فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب أهل الدار يبيتون، فيصاب الولدان والذراري

باب أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ، فَيُصَابُ الْوِلْدَانُ وَالذَّرَارِيُّ
{ بَيَاتًا} [الأعراف: 4 و97، ويونس: 50] : لَيْلاً.
{ لَنُبَيِّتَنَّهُ} [النمل: 49] : لَيْلاً { يُبَيِّتُ} [النساء: 81] : لَيْلاً.

( باب) حكم ( أهل الدار) الحربيين ( يبيتون) بفتح المثناة التحتية بعد الموحدة مبنيًّا للمفعول أي يغار عليهم بالليل بحيث لا يميز بين أفرادهم ( فيصاب الولدان) أي الصغار بسبب التبييت ( والذراري) بالذال المعجمة والرفع والتشديد عطفًا على الولدان هل يجوز ذلك أم لا؟ ثم ذكر المؤلّف رحمه الله تعالى تفسير ثلاث آيات من القرآن يوافقن ما في الخبر على عادته.

الأولى: ( { بياتًا} ) بالموحدة ثم المثناة التحتية الخفيفة وبعد الألف فوقية لا نيامًا بالنون والميم من النوم لأن مراده قوله تعالى في الأعراف: { فجاءها بأسنا} [الأعراف: 4] أي عذابنا بعد التكذيب { بياتًا} يعني ( ليلاً) وسمي الليل بياتًا لأنه يبات فيه.

والثانية: قوله في سورة النمل { قالوا تقاسموا بالله ليبيتنه} بالتحتية بعد اللام في اليونينية وفي غيرها بالنون من البيات وهو مباغتة العدو ( ليلاً) .

والثالثة: ( يبيت) بمثناة تحتية ثم موحدة فمثناة مفتوحة مشددة ثم فوقية مضمومة أي ( ليلاً) لكن لفظ التلاوة في سورة النساء { بيت} بموحدة ثم مثناة تحتية مشددة ففوقية مفتوحات { والله يكتب ما يبيتون} والثانية والثالثة من زيادة أبي ذر كما في الفتح، والذي في الفرع سقوطهما عنده فالله أعلم.


[ قــ :2879 ... غــ : 3012 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ -رضي الله عنهم- قَالَ: "مَرَّ بِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالأَبْوَاءِ -أَوْ بِوَدَّانَ- فسُئِلَ عَنْ أَهْلِ الدَّارِ يُبَيَّتُونَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَيُصَابُ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ، قَالَ: هُمْ مِنْهُمْ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: لاَ حِمَى إِلاَّ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: ( حدّثنا) ابن شهاب ( الزهري عن عبيد الله) بضم العين ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود وفي مسند الحميدي عن سفيان عن الزهري أخبرني عبيد الله ( عن ابن عباس عن الصعب) ضدّ السهل ( ابن جثامة) بفتح الجيم وتشديد المثلثة الليثي ( رضي الله عنهم قال: مرّ بي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالأبواء) بفتح الهمزة وإسكان الموحدة ممدودًا من عمل الفرع من المدينة بينه وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً وسميت
بذلك لتبوّئ السيول بها ( أو بودان) بفتح الواو وبعد الموحدة وتشديد المهملة وبعد الألف نون قرية جامعة بينها وبين الأبواء ثمانية أميال وهي أيضًا من عمل الفرع والشك من الراوي.

( وسُئل) بواو الحال وضم السين مبنيًّا للمفعول.
قال في الفتح: ولم أقف على اسم السائل ثم وجدت في صحيح ابن حبان من طريق محمد بن عمرو عن الزهري بسنده عن الصعب قال: سألت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن أولاد المشركين أنقتلهم معهم؟ قال: "نعم" فظهر أن الراوي هو السائل، ولأبي ذر: فسئل ( عن أهل الدار) الحربين حال كونهم ( يبيتون) بفتح المثناة المشددة بعد الموحدة مبنيًّا للمفعول أي يغار عليهم ليلاً بحيث لا يعرف رجل من امرأة ( من المشركين) بيان لأهل الدار ( فيصاب) بضم المثناة ( من نسائهم وذراريهم) بالذال المعجمة وتشديد المثناة التحتية ( قال) : عليه الصلاة والسلام مجيبًا للسائل:
( هم) أي النساء والذراري ( منهم) أي من أهل الدار من المشركين وليس المراد إباحة قتلهم بطريق القصد إليهم بل إذا لم يوصل إلى قتل الرجال إلا بذلك قتلوا وإلاّ فلا تقصد الأطفال والنساء بالقتل مع القدرة على ترك ذلك جمعًا بين الأحاديث المصرّحة بالنهي عن قتل النساء والصبيان وما هنا.
قال الصعب بن جثامة: ( وسمعته) عليه الصلاة والسلام ولأبي ذر: فسمعته بالفاء.
قال الحافظ ابن حجر: والأول أوضح ( يقول) : ( لا حمى إلاّ لله ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) ومن يقوم مقامه من خلفائه وأصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلاً مخصبًا استعوى كلبًا على مكانٍ عالٍ فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره ويرعى هو مع غيره فيما سواه فأبطل الشرع ذلك، وحمى بغير تنوين كما في اليونينية وفي بعض النسخ حمى بثبوته فتكون لا بمعنى ليس، وعلى الأول تكون للاستغراق بخلاف الثاني.

وهذا الحديث مستقل ذكره المؤلّف فيما سبق في كتاب الشرب ووجه دخوله هنا كونه في تحمل ذلك كذلك.




[ قــ :879 ... غــ : 3013 ]
- وَعَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ "حَدَّثَنَا الصَّعْبُ فِي الذَّرَارِيِّ".
كَانَ عَمْرٌو يُحَدِّثُنَا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَسَمِعْنَاهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: "عَنِ الصَّعْبِ قَالَ: هُمْ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَقُلْ كَمَا قَالَ عَمْرٌو: هُمْ مِنْ آبَائِهِمْ".

( و) بالسند السابق ( عن) ابن شهاب ( الزهري أنه سمع عبيد الله) بن عبد الله بن عتبة بن مسعود حال كونه يقول ( عن ابن عباس حدّثنا الصعب) بن جثامة ( في الذراري) فقط قال سفيان ( كان عمرو) أي ابن دينار ( يحدّثنا) هذا الحديث ( عن ابن شهاب) الزهري مرسلاً ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه قال من آبائهم، وقد أخرج الإسماعيلي الحديث من طريق العباس بن يزيد حدّثنا سفيان قال: كان عمرو يحدث قبل أن يقدم الزهري عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن الصعب.
قال سفيان: فقدم علينا الزهري فسمعته يعيده ويبديه فذكر الحديث فانتفى الإرسال.
نعم صورته صورة
الإرسال ولا يندفع بإخراج الإسماعيلي له قال سفيان ( فسمعناه) بعد ذلك ( من الزهري قال: أخبرني) بالإفراد ( عبيد الله) بن عبد الله ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن الصعب) بن جثامة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه ( قال) :
( هم منهم) ( ولم يقل كما قال عمرو) هو ابن دينار ( هم من آبائهم) وأخرج الحديث مسلم في المغازي وأبو داود وابن ماجه في الجهاد والترمذي والنسائي في السير.