فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب غزوة ذات الرقاع «

باب غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ، وَهْيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ.

( باب غزوة ذات الرقاع) بكسر الراء بعدها قاف فألف فعين مهملة وسقط باب لأبي ذر فما بعده رفع ( وهي غزوة محارب خصفة) بالخاء المعجمة والصاد المهملة والفاء المفتوحات وبإضافة محارب لتاليه للتمييز عن غيرهم من المحاربين لأن محارب في العرب جماعة كأنه قال: محارب الذين ينسبون إلى خصفة بن قيس عيلان بن إلياس بن مضر لا الذين ينسبون إلى فهر وإلى غيرهم ثم إن خصفة المذكور ( من بني ثعلبة من غطفان) بمثلثة وعين مهملة في الأول وفتح الغين المعجمة والمهملة والفاء كذا في البخاري، وهو يقتضي أن ثعلبة جد محارب.
قال ابن حجر: وليس كذلك فإن غطفان هو ابن سعد بن قيس بن عيلان فمحارب وغطفان ابنا عم فكيف يكون الأعلى منسوبًا إلى الأدنى والصواب ما في الباب اللاحق وهو عند ابن إسحاق وغيره وبني ثعلبة بواو العطف هكذا نبه على ذلك أبو علي الغساني في أوهام الصحيحين ( فنزل) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( نخلاً) بالنون والخاء المعجمة مكانًا من المدينة على يومين بواد يقال له شدخ بمعجمتين بينهما مهملة وبذلك الوادي طوائف من قيس من بني فزارة وأشجع وأنمار ( وهي) أي هذه الغزوة ( بعد خيبر لأن أبا موسى) الأشعري ( جاء) من الحبشة سنة سبع ( بعد خيبر) وقد ثبت أنه شهد ذات الرقاع فمقتضاه وقوع ذات الرقاع بعد غزوة خيبر، لكن قال الدمياطي: حديث أبي موسى مشكل مع صحته وما ذهب أحد من أهل السير إلى أنها بعد خيبر.
نعم وقع في شرح الحافظ مغلطاي أن أبا معشر قال: إنها كانت بعد الخندق وقريظة قال: وهو من المعتمدين في السير وقوله موافق لما ذكره أبو موسى اهـ فما في الصحيحين أصح.


[ قــ :3926 ... غــ : 4125 ]
- فَنَزَلَ نَخْلاً وَهْيَ بَعْدَ خَيْبَرَ لأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ.




[ قــ :396 ... غــ : 415 ]
- وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ: أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْعَطَّارُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ.
وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَعْنِي صَلاَةَ الْخَوْفَ بِذِي قَرَدٍ.
[الحديث 415 - أطرافه في: 416، 417، 4130، 4137] .

( وقال عبد الله بن رجاء) الغداني البصري ممن سمع منه البخاري فيما وصله السراج أبو العباس في مسنده المبوّب ولأبي ذر قال: أبو عبد الله البخاري وقال لي عبد الله بن رجاء: ( أخبرنا عمران العطار) ولأبي ذر وابن عساكر القطان بالقاف والنون كما في الفرع وأصله وهو ابن داور بفتح الواو بعدها راء البصري صدوق يهم ورمي برأي الخوارج ولم يخرج له البخاري إلا استشهادًا ( عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة ( عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف ( عن جابر بن عبد الله) الأنصاري ( -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى بأصحابه في) حالة ( الخوف) زاد السراج أربع ركعات صلّى بهم ركعتين ثم ذهبوا ثم جاء أولئك فصلّى بهم ركعتين ( في غزوة) السفرة
( السابعة) من غزواته عليه الصلاة والسلام التي وقع فيها القتال ( غزوة ذات الرقاع) بجرّ غزوة بدلاً من سابقه الأولى بدر والثانية أُحد والثالثة الخندق والرابعة قويظة والخامسة المريسيع والسادسة خيبر، فيلزم أن تكون ذات الرقاع بعد خيبر للتنصيص على أنها السابعة.

( وقال ابن عباس) -رضي الله عنهما- مما وصله النسائي والطبراني: ( صلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعني صلاة الخوف بذي قرد) بفتح القاف والراء موضع على نحو يوم من المدينة مما يلي غطفان.




