فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب


[ قــ :3336 ... غــ : 3495 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «النَّاسُ تَبَعٌ لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْنِ: مُسْلِمُهُمْ تَبَعٌ لِمُسْلِمِهِمْ، وَكَافِرُهُمْ تَبَعٌ لِكَافِرِهِمْ».

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) البلخي قال: ( حدّثنا المغيرة) هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حزام بالحاء المهملة والزاي ( عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان ( عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( الناس تبع لقريش في هذا الشأن) الخلافة والإمرة لفضلهم على غيرهم.
قيل: وهو خبر بمعنى الأمر ويدل له قوله في حديث آخر "قدموا قريشًا ولا تقدموها" أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح ولكنه مرسل وله شواهد.
( مسلمهم تبع لمسلمهم) فلا يجوز الخروج عليهم ( وكافرهم تبع لكافرهم) قال الكرماني: هو إخبار عن حالهم في متقدم الزمان يعني أنهم لم يزالوا متبوعين في زمان الكفر وكانت العرب تقدم قريشًا وتعظمهم، وزاد في فتح الباري، ولسكناها الحرم فلما بعث النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ودعا إلى الله تعالى توقف غالب العرب عن اتباعه، فلما فتحت مكة وأسلمت قريش تبعتهم العرب ودخلوا في دين الله أفواجًا.




[ قــ :3336 ... غــ : 3496 ]
- «وَالنَّاسُ مَعَادِنُ: خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا، تَجِدُونَ مِنْ خَيْرِ النَّاسِ أَشَدَّ النَّاسِ كَرَاهِيَةً لِهَذَا الشَّأْنِ حَتَّى يَقَعَ فِيهِ».

( والناس معادن) بالواو في والناس في اليونينية وسقطت من فرعها ( خيارهم في الجاهلية) أي من اتصف منهم بمحاسن الأخلاق كالكرم والعفة والحلم ( خيارهم في الإسلام إذا فقهوا) ولأبي ذر: فقهوا بكسر القاف ( تجدون من خير الناس) بكسر الميم حرف جر ( أشدهم) كذا في الفرع والذي في اليونينية أشد الناس مصلحة وشطب على قوله هم ( كراهية لهذا الشأن) الولاية ( حتى يقع فيه) فتزول عنه الكراهية لما يرى من إعانة الله تعالى له على ذلك لكونه غير راغب ولا سائل، وحينئذٍ فيأمن على دينه مما كان يخاف عليه، أو المراد أنه إذا وقع لا يجوز له الكراهية.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في المغازي والفضائل والله أعلم.

هذا ( باب) بالتنوين من غير ترجمة وهو ساقط لأبي ذر.




[ قــ :3337 ... غــ : 3497 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- { إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى} [الشورى: 3] قَالَ: فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُرْبَى مُحَمَّدٍ، فَقَالَ: "إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَمْ يَكُنْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلاَّ وَلَهُ فِيهِ قَرَابَةٌ، فَنَزَلَتْ عَلَيْهِ فِيهِ، إِلاَّ أَنْ تَصِلُوا قَرَابَةً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ".
[الحديث 3497 - طرفه في: 4818] .

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى) القطان ( عن شعبة) بن الحجاج
أنه قال: ( حدّثني) بالإفراد ( عبد الملك) هو ابن ميسرة كما صرح به في تفسير حم عسق ( عن
طاوس)
هو ابن كيسان اليماني ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) أنه سئل عن قول الله تعالى:
( { إلا المودة في القربى} ) [الشورى: 3] ( قال) طاوس ( فقال سعيد بن جبير: قربى محمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
حمل الآية على أمر المخاطبين بأن يوادّوا أقاربه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو عام لجميع المكلفين ( فقال:) ابن عباس
لسعيد ( إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم يكن بطن من قريش إلا وله فيه قرابة فنزلت عليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ولأبي ذر فيه ( إلا
أن تصلوا قرابة)
بالتنوين ( بيني وبينكم) وهذا لم ينزل إنما نزل معناه وهو قوله: { إلا المودة في القربى} والاستثناء منقطع، وليست المودة من جنس الأجر أو متصل أي لا أسألكم عليه أجرًا إلا هذا وهو أن تودوا أهل قرابتي، ولم يكن هذا أجرًا في الحقيقة لأن قرابته قرابتهم فكانت صلتهم لازمة لهم في المودة قاله الزمخشري.
وقال في الفتح: ودخول الحديث في هذه الترجمة واضح من جهة تفسيره المودة المطلوبة في الآية بصلة الرحم التي بينه وبين قريش، وهم الذين خوطبوا بذلك وذلك يستدعي معرفة النسب التي تحقق بها صلة الرحم.

وهذا الحديث يأتي في التفسير إن شاء الله تعالى.




[ قــ :3338 ... غــ : 3498 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «مِنْ هَا هُنَا جَاءَتِ الْفِتَنُ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَالْجَفَاءُ وَغِلَظُ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ».

