فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب فضل المنيحة

باب فَضْلِ الْمَنِيحَةِ
( باب فضل المنيحة) بفتح الميم والحاء المهملة بينهما نون مكسورة فمثناة تحتية ساكنة الناقة.
أو الشاة تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردّها عليك والمنحة بالكسر العطية وسقط لفظ باب في رواية أبي ذر ففضل مرفوع حينئذٍِ.


[ قــ :2514 ... غــ : 2629 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «نِعْمَ الْمَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً، وَالشَّاةُ الصَّفِيُّ تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ».

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ وَإِسْمَاعِيلُ عَنْ مَالِكٍ قَالَ: "نِعْمَ الصَّدَقَةُ ... ".
[الحديث 2629 - طرفه في: 5608] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى بن بكير) هو ابن عبد الله بن بكير ونسبه لجد لشهرته به المخزومي قال: ( حدّثنا مالك) الإمام الأعظم ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( نعم المنيحة) الناقة ( اللقحة) بكسر اللام وسكون القاف والرفع صفة لسابقها الملقوحة وهي ذات اللبن القريبة العهد بالولادة ( الصفي) بفتح الصاد وكسر الفاء صفة ثانية لكثيرة اللبن واستعمله بغير هاء.
قال الكرماني: لأنه إما فعيل أو فعول يستوي فيه المذكر والمؤنث وتعقبه العيني بأن قوله إما فعيل غير صحيح لأنه من معتل اللام والواوي دون اليائي.
وقال في المصابيح: والأشهر استعمالها بغير هاء.
قال العيني: ويروى أيضًا الصفية ( منحة) نصب على التمييز قال ابن مالك في
التوضيح: فيه وقوع التمييز بعد فاعل نعم ظاهرًا وقد منعه سيبويه إلا مع إضمار الفاعل نحو { بئس للظالمين بدلاً} [الكهف: 50] وجوّزه المبرد وهو الصحيح انتهى.
وقال في المصابيح: يحتمل أن يقال إن فاعل نعم في الحديث مضمر والمنيحة الموصوفة بما ذكر هي المخصوص بالمدح ومنحة تمييز تأخر عن المخصوص فلا شاهد فيه على ما قال ولا يرد على سيبويه حيئنذٍ.

( والشاة الصفي) صفة وموصوف عطف على ما قبله ( تغدو بإناء وتروح بإناء) أي تحلب إناء بالغداة وإناء بالعشي أو تغدو بأجر حلبها في الغدو والرواح والمنحة من باب الصلاة لا من باب الصدقات.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( وإسماعيل) بن أبي أويس ( عن مالك) أنه ( قال) في روايته للحديث السابق ( نعم الصدقة) أي اللقحة الصفي منحة قال: في الفتح وهذا هو المشهور عن مالك وكذا رواه شعيب عن أبي الزناد كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الأشربة أي بلفظ الصدقة.




[ قــ :515 ... غــ : 630 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ، وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالْعَقَارِ، فَقَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ وَيَكْفُوهُمُ الْعَمَلَ وَالْمَؤونَةَ.
وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ أُمُّ سُلَيْمٍ كَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِذَاقًا، فَأَعْطَاهُنَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلاَتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ ".
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمَّا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ أَهْلِ خَيْبَرَ فَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَدَّ الْمُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ مِنْ ثِمَارِهِمْ، فَرَدَّ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ".

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ بِهَذَا.