[ قــ :396 ... غــ : 416 ]
- وَقَالَ بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ: حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهِمْ يَوْمَ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ.

( وقال بكر بن سوادة) : بسكون الكاف وسوادة بفتح السين والواو المخففة الجذامي بالجيم المضمومة والذال المعجمة المفتوحة أحد فقهاء مصر وليس له في البخاري سوى هذا الحديث المعلق وقد وصله سعيد بن منصور ( حدثني) بالإفراد ( زياد بن نافع) التجيبي المصري التابعي الصغير وليس له في البخاري إلا هذا ( عن أبي موسى) علي بن رباح اللخمي التابعي أو هو مالك بن عبادة الغافقي الصحابي المعروف أو هو مصري لا يعرف اسمه وليس له إلا هذا الموضع ( أن جابرًا) هو ابن عبد الله الأنصاري ( حدثهم قال: صلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهم) أي بأصحابه ( يوم محارب وثعلبة) بواو العطف وهو الصواب كما مرّ وهي غزوة ذات الرقاع.




[ قــ :396 ... غــ : 417 ]
- وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ، سَمِعْتُ جَابِرًا خَرَجَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ فَلَمْ يَكُنْ قِتَالٌ وَأَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَصَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَكْعَتَيِ الْخَوْفِ.

وَقَالَ يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ الْقَرَدِ.

( وقال ابن إسحاق) محمد صاحب المغازي: ( سمعت وهب بن كيسان) بفتح الكاف يقول: ( سمعت جابرًا) يقول: ( خرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى ذات الرقاع من نخل) بالنون والخاء المعجمة موضع من نخل أراضي غطفان قال الزركشي: اشتهر على الألسنة صرفه قال البكري: لا ينصرف.
قال في المصابيح: فإن أراد تحتم منع الصرف فيه فليس كذلك ضرورة أنه ثلاثي ساكن الوسط وإن أراد أنه لا ينصرف جوازًا فمسلم وعلى كل تقدير فلا يرد على ما اشتهر على الألسنة من صرفه وغفل من قال إن المراد نخل المدينة ( فلقي جمعًا من غطفان فلم يكن قتال وأخاف الناس بعضهم بعضًا، فصلّى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ركعتي الخوف) بالناس.

قال في فتح الباري: هذا الذي ساقه عن ابن إسحاق لم أره في شيء من كتب المغازي ولا غيرها، والذي في السير تهذيب ابن هشام، وقال ابن إسحاق: حدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال: خرجت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إلى غزوة ذات الرقاع من نخل على جمل لي صعب فساق قصة الجمل، وكذا أخرجه أحمد من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق.
وقال ابن
إسحاق قيل ذلك وغزا نجدًا يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان حتى نزل نخلاً وهي غزوة ذات الرقاع فلقي به جميعًا من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب، وقد أخاف الناس بعضهم بعضًا حتى صلّى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالناس صلاة الخوف، وانصرف الناس.
وهذا القدر هو الذي ذكره البخاري تعليقًا مدرجًا بطريق وهب بن كيسان عن جابر وليس هو عند ابن إسحاق عن وهب كما أوضحته إلا أن يكون البخاري اطلع على ذلك من وجه آخر لم نقف عليه أو وقع في النسخة تقديم وتأخير فظنه موصولاً بالخبر المسند والله أعلم اهـ.

( وقال يزيد) بن أبي عبيد مولى سلمة بن الأكوع ( عن سلمة) بن الأكوع: ( غزوت مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم القرد) وهذا وصله المؤلّف قبل غزوة خيبر وترجم له بقوله غزوة ذي قرد وهي الغزوة التي أغاروا فيها على لقاح رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وإنما ذكره من أجل حديث ابن عباس السابق، وأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى صلاة الخوف بذي قرد ولا يلزم من ذي قرد في الحديثين أن تتحد القصة كما لا يلزم من كونه عليه الصلاة والسلام صلّى صلاة الخوف في مكان أن لا يكون صلاها في مكان آخر.
قال البيهقي: الذي لا نشك فيه أن غزوة ذي قرد كانت بعد الحديبية وخيبر، وحديث سلمة بن الأكوع مصرح بذلك، وأما غزوة ذات الرقاع فمختلف فيها فظهر تغاير بين القصتين كما جزم به قبل قاله في فتح الباري، فالذي جنح إليه البخاري أنها كانت بعد خيبر مستدلاً بما ذكره لكنه ذكرها قبل خيبر فإما أن يكون ذلك من الرواة عنه أو إشارة إلى احتمال أن تكون ذات الرقاع اسمًا لغزوتين مختلفتين كما أشار إليه البيهقي.




