فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة، وقدومها المدينة، وبنائه بها

باب تَزْوِيجُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَائِشَةَ، وَقُدُومِهَا الْمَدِينَةَ، وَبِنَاؤُهُ بِهَا
( باب تزويج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عائشة) -رضي الله عنها- ( وقدومها المدينة) بعد الهجرة ( وبنائه) عليه الصلاة والسلام ( بها) وسقط لفظ باب لأبي ذر فتزويج وبناء رفع على ما لا يخفى.


[ قــ :3715 ... غــ : 3894 ]
- حَدَّثَنِي فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمَغْرَاءِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنَا بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَنَزَلْنَا فِي بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الخَزْرَجٍ، فَوُعِكْتُ فَتَمَرَّقَ شَعَرِي، فَوَفَى جُمَيْمَةً، فَأَتَتْنِي أُمِّي أُمُّ رُومَانَ -وَإِنِّي لَفِي أُرْجُوحَةٍ وَمَعِي صَوَاحِبُ لِي- فَصَرَخَتْ بِي فَأَتَيْتُهَا، لاَ أَدْرِي مَا تُرِيدُ بِي، فَأَخَذَتْ بِيَدِي حَتَّى أَوْقَفَتْنِي عَلَى بَابِ الدَّارِ، وَإِنِّي لأَنْهَجُ حَتَّى سَكَنَ بَعْضُ نَفَسِي.
ثُمَّ أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ مَاءٍ فَمَسَحَتْ بِهِ وَجْهِي وَرَأْسِي، ثُمَّ أَدْخَلَتْنِي الدَّارَ، فَإِذَا نِسْوَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ فِي الْبَيْتِ، فَقُلْنَ: عَلَى الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ، وَعَلَى خَيْرِ طَائِرٍ.
فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِنَّ، فَأَصْلَحْنَ مِنْ شَأْنِي، فَلَمْ يَرُعْنِي إِلاَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضُحًى، فَأَسْلَمَتْنِي إِلَيْهِ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ".
[الحديث 3894 - أطرافه في: 3896، 5133، 5134، 5156، 5158، 5160] .

وبه قال: ( حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا ( فروة بن أبي المغراء) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة ممدودًا الكندي قال: ( حدّثنا علي بن مسهر) بضم الميم وسكون المهملة قاضي الموصل القرشي الكوفي ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير ( عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها ( قالت: تزوجني) أي عقد عليّ ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة) أنا وأمي أم رومان
وأختي أسماء بعد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبي بكر -رضي الله عنه- ( فنزلنا في بني الحرث بن خزرج) ولأبي ذر: ابن الخزرج ( فوعكت) بضم النواو وسكون الكاف أي حممت ( فتمزّق) بالراء المشددة للكشميهني أي انتتف ( شعري) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فتمزق بالزاي أي انقطع، لكن قال القاضي عياض أنه بالزاي عند الكشميهني عكس ما هنا ( فوفى) بتخفيف الفاء أي أكثر وفيه حذف تقديره ثم نصلت من الوعك فتربى شعري فكثر ( جميمة) بضم الجيم وفتح الميمين بينهما تحتية ساكنة مصغر جمة بضم الجيم من شعر الرأس ما سقط عن المنكبين فإذا كان إلى شحمة الأذنين سمي وفرة وجميمة بالرفع على الفاعلية وفي الفرع بالنصب ( فأتتني أمي أم رومان) زينب الفراسية ( وإني لفي أرجوحة) بضم الهمزة وسكون الراء وضم الجيم وبعد الواو حاء مهملة حبل يشد في كل من طرفيه خشبة فيجلس واحد على طرف وآخر على الآخر ويحركان فيميل أحدهما بالآخر نوع من لعب الصغار ( ومعي صواحب لي) بغير تنوين ( فصرخت بيدي فأتيتها لا) ولأبي ذر عن الكشميهني: ما ( أدري ما تريد بي) وللكشميهني: مني ( فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وأني لأنهج) بالنون والجيم مع فتح الهمزة والهاء وبضم الهمزة وكسر الهاء أي أتنفس نفسًا عاليًا من الإعياء ( حتى سكن بعض نفسي) بفتح الفاء ( ثم أخت شيئًا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار) لم أعرف أسماءهن ( في البيت فقلن: على الخير والبركة وعلى خير طائر) أي على خير حظ ونصيب ( فأشلمتني إليهن فأصلحن من شأني فلم يرعني) بفتح التحتية وضم الراء وسكون العين المهملة فلم يفجأني ( إلا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) قد دخل عليّ ( ضحى) على غير علم ( فأسلمنني) النسوة الأنصاريات ( إليه) .
وعند أحمد من وجه آخر فوقفت بي عند الباب حتى سكنت نفسي الحديث.
وفيه: فإذا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جالس على سرير وعنده رجال ونساء من الأنصار فأجلستني في حجره ثم قالت: هؤلاء أهلك يا رسول الله بارك الله لك فيهم، فوثب الرجال والنساء وبنى بي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيتنا ( وأنا يومئذ بنت تسع سنين) وكان ذلك في شوال من السنة الأولى من الهجرة أو الثانية.
وقولها في حديث أحمد -رضي الله عنه- وبنى بي يردّ قول الجوهري في الصحاح العامة تقول: بنى بأهله وهو خطأ، وإنما يقال: بنى على أهله والأصل فيه أن الداخل على أهله يضرب عليه قبة ليلة الدخول ثم قيل لكل داخل بأهله بان اهـ.

