فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الوكالة في قضاء الديون

باب الْوَكَالَةِ فِي قَضَاءِ الدُّيُونِ
( باب) حكم ( الوكالة في قضاء الدّيون) .


[ قــ :2211 ... غــ : 2306 ]
- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: "أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَتَقَاضَاهُ فَأَغْلَظَ، فَهَمَّ بِهِ

أَصْحَابُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالاً.
ثُمَّ قَالَ: أَعْطُوهُ سِنًّا مِثْلَ سِنِّهِ.
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ نَجِدُ إِلاَّ أَمْثَلَ مِنْ سِنِّهِ.
فَقَالَ: أَعْطُوهُ، فَإِنَّ مِنْ خَيْرِكُمْ أَحْسَنَكُمْ قَضَاءً".

وبه قال: ( حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي البصري قال: ( حدّثنا شعبة) بن الحجاج ( عن سلمة بن كهيل) الحضرمي الكوفي أنه ( قال: سمعت أبا سلمة) عبد الله أو إسماعيل ( بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري المدني ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( يتقاضاه) أي يطلب منه قضاء دين وهو بعير له سنّ معين كما مرّ قريبًا، ( فأغلظ) للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لكونه كان يهوديًا أو كان مسلمًا وشدّد في المطالبة من غير قدر زائد يقتضي كفرًا بل جرى على عادة الأعراب من الجفاء في المخاطبة وهذا أولى، ويدل له ما رواه الإمام أحمد عن عبد الرزاق عن سفيان جاء أعرابي يتقاضى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعيرًا، ووقع في ترجمة بكر بن سهل من المعجم الأوسط للطبراني عن العرباض بن سارية ما يفهم أنه هو، لكن روى النسائي والحاكم الحديث المذكور وفيه ما يقتضي أنه غيره وكأن القصة وقعت للأعرابي ووقع للعرباض نحوها.

( فهمّ به أصحابه) عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم- أي أرادوا أن يؤذوا الرجل المذكور بالقول أو بالفعل لكنهم لم يفعلوا ذلك أدبًا معه عليه الصلاة والسلام ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( دعوه) أي اتركوه ولا تتعرضوا له وهذا من حسن خلقه عليه الصلاة والسلام وكرمه وقوّة صبره على الجفاة مع قدرته على الانتقام منهم ( فإن لصاحب الحق مقالاً) أي صولة الطلب وقوّة الحجة لكنه على من يمطله أو يسيء المعاملة لكن مع رعاية الأدب المشروع ( ثم قال) عليه الصلاة والسلام: ( أعطوه سنًّا مثل سنّه قالوا يا رسول الله لا نجد) سنًّا ( إلا أمثل) أي أفضل ( من سنّه) وسقط في الفرع وأصله لا نجد فصار لفظه قالوا: يا رسول الله إلا أمثل من سنّه ( فقال) عليه الصلاة والسلام ولأبي الوقت قال: ( أعطوه فإن خيركم) ولأبي ذر عن الكشميهني: فإن من خيركم ( أحسنكم قضاء) ومطابقته للترجمة ظاهرة.