[ قــ :397 ... غــ : 418 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى -رضي الله عنه-، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزَاةٍ وَنَحْنُ سِتَّةُ نَفَرٍ بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا وَنَقِبَتْ قَدَمَايَ وَسَقَطَتْ أَظْفَارِي فَكُنَّا نَلُفُّ عَلَى أَرْجُلِنَا الْخِرَقَ فَسُمِّيَتْ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ لِمَا كُنَّا نَعْصِبُ مِنَ الْخِرَقِ عَلَى أَرْجُلِنَا.
وَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا الْحَدِيثِ ثُمَّ كَرِهَ ذَلِكَ قَالَ: مَا كُنْتُ أَصْنَعُ بِأَنْ أَذْكُرَهُ كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَىْءٌ مِنْ عَمَلِهِ أَفْشَاهُ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر حدثني بالإفراد ( محمد بن العلاء) أبو كريب الهمداني قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء وسكون التحتية ( ابن أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء ( عن) جده ( أبي بردة عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: خرجنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزاة) ولابن عساكر في غزوة ( ونحن في ستة نفر) قال ابن حجر: لم أقف على أسمائهم وأظنهم من الأشعريين ( بيننا بعير) واحد ( نعتقبه) أي نركبه عقبة بأن يركب هذا قليلاً ثم ينزل فيركب الآخر بالنوبة حتى يأتي على آخرهم ( فنقبت) بفاء ونون مفتوحتين فقاف مكسورة فموحدة مفتوحة بعدها فوقية أي رقت وتقرّضت وقطعت الأرض جلود ( أقدامنا) من الحفاء ( ونقبت قدماي وسقطت أظفاري) لذلك ( فكنا نلف على أرجلنا الخرق فسميت غزوة ذات الرقاع لما) أي لأجل ما ( كنا نعصب) بفتح النون
وسكون العين وكسر الصاد المهملتين، ولأبي ذر نعصب بضم النون وفتح العين وتشديد الصاد ( من الخرق على أرجلنا) .

( وحدث أبو موسى) الأشعري بالسند السابق ( بهذا الحديث ثم كره ذلك) لما فيه من تزكية نفسه ( قال: ما كنت أصنع بأن أذكره كأنه كره أن يكون شيء من عمله أفشاه) لأن كتمان العمل أفضل من إظهاره إلا مصلحة راجحة كأن يكون ممن يقتدى به وقد قيل في سبب التسمية أيضًا أنهم رقعوا راياتهم بها، وقيل اسم شجرة بذلك الموضع وقيل جبل نزلوا عليه أرضه ذات ألوان من حمرة وصفرة وسواد فسميت به والله أعلم.

وهذا الحديث أخرجه مسلم في المغازي.




[ قــ :398 ... غــ : 419 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَمَّنْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَّى صَلاَةَ الْخَوْفِ، أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ وُجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وُجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتِ الطَّائِفَةُ الأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمِ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلاَتِهِ، ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ.

