فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب (واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا وكان رسولا نبيا وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا)، كلمه، {ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا} [مريم: 53] " يقال للواحد وللاثنين والجميع نجي، ويقال: {خلصوا نجيا} [يوسف: 80] اعتزلوا: نجيا، والجميع أنجية يتناجون "

باب { وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصًا وَكَانَ رَسُولاً نَبِيًّا * وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا} [مريم: 51] كَلَّمَهُ.
{ وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} يُقَالُ لِلْوَاحِدِ وَلِلاِثْنَيْنِ وَالْجَمِيعِ: نَجِيٌّ.
وَيُقَالُ: خَلَصُوا نَجِيًّا اعْتَزَلُوا نَجِيًّا، وَالْجَمِيعُ أَنْجِيَةٌ يَتَنَاجَوْنَ.
{ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكتُمُ إيمانَه} -إِلَى قَوْلِهِ- { مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} [غافر: 28]
هذا ( باب) بالتنوين ( قول الله) تعالى سقط لفظ باب لأبي ذر وثبت له ما بعده ( { واذكر في الكتاب} ) القرآن ( { موسى} ) هو ابن عمران بن لاهب بن عازر بن لاوي بن يعقوب ( { إنه كان مخلصًا} ) موحدًّا أخلص في عبادته من الشرك والرياء.
قال الثوري: عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي أمامة قال الحواريون: يا روح الله أخبرنا عن المخلص لله.
قال: الذي يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس ( { وكان رسولاً نبيًّا} ) أرسله الله تعالى إلى قومه فأنبأهم عنه ( { وناديناه من جانب الطور الأيمن} ) صفة قيل للطور وقيل للجانب وقيل لموسى أي من ناحية موسى، والطور: جبل بين مصر ومدين ( { وقربناه} ) تقريب تشريف ( { نجيًّا} ) مناجيًا حال من أحد الضميرين، وهو معنى قوله ( كلمه) .
وعند ابن جرير عن ابن عباس وقربناه نجيًّا قال: أدني حتى سمع صريف القلم اهـ.

وصريف القلم: صوت جريانه بما يكتبه من أقضية الله ووحيه وما ينسخه من اللوح المحفوظ.
وقال ابن كثير: صريف القلم بكتابة التوراة.
وقال السدي ( وقربناه نجيًّا) قال: أدخل في السماء فكلم.

( { ووهبنا له من رحمتنا} ) من أجل سبق رحمتنا وتقدير تخصيصه بالمواهب الدينية والدنيوية ( { أخاه} ) أي مؤازرته إجابة لدعوته حيث قال: واجعل لي وزيرًا من أهلي فإنه كان أسنّ من موسى، فمن ابتدائية أو المعنى ووهبنا له بعض رحمتنا.
قال في فتوح الغيب: وهو الوجه لما فيه من التنبيه على سعة رحمة الله تعالى فإن الأنبياء مع جلالتهم ورِفعَة منزلتهم منحوا بعضًا منها وأخاه
مفعول أو بدل بعض من كل لأن موازرته بأخيه بعض المذكورات ( { هارون} ) عطف بيان له ( { نبيًّا} ) [مريم: 51 - 52 - 53] حال منه ( يقال للواحد والاثنين) وسقط قوله وكان رسولاً إلى آخر قوله نبيًا إلا قوله كلمه لأبي ذر وقال بعد قوله مخلصًا إلى قوله نبيًّا وزاد المستملي بعد هذا كلمة يعني نجيًّا يقال للواحد والاثنين ( والجميع) وزار الكشميهني بعد قوله يقال للواحد والاثنين والجميع نجي، ( ويقال خلصوا نجيًّا) أي ( اعتزلوا نجيًّا) ، سقط لفظ نجيًّا لأبي ذر ( والجميع أنجية) يريد أن النجي إذا أريد به المفرد فقط يكون جمعه أنجية ( يتناجون تلقف) في سورة الأعراف.
قال أبو عبيدة.
أي ( تلقم) بفتح التاء واللام والقاف المشددة.

هذا ( باب) بالتنوين ( { وقال رجل مؤمن من آل فرعون} ) من أقاربه قبطي اسمه شمعان بالشين المعجمة ( { يكتم إيمانه} ) إلى ( { من هو مسرف} ) في شركه وعصيانه ( { كذاب} ) [غافر: 28] على الله وفيه إشارة إلى الرمز والتعريض بعلوّ شأن موسى يعني أن الله تعالى هدى موسى إلى الإتيان بالمعجزات الباهرات، ومن هداه لذلك لا يكون مسرفًا كذابًا، فدلّ على أن موسى ليس من الكاذبين، أو المراد أن فرعون مسرف في عزمه على قتل موسى كذاب في ادّعائه الألوهية والله لا يهدي مَن هذا شأنه بل يبطله ويهدم أمره، ولغير أبي ذر بعد قوله { من آل فرعون} إلى قوله ( مسرف كذاب) .
وسقط لأبي ذر لفظ باب إلى آخر قوله ( كذاب) فلعل له روايتين.


[ قــ :3238 ... غــ : 3392 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ سَمِعْتُ عُرْوَةَ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ - رضي الله عنها-: "فَرَجَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى خَدِيجَةَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَانْطَلَقَتْ بِهِ إِلَى وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ -وَكَانَ رَجُلاً تَنَصَّرَ، يَقْرَأُ الإِنْجِيلَ بِالْعَرَبِيَّةِ- فَقَالَ وَرَقَةُ -مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، وَإِنْ أَدْرَكَنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا".

النَّامُوسُ: صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي يُطْلِعُهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ.

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام ( قال: حدّثثي) بالإفراد ( عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: ( سمعت عروة) بن الزبير بن العوّام ( قال: قالت عائشة -رضي الله عنها- فرجع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من غار حراء بعد ما جاءه جبريل بالوحي ( إلى خديجة) أم المؤمنين حال كونه ( يرجف) يضطرب ( فؤاده) قلبه ( فانطلقت به) عليه السلام خديجة مصاحبة له بعدما أخبرها الخبر وقوله لها: "لقد خشيت على نفسي" وقولها له: كلا والله ما يخزيك الله أبدًا ( إلى ورقة بن نوفل وكان رجلاً تنصّر) في الجاهلية بعد أن ترك عبادة الأوثان وكان ( يقرأ الإنجيل) كتاب عيسى ( بالعربية) فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك تعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال ورقة) للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يا ابن أخي ( ماذا ترى؟
فأخبره)
-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خبر ما رأى ( فقال ورقة: هذا الناموس الذي أنزل الله) عز وجل ( على موسى وان أدركني يومك أنصرك) بالجزم جواب الشرط ( نصرًا مؤزرًا) .
بضم الميم وفتح الهمزة وتشديد الزاي بعدها راء قويًا بليغًا وخص بالذكر دون عيسى مع كونه نصرانيًّا، لأن كتاب موسى مشتمل على أكثر الأحوال كالقرآن بخلاف كتاب عيسى إذ كله أمثال ومواعظ أو لغير ذلك مما سبق أول هذا المجموع.
وهذا موضع الترجمة على ما لا يخفى.

( الناموس: صاحب السر) أي سر الرجل ( الذي يطلعه) على باطن أمره ويخصه ( بما يستره عن غيره) .
أو صاحب سر الخير.
وقال ابن دريد: صاحب سر الوحي وأهل الكتاب يسمون جبريل الناموس الأكبر.