فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال

باب خَيْرُ مَالِ الْمُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ
هذا ( باب) بالتنوين ( خير مال المسلم غنم) اسم جن يشمل المذكور والإناث ( يتبع) بسكون الفوقية ( بها شعف الجبال) بفتح الشين المعجمة والعين المهملة أعلاها.


[ قــ :3149 ... غــ : 3300 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ الرَّجُلِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ الْقَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الْفِتَنِ».

وبه قال: ( حدّثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) الإمام الأعظم ( عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة) الأنصاري ( عن أبيه عن أبي سعيد) سعد بن مالك ( الخدري -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( يوشك) بكسر المعجمة يقرب ( أن يكون خير مال الرجل) ولأبي ذر المسلم بدل الرجل ( غنم) رفع اسم كان مؤخرًا نكرة موصوفة ونصب خير خبرها مقدّمًا.
وفي اليونينية في نسخة غنمًا نصب خبرها خير رفع اسمها ويجوز رفعها على الابتداء والخبر ويقدّر في يكون ضمير الشأن ( يتبع بها شعف الجبال) رؤوسها ( ومواقع القطر) ، بطون الأدوية والصحارى أي يتبع بها مواقع العشب والكلأ في شعاف الجبال حال كونه ( يفر بدينه من الفتن) .
طلبًا لسلامته لا لقصد دنيوي والباء للمصاحبة أو للسببية.

وهذا الحديث سبق في باب من الدين الفرار من الفتن.




[ قــ :3150 ... غــ : 3301 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «رَأْسُ الْكُفْرِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ فِي أَهْلِ الْخَيْلِ وَالإِبِلِ، وَالْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ».
[الحديث 3301 - أطرافه في: 3499، 4388، 4389، 4390] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( أخبرنا مالك) الإمام ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( رأس الكفر نحو المشرق) ، بنصب نحو لأنه ظرف وهو مستقر في محل رفع خبر المبتدأ، ولأبي ذر عن الكشميهني: قبل المشرق أي أكثر الكفرة من جهة المشرق وأعظم أسباب الكفر منشؤه منه ومنه يخرج الدجال.
قال في الفتح: وفي ذلك إشارة إلى شدة كفر المجوس لأن مملكة الفرس ومن أطاعهم من العرب كانت من جهة المشرق بالنسبة إلى المدينة وكانوا في غاية القوّة والتكبر والتجبر حتى مزق ملكهم كتاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليه واستمرت الفتن من قبل المشرق ( والفخر) بالخاء المعجمة كإعجاب النفس ( والخيلاء) بضم الخاء المعجمة وفتح التحتية ممدودًا الكبر واحتقار الغير ( في أهل الخيل والإبل والفدّادين) بفتح الفاء والدال المشددة المهملة وحكي تخفيفها وبعد الألف أخرى مخففة مكسورة.
قال في القاموس.
الفداد مالك المئين من الإبل إلى الألف والمتكبر والجمع الفدادون وهم أيضًا الجمالون والرعيان والبقارون والحمارون والفلاحون وأصحاب الوبر والذين تعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم والمكثرون من الإبل، وقال الخطابي: إن رؤيته
بتشديد الدال فهو جمع فداد وهو الشديد الصوت وذلك من دأب أصحاب الإبل وإن رويته بتخفيفها فهو جمع الفدان وهو آلة الحرث البقر، وعلى هذا فالمراد أصحاب الفدادين فهو على حذف مضاف وإنما ذم ذلك لأنه يشغل عن أمر الدين ويلهي عن الآخرة وذلك يفضي إلى قساوة القلب، وقال القرطبي: ليس في رواية الحديث إلا التشديد وهو الصحيح على ما قاله الأصمعي وغيره.
وقال ابن فارس: في الحديث الجفاء والقسوة في الفدادين أي أصحاب الحروث والمواشي.

( أهل الوبر) ، بفتح الواو والموحدة بيان للفدادين أي ليسوا من أهل الحضر.
بل من أهل البدو.
قال في القاموس: المدر محركة المدن والحضر.
( والسكينة) بفتح السين وتخفيف الكاف، وفي الفاموس بكسرها مشددة الطمأنينة.
وقال ابن خالويه: السكينة مصدر سكن سكينة وليس في المصادر له شبيه إلا قولهم: عليه ضريبة أي خراج معلوم ( في أهل الغنم) لأنهم في الغالب دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما من سبب الفخر والخيلاء.
وفي حديث أم هانئ المروي في ابن ماجه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها "اتخذي الغنم فإن فيها بركة".