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) الثقفي مولاهم وسقط ابن سعيد لابن عساكر ( عن مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن يزيد بن رومان) مولى الزبير بن العوّام ( عن صالح بن خوات) بفتح الخاء المعجمة والواو المشددة وبعد الألف فوقية ابن جبير بضم الجيم وفتح الموحدة ابن النعمان الأنصاري التابعي، وليس له في البخاري إلا هذا الحديث ( عمن شهد مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم) غزوة ( ذات الرقاع صلّى صلاة الخوف) قيل واسم المبهم سهل بن أبي حثمة ورجح في الفتح أنه خوّات بن جبير أبو صالح المذكور قال: ويحتمل أن يكون صالح سمعه من أبيه ومن سهل بن أبي حثمة والصحابة عدول فلا يضر جهالة أحدهم وسقط لأبي ذر وابن عساكر لفظ صلّى ( أن طائفة صفت معه) عليه الصلاة والسلام ( و) صفت ( طائفة وجاه العدوّ) بكسر الواو وضمها أي جعلوا وجوههم تلقاءه ( فصلّى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بهم) الطائفة ( التي معه ركعة ثم ثبت) عليه السلام حال كونه ( قائمًا وأتموا) أي الذين صلّى بهم الركعة ( لأنفسهم) ركعة أخرى ( ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدوّ وجاءت الطائفة الأخرى) التي كانت وجاه العدوّ ( فصلى بهم) عليه الصلاة والسلام ( الركعة التي بقيت من صلاته) عليه السلام ( ثم ثبت) عليه السلام ( جالسًا) لم يخرج من صلاته ( وأتموا لأنفسهم) الركعة الأخرى ( ثم سلّم بهم) عليه السلام.

وهذا الحديث أخرجه بقية الستة في الصلاة.




[ قــ :398 ... غــ : 4130 ]
- وَقَالَ مُعَاذٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِنَخْلٍ فَذَكَرَ صَلاَةَ الْخَوْفِ قَالَ مَالِكٌ: وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي صَلاَةِ الْخَوْفِ.
تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنْ
هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ: صَلَّى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ.

( وقال معاذ: حدّثنا هشام) هو ابن أبي عبد الله الدستوائي البصري ( عن أبي الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس المكي ( عن جابر) -رضي الله عنه- أنه قال: ( كنا مع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بنخل) موضع من أراضي غطفان كما مرّ ( فذكر) أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( صلاة الخوف) كما مر وغرض المؤلّف منه الإشارة إلى اتفاق روايات جابر على أن الغزوة التي وقع فيها صلاة الخوف هي غزوة ذات الرقاع.

( قال مالك) : الإمام الأعظم يسند حديث صالح بن خوات السابق ( وذلك) المروي في حديث صالح ( أحسن ما سمعت في صلاة الخوف) ووافق مالكًا على ترجيحها الشافعي وأحمد لسلامتها من كثرة المخالفة وكونها أحوط لأمر الحرب.

( تابعه) أي تابع معاذًا ( الليث) بن سعد الإمام مما وصله المؤلّف في تاريخه ( عن هشام) هو ابن سعد المدني أبي سعيد القرشي مولاهم يعرف بيتيم زيد بن أسلم وليس هو هشامًا الدستوائي إذ لا رواية لليث بن سعد عنه ( عن زيد بن أسلم أن القاسم بن محمد) هو ابن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- ( حدّثه) فقال: ( صلى النبيّ) ولأبي ذر عن الكشميهني: حدثه صلاة النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) صلاة الخوف ( في غزوة بني أنمار) بفتح الهمزة وسكون النون آخره راء قبيلة من بجيلة بفتح الموحدة وكسر الجيم، وهذه الرواية مرسلة ورجالها غير رجال الأولى، فوجه هذه المتابعة من جهة أن حديث سهل بن أبي حثمة في غزوة ذات الرقاع فتتحد مع حديث جابر.
وهذه المتابعة وصلها المؤلّف -رحمه الله- في تاريخه بلفظ قال لي يحيى بن عبد الله بن بكير: حدّثنا الليث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم سمع القاسم بن محمد أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلّى في غزوة أنمار نحوه يعني نحو حديث صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة في صلاة الخوف.