وهذا الحديث أخرجه ابن ماجه في النكاح.




[ قــ :3716 ... غــ : 3895 ]
- حَدَّثَنَا مُعَلًّى حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهَا أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ: أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَاكْشِفْ، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ».
[الحديث 3895 - أطرافه في: 5078، 515، 7011، 701] .

وبه قال: ( حدّثنا معلى) بضم الميم وفتح العين واللام مشددة منونة ابن أسد أبو الهيثم البصري قال: ( حدّثنا وهيب) مصغرًا ابن خالد البصري ( عن هشام بن عروة عن أبيه) عروة بن
الزبير بن العوّام ( عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لها) :
( أريتك) بضم الهمزة ( في المنام مرتين) وفي رواية ثلاث مرات ( أرى) بفتح الهمزة والراء ( أنك) بكسر الكاف ( في سرقة) بفتح السين المهملة والراء والقاف في قطعة ( من حرير) والمراد أنه يريه صورتها ( ويقول) : أي جبريل ولأبي ذر عن الكشميهني ويقال: ( هذه امرأتك فأكشف) عن وجهك بهمزة قطع وضم الفاء في الفرع والناصرية والذي في اليونينية بهمزة وصل والجزم فعل أمر وزاد في اليونينية عنها ( فإذا هي أنت) وفي رواية: فإذا أنت هي أي مثل الصورة التي رأيتها في المنام وهو تشبيه بليغ حيث حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه كقوله: كنت أظن أن العقرب أشدّ لسعة من الزنبور فإذا هو هي أي فإذا الزنبور مثل العقرب فحذف الأداة مبالغة فحصل التشابه ( فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه) بضم أوله.

قال في شرح المشكاة: هذا الشرط مما يقوله المتحقق لثبوت الأمر المدل بصحته تقريرًا لوقوع الجزاء وتحققه ونحوه قول السلطان لمن تحت قهره إن كنت سلطانًا انتقمت منك أي السلطنة مقتضية للانتقام.

وقال القاضي عياض: يحتمل أن يكون ذلك قبل البعثة فلا إشكال فيه وإن كان بعدها ففيه ثلاث احتمالات التردد هل هي زوجته في الدنيا والآخرة أو في الآخرة فقط أو أنه لفظ شك لا يراد به ظاهره وهو نوع من البديع عند أهل البلاغة يسمونه تجاهل العارف وسماه بعضهم مزج الشك باليقين أو وجه التردد هل هي رؤيا وحي على ظاهرها وحقيقتها أو رؤيا وحي لها تعبير وكلا الأمرين جائز في حق الأنبياء اهـ.

قال في الفتح: الأخير هو المعتمد، وبه جزم السهيلي عن ابن العربي ثم قال: وتعبيره باحتمال غيرها لا أرضاه والأول يردّه أن السياق يقتضي أنها كانت قد وجدت فإن ظاهر قوله فإذا هي أنت يشعر بأنه كان قد رآها وعرفها قبل ذلك، والواقع أنها ولدت بعد البعثة ويرد أول الاحتمالات الثلاثة رواية ابن حبان في آخر حديث الباب هي زوجتك في الدنيا والآخرة والثاني بعيد.




[ قــ :3717 ... غــ : 3896 ]
- حَدَّثَنا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "تُوُفِّيَتْ خَدِيجَةُ قَبْلَ مَخْرَجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلاَثِ سِنِينَ، فَلَبِثَ سَنَتَيْنِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَنَكَحَ عَائِشَةَ وَهْيَ بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهْيَ بِنْتُ تِسْعِ سِنِينَ".

وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع ولغير أبي ذر: حدّثني ( عبيد بن إسماعيل) بضم العين مصغرًا من غير إضافة الهباري القرشي الكوفي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير أنه ( قال: توفيت خديجة) أم المؤمنين -رضي الله عنها- ( قبل مخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من مكة ( إلى المدينة بثلاث سنين) وقيل بأربع وقيل بخمس ( فلبث سنتين أو قريبًا من ذلك) لم يدخل على
أحد من النساء ثم دخل على سودة بنت زمعة قبل أن يهاجر وقبل أن يعقد على عائشة -رضي الله عنها- كما قاله قتادة وغيره ولم يذكر ابن قتيبة غيره وقيل بعد عائشة ( ونكح عائشة) أي عقد عليها في شوّال ( وهي بنت ست سنين ثم بنى بها) في شوال بعد أن هاجر ( وهي بنت تسع سنين) ومكثت عنده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تسعًا، وتوفي وهي بنت ثمان عشرة، وثبت قوله سنين بعد ست لأبي ذر عن الكشميهني وسقطت بعد تسع لأبي ذر.

وهذا الحديث مرسل لأن عروة لم يحضر القصة لكن الأقرب أنه تحمله عن عائشة -رضي الله عنها- لكثرة علمه بأحوالها.