فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب الخروج آخر الشهر

باب الْخُرُوجِ آخِرَ الشَّهْرِ
وَقَالَ كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- "انْطَلَقَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْمَدِينَةِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَقَدِمَ مَكَّةَ لأَرْبَعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ".

( باب) جواز ( الخروج) إلى السفر ( آخر الشهر) من غير كراهة، ( وقال كريب) مولى ابن عباس فيما وصله المؤلّف في حديث طويل في الحج ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: انطلق النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من المدينة) في حجة الوداع ( لخمس بقين من ذي القعدة) يوم السبت أي في الأذهان حالة الخروج بتقدير تمامه فاتفق أن كان الشهر ناقصًا فأخبر بما كان في الأذهان يوم الخروج لأن الأصل التمام أو ضم يوم الخروج إلى ما بقي لأن التأهب وقع في أوله كأنهم لما باتوا ليلة السبت على سفر اعتدّوا به من جملة أيام السفر قاله في الفتح، وفيه جواز السفر في أواخر الشهر خلافًا لما كان عليه أهل الجاهلية حيث كانوا يتحرون أوائل الشهر للأعمال ويكرهون فيه التصرف، ( وقدم) عليه الصلاة والسلام ( مكة لأربع ليالٍ خلون من ذي الحجة) .


[ قــ :2821 ... غــ : 2952 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- تَقُولُ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَمْسِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَلاَ نُرَى إِلاَّ الْحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنْ مَكَّةَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ إِذَا طَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَنْ يَحِلَّ.
قَالَتْ عَائِشَةُ: فَدُخِلَ عَلَيها يَوْمَ النَّحْرِ
بِلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: نَحَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ أَزْوَاجِهِ".
قَالَ يَحْيَى: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِلْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ: أَتَتْكَ وَاللَّهِ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي ( عن مالك) الإمام ( عن يحيي بن سعيد) الأنصاري ( عن عمرة بنت عبد الرحمن) بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ( أنها سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ولأبي ذر عن المستملي: خرج ( لخمس ليالٍ بقين من ذي القعدة) بفتح القاف وكسرها سمي به لأنهم كانوا يقعدون فيه عن القتال ( ولا نرى) بضم النون وفتح الراء أي لا نظن ( إلاّ الحج، فلما دنونا) بفتح الدال والنون أي قربنا ( من مكة أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من لم يكن معه هدي إذا طاف بالبيت) الحرام ( وسعى بين الصفا والمروة أن يحل) بفتح أوله وكسر ثانيه من نسكه.
( قالت عائشة) : -رضي الله عنها- ( فدخل علينا) بضم الدال مبنيًّا لما لم يسم فاعله ( يوم النحر) نصب على الظرفية أي في يوم النحر ( بلحم بقر فقلت ما هذا؟ فقال: نحر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أزواجه) أي البقر واستعمل النحر موضع الذبح.

( قال يحيى) بن سعيد الأنصاري ( فذكرت هذا الحديث للقاسم بن محمد) هو ابن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- ( فقال) : أبي القاسم ( أتتك) عمرة ( والله بالحديث) الذي حدّثتك به ( على وجهه) لم تختصر منه شيئًا ولا غيرته.