فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب من تأمر في الحرب من غير إمرة إذا خاف العدو

باب مَنْ تَأَمَّرَ فِي الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ إِذَا خَافَ الْعَدُوَّ
( باب من تأمر) أي جعل نفسه أميرًا على قوم ( في الحرب من غير إمرة) أي من غير تأمير الإمام أو نائبه ( إذا خاف العدوّ) أي فإنه جائز.


[ قــ :2926 ... غــ : 3063 ]
- حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَالَ: "خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، وَمَا يَسُرُّنِي -أَوْ قَالَ: مَا يَسُرُّهُمْ- أَنَّهُمْ عِنْدَنَا.
.

     وَقَالَ : وَإِنَّ عَيْنَيْهِ لَتَذْرِفَانِ".

وبه قال: ( حدّثنا يعقوب بن إبراهيم) الدورقي قال: ( حدّثنا ابن علية) بضم العين وفتح اللام وتشديد التحتية إسماعيل بن إبراهيم البصري وعليه أمه ( عن أيوب) السختياني ( عن حميد بن هلال) العدوي أبي نصر البصري ( عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-) أنه ( قال: خطب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لما التقى الناس بمؤتة وكشف له ما بينه وبينهم حتى نظر إلى معتركهم ( فقال) :
( أخذ الراية زيد) هو ابن حارثة ( فأصيب) ، أي فقتل ( ثم أخذها جعفر) هو ابن أبي طالب ( فأصيب، ثم أخدها عبد الله بن رواحة) الأنصاري ( فأصيب، ثم أخذها خالد بن الوليد) المخزومي سيف الله ( عن غير إمرة) أي صار أميرًا بنفسه من غير أن يفوّض الإمام إليه وهو متعلق بخالد بن الوليد ففي المغازي من هذا الكتاب من حديث ابن عمر قال: أمر رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إن قتل زيد فجعفر وإن قتل جعفر فعبد الله بن رواحة، ويروى: من غير إمرة ( ففتح عليه وما) ولأبي ذر ففتح الله عليه فما ( يسرني) ( أو قال ما يسرهم) أي المقتولين ( أنهم عندنا) لأن حالهم فيما هم فيه خير مما لو كانوا
عندنا والشك من الراوي ( وقال) أنس ( وإن عينيه) عليه السلام ( لتذرفان) بالذال المعجمة وكسر الراء تسيلان دمعًا ويؤخذ من الحديث كما قاله ابن المنير أن من تعين لولاية وتعذرت مراجعة الإمام أن الولاية تثبت لذلك المتعين شرعًا وتجب طاعته حكمًا أي إذا اتفق عليه الحاضرون وأن الإمام لو عهد إلى جماعة مرتبين فقال الخليفة: بعد موتي فلان وبعد موته فلان جاز انتقلت الخلافة إليهم على ما رتب كما رتب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمراء جيش غزوة مؤتة، فلو مات الأول في حياة الخليفة فالخلافة للثاني، ولو مات الأول والثاني في حياته فهي للثالث، ولو مات الخليفة وبقي الثلاثة أحياء فانتصب الأول للخلافة ثم أراد أن يعهد بها إلى غير الآخرين، فالظاهر من مذهب الشافعي جوازه لأنها لما انتهت إليه صار أملك بها بخلاف ما إذا مات ولم يعهد إلى أحد فليس لأهل البيعة أن يبايعوا غير الثاني ويقدم عهد الأول على اختيارهم، والعهد موقوف على قبول المعهود إليه واختلف في وقت قبوله فقيل بعد موت الخليفة، والأصح أن وقته ما بين عهد الخليفة وموته قاله في الروضة، وأشار إليه المهلب واعترضه صاحب المصابيح من المالكية بأن الإمامة حينئذٍ ترجع إلى أنها حبس على الخليفة يتحكم فيها إلى يوم القيامة فيقول فلان بعد فلان وعقب فلان بعد عقب فلان ولا يصلح هذا في مصالح المسلمين المختلفة باختلاف الأوقات.