     وَقَالَ : "مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِه".
[الحديث 630 - أطرافه 318، 4030، 410] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا ابن وهب) عبد الله المصري قال: ( حدّثنا يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه ( قال: لما قدم المهاجرون المدينة من مكة وليس بأيديهم يعني شيئًا) وسقط لأبي ذر: يعني شيئًا ( وكانت الأنصار أهل الأرض والعقار) بالخفض عطفًا على السابق وجواب لما قوله ( فقاسمهم الأنصار على أن يعطوهم ثمار أموالهم كل عام ويكفوهم العمل والمؤونة) في الزراعة والمنفي في حديث أبي هريرة السابق في المزارعة حيث قالوا: قسم بيننا وبين إخواننا النخل قال: لا مقاسمة الأصول، والمراد هنا مقاسمة الثمار، ( وكانت أمه أم أنس) بدل من أمه والضمير فيه يعود على أنس واسمها
سهلة وهي ( أم سليم) بضم السين مصغرًا بدل من المرفوع السابق أيضًا و ( كانت أم عبد الله بن أبي طلحة) أيضًا فهو أخو أنس لأمه.
قال في الفتح: والذي يظهر أن قائل ذلك الزهري عن أنس لكن بقية السياق تقتضي أنه من رواية الزهري عن أنس فيكون من باب التجريد كأنه ينتزع من نفسه شخصًا فيخاطبه ( فكانت أعطت) أي وهبت ( أم أنس رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عذاقًا) بكسر العين المهملة وتخفيف الذال المعجمة جمع عذق بفتح العين وسكون الذال النخلة نفسها أو إذا كان حملها موجودًا والمراد ثمرها ولأبي ذر عذاقًا بفتح العين ( فأعطاهن) أي النخلات ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم أيمن) بركة ( مولاته) وحاضنته ( أم أسامة بن زيد) مولاه عليه الصلاة والسلام وهو أخو أيمن بن عبيد الحبشي لأمه.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في المغازي والنسائي في المناقب.

( قال ابن شهاب) الزهري بالسند السابق ( فأخبرني) بالإفراد ( أنس بن مالك) -رضي الله عنه- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما فرغ من قتل) وللأصيلي من قتال ( أهل خيبر فانصرف إلى المدينة ردّ المهاجرون إلى الأنصار منائحهم التي كانوا منحوهم من ثمارهم) لاستغنائهم بغنيمة خيبر ( فردّ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى أمه) هي أم أنس أم سليم ( عذاقها) بكسر العين ولأبي ذر عذاقها بفتحها أي الذي كانت أعطته وأعطاه هو لأم أيمن ( وأعطى) بالواو ولأبي ذر فأعطى ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أم أيمن) مولاته ( مكانهن) أي بدلهن ( من حائطه) أي بستانه.

( وقال أحمد بن شبيب) بفتح الشين المعجمة وكسر الموحدة الأولى البصري: ( أخبرنا أبي) شبيب بن سعيد الحبطي بفتح الحاء المهملة والموحدة البصري ( عن يونس) بن يزيد الأيلي ( بهذا) الحديث متنًا وإسنادًا ( وقال: مكانهنّ) فوافق ابن وهب إلا في قوله من حائطه فقال ( من خالصه) أي خالص ماله وفي مسلم من طريق سليمان التيمي عن أنس أن الرجل كان يجعل للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النخلات من أرضه حتى فتحت عليه قريظة والنضير فجعل بعد ذلك يردّ عليه ما كان أعطاه.
قال أنس: وإن أهلي أمروني أن آتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأسأله ما كان أهله أعطوه أو بعضه، وكان نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد أعطاه أم أيمن فأتيت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأعطانيهن فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وقالت: والله لا أعطيكهن وقد أعطانيهن فقال نبي الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يا أم أيمن اتركيه ولك كذا وكذا" وتقول كلاّ والله الذي لا إله إلا هو فجعل يقول كذا وكذا حتى أعطاها عشرة أمثاله أو قريبًا من عشرة أمثاله، وإنما فعلت ذلك لأنها ظنت أنها هبة مؤبدة وتمليك الأصل الرقبة، فأراد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- استطابة قلبها في استرداد ذلك فما زال يزيدها في العوض حتى رضيت تبرعًا منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإكرامًا لها من حق الحضانة زاده الله شرفًا وتكريمًا.




[ قــ :516 ... غــ : 631 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- يَقُول: ُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَرْبَعُونَ
خَصْلَةً -أَعْلاَهُنَّ مَنِيحَةُ الْعَنْزِ- مَا مِنْ عَامِلٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا رَجَاءَ ثَوَابِهَا وَتَصْدِيقَ مَوْعُودِهَا إِلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِهَا الْجَنَّةَ».

