم أره دعا عليهم إلا يومئذ، وإنما استحقوا الدعاء حينئذ لما قدموا عليه من التهكم حال عبادته لربه وإلاّ فحلمه عمن آذاه لا يخفى.

( قال) ابن مسعود: ( فوالذي نفسي بيده) ولابن عساكر في يده أي قدرته ( لقد رأيت الذين) ولأبي ذر وابن عساكر الذي ( عدّ) بحذف المفعول أي عدّهم ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صرعى) جمع صريع بمعنى مصروع مفعول ثان لرأيت ( في القليب) بفتح القاف وكسر اللام البشر قبل أن تطوى أو العادية القديمة ( قليب بدر) بالجر بدل من قوله في القليب، ويجوز الرفع بتقدير هو والنصب بأعني، لكن الرواية بالجر وإنما ألقوا في القليب تحقيرًا لشأنهم ولئلاّ يتأذى الناس برائحتهم لا أنه دفن لأن الحربي

لا يجب دفنه.
وكان القاتل لأبي جهل معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء كما في الصحيحين، ومرّ عليه ابن مسعود وهو صريع فاحتزّ رأسه وأتى به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأما عتبة بن ربيعة فقتله حمزة أو علي، وأما شيبة بن ربيعة فقتله حمزة أيضًا، وأما الوليد بن عتبة بالتاء فقتله عبيدة بضم العين ابن الحرث أو علي أو حمزة أو اشتركًا، وأما أمية بن خلف فعند ابن عقبة قتله رجل من الأنصار من بني مازن، وعند ابن إسحاق معاذ بن عفراء وخارجة بن زيد وخبيب بن أساف اشتركوا في قتله.
وفي السير من حديث عبد الرحمن بن عوف أن بلالاً خرج إليه ومعه نفرن من الأنصار فقتلوه وكان بدينًا فانتفخ فألقوا عليه التراب حتى غيّبه، وأما عقبة بن أبي معيط فقتله علي أو عاصم بن ثابت، والصحيح أن رسول الله-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قتله بعرق الظبية، وأما عمارة بن الوليد فتعرض لامرأة النجاشي فأمر ساحرًا فنفخ في إحليله عقوبة له فتوحش وصار مع ابهائم إلى أن مات في خلافة عمر بأرض الحبشة.

ورواة هذا الحديث العشرة كوفيون سوى عبدان وأبيه فإنهما مروزيان وفيه التحديث بالجمع والإفراد والإخبار بالإفراد والعنعنة، وقرن رواية عبدان برواية أحمد بن عثمان مع أن اللفظ لرواية أحمد تقوية لروايته برواية عبدان، لأن في رواية إبراهيم بن يوسف مقالاً، وفي رواية أحمد التصريح بالحديث لأبي إسحاق من عمرو بن ميمون ولعمرو من عبد الله بن مسعود، وأخرجه المؤلف في الجزية أيضًا وفي الشعب وفي الصلاة والجهاد والمغازي.
وأخرجه مسلم في المغازي والنسائي في الطهارة والسير.