[ قــ :3151 ... غــ : 330 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسٌ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَمْرٍو أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ: "أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ فَقَالَ: الإِيمَانُ يَمَانٍ هَا هُنَا، أَلاَ إِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ".
[الحديث 330 - أطرافه في: 3498، 4387، 5303] .

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) هو القطان ( عن إسماعيل) بن أبي خالد الأحمسي مولاهم البجلي ( قال: حدّثني) بالإفراد ( قيس) هو ابن أبي حازم البجلي ( عن عقبة بن عمرو أبي مسعود) الأنصاري البدري أنه ( قال: أشار رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيده نحو اليمن فقال) :
( الإيمان يمان) مبتدأ وخبر وأصله يمني بياء النسبة فحذفوا الياء للتخفيف وعوضوا الألف بدلها أي الإيمان منسوب إلى أهل اليمن، وحمله ابن الصلاح على ظاهره وحقيقته لإذعانهم إلى الإيمان من غير كبير مشقة على المسلمين بخلاف غيرهم ومن اتصف بشيء وقوي إيمانه به نسب ذلك الشيء إليه إشعارًا بكمال حاله فيه، فكذا حال أهل اليمن حينئذٍ، وحال الوافدين منهم في حياته وفي أعقابه كأويس القرني وأبي مسلم الخولاني وشبههما ممن سلم قلبه وقوي إيمانه فكانت نسبة الإيمان إليهم بذلك إشعارًا بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك نفي له عن غيرهم فلا منافاة بينه وبين قوله عليه الصلاة والسلام "الإيمان في أهل الحجاز" ثم المراد بذلك الموجودون منهم حينئذٍ لا كل أهل اليمن في كل زمان، فإن اللفظ لا يقتضيه.
وصرفه بعضهم عن ظاهره من حيث إن مبدأ الإيمان من مكة ثم من المدينة حرسهما الله تعالى وردّني إليهما ردًّا جميلاً.

وحكى أبو عبيد في ذلك أقوالاً فقيل: مكة لأنها من تهامة وتهامة من أرض اليمن، وقيل: مكة والمدينة، فإنه يروي في الحديث أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قاله وهو بتبوك ومكة والمدينة حينئذٍ بينه وبين اليمن وأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة فقال: الإيمان يمان فنسبهما إلى اليمن لكونهما حينئذٍ من ناحية اليمن، وقيل: المراد الأنصار لأنهم يمانيون في الأصل فنسب الإيمان إليهم لكونهم أنصاره وعورض بأن في بعض طرقه عند مسلم: أتاكم أهل اليمن والأنصار من جملة المخاطبين بذلك فهم إذًا غيرهم، وفي قوله في حديث الباب أشار بيده نحو اليمن إشارة إلى أن المراد به أهلها حينئذٍ لا الذين كان أصلهم منها.

( هاهنا ألا) بالتخفيف ( أن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين) أي المصوتين ( عند أصول أذناب الأبل) عند سوقهم لها ( حيث يطلع قرنا الشيطان) بالتثنية جانبا رأسه لأنه ينتصب في محاذاة مطلع الشمس حتى إذا طلعت كانت بين قرني رأسه أي جانبيه فتقع السجدة له حين يسجد عبدة الشمس ( في ربيعة ومضر) متعلق بالفدادين.
وقال الكرماني: بدل منه.
وقال النووي: أي القسوة في ربيعة ومضر الفدادين، والمراد اختصاص المشرق بمزيد من تسلط الشيطان ومن الكفر كما قال في الحديث الآخر: "رأس الكفر نحو المشرق".
وكان ذلك في عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قال ذلك، ويكون حين يخرج الدجال من المشرق وهو فيما بينهما منشأ الفتن العظيمة ومثار الكفرة الترك العاتية الشديدة البأس.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الطلاق والمناقب والمغازي ومسلم في الإيمان.