قَالَ حَسَّانُ: فَعَدَدْنَا مَا دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ -مِنْ رَدِّ السَّلاَمِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِمَاطَةِ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَنَحْوِهِ- فَمَا اسْتَطَعْنَا أَنْ نَبْلُغَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا عيسى بن يونس) الهمداني قال: ( حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن ( عن حسان بن عطية) الشامي ( عن أبي كبشة) بفتح الكاف وسكون الموحدة وفتح الشين المعجمة ( السلولي) بفتح السين المهملة وضم اللام الأولى أنه ( قال: سمعت عبد الله بن عمرو) هو ابن العاص ( -رضي الله عنهما- يقول قال: رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( أربعون خصلة) مبتدأ ولأحمد أربعون حسنة بدل خصلة وقوله ( أعلاهن) مبتدأ ثانٍ خبره ( منيحة العنز) الأُنثى من المعز والجملة خبر المبتدأ الأول ( ما من عامل يعمل بخصلة منها) أي من الأربعين ( رجاء ثوابها) بنصب رجاء على التعليل وكذا قوله ( وتصديق موعودها إلا أدخله الله) عز وجل ( بها الجنة) ( قال حسان) هو ابن عطية راوي الحديث بالسند السابق ( فعددنا ما دون منيحة العنز من ردّ السلام وتشميت العاطس وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه) مما وردت به الأحاديث ( فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة) قال ابن بطال: ما أبهمها عليه الصلاة والسلام إلا لمعنى هو أنفع من ذكرها وذلك والله أعلم خشية أن يكون التعيين والترغيب فيها مزهدًا في غيرها من أبواب الخير، وقول حسان: فما استطعنا ليس بمانع أن يوجد غيرها ثم عدد خصالاً كثيرة، تعقبه ابن المنير في بعضها فقال: التعداد سهل، ولكن الشرط صعب وهو أن يكون كل ما عدّده من الخصال دون منيحة العنز ولا يتحقق فيما عدّده ابن بطال بل هو منعكس، وذلك أن من جملة ما عدّده نصرة المظلوم والذبّ عنه ولو بالنفس وهذا أفضل من منيحة العنز والأحسن في هذا أن لا يعدّ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أبهمه وما أبهمه الرسول كيف يتعلق الأمل ببيانه من غيره مع أن الحكمة في إبهامه أن لا يحتقر شيء من وجوه البرّ وإن قلّ.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود في الزكاة.




[ قــ :517 ... غــ : 63 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ، فَقَالُوا: نُؤَاجِرُهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالنِّصْفِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَزْرَعْهَا أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ، فَإِنْ أَبَى فَلْيُمْسِكْ أَرْضَهُ".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي بكسر الموحدة قال: ( حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عطاء) هو ابن أبي رباح ولأبي ذر عن عطاء ( عن جابر) هو ابن
عبد الله ( -رضي الله عنه-) وعن أبيه أنه ( قال: كانت لرجال منّا فضول أرضين) بفتح الراء ( فقالوا نؤاجرها بالثلث والربع والنصف) بما يخرج منها والواو في الموضعين بمعنى أو ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( مَن كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها) بفتح الياء والنون والجزم على الأمر فيهما أي يعطها ( أخاه) المسلم ( فإن أبى) امتنع ( فليمسك أرضه) وسقط لفظ أخاه في هذا الحديث في باب: ما كان أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يواسي بعضهم بعضًا في الزراعة والثمرة والغرض منه هنا قوله أو ليمنحها أخاه.




[ قــ :518 ... غــ : 633 ]
- وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: "جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلَهُ عَنِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ، إِنَّ الْهِجْرَةَ شَأْنُهَا شَدِيدٌ، فَهَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَتُعْطِي صَدَقَتَهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَتَحْلُبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَاعْمَلْ مِنْ وَرَاءِ الْبِحَارِ، فَإِنَّ اللَّهَ لَنْ يَتِرَكَ مِنْ عَمَلِكَ شَيْئًا".