وبه قال: ( حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة ( عن إسماعيل) هو ابن أبي خالد الأخمسي مولاهم البجلي ( عن قيس) هو ابن أبي حازم ( عن أبي مسعود) عقبة بن عمرو الأنصاري البدري ولأبي الوقت: عن ابن مسعود ( يبلغ به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) صريح في رفعه لا أنه سمعه من النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( قال) :
( من هاهنا) أي من المشرق ( جاءت الفتن) أي تجيء الفتن وعبر بالماضي مبالغة في تحقق وقوعه كأتى أمر الله وأشار بيده ( نحو المشرق) بيان أو بدل من قوله هاهنا ( والجفاء) بالجيم والمد وفي بدء الخلق والقسوة بدل الجفاء ( وغلظ القلوب) قال القرطبي: هما شيئان لمسمى واحد كقوله تعالى: { إنما أشكو بثي وحزني إلى الله} [يوسف: 86] أو المراد بالجفاء أن القلب لا يلين لموعظة وبالغلظ لا يفهم المراد ولا يعقل المعنى ( في الفداوين) بتشديد الدال الأولى الصياحين ( أهل الوبر) بفتح الواو والموحدة أي أهل البوادي وسموا بذلك لأنهم يتخذون بيوتهم من وبر الابل ( عند أصول أذناب الإبل والبقر) أي عند سوقها ( في ربيعة ومضر) القبيلتين.
قال في الكواكب: وهو بدل من الفدّادين.




[ قــ :3339 ... غــ : 3499 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: الْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ
فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْوَبَرِ، وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ، وَالإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ».
قَالَ أَبُو عَبْدُ اللهِ: سُمِّيَتِ الْيَمَنَ لأَنَّهَا عَنْ يَمِينِ الْكَعْبَةِ، وَالشَّامَ عَنْ يَسَارِ الْكَعْبَةِ، وَالْمَشْأَمَةُ الْمَيْسَرَةُ، وَالْيَدُ الْيُسْرَى: الشُّؤْمَى، وَالْجَانِبُ الأَيْسَرُ الأَشْأَمُ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف ( أن أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) :
( الفخر والخيلاء) بضم الخاء وفتح التحتية والمد أي الكبر والعجب ( في الفدّادين) الذي تعلو صلواتهم في حروثهم ومواشيهم ( أهل) البيوت المتخذة من ( الوبر) قال الخطابي: إنما ذم هؤلاء لاشتغالهم بما هم فيه عن أمور دينهم وذلك يفضي إلى قساوة القلب ( والسكينة) وهي السكون والوقار والتواضع ( في أهل الغنم) لأنهم غالبًا دون أهل الإبل في التوسع والكثرة وهما من سبب الفخر والخيلاء، وقد قال عليه الصلاة والسلام لأم هانئ "اتخذي الغنم فإن فيها بركة" رواه ابن ماجه.
( والإيمان يمان) ظاهره نسبة الإيمان إلى اليمن لأن أصل يمان يمني فحذفت ياء النسب وعوض عنها الألف فصار يمان وهي اللغة الفصحى، واختلف في المراد فقيل معناه نسبة الإيمان إلى مكة لأنه مبتدأ منها ومكة يمانية بالنسبة إلى المدينة، أو المراد مكة والمدينة إذ هما يمانيتان بالنسبة إلى الشام بناء على أن هذه المقالة صدرت منه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو بتبوك، أو المراد أهل اليمن على الحقيقة وحمله على الموجودين منهم إذ ذاك لا كل أهل اليمن في كل زمان.
وفي الحديث: أتاكم أهل اليمن هم ألين قلوبًا وأرق أفئدة الإيمان يمان ( والحكمة يمانية) بالتخفيف وحي التشديد والحكمة العلم المشتمل على معرفة الله المصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقيق الحق والعمل به والصدّ عن اتباع الهوى والباطل والحكيم من له ذلك.
وقال ابن دريد: كل كلمة وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة.

وهذا الحديث أخرجه مسلم.

( قال أبو عبد الله:) محمد بن إسماعيل البخاري كأبي عبيدة ( سميت اليمن) يمنًا ( لأنها عن يمين الكعبة والشام عن) ولأبي ذر لأنها عن ( يسار الكعبة) وقال الهمداني في الأنساب: لما ظعنت العرب العاربة: أقبل بنو قطن بن عامر فتيامنوا فقالت العرب: تيامنت بنو قطن فسموا اليمن، وتشاءم الآخرون فسموا شأمًا.
وعن قطرب إنما سمي اليمن ليمنه والشأم لشؤمه ( والمشأمة) هي ( الميسرة) قاله أبو عبيدة في تفسير: { وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة} [الواقعة: 9] وقيل أصحاب المشأمة أصحاب النار لأنهم يذهبون بهم إليها وهي في جهة الشمال ( واليد اليسرى الشؤمى) بالهمزة الساكنة ( والجانب الأيسر الأشأم) الهمزة المتحركة وثبت قوله قال أبو عبد الله لأبي ذر.