[ قــ :315 ... غــ : 3303 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ فَتَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ رَأَى شَيْطَانًا».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: ( حدّثنا الليث) هو ابن سعد الإمام ( عن جعفر بن ربيعة) بن شرحبيل ابن حسنة القرشي ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( إذا سمعتم صياح الديكة) بكسر الدال المهملة وفتح التحتية جمع ديك ويجمع في القلة على أدياك وفي الكثرة على ديوك وديكة ( فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكًا) بفتح اللام رجاء تأمينه على دعائكم واستغفاره لكم وشهادته لكم بالتضرع والإخلاص فتحصل الإجابة وفيه استحباب الدعاء عند حضور الصالحين، وأعظم ما في الديك من الخواص العجيبة معرفة الأوقات الليلية فيقسط أصواته عليها تقسيطًا لا يكاد يغادر منه شيئًا سواء طال النهار أو قصر، ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده، فسبحان من هداه لذلك، ولهذا أفتى القاضي حسين والمتولي والرافعي بجواز اعتماد الديك المجرب في أوقات الصلوات.

وأخرج الإمام أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان من حديث زيد بن خالد أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة قال الحليمي: فيه دليل على أن كل من استفيد منه خير لا ينبغي أن يسب ويستهان بل حقه أن يكرم ويشكر ويتلقى بالإحسان، وليس معنى دعاء الديك إلى الصلاة أنه يقول بصراخه صلوا أو حانت الصلاة بل معناه أن العادة جرت أنه يصرخ صرخات متتابعة عند طلوع الفجر وعند الزوال فطرة فطره الله عليها فيذكر الناس بصراخه الصلاة، ولا يجوز لهم أن يصلوا بصراخه من غير دلالة سواها إلا من جرب منه ما لا يخلف فيصير ذلك له إشارة والله الموفق.

( وإذا سمعتم نهيق الحمار) جمعه حمير وحمر وأحمرة ( فتعوذوا بالله من الشيطان) من شره وشر وسوسته ( فإنه رأى شيطانًا) ولأبي ذر: فإنها رأت شيطانًا.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في الدعوات وأبو داود في الأدب والترمذي في الدعوات والنسائي في التفسير واليوم والليلة.




[ قــ :3153 ... غــ : 3304 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا رَوْحٌ قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: قال رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا كَانَ جُنْحُ اللَّيْلِ -أَوْ أَمْسَيْتُمْ- فَكُفُّوا صِبْيَانَكُمْ، فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ تَنْتَشِرُ حِينَئِذٍ، فَإِذَا ذَهَبَ سَاعَةٌ مِنَ اللَّيْلِ فَحُلُّوهُمْ وَأَغْلِقُوا الأَبْوَابَ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لاَ يَفْتَحُ بَابًا مُغْلَقًا».
قَالَ وَأَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ مَا أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ «وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ».

وبه قال: ( حدّثنا إسحاق) هو ابن راهويه كما عند أبي نعيم أو ابن منصور بن كوسج المروزي قال: ( أخبرنا روح) بفتح الراء بعد الواو الساكنة حاء مهملة ابن عبادة ( قال: أخبرنا ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عطاء) هو ابن أبي رباح أنه ( سمع جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( إذا كان جنح الليل) بضم الجيم وسكون النون ظلامه أو أول ظلامه ( أو أمسيتم) بالشك من الراوي أي دخلتم في المساء ( فكفوا صبيانكم) عن الانتشار ( فإن الشياطين تنتشر حينئذٍ) وربما يتعلقون بهم فيؤذونهم ( فإذا ذهب) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي فإذا ذهبت ( ساعة من الليل فحلوهم) بالحاء المهملة المضمومة، ولأبي ذر عن المستملي والحموي: فخلوهم بالخاء المعجمة المفتوحة ( وأغلقوا الأبواب) بقطع همزة وأغلقوا ( واذكروا اسم الله) عليها ( فإن الشيطان لا يفتح بابًا مغلقًا) .
وهذا الحديث سبق في باب: صفة إبليس وجنوده.

( وقال) ابن جريج ( وأخبرني) بالإفراد ( عمرو بن دينار) أنه ( سمع جابر بن عبد الله) يروي هذا الحديث ( نحو ما أخبرني) بالإفراد ( عطاء و) لكنه ( لم يذكر) قوله ( واذكروا اسم الله) كما ذكره عطاء في روايته.




[ قــ :3154 ... غــ : 3305 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ خَالِدٍ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّي لاَ أُرَاهَا إِلاَّ الْفَأرَ: إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ.
فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ لِي مِرَارًا، فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ؟ ".

