فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة فهي لمن وجدها

باب إِذَا لَمْ يُوجَدْ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ بَعْدَ سَنَةٍ فَهْيَ لِمَنْ وَجَدَهَا
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا لم يوجد صاحب اللقطة بعد سنة) أي بعد التعريف سنة ( فهي لمن وجدها) اكتفاء بقصده عند الأخذ للتملك وهذا أحد الوجوه الثلاثة عند الشافعية، وقيل يملكها بمضي الحول والتصرف والأظهر التملك باللفظ كما مر وسواء كان المتملك غنيًّا أو فقيرًا وخصّها الحنفية بالفقير دون الغني لأن تناول مال الغير بغير إذنه غير جائز بلا ضرورة بإطلاق النصوص.


[ قــ :2326 ... غــ : 2429 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا.
قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ؟ قَالَ: هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ.
قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ؟ قَالَ: مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا».

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) المشهور بالرأي المدني واسم أبيه فروخ ( عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد) الجهني ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: جاء رجل) أي أعرابي كما في السابقة، أو هو بلال كما قال ابن بشكوال، أو سويد والد عقبة كما رجحه ابن حجر وقد مرّ ( إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسأله عن اللقطة) أي عن حكمها ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( اعرف عفاصها) وعاءها الذي هي فيه ( ووكاءها) الخيط الذي يشد به رأس الوعاء لتعرف صدق مدعيها عند طلبها ( ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها) أي فأدّها إليه ( وإلا) بأن لم يجيء صاحبها ( فشأنك بها) بالنصب أي الزم شأنك بها والشأن الحال أي تصرف فيها، وسبق في حديث أبي بلفظ فاستمتع بها، ولمسلم من طريق ابن وهب فإن لم يأت لها طالب فاستنفقها.
واستدلّ به على أن اللاقط يملكها بعد انقضاء مدة التعريف وهو ظاهر نص الشافعي، لكن المشهور عند الشافعية

اشتراط التلفظ بالتملك كما مرّ قريبًا فإذا تصرّف فيها بعد التعريف سنة ثم جاء صاحبها فالجمهور على وجوب الرد إن كانت العين موجودة أو البدل إن كانت استهلكت لقوله في الرواية السابقة: ولتكن وديعة عندك وقوله أيضًا عند مسلم ثم كلها فإن جاء صاحبها فادّها إليه فإنه يقتضي وجوب ردّها بعد أكلها فيحمل على رد البدل وحيئنذٍ فيحمل قول المصنف في الترجمة فهي لمن وجدها أي في إباحة التصرف إذ ذاك وأما أمر ضمانها بعد ذلك فهو ساكت عنه.

( قال) السائل يا رسول الله ( فضالة الغنم) ؟ قال: ( هي لك أو لأخيك أو للذئب قال) السائل يا رسول الله ( فضالة الإبل) ما حكمها؟ ( قال) عليه الصلاة والسلام: ( ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر) أي ما لك وأخذها والحال أنها مستقلة بأسباب تعيشها ( حتى يلقاها ربها) مالكها.


باب إِذَا وَجَدَ خَشَبَةً فِي الْبَحْرِ أَوْ سَوْطًا أَوْ نَحْوَهُ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا وجد) شخص ( خشبة في البحر أو) وجد ( سوطًا أو) وجد شيئًا ( نحوه) كعصًا ماذا يصنع به هل يأخذه أو يتركه وإذا أخذه هل يتملكه أو يكون سبيله سبيل اللقطة.


[ قــ :36 ... غــ : 430 ]
- وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: "عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ -وَسَاقَ الْحَدِيثَ- فَخَرَجَ يَنْظُرُ لَعَلَّ مَرْكَبًا قَدْ جَاءَ بِمَالِهِ، فَإِذَا هُوَ بِالْخَشَبَةِ فَأَخَذَهَا لأَهْلِهِ حَطَبًا، فَلَمَّا نَشَرَهَا وَجَدَ الْمَالَ وَالصَّحِيفَةَ".

( وقال الليث) بن سعد الإمام مما هو موصول عند المؤلّف في باب التجارة في البحر في رواية أبوي ذر والوقت حيث قال في آخر الحديث: حدّثني عبد الله بن صالح قال: حدّثني الليث بهذا ( حدّثنى) بالإفراد ( جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل بن حسنة القرشي المصري ( عن عبد الرحمن بن هرمز) الأعرج ( عن أبي هريرة رضي السُّنَّة عنه عن رسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه ذكر رجلاً من بني إسرائيل) لم يسم ( وساق الحديث) هنا مختصرًا وبأتم منه في الكفالة ولفظه: وسأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار وقال: ائتني بالشهداء أشهدهم.
فقال: كفى بالله شهيدًا.
قال: ائتني بالكفيل قال: كفى بالله كفيلاً.
قال: صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى، وزاد في الزكاة فخرج.
في البحر فلم يجد مركبًا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار فرمى بها في البحر، ( فخرج) أي الرجل الذي أسلفه وهو فيما قيل النجاشي كما مر في الزكاة والبيع والكفالة ( ينظر لعل مركبًا قد جاء بماله) الذي أسلفه ( فإذا بالخشبة) التي أرسلها المستلف، ولغير أبوي ذر والوقت: فإذا هو بالخشبة ( فأخذها لأهله حطبًا فلما نشرها وجد المال) الذي بعثه المستلف إليه ( والصحيفة) التي كتبها ببعث المال المذكور.


وموضع الترجمة قوله: فأخذها وهو مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لمن يأت في شرعنا ما يخالفه لا سيما إذا ورد بصورة الثناء على فاعله ولم يقع للسوط ونحوه في الحديث ذكر، وأجيب: بأنه استنبطه بطريق الإلحاق.