( وقال محمد بن يوسف) البيكندي مما وصله الإسماعيلي وأبو نعيم قال: ( حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن قال: ( حدّثني) بالإفراد ( الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب قال: ( حدّثني) بالإفراد أيضًا ( عطاء بن يزيد) من الزيادة الليثي قال: ( حدّثني) بالإفراد أيضًا ( أبو سعيد) الخدري -رضي الله عنه- ( قال: جاء أعرابي إلى النبي) ولأبي ذر: إلى رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسأله عن الهجرة) أي أن يبايعه على الإقامة بالمدينة ولم يكن من أهل مكة الذين وجبت عليهم الهجرة قبل الفتح ( فقال) له عليه الصلاة والسلام:
( ويحك) كلمة ترحم وتوجع لمن وقع في هلكة لا يستحقها ( إن الهجرة شأنها) أي القيام بحقها ( شديد) لا يستطيع القيام به إلا القليل ( فهل لك من إبل؟ قال: نعم، قال) عليه الصلاة والسلام له ( فتعطي صدقتها) المفروضة؟ ( قال: نعم قال) عليه الصلاة والسلام ( فهل تمنح) بفتح النون وكسرها له في الفرع كالصحاح ( منها شيئًا قال: نعم) وهذا موضع الترجمة فإن فيه إثبات فضيلة المنيحة ( قال) : عليه الصلاة والسلام ( فتحلبها يوم وردها) بكسر الواو وفي اليونينية بفتحها ولعله سبق قلم وفي النسخة المقروءة على الميدومي ورودها أي يوم نوبة شربها لأن الحلب يومئذ أوفق للناقة وأرفق للمحتاجين ( قال: نعم قال) عليه الصلاة والسلام له ( فاعمل من وراء البحار) بموحدة ومهملة أي من وراء القرى والمدن، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني: من وراء التجار المثناة الفوقية وبالجيم بدل الموحدة والحاء ( فإن الله لن يترك) بفتح المثناة التحتية وكسر الفوقية أي لن ينقصك ( من) ثواب ( عملك شيئًا) .

وهذا الحديث سبق في الزكاة في باب زكاة الإبل.




[ قــ :519 ... غــ : 634 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَعْلَمُهُمْ بِذَاكَ -يَعْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-- "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَرَجَ إِلَى أَرْضٍ تَهْتَزُّ زَرْعًا، فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ فَقَالُوا: اكْتَرَاهَا فُلاَنٌ.
فَقَالَ: أَمَا إِنَّهُ لَوْ مَنَحَهَا إِيَّاهُ كَانَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهَا أَجْرًا مَعْلُومًا".

وبه قال: ( حدّثنا محمد بن بشار) بندار العبدي البصري قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) هو ابن عبد المجيد البصري قال: ( حدّثنا أيوب) السختياني ( عن عمرو) بفتح العين ابن دينار المكي ( عن طاوس) هو ابن كيسان اليماني أنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أعلمهم بذاك) ولأبي ذر: بذلك باللام وفي المزارعة قاله عمرو: قلت لطاوس لو تركت المخابرة فإنهم يزعمون أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نهى عنها.

قال: أي عمرو وإني أعطيهم وأغنيهم وإن أعلمهم أخبرني ( يعني ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خرج إلى أرض تهتز زرعًا) أي تتحرك بالنبات وترتاح لأجل الزرع ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( لمن هذه) الأرض ( فقالوا اكتراها فلان فقال) عليه الصلاة والسلام ( أما) بالتخفيف ( أنه لو منحها) أي أعطاها المالك ( إياه) أي فلانًا المكتري على سبيل المنحة ( كان خيرًا له من أن يأخذ) أي من أخذه ( عليها أجرًا معلومًا) لأنها أكثر ثوابًا وسبق هذا الحديث في المزارعة.