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا وهيب) بضم الواو مصغرًا ابن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم البصري ( عن خالد) ولغير أبي ذر حدّثنا خالد هو الحذاء ( عن محمد) هو ابن سيرين ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( فقدت) بضم الفاء وكسر القاف مبنيًا للمفعول ( أمة) رفع نائبًا عن الفاعل طائفة ( من بني إسرائيل لا يدرى) بضم التحتية وفتح الراء ( ما فعلت وإني لا أراها) بضم الهمزة لا أظنها ( إلا الفأر) بإسكان الهمزة زاد مسلم في طريق أخرى عن ابن سيرين مسخ وآية ذلك ( إذا وضع لها ألبان الأبل لم تشرب) لأن لحوم الإبل وألبانها حرمت على بني إسرائيل ( وإذا وضع لها ألبان الشاء) أي الغنم ( شربت) لأنها حلال لهم كلحمها وهو دليل على المسخ.
قال أبو هريرة ( فحدثت كعبًا) هو كعب الأحبار بذلك ( فقال) لي ( أنت سمعت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقوله؟) قال أبو هريرة ( قلت) له: ( نعم) .
سمعته ( قال) ولأبي ذر: فقال أي كعب ( لي) أنت سمعته من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( مرارًا) قال أبو هريرة ( فقلت) له ( أفاقرأ التوراة؟) بهمزة الاستفهام الإنكاري.
وعند مسلم قال: أفأنزلت عليّ التوراة أي أنا لا أقول إلا ما سمعته عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولا أنقل عن التوراة، وقد اختلف في الممسوخ هل يكون له نسل أم لا؟ فذهب أبو إسحاق الزجاج وابن العربي أبو بكر إلى أن الموجود من القردة من نسل الممسوخ تمسكًّا بحديث الباب، وقال الجمهور: لا.
وهو المعتمد لحديث ابن مسعود عند مسلم مرفوعًا: إن الله لم يهلك قومًا أو يعذب قومًا فيجعل لهم نسلاً وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك.
وأجابوا عن حديث الباب بأنه عليه الصلاة والسلام قاله قبل أن يوحى إليه بحقيقة الأمر في ذلك، ولذا لم يجزم به بخلاف النفي فإنه جزم به كما في حديث ابن مسعود.

ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في باب أيام الجاهلية بعون الله.
وهذا الحديث أخرجه مسلم في أواخر صحيحه.




[ قــ :3155 ... غــ : 3306 ]
- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها-: "إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِلْوَزَغِ: الْفُوَيْسِقُ.
وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ.
وَزَعَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِقَتْلِهِ".

وبه قال: ( حدّثنا سعيد بن عفير) هو سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري مولاهم البصري نسبه لجده لشهرته به ( عن ابن وهب) عبد الله أنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد ( عن ابن شهاب) الزهري ( عن عروة) بن الزبير ( يحدث عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( للوزغ) بفتح الواو والزاي جمع وزغة ويجمع أيضًا على أوزاغ ووزغان ووزاغ وأزغان وهي السام الأبرص وسميت بذلك لخفتها وسرعة حركتها واللام في قوله للوزغ بمعنى عن أي قال عن الوزغ ( الفويسق) مصغرًا للذم والتحقير، وأصل الفسق الخروج ووصفت هذه بالفسق كالمذكورين في الحديث الآتي قريبًا إن شاء الله تعالى لخروجها عن معظم غيرها من الحشرات بالإيذاء والإفساد.
قالت عائشة: ( ولم أسمعه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( أمر بقتله) لا حجة فيه إذ لا يلزم من عدم سماعها عدم وقوعه فقد سمعه غيرها بل جاء عنها من وجه آخر عند الإمام أحمد وابن ماجه أنه كان في بيتها رمح موضوع فسئلت عنه فقالت: نقتل به الوزغ فإن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أخبرنا أن إبراهيم عليه السلام لما ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت عنه النار إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه، فأمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقتلها، لكن قال الحافظ ابن حجر: والذي في الصحيح أصح، ولعل عائشة سمعت ذلك من بعض الصحابة وأطلقت لفظ أخبرنا مجازًا أي أخبر الصحابة.
قال عروة أو عائشة أو الزهري.

