فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض، وكيف تغتسل، وتأخذ فرصة ممسكة، فتتبع أثر الدم

باب دَلْكِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إِذَا تَطَهَّرَتْ مِنَ الْمَحِيض
وَكَيْفَ تَغْتَسِلُ وَتَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَتَّبِعُ بِهَا أَثَرَ الدَّمِِ
( باب) بيان استحباب ( دلك المرأة نفسها إذا تطهرت من المحيض) مصدر كالجيء والمبيت، ( و) بيان ( كيف تغتسل و) كيف ( تأخذ فرصة) بتثليث الفاء وسكون الراء وفتح الصاد المهملة كما حكاه ابن سعيده قطعة من قطن أو صوف أو خرقة ( ممسكة) بتشديد السين وفتح الكاف ( فتتبع) بلفظ الغائبة مضارع التفعل وحذف إحدى التاءات الثلاث، وفي الفرع فتتبع بتشديد التاء الثانية وتخفيف الموحدة المكسورة، ولأبي ذر تتبع بسكون التاء الثانية وفتح الموحدة ( بها) أي الفرصة ( أثر الدم) .



[ قــ :310 ... غــ : 314 ]
- حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مَنْصُورِ ابْنِ صَفِيَّةَ عَنْ أُمِّهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ قَالَ: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مِسْكٍ فَتَطَهَّرِي بِهَا».
قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: تَطَهَّرِي بِهَا.
قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي، فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَىَّ فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ.
[الحديث 314 - طرفاه في: 315، 7357] .

وبه قال: ( حدّثنا يحيى) أي ابن موسى البلخي الختي بفتح الخاء المعجمة وتشديد المثناة الفوقية فيما جزم به ابن السكن في روايته عن الفربري، وتوفي سنة أربعين ومائتين، أو يحيى بن جعفر البيكندي كما وجد في بعض النسخ ( قال: حدّثنا ابن عيينة) سفيان ( عن منصور ابن صفية) نسبه

إليها لشهرتها واسم أبيه عبد الرحمن بن طلحة ( عن أمه) صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة العبدري، ووقع التصريح بالسطع في جميع السند في مسند الحميدي ( عن عائشة) رضي الله عنها.

( أن امرأة) من الأنصار كما في حديث الباب التالي لهذا أو هي أسماء بنت شكل كما في مسلم، لكن قال الدمياطي: إنه تصحيف، وإنما هو سكن بالسين المهملة والنون نسبة إلى جدها، وجزم تبعًا للخطيب في مبهماته إنها أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية خطيبة النساء، وصوّبه بعض المتأخرين بأنه ليس في الأنصار من اسمه شكل، وتعقب بجواز تعدد الواقعة.
ويؤيده تفريق ابن منده بين الترجمين، وبأن ابن طاهر وأبا موسى المديني وأبا علي الجياني جزموا بما في مسلم، ورواة ابن أبي شيبة وأبو نعيم كذلك فسلم مسلم من الوهم والتصحيف.
( سألت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن غسلها من المحيض) أي الحيض ( فأمرها) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( كيف تغتسل) أي بأن قال كما رواه مسلم بمعناه تطهري فأحسني الطهور ثم صبي على رأسك فادلكيه دلكًا شديدًا حتى يبلغ شؤون رأسك أي أصوله ثم صبي الماء عليك.
( قال: خذي فرصة) بتثليث الفاء قطعة، وقيل بفتح القاف والصاد المهملة أي شيئًا يسيرًا مثل الفرصة بطرف الأصبعين، وقال ابن قتيبة: إنما هو بالقاف والضاد المعجمة أي قطعة، والرواية ثابتة بالفاء والصاد المهملة ولا مجال للرأي في مثله، والمعنى صحيح بنقل أئمة اللغة ( من مسك) بكسر الميم دم الغزال، وروي بفتحها.
قال القاضي عياض: وهي رواية الأكثرين وهو الجلد أي خذي قطعة وتحملي بها لمسح القبل، واحتجّ بأنهم كانوا في ضيق يمتنع معه أن يمتهنوا المسك مع غلاء ثمنه، ورجح النووي الكسر.
( فتطهري) أي تنظفي ( بها) أي بالفرصة.
( قالت) أسماء: ( كيف أتطهر بها؟ قال) عليه الصلاة والسلام: ( سبحان الله) متعجبًا من خفاء ذلك عليها ( تطهري) ولابن عساكر تطهري بها قالت: كيف؟ قال: سبحان الله تطهري بها.
قالت عائشة رضي الله عنها: ( فاجتبذتها إلي) بتقديم الموحدة على الذال المعجمة، وفي رواية فاجتذبتها بتأخيرها ( فقلت) لها ( تتبعي بها) أي بالفرصة ( أثر الدم) أي في الفرج، واستنبط منه أن العَالم يكني بالجواب في الأمور المستورة، وأن المرأة تسأل عن أمر دينها، وتكرير الجواب لإفهام السائل، وأن للطالب الحاذق تفهيم السائل قول الشيخ وهو يسمع، وفيه الدلالة على حسن خلق الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وعظيم حلمه وحيائه، ووجه المطابقة بينه وبين الترجمة من جهة تضمنه طريق مسلم التي سبق ذكرها بالمعنى المصرّحة بكيفية الاغتسال والدلك المسكوت عنه في رواية المؤلف، ولم يخرجها لأنها ليست على شرطه لكونها من رواية إبراهيم بن مهاجر عن صفية.
ورواة حديث هذا الباب ما بين بلخي ومكي وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلف في الطهارة والاعتصام، وكذا مسلم والنسائي.