[ قــ :399 ... غــ : 4131 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الأَنْصَارِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: يَقُومُ الإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ مِنْ قِبَلِ الْعَدُوِّ وُجُوهُهُمْ إِلَى الْعَدُوِّ، فَيُصَلِّي بِالَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ يَقُومُونَ فَيَرْكَعُونَ لأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ فِي مَكَانِهِمْ ثُمَّ يَذْهَبُ هَؤُلاَءِ إِلَى مَقَامِ أُولَئِكَ، فَيَجِيءُ أُوْلَئِكَ فَيَرْكَعُ بِهِمْ رَكْعَةً، فَلَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ يَرْكَعُونَ وَيَسْجُدُونَ سَجْدَتَيْنِ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: ( حدّثنا يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري) وسقط ابن سعيد في الأولى وابن سعيد الأنصاري لأبي ذر وابن عساكر ( عن القاسم بن محمد) أي ابن أبي بكر الصديق ( عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة) بفتح الحاء المهملة وسكون المثلثة عبد الله أو عامر بن ساعدة أنه ( قال: يقوم الإمام) في صلاة الخوف ( مستقبل القبلة وطائفة منهم معه) مع الإمام ( وطائفة من قبل العدو) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهته ( وجوههم إلى العدو فيصلّي) الإمام ( بالذين معه ركعة ثم يقومون فيركعون لأنفسهم
ركعة ويسجدون سجدتين في مكانهم ثم يذهب هؤلاء)
الذين صلوا ( إلى مقام أولئك) الذين كانوا قبل العدوّ ( فيجيء أولئك) الذين كانوا قبل العدوّ إليه عليه الصلاة والسلام ( فيركع بهم) عليه السلام ( ركعة فله) عليه الصلاة والسلام ( اثنتان ثم يركعون ويسجدون سجدتين) زاد في الرواية السابقة أنه يسلم بهم.

وهذا الحديث مرسل لأن أهل العلم بالأخبار اتفقوا على أن سهل بن أبي حثمة كان صغيرًا في زمنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفيه ثلاثة من التابعين المدنيين في نسق واحد يحيى بن سعيد الأنصاري فمن فوقه.

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِثْلَهُ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) قال: ( حدّثنا يحيى) بن سعيد القطان ( عن شعبة) بن الحجاج ( عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - ( عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مثله) وهذا مرفوع.

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَحْيَى سَمِعَ الْقَاسِمَ أَخْبَرَنِي صَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلٍ حَدَّثَهُ قَوْلَهُ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( محمد بن عبيد الله) بضم العين ابن محمد مولى عثمان بن عفان القرشي الأموي الفقيه قال: ( حدثني) بالإفراد ( ابن أبي حازم) عبد العزيز ( عن يحيى) بن سعيد الأنصاري أنه ( سمع القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق يقول: ( أخبرني) بالإفراد ( صالح بن خوات عن سهل) أي ابن أبي حثمة أنه ( حدثه قوله) السابق في صلاة الخوف.




[ قــ :3930 ... غــ : 413 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِبَلَ نَجْدٍ فَوَازَيْنَا الْعَدُوَّ فَصَافَفْنَا لَهُمْ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة ( عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سالم أن) أباه ( ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: غزوت مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قبل نجد) أي جهتها بأرض غطفان ( فوازينا) بالزاي المعجمة أي قابلنا ( العدوّ فصاففنا لهم) .

وهذا الحديث مر بهذا الإسناد في أول أبواب صلاة الخوف بأتم مما هنا وبقيته فقام رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي لنا فقامت طائفة معه، وأقبلت طائفة على العدوّ وركع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمن معه وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاؤوا فركع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم فقام كل منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين.




[ قــ :3931 ... غــ : 4133 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمِ بْنِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، وَالطَّائِفَةُ الأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ فَجَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ قَامَ هَؤُلاَءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ، وَقَامَ هَؤُلاَءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ.

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) قال: ( حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الزاي مصغرًا قال: ( حدّثنا معمر) هو ابن راشد ( عن الزهري) محمد بن مسلم ( عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله) ولابن عساكر أن النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى) صلاة الخوف ( بإحدى الطائفتين والطائفة الأخرى) مبتدأ خبره قوله ( مواجهة العدو ثم انصرفوا) الذي صلّى بهم ( فقاموا في مقام أصحابهم) ولابن عساكر أولئك ( فجاء أولئك) الذين كانوا مواجهة العدوّ ( فصلّى بهم) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( ركعة ثم سلم عليهم ثم قام هؤلاء فقضوا) أي أدّوا ( ركعتهم وقام هؤلاء فقضوا ركعتهم) .