( وزعم) أي قال ( سعد بن أبي وقاص) -رضي الله عنه- ( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بقتله) .
فعلى القول بأن عروة هو القائل يكون متصلاً لأن عروة سمع من سعد، وعلى الثاني يكون من رواية القرين عن قرينه، وعلى القول بأنه الزهري يكون منقطعًا قاله في الفتح مرجحًا للأخير بأن الدارقطني أخرجه في الغرائب من طريق ابن وهب عن يونس ومالك معًا عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ( للوزغ فويسق) .
وعن ابن شهاب عن سعد بن أبي وقاص: أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بقتل الوزغ، وقد أخرج مسلم والنسائي وابن ماجه وابن حبان حديث عائشة من طريق ابن وهب وليس عندهم حديث سعد، وأخرج مسلم وأبو داود وأحمد وابن حبان من طريق معمر عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقًا، فكان الزهري وصله لمعمر وأرسله ليونس قال: ولم أر من نبه على ذلك من الشراح ولا من أصحاب الأطراف فللَّهِ الحمد اهـ.

ورجح العيني احتمال كون عائشة هي القائلة.
وزعم بمقتضى التركيب، ونقل الدميرى أن أصحاب الآثار ذكروا أن الوزغ أصم وأن السبب في صممه ما تقدم من نفخه النار على إبراهيم فصم لذلك وبرص.

وهذا الحديث سبق في باب: ما يقتل من الدواب من كتاب الحج.




[ قــ :3156 ... غــ : 3307 ]
- حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بن الفضلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ أَخْبَرَتْهُ "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَهَا بِقَتْلِ الأَوْزَاغِ".
[الحديث 3307 - طرفه في: 3359] .

وبه قال: ( حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي وسقط لغير أبي ذر ابن الفضل قال: ( أخبرنا
ابن عيينة)
سفيان قال: ( حدّثنا عبد الحميد بن جبير بن شيبة) بن عثمان بن أبي طلحة العبدري الحجبي المكي ( عن سعيد بن المسيب أن أم شريك) غزية بضم الغين المعجمة وفتح الزاي مصغرًا عامرية قرشية أو أنصارية ( أخبرته أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمرها بقتل الوزغ) .

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في أحاديث الأنبياء ومسلم في الحيوان والنسائي وابن ماجه في الصيد.




[ قــ :3157 ... غــ : 3308 ]
- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: قَالَ رسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «اقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ، فَإِنَّهُ يَطْمِسُ الْبَصَرَ وَيُصِيبُ الْحَبَلَ».

تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنِ سَلَمَةَ: "أَخْبَرَنَا أُسَامَة" [الحديث 3308 - طرفه في: 3309] .

وبه قال: ( حدّثنا عبيد بن إسماعيل) أبو محمد القرشي الهباري الكوفي من ولد هبار بن الأسود القرشي واسمه في الأصل عبد الله وعبيد لقب غلب عليه وعرف به قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنه-) أنها ( قالت: قال النبي) ولأبوي ذر والوقت: قال رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( اقتلوا ذا الطفيتين) بضم المهملة وسكون الفاء من الحيات الذي على ظهره خطان كالخوصتين ( فإنه يطمس البصر) يمحو نوره ( ويصيب الحبل) أي يسقط الجنين إذا نظرت إليه الحامل ( تابعه) أي تابع أبا أسامة ( حماد بن سلمة) في روايته عن هشام فيما وصله أحمد عن عفان ولأبي ذر عن الكشميهني تابع حماد بن سلمة قال: ( أخبرنا أسامة) وهذه المتابعة ثبتت لأبي ذر عن الحموي والمستملي.




[ قــ :3158 ... غــ : 3309 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "أَمَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَتْلِ الأَبْتَرِ.

     وَقَالَ : إِنَّهُ يُصِيبُ الْبَصَرَ وَيُذْهِبُ الْحَبَلَ".

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد بن مسربل بن مغربل بن رامك الأسدي البصري قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن هشام) أنه ( قال: حدّثني) بالإفراد ( أبي) عروة بن الزبير ( عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها ( قالت: أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقتل الأبتر) القصير أو الذي لا ذنب له من الحيات ( وقال) :
( إنه يصيب البصر) أي يعميه ( ويذهب الحبل) يسقط الجنين.